خاص العهد
ماذا بعد الاستفزازات الجوية المتبادلة ببن امريكا وروسيا في الأجواء السورية؟
محمد عيد
حذرت واشنطن القوات الروسية في سوريا ودعتها لوقف تصرفاتها التي أسمتها بالخطرة والمتهورة وذلك بعد نشر الحساب الرسمي للقوات المسلحة الأمريكية مقطع فيديو لما قال إنه استهداف طائرة روسية لمسيّرة أمريكية في سماء سوريا وإطلاقها قنابل ضوئية مسببة لها أضرارًا مباشرة.
في المقابل أعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا عن انتهاكات جسيمة ممنهجة من قبل "التحالف الأمريكي" للمذكرة الخاصة بسلامة الطيران في سوريا حيث تم تسجيل ١٢ حالة من هذه الانتهاكات في يوم واحد.
فماذا وراء هذه الإتهامات المتبادلة؟ وما هو أفق التصعيد المتبادل في سوريا بين واشنطن وموسكو؟
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي العميد علي مقصود أن هناك قراءة جدية وواقعية حول سقوط وانهيار التفاهم الذي كان قائمًا بين قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا في الأجواء السورية والذي ينص على أن يكون هناك تنسيق لمنع الصدام الجوي الأمريكي الروسي في الأجواء السورية تتصل كذلك بالخلل القائم على مستوى التعاون والتنسيق والتفاهم على عموم التسوية السياسية في سوريا.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار مقصود إلى أن انهيار هذه المعادلة في الأجواء السورية مرتبط بشكل كامل بالعملية التي بدأتها روسيا في اوكرانيا والنتائج التي وصلت إليها باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية خططت لنفس الوسائل والتكتيك الذي استخدم من قبل المجاميع الإرهابية في مواجهتها مع سوريا وروسيا.
وأضاف الخبير العسكري "باعتبار أن هذه المعادلة فشلت وسقطت كل التكتيكات وكل الإجراءات والأساليب المستخدمة من قبل الجيش الأوكراني والعصابات الإرهابية والمجاميع الذين نقلتهم أمريكا إن كان من سوريا أو من مناطق أخرى باتجاه اوكرانيا فإن موضوع غياب التنسيق الأمريكي الروسي في الأجواء السورية كان يتآكل بشكل تدريجي من خلال الخروقات التي كانت تحدث على يد الولايات المتحدة الأمريكية إن كان باستهداف بعض المواقع وبعض المصالح الروسية في سوريا أو من خلال التزامها بفكرة إعادة هيكلية جديدة للمجموعات المسلحة وربطها مع ما يسمى بـ "مغاوير الثورة" حيث تتواجد المجاميع الإرهابية تحت الحماية والمظلة الأمريكية في قاعدة التنف".
وشدد الخبير العسكري على أن روسيا التي كانت ترد بخرق وتحليق لطائراتها فوق قاعدة التنف وصلت إلى مرحلة تيقنت فيها من سقوط هذه التفاهمات التي تحول دون الصدام الأمريكي الروسي والسبب أن الولايات المتحدة الأمريكية أجبرت أيضا بعد الفشل الكبير والتطورات التي حصلت في المنطقة وتأخرها بتنفيذ سحب قواتها من سوريا فاستخدمت الخطة البديلة من خلال تعزيز هذا الوجود في الأراضي السورية.
ولفت العميد مقصود إلى أن الهدف الأول من هذه الحشود والتعزيزات العسكرية الأمريكية هو إشغال روسيا في الميادين السورية، وهذا ما يفسر حالة الخروقات والقلق والخشية الأمريكية من أن يبدأ محور المقاومة عبر المقاومة الشعبية والقوات الرديفة في نشاط عسكري بارز وبدعم روسي حيث تجلى هذا الدعم بتصريحات من الخارجية الروسية وكذلك من وزارة الدفاع وحتى على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أعلنها صراحة بأن روسيا لا ترغب بأن تحدث مواجهة بينها وبين امريكا ولكنها مستعدة لأي سيناريو مواجهة في سوريا وهذا التصريح جاء بعد الاحتكاك الذي كاد أن يصل إلى مرحلة صدام بين روسيا وامريكا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي عملت على إعادة خلط الأوراق وخاصة تلغيم وتشويش بل تخريب عمليات التفاهم والمفاوضات السورية التركية وكذلك التشويش على عودة سوريا إلى الجامعة العربية ودول الخليج التي بدأت بالتطبيع وفتح السفارات مع سوريا.
لن تتدحرج الأمور إلى حرب
من جانبه أكد المحلل السياسي محمد خالد قداح أن الولايات المتحدة لا تريد في نهاية المطاف أن تتحول أية استفزازات عسكرية في الأجواء السورية إلى مواجهة مباشرة بينها وبين روسيا لأن هذا يعني خلق مواجهات أخرى على مستوى العالم هي في غنى عنها ولا تحتاجها في الوقت الحالي.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار قداح إلى أنه لن تكون هناك مواجهة كلاسيكيه إن كان بين أمريكا وروسيا أو بين أمريكا ومحور المقاومة الذي قد يعمد لمواجهة هذا "التصعيد الاستعراضي" بعمليات خاطفة أو عبر طائرات مسيرة في الوقت الذي يتراجع فيه دور الولايات المتحدة في المنطقة فتصبح هذه الاستفزازات الاستعراضية والتصعيد غير المسبوق في المنطقة بشكل خاص وعلى مستوى العالم بشكل عام عبارة عن رسائل موجهة لتؤكد أنها ما زالت فاعلة ومؤثرة في المنطقة ولها اليد العليا رغم افتقادها لمقومات أية مواجهة عسكرية مباشرة لا سيما وأنها لا تملك العديد الكافي من القوات البرية ولا تثق بأداء من تستخدمهم في أية مواجهة من هذا القبيل.