خاص العهد
زيارة وزير الخارجية الأردني إلى دمشق: المسعى العربي يجد آليات التنفيذ
محمد عيد
يبدو أن الدفء بدأ يعود إلى علاقة دمشق مع أشقائها العرب الذين تبنوا المبادرة الأردنية للحل في سوريا والتي حملها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي معه إلى دمشق والقائمة على مبدأ (خطوة مقابل خطوة).
وفي الوقت الذي لا تبدو دمشق متحفظة فيه على أن تخطو خطواتها المطلوبة في هذا السياق فإنها تؤكد أن كل ما قامت به خلال الحرب يمكن أن يرفع حين ترفع أسبابه فهي تأمن جانب حلفائها الذين لم يخذلوها يوماً بانتظار أن يترجم الآخرون الأقوال إلى أفعال.
خطوة مقابل خطوة
يرى المحلل السياسي د. أسامة دنورة أن زيارة الصفدي الى دمشق تحمل ضمن مدلولاتها معطيات عدة، لعل من أهمها أن المسعى العربي، والذي تجسد فيما بات يُعرف بـ"المبادرة الأردنية"، بدأ على ما يبدو يجد طريقه تدريجيًا نحو التفعيل، وأنه بات قيد البحث في آليات المباشرة بخطواته التنفيذية، بعد أن حظي بالموافقة المبدئية من الأطراف المعنية بهذه المبادرة، سواء كانت الأطراف المنخرطة بصورة مباشرة، أو تلك الفاعلة من دون حضورها الظاهر على سطح المشهد الدبلوماسي.
وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى أن تصريحات الوزير الصفدي حول التدرج في الحل تمثل المقاربة الأكثر واقعية وقبولاً لدى الجميع، كونه من المسلم به أن تعدد الملفات وتشعبها، والعواقب الكارثية للحرب المدمرة التي استمرت عقدًا ونيفًا حتى اليوم، والتداخلات الخارجية الاقليمية والدولية، جميعها تجعل تفكيك العقد السياسية والميدانية أمرًا مركّبًا يحتاج جهدًا تراكميًا يتطلب بدوره زمنًا للنضوج.
وفيما يتعلق بمسألة عودة اللاجئين، والتي تمثل على ما يبدو البند الأول ضمن المبادرة الأردنية، لفت المحلل السياسي إلى أن السير فيها قدمًا يتطلب بلا شك تطبيق مضمون القرار الدولي ٢٦٤٢، والذي يحث على تكثيف وتوسيع نطاق مبادرات ومشاريع "الانعاش المبكر" في سورية، ويدعو جميع الأطراف بما فيها الوكالات الانسانية الدولية لدعمها، وهذا يتطلب أن يكون البحث على المستوى الثنائي والجماعي في هذا الشأن محوريًا، لأنه لا يمكن الحديث عن عودة طوعية وآمنة للاجئين إلى مناطق تفتقر للبنى التحتية الأساسية، أو تفتقر إلى وجود دورة اقتصادية فاعلة ولو في حدودها الدنيا، بحيث يحصل اللاجئون على الأقل على الحد الادنى الضروري من معايير الامن الاقتصادي والاجتماعي اللذين يقتضيهما مبدأ "العودة الآمنة"، لا سيما بعد أن باتت مراسيم وقوانين العفو المتتالية تغطي جميع الحالات التي تضمن لأي من العائدين تسوية أوضاعه مباشرة، أسوة بعشرات الآلاف من السوريين الذين لم يغادروا بلدهم، وعادوا إلى حياتهم الطبيعية بعد شمولهم بقوانين العفو المتتالية.
وفيما يتعلق بمفاهيم الحل السياسي وانهاء الوجود الأجنبي الذي يبدو حسمه النهائي مؤجلاً الآن، أوضح دنورة أن الموقف السوري سيشدد دومًا على البدء بإنهاء الاحتلال والوجود اللاشرعي للقوات الأجنبية، وتفكيك البنى الارهابية، وسائر قوى الأمر الواقع اللاشرعية، كشرط لازم وكافٍ لانسحاب القوات الحليفة لاحقًا، وتحقيق درجة من الأمن والاستقرار الجيوبوليتيكي بما يعيد الأمور إلى نصابها والى ما كانت عليه قبل عام ٢٠١١، وهنا قد تبدو المقاربة القائمة على التزامن ممكنة البحث، في حال تم التوصل الى ثقة تبدو اليوم ضعيفة أو مفقودة بعد أعوام طويلة من استهداف استقرار ووحدة أراضي سورية.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه فيما يتعلق بالحل السياسي، فمن المؤكد أيضًا أن الثوابت السورية المتعلقة برفض التدخل الخارجي في أجندة الحل ستبقى ثابتة، لا سيما أن قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالحل أكدت على عملية سياسية بإدارة وملكية سوريتين، وبالمقابل فإن أي دور خارجي يقوم على أساس الاقتصار على الدعم اللوجستي وتسهيل اجراءات العملية السياسية، والمبدئية في الوساطة المحايدة، سيكون مرحبًا به لا سيما إن أتى من طرف أو اطراف عربية.
عودة آمنة بظروف جيدة
المحلل السياسي محمد خالد القداح أكد في تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أن كلام الرئيس بشار الأسد أثناء استقباله وزير الخارجية الأردني كان واضحًا وصريحًا حين أكد له أن العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى قراهم وبلداتهم أولوية بالنسبة للدولة السورية مع ضرورة تأمين البنية الأساسية لهذه العودة ومتطلبات الإعمار والتأهيل بكافة أشكالها ودعمها بمشاريع التعافي المبكر التي تمكن العائدين من استعادة دورة حياتهم الطبيعية.
وأضاف قداح في حديثه لموقعنا أن حديث الرئيس الأسد أمام ضيفه الأردني -الذي يعتبر حامل مبادرة بلاده التي باتت عربية مع دخول السعودية والعراق وبقية البلدان العربية عليها- وتأكيده أن كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة الدولة السورية سواء على المستوى التشريعي أو القانوني أو على مستوى المصالحات تسهم في توفير البيئة الأفضل لعودة اللاجئين، يعكس الإحاطة السورية الكاملة بما يجب على الحكومة السورية فعله مشيراً إلى أنه وفي الوقت نفسه يلزم العرب ولو بالبعد الأخلاقي في القيام بواجبهم تجاه دمشق على اعتبار أنهم يجب أن يكونوا جزءا من الحل كما كانوا يوماً جزءًا من المشكلة.
وختم قداح حديثه لموقعنا بالتأكيد أن دورة الحياة الاقتصادية الحقيقية التي يجب أن تعيشها المناطق التي هجرها أهلها بفعل الإرهاب يجب أن تقوم على أساس مساهمة عربية فاعلة في هذا السياق وقد بدأت ارهاصاتها الأولى مع الحديث عن تشكيل صندوق مالي في هذا الشأن مع ملاحظة أن المنظمات الدولية والاغاثية بدأت ترفع يدها شيئا فشيئا عن مساعدة هؤلاء باعتراف وزير الخارجية الأردني نفسه أثناء مؤتمره الصحفي مع الوزير المقداد.