خاص العهد
تطوّر نوعي استراتيجي للمقاومة.. وتصعيد تخطى توقعات العدوّ
تتصاعد وتيرة المعركة مع جيش العدوّ الصهيوني على أكثر من جبهة، فبالتزامن مع عدوانه الهمجي على رفح كانت ملفتة حدّة العمليات التي أخذت منحى تصاعديًا، سواء في لبنان أو في العراق واليمن، أو على محاور غزّة كافة.
هذا التصعيد الواضح في الجبهة لم يقتصر على الكم، بل إنّ نوعية العمليات التي نفذتها المقاومة كانت مفاجئة للعدوّ، وعلى سبيل المثال في لبنان، أدخلت المقاومة الإسلامية صواريخ جديدة إلى الخدمة (جهاد مغنية)، كما استخدمت بشكل واضح الطائرات المسيّرة على عدّة أهداف في الأراضي المحتلة، وكان أكثرها قلقًا للعدوّ استخدام طائرة هجومية مسلّحة بالصواريخ طالت هدفًا في مستوطنة "المطلّة"، وبالطبع كل العمليات موثّقة بعدسة الإعلام الحربي لكي لا يكون أمام العدوّ مجال للهروب من الواقع المرير الذي بات يعيشه.
عن مسار التطوّرات الميدانيّة التي تبرزها المقاومة الإسلامية في الميدان إسنادًا لغزّة، يقول الباحث المتخصص بالشؤون الإستراتيجية الدكتور علي حمية: "إن المقاومة الإسلامية في لبنان استطاعت أن تجعل العدو في أضعف وأوهن مستوى منذ تأسيس الكيان"، ويضيف "هناك ترابط بين الميدان والحرب والتكتيك والإستراتيجيا بما تقوم به المقاومة الإسلامية في لبنان بإدارتها للمعركة وبشكل مضبوط للغاية"، ويتابع "مع بداية الحرب منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر، كان هناك من يقول ماذا يفعل حزب الله بتدمير الأعمدة ومواقع الرصد والتجسس للعدوّ في المناطق الحدودية..؟ إلا أنّها كلها كانت كأنها حرب تمهيدية لمراحل تتبعها إذا ما استدعى الأمر".
ويردف حمية "ومن ثمّ رأينا التركيز على "ميرون" و"جبل حرمون" ومواقع أخرى، أضف إلى ذلك قدرة المقاومة على إسقاط مسيّرات العدو كما حصل مع طائرات "هرمز 450" و"هرمز 900"، حتى وصلنا إلى "غزوة عرب العرامشة" بوصول المسيّرات إلى هناك دون أن يتمكّن العدوّ من رصدها بأي شكل من الأشكال رغم كلّ تقنياته المتطورة، انتقالًا إلى توجه عدّة مسيّرات عبر البحر ومن فوق الأسطول السادس الأميركي والبحرية البريطانية وبحرية كيان العدوّ لتدخل إلى عكّا وتضرب "لواء غولاني"، وهذا يسَجَّل إنجازاً للمقاومة".
وتساءل حمية "كيف عَلِمَ حزب الله بأنّ لواء غولاني انتقل إلى هناك؟"، وأضاف "هذا ما جعل العدوّ "الإسرائيلي" يشعر بالخوف والرعب الشديدين أمام حرب المعلومات التي تخوضها المقاومة بكل حكمة وذكاء".
هذا بالإضافة إلى تمكّن المقاومة الإسلامية من ضرب المناطيد عن مسافات قريبة وبعيدة كمنطاد "SKYDEW" في قاعدة "إيلانيا" أو غيره، وهي (أي المناطيد)، كالحرب الصامتة التي لا يمكن رصدها بعد أن تثبّت على ارتفاع ما بين 35000 و40000 كلم، وبعض المناطيد لديه فعل الرادار والقمر الصناعي والمسيّرة معًا والتقاط الصور والفيديوهات من خلال كاميرات تلفزيونية ولاسلكية تعمل بالأشعة الحمراء والحرارية...؛ هذه البالونات المكلفة جدًا ومن صناعة أميركية يتمّ تدميرها من قبل المقاومة الإسلامية.
ووفق حمية فإنّ هذه الحرب هي على أربع مراحل:
بالنسبة للمرحلتين الأوليَّيْن، عمدت المقاومة إلى تدمير أنظمة الرصد والمراقبة والاستخبارات لدى العدو.
أما المرحة الثالثة فهي مرحلة الصواريخ والمسيّرات، ونحن بدأنا بها، وبالنسبة للمرحلة الرابعة فهي معركة الالتحام مع العدوّ، وهنا سيكون النصر الكبير لنا لأنّ نقاط قوتنا هي في معركة الصواريخ والالتحام، ووفق العقيدة العسكرية والكفاءة الفردية والروح القتالية فنحن نتميّز عنهم بالكثير من الكفاءات، يؤكد حمية.
أمّا إذا أردنا أن نتكلم عن توازن القوى، يقول حمية إننا نقوم "بحرب تماثلية بأسلحة غير تماثلية" وننتصر، أما العدوّ الصهيوني فيقوم فقط بتدمير البنى التحتية ولا يستطيع القيام بأكثر من ذلك.
العدوّ "الإسرائيلي" مقيّد ويخشى المقاومة الإسلامية، يؤكد حميّة، لأنه "يعلم أنّنا نعلم عنه أكثر مما يعلم عنّا"، ويضيف الخبير الإستراتيجي أنّ "الأسلحة الذكية تعتمد على المستخدم الذكي والمقاومة في لبنان صنعت من الأسلحة القديمة أسلحة ذكية بحيث نرى أنّها تستخدم الأسلحة التكتيكية لكن بضربات إستراتيجية، وما كان التصعيد إلى طبريا إلّا لتقول للعدوّ الصهيوني إننا حتّى على عمق 35 كلم ما زلنا نستخدم الأسلحة التقليدية لأنه إذا توسعت الحرب فلا بدّ من استخدام الأسلحة الإستراتيجية بضرب أماكن إستراتيجية في الكيان الصهيوني، وما استخدام المقاومة للمسيّرة المسلّحة وصواريخ "S5" من دون أن يتم اكتشافها وإصابة أهدافها بشكل دقيق، إلّا رسالة إلى "الإسرائيلي" أننا أمام مرحلة جديدة من القدرة والتحكم والسيطرة على الجبهة الجنوبية".
وبحسب حمية، فإنّ "الإسرائيلي" اليوم يعيش حالة من الضياع، فهو يتحدث إعلاميًا عن "اليوم التالي" لكنّه في الواقع لم يستوعب بعد ما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وما يحصل اليوم لن يحقق له أيّ إنجاز فماذا عن اليوم التالي! يختم حميّة.