خاص العهد
هل طوفان الأمطار في لبنان واقعي؟
علي محمّد
مع كلّ موجة شتاء، يكثر الكلام والتهويل وتكثر التوقعات بين الناس حول آثار كلّ موجة وعاصفة والأخطار التي قد يواجهونها، ما يزيد الهلع لدى الناس خصوصًا ما في ما يمرّ به البلد من ظروف اقتصادية تؤثر على التعامل والاستجابة لأيّ طارئ.
الواضح أن "هناك مبالغات" بشأن أحوال الطقس. هذا ما أكّده رئيس قسم التقديرات السطحية في مصلحة الأرصاد الجوية محمد كنج في حديث لموقع "العهد" الإخباري، مشيرًا إلى أنّ هناك أشخاصًا ليس لديهم علاقة بالأرصاد الجوية ويحبّون التهويل، لافتًا إلى مصطلحات بدأ ربطها بالموجة الحالية من الشتاء كـ"الطوفان" والدخول في مرحلة الخطر.
وبيّن كنج "أننا أصبحنا نلمس أنّ الأمطار لا تتوزع على الأيام، لا يوجد تأخر في الشتاء لكن الأمطار وبدلًا من أن تكون انسيابية على الأيام وفي فترات طويلة، تأتي على فترات قصيرة ثمّ يأتي الصحو، وتأتي الأمطار بكميات كبيرة في أماكن محددة وبفترات قصيرة، ما يُسبّب انزلاقات وفيضانات فجائيّة، وهذا نمط من أنماط التطرف المناخي"، وكمثال "ما حصل في مطار بيروت مؤخرًا، رأينا كمية من الأمطار خلال 25 دقيقة تعادل كمية 5% من أمطار الموسم".
وتابع "ما نعيشه منخفض ماطر لمدة 4 أيّام (بدأ يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/يناير) ويكون الطقس فيه مقبولًا لكن اعتبارًا من اليوم السبت 13 كانون الثاني/ يناير قد نشهد فيضانات ببعض الطرقات وانجرافات في التربة، لأنّ الأرض أصبحت مُشبعة بالمياه، وهذا أمر طبيعي".
وأكّد كنج أنّه "لا يوجد تأخر في الشتاء"، مضيفًا "نحن ننتقل إلى طقس شتويّ وعادة تكون درجات الحرارة بين البحر وحرارة الجو تكون قريبة، فكانت درجة حرارة البحر 25 و26 درجة والآن 20 درجة و21 درجة، وذلك بسبب الاحترار العالمي وضخ الرطوبة في الاجواء"، موضحًا أنّ "ما نراه غيوم ركامية وشتوية ومقبولة وطبيعية نتيجة تقدم المنخفض الجوي الذي يأتي بكتل باردة على منطقتنا، والمناطق الأكثر عرضة للأمطار هي السواحل اللبنانية وسلسلة لبنان الغربية، وفيها تساقط للثلوج، والآن المنخفض دافئ وليس باردًا".
وأوضح رئيس قسم التقديرات السطحية في مصلحة الأرصاد الجوية لـ"العهد"، أنّ "الموجة الحاليّة مستمرّة حتّى يوم الاثنين، والثلاثاء نبدأ نتلمّس الاستقرار"، مشيرًا إلى أنّ في "الأسبوع المقبل هناك نوع من عدم الاستقرار"، وقال "لم تظهر لدينا حتّى الآن منخفضات قويّة تستمر لفترة أسبوع أو 4 أيام، وقد تكون هناك موجات شتاء لمدة 24 ساعة فقط".
وأضاف "في بداية الموجة قدّرنا كمية الأمطار بين 120 مل و250 مل التي ستتساقط منذ فجر الأربعاء الماضي ليوم الاثنين، لكن بعض الناس خرجت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتحدثت عن كميات نحو 400 و500 مل وتحدثت عن "طوفان"، لكن تقديراتهم غير صحيحة وناتجة إمّا عن قلّة خبرة أو جذب انتباه للناس، فهناك كلمات وتعابير ومبالغة بالأرقام، وهناك استخدام تعابير للتهويل على الناس وهذا أمر غير مهنيّ"، موضحًا أنّ "نمط التطرّف المناخي موجود حين تُمطر في نقطة معيّنة وفي باقي المناطق لا يكون هناك شتاء".
ولفت إلى أنّ "هناك تهويلًا فنحن لم نستخدم أبدًا مصطلح طوفان، والمنخفض الحالي ماطر وبالأصل لم نستخدم له مصطلح عاصفة".
وشرح كنج لـ"العهد" أنّ "بصمة" التطرّف المناخي هي أن "يكون هناك مطر في مناطق وغيرها لا، وتكون على فترات قصيرة وبكميات كبيرة، ما يؤدي إلى انجرافات بالتربة".
وشدد على أنّ "هذه السنة مطريّة بامتياز، وأصبحنا نصل للمعدلات ولم ينتهِ الموسم، ففي بيروت أمطرت حتّى الآن 100 مل ونحن نتوقع الكمية عند 120 مل"، مشيرًا إلى أن "كميات الأمطار المتساقطة تخطّت المعدلات بنسبة 50%، المشكلة فقط أن الأمطار تتساقط بكميات كبيرة في وقت قصير وفي أماكن محددة".
واعتبر كنج أنّه "لو كانت الثلوج تساقطت في أماكن أقل ارتفاعًا لكان لدينا مخزون للثلج، فالثلج عادة يتساقط في الأماكن المرتفعة، وطالما كان هناك فهذا ينعكس دفئًا".