خاص العهد
واشنطن تلعب على وتر تعكير العلاقة المتنامية بين دمشق وعمان؟
دمشق ـ محمد عيد
خرجت دمشق عن صمتها وانتقدت أخيرا الضربات الأردنية داخل أراضيها المتاخمة للحدود مع جارتها الجنوبية.
وعلى الرغم من أن بيان الخارجية السورية كان رصينا ومكتوبا بعناية شديدة مبقيا على الود والرغبة في التعاون المثمر مع الجانب الأردني في مزاعم عمان بشأن تهريب المخدرات من سوريا إلى الداخل الأردني، لكنه مع ذلك ذكّر الأردنيين بقضية تدفق السلاح والإرهابيين من الأردن إلى سوريا خلال الأزمة غامزا من قناة واشنطن التي تريد توتير العَلاقة مجدداً بين البلدين الشقيقين على خلفية رفض دمشق لتقديم تنازلات عقب الانفتاح العربي عليها ومراوحة سياسة الخطوة مقابل الخطوة في مكانها.
الانفتاح العربي على دمشق مصلحة للجميع
يرى عضو مجلس الشعب السوري والأستاذ في القانون محمد خير العكام أن على الأردن أن يعرف ما يريد من سوريا وعليه كذلك أن يدرك أن الانفتاح العربي عليها والدور الأردني البارز في هذا الشأن هو مصلحة له ولسورية ولعموم العرب.
وأن على عمان الفصل ما بين مطالبها من الجانب السوري بشأن مكافحة تهريب المخدرات إن كان لهذا الأمر من أصل وبين سياسة الخطوة بخطوة التي اتفق عليها العرب مع سوريا التي يحتاج تنفيذها إلى الوقت وتذليل الصعوبات والنقاشات الجدية والهادفة.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار العكام إلى أن التريث السوري في إصدار بيان ينتقد الغارات الأردنية داخل الأراضي السورية تحت مزاعم مكافحة تهريب المخدرات يظهر حكمة دمشق وترويها ورغبتها في مقاربة هذه المسألة ضمن القنوات الرسمية بعيداً عن توتير الأجواء ومآخذ الحملات الإعلامية.
وأضاف العكام بأن الضربات الأردنية تتكرر منذ تسعة أشهر وأسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بينهم نساء وأطفال ما استوجب بيانا رسميا من وزارة الخارجية السورية ذكر فيه الأردن بوجود اتفاقيات مشتركة بين الجانبين على مستوى وزارات الخارجية والدفاع وعلى المستوى الأمني كذلك وقد وضعت هذه الاتفاقيات آلية للتعاون المشترك بين البلدين في هذا السياق لكن الأردن تصرف منفرداً وعلى نحو غير مبرر وغير مفهوم ما استدعى بيانا من وزارة الخارجية حافظ من خلاله السوريون على لغة هادئة ورصينة مع الأردن تلحظ الرغبة في التعاون والتنسيق حتى لو وصل الأمر إلى عمل عسكري مشترك.
وختم عضو مجلس الشعب السوري حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن هناك من يحرض الأردن على افتعال أزمة مع دمشق رغبة منه بممارسة الضغط عليها على خلفية عدم تقديمها تنازلات مرتبطة بالانفتاح العربي عليها في إشارة واضحة للدور الأمريكي المشبوه والتصرف الأردني عسكرياً و بشكل منفرد مع وجود اتفاقيات ناظمة لبحث مسألة مكافحة تهريب المخدرات.
ضبط الحدود يحتاج تعاوناً مشتركا
من جانبه فقد أشار المحلل السياسي حسام طالب إلى أن ضبط الحدود بين أي بلدين يحتاج تعاوناً مشتركا وهو ما طرحته دمشق وأصرت عليه.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار طالب إلى أن الحكومة السورية لا تسيطر على كامل الحدود مع الأردن بسبب وجود قاعدة التنف والميليشيات الإرهابية التي تعمل في فلكها برعاية مباشرة من واشنطن مثل قوات سورية الحرة وغيرها.
وأضاف طالب أن "الحدود السورية مع الأردن تمتد على مسافة ٣٧٥ كيلو متراً وقد حاول الأردن الاستفادة من التقنيات الأمريكية من أجل مراقبتها لكن وجود ميليشيات مرتبطة بواشنطن مثل قوات سورية الحرة في منطقة التنف حيث يغيب الحضور الرسمي السوري أدى إلى حصول حالة من الانفلات لا تتحمل دمشق وزرها بأي شكل من الأشكال بل على العكس فإن وجود الكثير من الفصائل المقاتلة في المناطق الحدودية التي كانت تربطها بالكيان الصهيوني علاقات مشبوهة وقد تلقت الكثير من الأموال والأسلحة من دول الجوار ومن بينها الأردن كما ذكر بيان الخارجية السورية ساهم في حالة الفوضى هذه لا سيّما وأن هذه الجماعات لا تزل تسعى لاستنزاف الجيش السوري وعندما جفف الخارج مصادر تمويلها عقب اتفاق الجيش السوري مع المعارضة برعاية روسية في العام ٢٠١٨ لم يجد هؤلاء بدا من الإتجار بالمخدرات التي تدر عليهم أموالاً طائلة ومن أجل تعويض حياة الرفاهية التي اعتادوها إبان حقبة السخاء التي عاشها هؤلاء مع الدول الراعية للإرهاب في سورية.
وختم طالب حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن واشنطن لا تريد عَلاقة مثالية بين سورية والأردن تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي ولعل هذا ما قد يفسر سلوك عمان الأخير عسكرياً في سورية على نحو منفرد مع وجود اتفاقيات ترعى المصالح الحدودية بين البلدين الشقيقين.