معركة أولي البأس

خاص العهد

جورج عبد الله يُتم عامه الـ39 في الأسر ويحلم "بنصر تاريخي"
23/10/2023

جورج عبد الله يُتم عامه الـ39 في الأسر ويحلم "بنصر تاريخي"

حسن شريم

عامًا بعد آخر، يتضح زيف الغرب وكثير من الدول الأوروبية التي تتغنّى بحقوق الإنسان وتدّعي الديمقراطية، ومنها فرنسا التي ما زالت ترفض إطلاق سراح الأسير جورج عبد الله رغم تجاوز فترة محكوميته التي انتهت عام 1999. وللتذكير، فقد اعتقل عبد الله في ليون الفرنسية في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1984 وحكم عليه بالسجن المؤبد بعد إدانته بالمشاركة في اغتيال اثنين من الدبلوماسيين الأميركي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982، ومحاولة اغتيال القنصل العام الأميركي روبرت أوم في ستراسبورغ عام 1984.

ولد جورج إبراهيم عبد الله في قرية القبيات شمال لبنان عام 1951 وعمل في سلك التعليم في بلاده حتى عام 1979. بدأ حياته ناشطًا في صفوف "الحزب السوري القومي الاجتماعي" قبل أن ينتسب إلى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وأسس مع أفراد من عائلته ما سمّي بـ"الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية"، وهي جماعة تبنت عددًا من العمليات في إطار الأنشطة الثورية المدافعة عن القضية الفلسطينية.

ورغم أن عبد الله مؤهل ليتم الإفراج المشروط عنه منذ عام 1999 وقدّم بالفعل تسعة طلبات للقيام بذلك، لكن القضاء الفرنسي يرفض إطلاق سراحه. وفي عام 2003، قبِلَ القضاء الإفراج عنه لكن دومينيك بيربن وزير العدل آنذاك عارض وطلب من مكتب المدعي العام استئناف الحكم، كما تدخل الأميركيون زاعمين أن عبد الله لا يزال يمثل تهديدًا نشطًا. وفي عام 2013، وافق القضاء الفرنسي مجددًا على إطلاق سراح عبد الله وكان الأمر متروكًا لمانويل فالس وزير الداخلية آنذاك لإصدار أمر بطرده من فرنسا، لكن محكمة النقض تدخلت بعد ذلك لإلغاء الإفراج المشروط على أساس أن المعتقل كان يجب أن يتمتع بصفة "شبه حرية أو وضعه تحت المراقبة الإلكترونية لمدة سنة واحدة على الأقل" قبل ذلك.

شقيق الأسير عبد الله: الأمل معقود على السيد نصر الله والمقاومين في لبنان وغزة

اليوم، يزداد عدّاد الأسر رقمًا جديدًا ويقترب أعوام جورج من الأربعين في القيد، فيما تتزامن ذكرى الأسر مع معركة "طوفان الأقصى" والتطورات الكبيرة في فلسطين التي أحبها جورج ونذر حياته لأجلها، وفي هذا السياق، يتمنّى جوزيف عبد الله شقيق الأسير النصر للمقاومين في لبنان وغزة على العدو التاريخي "إسرائيل". تلك أمانيّ الأسير عبد الله، معتبرًا أنّ "آلامنا اليوم تصغر أمام آلام الفلسطينيين وما يتعرضون له من وحشية وهمجية وإجرام صهيوني".

ويتابع عبد الله "إذا حصلت تسويات ما جرّاء ما يجري في فلسطين والصورة البطولية التي تقدّمها المقاومة في غزة وخلال تصديها للعدوان الهمجي عليها، أتمنى أن تشمل "التسويات" الأسير عبد الله القابع في زنازين من تتغنى بحقوق الإنسان والحرية وتدعي الديمقراطية (فرنسا) على الرغم من انتهاء فترة محكوميته منذ سنوات وسنوات".

