معركة أولي البأس

خاص العهد

ما بعد هاليفا.. موجة من الاستقالات؟ 
23/04/2024

ما بعد هاليفا.. موجة من الاستقالات؟ 

فاطمة سلامة

هل تكُر سُبحة الاستقالات من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية؟ يبدو هذا السؤال الأكثر تكرارًا بعد ساعات على استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" أهارون هاليفا. قراءات بالجملة اتفقت بمعظمها على أنّ استقالة هاليفا لن تكون يتيمة، بل ستتبعها استقالات عدّة على طريقة أحجار الدومينو المتهاوية. أولى تلك الاستقالات المستقبلية أفصح عنها قائد المنطقة الوسطى في جيش العدو اللواء يهودا فوكس. الأخير أبلغ رئيس هيئة الأركان أنّ شهر آب/أغسطس سيكون موعدًا لاستقالته. خطوة الاستقالة أو الهروب لن تقف عند هاليفا وفوكس، وفق ما يؤكّد محرّر الشؤون العبرية في قناة المنار حسن حجازي. وفق توقعاته، الموجة بدأت بهاليفا، وستشمل مسؤولين آخرين منهم فوكس، وقائد وحدة التنصت 8200، إضافة إلى رئيس الأركان هرتسي هاليفي الذي قد يستقيل في عزّ الحرب، وقد سبق وقال: "أنا بانتظار انتهاء القتال لأضع المفاتيح على الطاولة وأخرج من الجيش". 

وفق حجازي، ثمّة مؤشرات على سلسلة من الاستقالات التي قد تتوالى تباعًا، حيث نرى مسؤولين جددًا يخرجون من الخدمة ويستقيلون. على ما يبدو كلّ القيادات العسكرية التي كانت لها صلة بشكل أو بآخر بما حصل في تشرين الأول/أكتوبر ستخرج من الجيش. ماذا يعني ذلك؟ يعني ــ بنظر حجازي ــ الإطاحة بالجزء الأكبر من القيادة العسكرية والأمنية الصهيونية. لكن إلى أي مدى ستشمل هذه المسألة كلّ القيادة العسكرية؟ الأمر غير واضح، يسأل حجازي ويُجيب. إلا أنّ ما هو واضح بكلّ الأحوال أنّ القيادة العسكرية ستفرغ ــ بعد لجان التحقيق ــ من كلّ المسؤولين الذين كانوا يؤدون خدمة أساسية في فترة "7 أكتوبر"، فصورة الجيش الإسرائيلي باتت مهشّمة بعد إخفاقه وإقراره بالهزيمة وبتحمل مسؤولية الفشل. من وجهة نظر حجازي، فإنّ حجم المفاجأة التي تعرّض لها الاحتلال والضرر الذي لحق بصورته وصورة أجهزة الاستخبارات وجيشه جعلت "7 أكتوبر" من أخطر الأحداث التي حصلت منذ عام 1948، بنظر الإسرائيليين أنفسهم، وهذا الأمر لم تكن "إسرائيل" مستعدة له، ما يجعلها تدفع ثمن ذلك عبر المسؤولين عن هذا الفشل. الاستقالات - وفق قراءة حجازي - جعلت المقاومة تُسجّل أكبر صورة انتصار عبر الإطاحة بالقيادة العسكرية والأمنية التي كانت مسؤولة عن هذا الإخفاق. 

بالمعنى العملي، يُدرج حجازي الاستقالة في سياق إقرار جيش الاحتلال بالفشل أمام العملية التي حصلت في "7 أكتوبر". على الضفّة المقابلة، هي تأكيد على حجم الانتصار الذي حقّقته المقاومة. كما أنها عملية استباقية يقوم بها المسؤولون الصهاينة للهروب من تحمل المسؤولية والخدمة العسكرية، رغم إعلانهم التقصير منذ البداية. وهذا بدا واضحًا في تصريحات مسؤولين كثر أعلنوا سابقًا أنهم بانتظار انتهاء الحرب ليستقيلوا، لكن طول أمد الحرب وضع القيادات العسكرية والأمنية أمام استحقاق الاستقالة. وفق المتحدّث، فإنّ أقصى حد قد تصله المحاسبة في حكومة الاحتلال هو إقالة هؤلاء من مناصبهم، وعليه، كانت الاستقالة للهروب إلى الأمام. 

ويُبيّن حجازي أنّه منذ الأيام الأولى للحرب كان هناك إقرار في الأجهزة الأمنية والعسكرية بأنها أخفقت في تقدير عملية "طوفان الأقصى" لجهة أنه من الممكن أن تذهب المقاومة في غزّة إلى عملية من هذا النوع رغم أنّه كانت لديها إشارات بأنّ المقاومة قد تذهب إلى هكذا عملية، لكنّها لم تقرأ الإشارات بشكل جيد وهي تعتبر نفسها أخطأت في التعامل مع التهديد والتحدي ولم تستعد لعملية بهذا الحجم، وأخفقت في نفس التصدي للعملية وطريقة التعامل معها على المستوى الميداني. وهنا، يوضح حجازي أنّ الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات يعتبرون أنهم يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية عن هذا الإخفاق وأظهروا أنهم لم يكونوا على القدر المطلوب من الأداء ومواجهة التحدّي وقراءة كلّ المؤشرات التي كانت توحي بشكل أو بآخر بهذه المسألة، إضافة إلى أنه سيطرت على عقلية الجيش والاستخبارات القناعة التي تقول إن حماس "مردوعة" ولا تريد تنفيذ عمليات، وليس لديها أي نية للذهاب باتّجاه عملية كبيرة من هذا النوع، وهذا خطأ كبير بالتقدير أوصل الإسرائيليين إلى النتائج التي حصلت في "7 أكتوبر" وما حصل بعدها. 

الاستقالات السياسية 

هل تمهّد الاستقالات العسكرية لاستقالات سياسية؟. يقول حجازي: "المطلب العام في الكيان هو أن تتحمّل القيادة العسكرية والأمنية والسياسية المسؤولية، لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يقول "السلطة أنا والجمهورية أنا وأنا الجمهورية" يعتبر نفسه فوق المحاسبة وفوق المسؤولية، وادعى منذ البداية أنّ من يتحمل مسؤولية الإخفاق هو المستوى الأمني والعسكري". وفي هذا السياق، يُشدّد حجازي على أنّ نتنياهو يخوض معركة شرسة على هذا العنوان وهو يطيل أمد الحرب كي لا يصل إلى المحاسبة وإلى لجان التحقيق. تمامًا كما يعمل على تحصين نفسه سياسيًا ولديه القاعدة البرلمانية لذلك، (64 عضو كنيست في الحكومة) ويعمل على استباق لجان التحقيق ويجعلها لجانًا ذات صلاحيات محدودة بالمستويات المهنية ولا تطال المستوى السياسي. بحسب حجازي فإنّ جزءًا من الحرب الشرسة يدور حول هذه النقطة، ونتنياهو مستعد للقتال حتّى آخر طلقة كي لا يُغادر السلطة، وهذه القضية تشحن الواقع العام و"الشعبي" والسياسي، يختم حجازي قراءته.

إقرأ المزيد في: خاص العهد