خاص العهد
المنبر الحسيني في لبنان .. خطوة الى الأمام
لطيفة الحسيني
نحو خطوةٍ جديدة، يتقدّم مركز المعارف للدراسات الثقافية في عالم الدراسات والبحوث ولا سيّما الإسلامية منها. يستبق شهر الأحزان والموسم العاشورائي، مُتسلّحًا بنتائج أعدَّ لها جيّدًا وبَنَى عليها كثيرًا من أجل الارتقاء أكثر بالمنبر الحسيني وخطابه الديني.
يُطلق مركز المعارف دراسته الرابعة المتخصّصة بالمنبر الحسيني، بعد تركيزه في السنوات السابقة على مواضيع تمكين المرأة والأسرة والشباب، ويعوّل على ما تتضمّنه من توصيات تُفيد قرّاء العزاء وخطباء المنابر والرواديد كي لا تبقى المادّة العاشورائية محدودةً وعصيّة على التطويع، بما يتناسب مع ظروف اليوم والتحديات الثقافية التي يواجهها المجتمع الإسلامي الموالي لآل البيت (ع).
مدير ملفّ الدراسات في مركز المعارف الثقافية الدكتور أحمد الشامي تحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن الدراسة التي تُبصر النور الأربعاء (21/6/2023) بعد جهدٍ غير مسبوق في مجال الخطاب الديني على صعيد الدول التي تضمّ موالين لآل البيت (ع) ويُحيون الذكرى العاشورائية.
بحسب الشامي، تبيّن للقيّمين على المركز المعني بتقديم الدراسات والبحوث النظرية والميدانية حول أهمّ التحديات الثقافية التي تواجه بيئتنا الاجتماعية أن الأخيرة تتضمّن عناصر قوة يُعتدّ بها مقارنةً مع حجم الهجمة الثقافية التي تتعرّض لها، فيما برزت خروقات في أكثر من مكان على مستوى الهوية والمنظومة القِيَمية والسلوكية سواء عند المرأة أو الأسرة بكلّ أفرادها والشباب حتى.
وعليه، أُقيمت حلقات بحثية وورش نقاشية على مدار 4 سنوات، توصّلت الى نتائج عديدة أبرزها ضرورة إجراء قراءة تطويرية للخطاب الديني وما يقدّمه، خاصة أنه أحد أعمدة بناء الهوية والسلوك، وكيف يؤدي دوره في المواجهة الثقافية الشرسة لأنه معنيّ بالتصدّي لها.
وأوضح الشامي أن المركز أجرى استطلاعًا شمل 4600 شخص (إناثًا وذكورًا) من كلّ مناطق انتشار البيئة الشيعية أظهر أن واقعة كربلاء تشكّل عند الشباب بنسبة 96.4% المناسبة الأهمّ التي لا تنافسها أيّة مناسبة أخرى لا دينية ولا وطنية، وهذا أمر مُلفِت يدفع الى طرح سؤال جوهري "كيف يُخاطب المنبر الحسيني هؤلاء وماذا يقدّم لهم؟".
الاستبيانات، وفق الشامي، أفضت الى أن هناك أهمية حقيقية لفتح ملفّ الخطاب الديني وحاجة لتطويره بالأسلوب والمضمون بما يُحاكي التحديات، خاصة أن الناس أشاروا الى ضرورة محاكاة المنبر لأوجاعهم الحالية وجراحاتهم الاجتماعية وغيرها، وأن يكون قريبًا منهم بقدر مواساتهم لمُصاب السيدة الزهراء (ع)، فهم ينتظرون شيئًا جديدًا من هذا المنبر عندما يزحفون إليه، واختصارًا للمسافة بين كربلاء والواقع اليوم.
استطلاع الآراء الذي عملت على وضعه لجنة معنية بالمنبر الحسيني أظهر أيضًا حاجة الشباب الموالي لآل البيت (ع) لأن يردم لهم المنبر فجوة معرفية على مستوى العقيدة والمفاهيم والقِيَم، بموازاة حاجتهم للمساعدة في كيفية التعامل مع الآخر المُختلف، فهم في بيئة مُتعدّدة، يودّون الحصول على أدوات معرفية ومهاراتٍ تُسهّل عليهم التعاطي مع من يختفلون معه في المحيط والبيئة الجغرافية وحتى مواقع التواصل الاجتماعي لإقناع الآخر بهذا الحقّ.
وجزم الشامي أن أحدًا في البلدان الاسلامية وعموم البيئة الشيعية في المنطقة العربية لم يسبق المركز اللبناني في دراسته الحديثة لجهة مُلامسة الهوية والقِيَم، واصفًا المسألة بالإنجاز على صعيد المدارس الحسينية.
الهدف من الدراسة التي ستُطلق اذًا تطوير منبر أكثر فعالية لصناعة الهوية والسلوك. كلّ المعنيين بالمنبر، خطباء ورواديد وقرّاء مجالس عزاء حاضرون ومتّفقون على دخول الموسم العاشورائي بتحضيرٍ متين يُحقّق التأثير الحسيني المطلوب باستعداداتٍ عملية.