خاص العهد
انتخابات فرنسا.. تبدُّل الموقف نحو فلسطين؟
أحدثت نتائج الانتخابات الفرنسية مفاجآت كثيرة. فوز الجبهة الشعبية الجديدة بالمركز الأول بـ182 مقعدًا في الجمعية الوطنية (البرلمان) أحدث صدمة إيجابية عند البعض ومخاوف عند آخرين حول مستقبل الأوضاع السياسية في فرنسا. وقد جاءت هذه النتائج أقل بكثير من طموحات "التجمع الوطني اليميني" الذي حصل على 143 مقعدًا فقط، مما جعله القوّة الثالثة في البرلمان، بينما الائتلاف الرئاسي احتفظ بـ168 مقعدًا، قاطعًا الطريق أمام وصول أقصى اليمين إلى السلطة.
الباحث السياسي الدكتور فيصل جلّول يرجّح احتمالية أن يبحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تحالفات جديدة لتأمين دعم حكومته، فالتحالف مع اليسار الفائز سيكون تحديًا كبيرًا، خصوصًا مع تصريحات زعيم حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون بعدم رغبته في الدخول بمفاوضات مع الحزب الرئاسي، وفي المقابل قد يحاول ماكرون تقسيم التحالف اليساري وتفكيكه من خلال إغراء بعض الأطراف بمناصب حكومية.
وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يؤكّد جلّول أن: "النتائج تعكس تغييرات جذرية في المشهد السياسي الفرنسي بعد أن استطاع توحيد صفوفه والتحرك بفعالية، ومن ناحية أخرى، فإنّ "التجمع الوطني" لا يزال يحتفظ بقاعدة انتخابية صلبة، خصوصًا في الدولة العميقة، فهذا التغيير يفرض على الأحزاب التقليدية إعادة تقييم استراتيجياتها ومحاولة بناء تحالفات جديدة لضمان الاستقرار السياسي".
ويلفت جلّول إلى أنّ: "هناك عدة عوامل ساهمت في صعود تحالف اليسار إلى قمة الانتخابات التشريعية أولًا، منها قدرة اليسار على الاتحاد بسرعة وفعالية، مما أعطاه دفعة قوية، ناهيك عن التعبئة الكبيرة في أوساط الجيل الشاب والمجتمع الفرنسي، فضلًا عن أنّ الحملات السياسية الناجحة لليسار جذبت شرائح جديدة من الناخبين".
ويرى جلّول أنّ: "هناك عدة سيناريوهات محتملة، منها تحالف ماكرون مع الاشتراكيين وحزب "الخُضر"، مما قد يُساعد في تشكيل حكومة مستقرة، وتشكيل حكومة دون لون سياسي لتجنب الخلافات الحادة والحفاظ على الاستقرار في البلاد، أو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال تتبعها جولة مفاوضات وحوار لتشكيل حكومة جديدة".
وحول اعتراف "اليسار" الفرنسي بالقضية الفلسطينية، يقول جلّول إنّ: "ميلانشون تعهد بالاعتراف بدولة فلسطين، وذلك بعدما أظهرت النتائج الأولية تقدم "اليسار" في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم الأحد الماضي إذ إن الاعتراف بدولة فلسطين هو من ضمن البرنامج الانتخابي لـ"اليسار" الفرنسي".
أما قضية الأسير اللبناني في السجون الفرنسية المناضل جورج إبراهيم عبد الله فهي موضع خلاف فرنسي كبير بحسب جلّول ولا يمكن توقع أي شيء بشأنها في ظل ما تشهده فرنسا من مد وجذر سياسي في هذه المرحلة المصيرية. ويُشدّد المتحدّث في الختام على أن جميع السيناريوهات مفتوحة على مختلف الصعد في ظل التحديات الدستورية والسياسية التي تعيشها فرنسا.