خاص العهد
"إسرائيل" في ذروة القلق من محكمة لاهاي.. إحراجٌ لأميركا أو اعترافٌ بالجريمة
مهدي قشمر
في ظل الغطاء الأميركي والصمت الدولي عن الإبادة الجماعية الحاصلة في قطاع غزة، رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية لارتكابها جرائم الإبادة الجماعية، إذ ساد القلق والغضب لدى كيان الاحتلال كونه لن يستطيع إشهار سلاح "اللا سامية" في مواجهة ما تم طرحه في محكمة العدل الدولية، ولأن ما يجري في المحكمة هو عبارة عن ذروة الحراك الدبلوماسي والسياسي والإعلامي العالمي ضدَّ جرائم العدو في قطاع غزة.
وفي هذا الصدد، أشار أستاذ القانون العام في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد طي في حديثٍ لموقع العهد الإخباري إلى أنَّ محكمة العدل الدولية ستُصدر خلال ما يقارب العشرة أيام المقبلة حكمها الأولي حول الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد كيان الاحتلال لارتكابه إبادة جماعية بحق فئة معينة من المجتمع.
وقال الدكتور طي، إنَّ جنوب أفريقيا قامت مشكورة برفع دعوى ضد كيان العدو أمام محكمة العدل الدولية لارتكابه إبادة بحق جنس بشري، وطالبت بإجراء مستعجل بمنع الضرر الحاصل، أي وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لقطاع غزة، لافتًا إلى أنَّ هذا إجراء أولي قبل أن يتم التصويت في ما بعد على مسألة الإدانة أو غير الإدانة، مؤكدًا أنَّ الحكم الأولي يتم تنفيذه بشكل مباشر ولا يحتاج إلى الانتظار لانتهاء المحاكمة.
وأوضح الدكتور طي أنَّ العدو الصهيوني مُلزم بالمثول أمام المحكمة والالتزام بقراراتها بناءً على توقيعه اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية لعام 1948، لافتًا إلى أنَّ ممثلي جنوب أفريقيا قاموا اليوم بتقديم وجهة نظرهم ومطالعاتهم وغدًا سيرد ممثلو العدو الصهيوني على ما قُدّم.
وحول إمكانية محكمة العدل الدولية إلزام العدو بقراراتها، أشار الدكتور طي إلى أنَّه في حال أدان قرار المحكمة "إسرائيل" فسيلاحقها، وسيكون أمامها وأمام حلفائها خيار من اثنين، قبولها بتنفيذ القرار، والالتزام بوقف القتال أو بتوصيل المساعدات وتجنب استهداف المدنيين في غزة، أو أن تلجأ المحكمة، في حال عدم قبول كيان العدو بالقرار، إلى مجلس الأمن الذي لا يعول عليه طبعًا بسبب الدعم الأميركي لـ"إسرائيل".
وشدَّد الدكتور طي على أنَّ العدو قلق لأن القضية ستكون مؤثرة على الرأي العام العالمي وصُناع القرار، وأن القرار الذي ستتوصل إليه محكمة العدل الدولية قد يكون محرجًا للولايات المتحدة، نظرًا لأنه ذو بُعد أخلاقي وإنساني، كما أنَّه يفضح كيان الاحتلال في ارتكابه إبادة فئة معينة من المجتمع.
واعتبر أنَّ قرار المحكمة قد يكون فرصة للعدو بأن يتخذ "قرارًا ذكيًا" بالرضوخ لوقف الحرب والخروج من المعركة كونه لم يحقق أي انتصار، وبات من الواضح أنَّه لم يعد قادرًا على إكمال المعركة براحة وسهولة وأن يقول لمستوطنيه بأن حكومته لم تنكسر بل رضخت لقرار دولي.
وتشهد محكمة العدل الدولية في لاهاي يومي 11 و12 كانون الثاني/يناير 2024 جلسات استماع للنظر في القضية المرفوعة من طرف جنوب أفريقيا بشأن العداون الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر والذي أودى بحياة أكثر من 23 ألف فلسطيني بينهم أكثر من 10 آلاف طفل.
وفي طلبها الذي قدمته في 29 كانون الأول/ديسمبر، اتهمت جنوب أفريقيا، "إسرائيل" بارتكاب جرائم إبادة جماعية بما يتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقّعت عليها جنوب أفريقيا و"إسرائيل"، وتحتفظ الأطراف الموقعة على المعاهدة بحقها في منع الجريمة ووقفها.
ومن اللافت أن الملف الذي قدمته دولة جنوب أفريقيا لم يكتفِ فقط بإعطاء حقائق على الأرض بخصوص ما يجري في قطاع غزة بالصورة الكاملة، وإنما هناك رصد لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين منذ بداية الحرب، ومنها ما يدعو لإلقاء قنبلة نووية على غزة، وأخرى تدعو إلى محو قطاع غزة بالكامل واحتلاله وإقامة مستوطنات فيه وتهجير سكانه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّه، بحال صدر القرار من محكمة العدل الدولية بإدانة "إسرائيل"، فسيشكل ذلك ضغطًا على محكمة الجنايات (معنية عن الحكم على الأفراد ومن حقها إصدار مذكرات الاعتقال ضد الأفراد) لتتحرك "اسميًا"، أي تعلن عن أسماء المسؤولين الإسرائيليين الذين يرتكبون الجرائم في غزة، وتوجه لهم استدعاءات ومحاكمات.