خاص العهد
في ذكرى الانتصار.. كيان العدوّ في أسوأ أيامه
"انظروا إليها تحترق" عنوان لمرحلة خُلّدت في ذاكرة التاريخ. نصر تموز 2006، يروي حكايا من عزّ وفخر صيغت من خيوط الشمس، أبطالها فرسان المقاومة الإسلامية الذين أذهلوا القاصي والداني والعدوّ والصديق بقدرات متواضعة فاقت التوقعات، وألحقت بالعدوّ هزيمة مدوّية فكان نصر المقاومة "إلهيًا". نصر جاء بعد مؤامرات حيكت للمقاومة من الداخل والخارج، استطاعت حينها إجهاض المشروع الأميركي في المنطقة، مشروع عبّرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية وقتها كونداليزا رايس بـ"مشروع الشرق الأوسط الجديد"، من "قلب" السراي الحكومي وسط بيروت باجتماع حكومي برئاسة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ومن تآمر معه على المقاومة".
اليوم، وفي ذكرى الانتصار، ينشغل مجاهدو المقاومة بصنع انتصار جديد. هذه المرة الأمر مغاير فطبيعة الحرب مختلفة والقدرات أقوى. ووسط تطوّر نوعي وكمي واستراتيجي وبشري، تخوض المقاومة معركتها عند الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة إسنادًا لغزّة.
عشرة أشهر مرّت وما زالت المقاومة تُلقن العدوّ درسًا تلو الآخر في القوّة والصمود، رغم دعم الدول لها وعلى كافة الأصعدة. في هذا السياق، يقول العميد المتقاعد منير شحادة في حديث لموقع العهد الإخباري: "في حرب تموز 2006 كان للمقاومة قدرات متواضعة لا تُقارن بقدراتها اليوم ورغم ذلك انتصرت. وإذا ما قارنا قدراتها اليوم بالماضي ندرك جيّدًا أنّ انتصار آب عام 2006 كان فعلًا انتصارًا إلهيًا كما أسماه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، فترسانة الأسلحة "الإسرائيلية" وقتها من طائرات F15 وF16 ودبابات الميركافا وغيرها كانت تفوق بقوتها إمكانات المقاومة التي كانت تملك حينها بعض صواريخ الكاتيوشا إضافة إلى بعض المفاجآت".
"انظروا إليها تحترق" العبارة الشهيرة لسماحة السيد نصر الله حين استهدفت المقاومة البارجة الحربية "ساعر" في عمق البحر، كانت المفاجأة الأولى للعدو وفق شحادة، هذا إضافة إلى المفاجأة الثانية عندما أسقطت المقاومة الطائرة المروحية مثبتة بذلك أنّها تمتلك صواريخ مضادّة للطائرات، أما المفاجأة الثالثة فكانت حين بدأت "إسرائيل" بالغزو البرّي حيث كانت مقبرة الدبابات في وادي الحجير باستخدام الكورنيت الأمر الذي أجبر كيان العدوّ على الاستجداء لإيقاف الحرب التي استمرّت 33 يومًا، وانتهت بانتصار المقاومة وذلك باعتراف لجنة "فينوغراد" "الإسرائيلية".
"النصر الإلهي" تسمية واقعية جدًا وفق شحادة، "فالمقاومة بإمكاناتها المتواضعة استطاعت أن تحطّم "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر". اليوم، ازدادت المقاومة قوة ومنعة من حيث العدّة والعدد، وهذا ما عبّر عنه السيد بحديثه عن أكثر من مئة ألف مُقاتل، وترسانة المقاومة أيضًا تطوّرت حيث أصبحت حديثة وبعيدة المدى (باليستية ودقيقة ونقطوية...)، إضافة إلى ما صرّح به السيد نصر الله حين لفت إلى أنّ المقاومة حصلت على أجهزة توجيه تجعل من الصواريخ غير الدقيقة، صواريخ دقيقة، وهذا يعني أنّ صواريخ حزب الله أصبحت بمعظمها دقيقة. في حرب المقاومة التي تخوضها اليوم، المفاجآت تتوالى منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر عندما أسقطت المقاومة طائرة هرمز 450 بصواريخ مضادة للطائرات تُحمل على الكتف، بعدها أسقطت طائرة هرمز 900 التي تحلّق على ارتفاع أكثر من 10000 قدم أي نحو 9000 متر بسلاح مختلف عما عداه، والبعض قدّر أنّها أسقطت بصاروخ صقر 358، حتّى صرّح كيان العدوّ أيضًا في إحدى المرات أنّ طائرة تابعة له من طراز F35 تعرّضت للخطر وهذ يدل على امتلاك المقاومة أسلحة دفاع جوي حديثة مضادة للطائرات وهو ما عبّرت عنه المقاومة في بياناتها باستخدام عبارة "منظومة الدفاع الجوي"".