وعن دور الدولة اللبنانية في قضية أخيه الأسير، يرى جوزيف أنّ "النظام في الدولة اللبنانية خاضع وذليل وما زال يشكل امتدادًا للاستعمارين الفرنسي والبريطاني وحديثًا الاستعمار الأميركي، وهناك مطالبة بخوف وحذر من قبل بعض المسؤولين إلا أننا لم نلمس مطالبة جدية ومسؤولة للإفراج عن الأسير جورج وهذا يعود إلى التبعية السياسية لدول الغرب وعدم تجرؤ البعض على المطالبة بالافراج عنه خشية من أن تتضرر مصالحهم الشخصية أو لغايات أخرى...".

وفي سياق حديثه، يُشدّد عبد الله على أنّ "الأمل اليوم معقود على الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله والمقاومين في لبنان وغزة وكل أحرار العالم الذين يؤمنون بالقضية الفلسطينية ويناضلون من أجل قهر العبودية والعيش بكرامة واستقلال وحرية".

وثائق "ويكيليكس"

وبالعودة الى التآمر الحاصل لعرقلة إطلاق سراح عبد الله، كشفت وثائق "ويكيليكس" تسريبات للبريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأميركية الأسبق هيلاري كلينتون عام 2015، حيث توجهت الأخيرة لنظيرها الفرنسي لوران فابيوس ليلة الإفراج، وأمرته بعرقلة أمر القضاء وإبقاء عبد الله في السجن.

وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، رفضت محكمة تنفيذ الحكم مرة أخرى وأعلنت عدم قبول طلبه الجديد على أساس أنه لم يكن في السابق موضوع أمر طرد. وأضافت محكمة الاستئناف إلى هذه الحجة أن عبد الله "لم يبد ندمه على الأفعال التي أدين بها" كما أنه لم يعوّض ورثة "الضحايا".

رسالة إلى ماكرون

وتطالب منظمات حقوقية فرنسية بالإفراج عن اللبناني عبد الله، وفي رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نشرها موقع "ميديا بارت" (Mediapart) طالبت 14 منظمة حقوقية فرنسية بالإفراج عن عبد الله الأسير رغم صدور قرار بإطلاق سراحه عقب استكمال فترة سجنه قبل 10 سنوات، لكن وزير الداخلية رفض إصدار أمر بترحيله إلى لبنان.

ودعت المنظمات الحقوقية إلى احترام الفصل بين السلطات واستقلال قاضي تطبيق العقوبات، مطالبة في السياق ذاته بتوقيع السلطات وثيقة ترحيل جورج عبد الله.

وجاء في الرسالة الموجهة إلى الرئيس الفرنسي "نود لفت انتباهكم لوضعية السيد جورج إبراهيم عبد الله المحكوم عليه في العام 1987، ورغم استكمال مدة عقوبته في العام 1999 لا يزال يقبع في السجن رغم أن محكمة تطبيق العقوبات أكدت مرتين على إطلاق سراحه".

وتابعت الرسالة "في غياب قرار بترحيله من طرف الحكومة الفرنسية بات قرار المحكمة بإطلاق سراحه المشروط غير قابل للتنفيذ".

ووصفت الرسالة جورج عبد الله بكونه "السجين السياسي الأقدم في السجون الفرنسية وواحدًا من أقدم السجناء السياسيين في أوروبا"، مضيفة أنّ "هذه الوضعية تتعارض تمامًا مع تقاليد فرنسا في مجال حقوق الإنسان".

وختمت الرسالة بالقول "السيد رئيس الجمهورية، نطلب منكم رسميًا عدم تفويت هذه الفرصة لوضع حد لاحتجاز تشكل مدته عارًا على فرنسا".

ووقّع الرسالة ممثلون عن 14 منظمة حقوقية، بينها "رابطة فرنسا لحقوق الإنسان"، و"الحركة ضد العنصرية من أجل الصداقة بين الشعوب"، و"الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام"، و"جمعية التضامن الفرنسي الفلسطيني".
 

الأسرىجورج ابراهيم عبد الله

إقرأ المزيد في: خاص العهد