خاص العهد
بين انعدام "الثقة" "والإفلاس".. القطاع المصرفي اللبناني هيكل ميت
إيمان مصطفى
تحوّلت مصارف لبنان إلى قطاع بائس مهدّد بالإفلاس والانهيار. قطاع يعاني من ضمور الخدمات ولديه معارك مفتوحة مع المودعين بعدما كانت المصارف لأكثر من نصف قرن مثالًا للقوة المالية وحداثة الخدمات والحرفية مقارنة بنظرائها في العديد من دول المنطقة، كما كان لها وجود ملموس في الخارج.
القطاع المصرفي اللبناني الذي كان مزدهرًا في الماضي، مُني بخسائر هائلة تقدر بمليارات الدولارات، بينما تمتنع البنوك في لبنان اليوم عن تقديم القروض، في حين تعيد للناس جزءًا صغيرًا من مدخراتهم بالدولار بسعر صرف أقل بكثير من القيمة الحقيقية، بعدما فرضت قيودًا غير قانونية على عمليات السحب والتحويلات بالدولار، واحتجزت أموال المودعين قسرًا، فيما خسرت الودائع بالليرة قيمتها بفعل الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار بالسوق السوداء.
واذ يتعرّض القطاع المصرفي لضربات متتالية، تخوض المصارف معركة أخرى في منتهى الخطورة وهي معركة "الثقة" والتي فقدتها بالفعل في ظل زيادة المخاطر واحتجاز أموال المودعين الذين خسروا شقاء عمرهم.
الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور عماد عكوش يؤكد لـ "العهد" أن القطاع المصرفي بات بالفعل هيكلًا ميتًا يعمل بشكل محدود، مشددًا على أن إعادة إحيائه تتطلب سنوات عديدة لأن "الثقة" مفقودة، لافتًا إلى أن عودة "الثقة" بالقطاع على المدى القصير أو حتى المتوسط صعبة جدًا.
وفقًا لعكوش، فإن إعادة أموال المودعين أصبحت مرتبطة بقرار الحكومة بإنشاء صندوق سيادي لدفعها لأن إعادتها من خلال المصارف باتت أمرًا مستحيلًا.
ويوضح عكوش أن الصندوق يتشكل من أصول الدول المنتجة كـ "الريجي"، ومؤسسات الاتصالات والكهرباء وغيرها، قائلًا "إنه يمكن أن يضاف إليها فرض الضريبة على الثروة أو تحصيل جزء من الأموال المتوقعة من إنتاج الغاز على نحو منصف وعادل، لإعادة الودائع لأصحابها في أقرب وقت ممكن".
بناء عليه، هل من خطوات يستطيع المودعون أن يقوموا بها؟ يجيب عكوش بالقول "إن الأمور في لبنان لا ترتبط بالقواعد إنما بالسياسة"، مضيفًا أن "المودعين يستطيعون تشكيل لجان لتتواصل مع الكتل النيابية لإقرار بعض القوانين التي من شأنها أن تسهل عملية حفظ ما تبقى من دولارات بمصرف لبنان المركزي والمصارف، أو إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، أو عبر إقرار خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وبالتالي تحميل المصارف جزءًا من الخسارة".
يعتبر عكوش أن المودعين تعرضوا لعملية نصب واحتيال، وعلى المصارف تحمل مسؤوليتها، لأن المودعين أودعوا أمانتهم بعهدتها ويتوجب عليها حمايتها وإدارتها، وهذا الأمر أهملته المصارف خلال الأزمة.
كما يلفت الخبير الاقتصادي إلى أنه باستطاعة المودعين الضغط على الدولة اللبنانية باتجاه إقرار خطة لإعادة التوازن المالي أو إنشاء صندوق سيادي لدفع الودائع، كما ذكر سابقًا.
ببساطة، باتت مصارف لبنان على حافة الانهيار في ظل تهاوي السمعة والثقة والسيولة وزيادة المخاطر وإغلاق الفروع والحجز على الأصول والودائع.