المقاومة فاجأت العدوّ أيضًا باستخدام صواريخ الماس المضادّة للدروع المزودة بكاميرا بحيث لم يعد بإمكان العدوّ الصهيوني تنكر استهداف المقاومة لمواقعه وتجمعات جنوده، يضيف شحادة.
المفاجأة الثالثة، وفق شحادة هي عندما قامت المقاومة باستعمال صواريخ "فلق" وعدّة صواريخ أُخرى. أما المفاجأة الرابعة فكانت باستخدام المسيّرات التجسّسية والانقضاضية، والتجسسية على عدّة أنواع كهدهد 1 و2... وهذا كشف قدرة المقاومة على استباحة سماء الكيان "الإسرائيلي" واستطلاع الأهداف الإستراتيجية بأريحية تامة. أمّا الانقضاضية فكانت مفاجأة أيضًا للعدوّ بأنواعها، وآخرها كانت الطائرة الانقضاضية التي تحمل صاروخين سام 5 ومزوّدة بكاميرا، وهذه الطائرة تستطيع أن تستهدف 3 أهداف في مهمّة واحدة، وآخرها أيضًا الطائرة الصامتة التي تعمل على الطاقة الكهربائية والتي تحمل 10 كيلو من المتفجرات ما جعل كيان العدوّ أمام حرب الطائرات المسيّرة وعاجزة عن مواجهتها. كلّ هذا والمقاومة لم تظهر إلا 20% من قدراتها وما خفي أعظم.
حرب الاستنزاف والإشغال لهذا العدوّ أثّرت عليه كثيرًا، حيث يتلقى الضربة تلو الأخرى منذ 10 أشهر وما زال يتهدّد ويتوعّد ولم يستطع أن يحقّق شيئًا فضلًا عن زيارات الدبلوماسيين الغربيين الذين يأتون إلى لبنان سعيًا لتوقف جبهة الإسناد وما زال الموقف المقاوم والوطني واحدًا هو أن تتوقف الحرب على غزّة كي تتوقف الحرب عند الجبهة الشمالية، وهذا الأمر أصبح الأميركي مقتنعًا به لا سيّما بعد زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان اليوم.
إلى جانب البعد العسكري واللوجستي لجبهة الإسناد، يرى شحادة أنّ المقاومة حقّقت حربًا نفسية أثّرت على عقلية العدوّ حكومة وجيشًا ومستوطنين.
ووفق شحادة، كيان العدوّ يترقب خوفًا ردّ المقاومة بعد إقدامها على اغتيال القائدين الشهيدين السيد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وذلك بعدما اتُّهمت المقاومة زورًا وبهتانًا بحادثة "مجدل شمس"، وحاليًا هي بأقصى درجات الاستنفار ولكن بالرغم من هذا قصفت المقاومة لواء غولاني في عمق الكيان، كما أنّ مسيراتها الانقضاضية وصلت إلى عكا وحيفا، فضلًا عن أسراب من الطائرات وصل معظمها إلى أهدافها. وهذا يحمل في طياته رسالة من المقاومة إلى كيان العدوّ أنّه ورغم كلّ تدابيركم واستنفاركم لن ينفعكم والردّ على اغتيال الشهيد شكر قادم.
النصر سيكون حليف المقاومة ومحورها يؤكد شحادة، وتفكك هذا الكيان بدا واضحًا على كافة الأصعدة ما يؤكد أنّ هذا الكيان انهار ويتّجه إلى حتفه، وبانتظار ردّ المقاومة وإيران يبقى السؤال هل ستنزلق الأمور إلى حرب شاملة حيث للمقاومة مفاجآت مدمّرة لـ"إسرائيل"؟.
بدوره، يقول العميد المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر إنّه "على صعيد التكنولوجيا والذكاء الصناعي، فإنّ حزب الله طوّر خبراته وتقنياته العسكرية واللوجستية والسيبرانية وهو يملك من الكفاءات البشرية والذكاء ما يخوله أنّ يفرض قوة الردع وشل القبة الفولاذية، في مقابل تفوق تكنولوجي "إسرائيلي" نتيجة الدعم الغربي والأميركي له أيضًا عبر مدّه بالمعلومات عبر الأقمار الصناعية وغيرها من الأمور عبر الذكاء الصناعي ما يدعم الكيان ويسهل له تنفيذ عدوانه العسكري".
هيبة العدوّ سقطت في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب العميد جابر، إذ فقد الكثير من قدراته العسكرية حيث اعترف الكيان اليوم بـ 10 آلاف إصابة فضلًا عن الإصابات النفسية التي تُقدّر بـ 15 ألفًا، وعدم الانضباط في الجيش وانهيار المعنويات، الأمر الذي جعله بحاجة إلى إعادة تأهيل وتنظيم.
المقاومة الإسلاميةالانتصار الإلهيحرب تموز 2006الكيان الصهيونيغزةمحور المقاومةالجنوب