خاص العهد
عن بسالة فوج إطفاء الضاحية.. روايات تصدّيهم البطولي لحريق طريق المطار
حسن شريم
يقتحمون النيران بلحومهم الحيّة غير آبهين، نذروا حياتهم لإنقاذ الإنسان وصون الإنسانية.. هو جهاد من نوعٍ آخر يصبّ في حماية الوطن وصونه، ويحمل في طياته عناوين التضحية والإخلاص والوفاء مهما عظمت وكبرت التحديات، فإرادة جنود الإطفاء أقوى من كل المصاعب، يسخّرونها في خدمة المواطنين من دون حسابات، فكل همّهم إنقاذ الإنسان حتى لو اقتضى الأمر بذل الأرواح.
ما تقدّم يتجسّد بواقعة حيّة لازالت مستمرة منذ 11 يومًا، حيث يستبسل عناصر فوج إطفاء الضاحية الجنوبية لبيروت بمواكبة من الفرق الإسعافية في الدفاع المدني اللبناني وفوج إطفاء بيروت بالتصدّي البطولي لحريق هائل، اندلع في معمل للقماش على طريق المطار، مشكّلًا تهديدًا للبيئة المحيطة به.
الخسائر البشرية حتى الآن شهيدٌ وعدد من الجرحى. ودّعوا رفيقهم وضمّدوا جراحاتهم، وأصرّوا على مواصلة العمل الشاق الذي قد يهدّد حياتهم في أيّ لحظة.
للوقوف على مستجدات الحريق وتحديات مواجهته، يطلعنا مدير فوج الإطفاء في اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية الأستاذ حسين كريّم فيقول إنّ "الحريق كبير والشباب يستبسلون من أجل السيطرة على الوضع وإخماد النيران، فيواجهونها باللحم الحي وبكل ما أوتوا من قوة وصلابة وعزم وجأش من أجل إطفائها ودفع الأذى".
ويتابع كريّم إنّ "الأمر صعب، فقد استشهد عنصر بالدفاع المدني وسقط عدد من الجرحى من فوج إطفاء الضاحية تلقّوا الرعاية والعلاج وعادوا لمتابعة عملهم إلى جانب رفاقهم كما عهدناهم خدمة للمواطن والوطن".
ويلفت كريّم إلى حالات الاختناق بين الشباب حيث يخرج بعضهم من المبنى المحترق بحالة مأساوية، فيوضعون على أجهزة الأوكسيجين لتحسين وضعهم الصحي، وحتّى ساعات الراحة قصيرة، إذ تصل في بعض الأحيان إلى 3 ساعات فقط، إضافة إلى المخاطر التي تهدّدهم لجهة سقوط أيّ أجزاء داخلية من المبنى ممكن أن تودي بحياتهم.
وعلى صعيد الصعوبات والمشاكل التي واجهها فريق الإطفاء، يقول كريّم إنّها بأصل البناء الهندسي للمبنى المكوّن من ثلاث طبقات سفليّة، فيما الطبقة السفليّة الثانية مكدّسة بالبضائع، وكان من الصعوبة الوصول إليها والتعرّف على مصدر النيران خاصة في ظلّ التخزين العشوائي وضيق الممرات ما صعّب عملية الوصول لإطفاء النيران.
كريّم يتابع، إضافة إلى ذلك واجهتنا مشكلة المياه الساخنة التي تجمعت في الطابق السفلي الأول، درجة حرارتها 60، ويقارب ارتفاعها المتر في بعض الأماكن، كما أن هناك بعض البضائع غير المشتعلة والتي يتخوّف من اشتعالها، إضافة إلى البضائع المصنّعة من مواد غير قابلة للاشتعال التي تصبح كالجمر، كالبرادي الخارجية، مما يضطرّنا إلى استعمال مواد غير المياه للتمكن من إطفائها.
ويوضّح كريّم، في اليوم الـ 11 لا زلنا نواصل التحدّي ومواجهة ألسنة النيران دون كلل أو ملل ولا زلنا نحاول الحؤول دون وصول النيران بشكل مباشر إلى أساسات المبنى، كي لا تتعرّض لحرارة عالية فيسقط، هذا مع العمل الدؤوب أيضًا على محاصرة النيران ومنع انتشارها. واليوم هدفنا إخماد الحريق، ونحن نُعلم الأهالي بكل التفاصيل ليكونوا على علم وبيّنة واطلاع، إلاّ أنّ باقي التفاصيل والأمور منوطة بالجهات المعنية من بلديات وحكومة ووزراء ونواب، لا سيما في ما يتعلق بموضوع التعويضات والخسائر...
ويتوجه كريّم برسالة عبر موقع "العهد" فيقول: "الشباب في فريق الإطفاء بخدمة الجميع، ويفنون حياتهم من أجل المجتمع حيث يقاومون في هذا المجال حتى آخر نفس"، ويضيف "هناك أصحاب مؤسسات كبرى يدفعون أموالًا باهظة في الاستثمار فيما يتقاعسون عن توفير مبلغ زهيد لتوفير أدنى معايير السلامة العامة، ومن ناحية أخرى فإنّ عدم وجود صلاحيات واسعة للبلديات أو بالمقابل تقاعس بعض الجهات المعنية تجعل الناس تتجرأ على القوانين".
ويمدّ كريّم يد المساعدة للجميع، ويختم بالقول "نحن مستعدون وجاهزون لتدريب أفراد أيّ مؤسسة أو شركة لتعريفهم على شروط السلامة العامة، كما من الجيد وضع شبكة وصل إلكترونية عبر أجهزة التحسس لدخان الحرارة ووضع نظام جرس إنذار واتصال مباشر عبر تسجيل يصل إلى أجهزة الإطفاء يُعلم بوقوع حريق في المؤسسة".