خاص العهد
تصاعد المظاهرات المناوئة للجولاني في إدلب.. وتوعّد لهم بالقمع الدموي
بالرغم من محاولته في البداية تجاهل الاحتجاجات المناهضة له وعدم الصدام معها أملًا في انتهائها من تلقاء ذاتها، لكن استمرار تلك الاحتجاجات والمظاهرات؛ بل واتساع رقعتها دفعت زعيم ما يسمى "هيئة تحرير الشام" - جبهة "النصرة" أبو محمّد الجولاني إلى التكشير عن أنيابه والإفصاح عن نواياه الحقيقية تجاه المنتفضين عبر التهديد والوعيد، والتحرك المباشر على الأرض بفضّ الاعتصام بالقوة أمام ما يسمى المحكمة العسكرية في إدلب. المحتجون كانوا قد اعتصموا للمطالبة بالإفراج عن ذويهم المعتقلين في سجون الهيئة. وبالرغم من تهديدات الجولاني للمحتجين وتحرك مسلّحيه إلا أن الاحتجاجات استمرت في العديد من المناطق، ما يدل على قوة هذه الاحتجاجات والوضع الحرج الذي يعانيه الجولاني وعصابته في مناطق سيطرتهم.
لجوء الجولاني للعنف يدق المسمار الأخير في نعش تنظيمه الإجرامي
حول تطوّر الأحداث في الشمال السوري واتّجاه الجولاني للحسم العسكري، أكد الخبير في شؤون الجماعات المتطرّفة عبد الواحد السيد أن: "الأمور في الشمال السوري تسير نحو التصعيد والصدام مع الأهالي والمحتجين"، مضيفًا أن: "تصميم الجولاني على استخدام العنف يبدو قويًا إلى أبعد حد، وهو ما كرّسه أيضًا كلام المسمى وزير داخلية حكومة الإنقاذ التابعة له محمد عبد الرحمن، والذي توعد بالضرب بيد من حديد على كلّ يد تريد العبث في أمن وأمان مناطق شمال غربي سورية وجرها إلى الفتنة".
وأضاف الخبير في شؤون الجماعات المتطرّفة، في حديثه لموقع "العهد" الإخباري، أن مشهد الوزير لا يقل دلالة على الكلام الذي صرح به، حيث بدا في شريط مصور وهو محاط بعسكريين وعناصر مدججين بالأسلحة، وقال: "لن نسمح مهما كلفنا الأمر بشق الصف وهدم ما بُني وإثارة الفتن وحرف البوصلة عن مسارها الصحيح"، متهمًا فئة من المتظاهرين "بتجاوز الحد"، بما في ذلك عبر "عرقلة السير والشغب والسب والشتم وإزعاج الأهالي"، ظنًا منهم أن "سكوتنا ضعف". ورأى السيد أن جنوح الجولاني وعصابته للعنف يدل على نفاذ صبره وحجم القلق والتوتّر الذي يشعر به تجاه مستقبله. كما يعكس أيضًا إقراره الضمني بقوة الحراك الشعبي الموجه ضدّه. واستبعد الخبير في شؤون الجماعات المتطرّفة أن ينجح الجولاني في إسكات هذا الحراك مهما بلغت شدة العنف الذي قد يلجأ له.
المظاهرات في تصاعد بالرغم من وعيد الجولاني
وحول مصير التحركات الشعبية ضدّ الجولاني، استبعد المحلل السياسي حعفر خضور في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن ينجح الجولاني في مساعيه لوأد تلك الاحتجاجات، مؤكدًا أن "الرد الأولي على تهديدات كلّ من الجولاني ووزير داخليته وفض الاعتصام بالقوّة كان في تصاعد المظاهرات لتشمل مناطق عدة في كلس وبنش وجبل الزاوية وحزانو ومعرتمصرين وتفتناز وارمناز وكفر تخاريم وغيرها، فضلًا عن مدينة إدلب نفسها ومناطق أخرى. وهذا يدل بوضوح على حجم الاحتقان الشعبي والرغبة في التخلص من الجولاني وزمرته مهما كلف الثمن".
ورأى المحلل السياسي أنه "بالرغم من أن الحراك يعكس غضب الناس وتململهم من ممارسات الهيئة بحق الأهالي، إلا أن هناك انطباعًا قويًا بأن المحتجين ليسوا وحدهم، وأن هناك قوى أخرى منشقة عن الهيئة التي يتزعمها الجولاني تدعم حراكهم، ومنها ما يسمّى بالمجلس الإسلامي السوري الذي عبر عن إدانته لاعتداء عناصر الجولاني على المعتصمين في مدينة إدلب، يضاف إليهم أنصار حليفه السابق أبو ماريا القحطاني الذي قام الجولاني بتصفيته قبل مدة وجيزه. هذا فضلًا عن القوى الإرهابية الأخرى المنضوية تحت ما يسمّى الجيش الوطني، والتي تستشعر الخطر من الجولاني وتسعى لتقويض كيانه الإرهابي". وأمام كلّ هؤلاء الأعداء واستمرار الهيئة بالإيغال في ظلم السوريين الخاضعين لحكمها، يرى خضور أن هذا المشهد يشكّل المقدمات الطبيعية لأفول هذا التنظيم وصولًا إلى تفكيكه والقضاء عليه.