موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

خاص العهد

الشيخ الخطيب لـ"العهد": الأمة الموحّدة ستصنع التاريخ والمستقبل 
17/08/2024

الشيخ الخطيب لـ"العهد": الأمة الموحّدة ستصنع التاريخ والمستقبل 

تصوير: موسى الحسيني

تمر الأمة الإسلامية في مرحلة تاريخية، لا سيما في هذه الأوقات التي يتعرض فيها الفلسطينيون لعدوان همجي وحشي، لكن هذا العدوان وحّد الأمة على نصرة قضيتها الأولى، قضية فلسطين، هذه القضية الإنسانية التي يحتضنها كل الأحرار في العالم، والتي يلاحَظ توحّد الشعوب الإسلامية على الدعوة إلى نصرتها لا سيما وقد بذلت المقاومة الفلسطينية الدم والعرق والجهد في معركة طوفان الأقصى في مواجهة العدو "الإسرائيلي"، تساندها جبهة المقاومة في لبنان وإيران والعراق واليمن.

وإذا كانت الوحدة الإسلامية كمفهوم ومشروع عمل، واجبة التحقق، فالأولى أن تتحقق في هذه الأيام، لتشكّل البناء التحتي والأصل الذي تتأسّس عليه سياسات نهوض الأمة، وإذا تحقّقت الوحدة، فسيكون لها أثر إيجابي في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها أمتنا في الوقت المعاصر.

الحريص على الوحدة الإسلامية والسبّاق بالدعوة إليها، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب يؤكد في حديث خاص لموقع "العهد" أنّ وحدة الأمة هي مبدأ ديني ومصلحي، إذ إن مصلحتها تقتضي أن تتضامن في ما بينها، وخصوصًا في هذه المرحلة التاريخية الصعبة، وسط الحرب التي يُراد منها كسر إرادتها، لذلك من الضروري أن يكون هناك موقف واحد للأمة، لمواجهة الأخطار التي تتعرض لها، لأن المعركة التي تخوضها المقاومة عنوانها فلسطين، ولكنها في الواقع ليست معركة فلسطينية فقط، إنما معركة الأمة ككل.

يرى سماحته أن "المعركة التي تخوضها المقاومة في فلسطين بالتآزر مع جبهات الإسناد لقوى المقاومة سواء في لبنان أو غيرها، ليست حربًا فلسطينية "إسرائيلية"، كما يريد الغرب ويزعم، إنما هي حرب الأمة ضد أعداء الإنسانية وضد المبادئ، وهي حرب وجودية للأمة لا مجال فيها لمن يدّعون السلام".

الشيخ الخطيب لـ"العهد": الأمة الموحّدة ستصنع التاريخ والمستقبل 

وإذ يلفت الشيخ الخطيب إلى أنّ الأمة اليوم في امتحان كبير، والموقف العملي مما يحصل في غزة هو ما يحدّد نجاحها أو سقوطها، يشدد بالمقابل على أن هذه الأمة لن تموت، وستسجّل انتصارها، وسيكون للحرب نتائجها المهمة والمباشرة والكبيرة، بما ستنجزه من إحياء للأمة كلها وبعثها من جديد، لإعادة صياغة العلاقات الإسلامية الإسلامية، والإسلامية العربية، وستأخذ هذه الأمة دورها في صناعة المستقبل في العالم، وليس في المنطقة فحسب، وستكون إحدى الجهات المؤسّسة والمشاركة في إيجاد نظام عالمي جديد.

العلاقة مع المسيحيين 

الشيخ الخطيب يشدد على "أننا حين نتكلم عن الأمة لا نتكلم عن طوائف، فالمنطقة كانت محل نزول بعثة الأنبياء والرسل والوحي، لذلك كان فيها هذا التنوع بدءًا من اليهودية، مرورًا بالمسيحية، وصولًا إلى الإسلام، والمسيحيون كانوا طوال فترة العصور الإسلامية موجودين كوزراء ومستشارين، ويتدخلون في رسم سياسات الدولة، وكان لهم الأثر والوجود في مراكز الحضارة الإسلامية، في بغداد، والقاهرة، والقدس".

ويضيف سماحته: "المسيحيون ليسوا خارج الأمة، بل هم جزء منها"، لافتًا إلى "أن العلاقات المسيحية الإسلامية ممتازة، والمسيحيون يشاركون في صناعة الحياة العامة، وعلى مستوى القرار السياسي كانوا جزءًا أساسيًا".

الشيخ الخطيب لـ"العهد": الأمة الموحّدة ستصنع التاريخ والمستقبل 

تجزئة المنطقة 

"بالتالي، ليست هناك حرب إسلامية مسيحية"، بحسب الشيخ الخطيب، ولا وجود لمقولة "إن هناك أقلية مسيحية"، ولا خوف على المسيحيين، فالمسيحيون في لبنان "هم من عرقنا وجنسنا ومن بيئتنا ومن شعوبنا، وقد وضع الغرب في أذهانهم أن هناك أكثرية مسلمة وأقلية مسيحية، وحاولوا من هذا الباب تخويف الأقلية من الأكثرية، وبالتالي سعى المسيحيون في لبنان إلى أن يكون لهم بصمة خاصة في هذا الشرق".

وفقًا لسماحته، أراد الغرب برفع شعار "حماية الأقليات" تجزئة المنطقة إلى مذاهب وطوائف، من باب "فَرِّق تَسُدْ"، فتتنازع الطوائف في ما بينها، ويستخدم الغرب الشعوب في الحصول على مآربه، وتحقيق طموحاته باستعمار المنطقة، نظرًا لأهميتها، ولأنها تسيطر على الممرات التجارية العالمية، من مضيق باب المندب، مرورًا بمضيق جبل طارق، وصولًا لقناة السويس، وللخليج، ولما تحتويه من ثروات يعتمد عليها العالم في الصناعة والتجارة، ولما تختزنه من طاقات، ونظرًا للموقع الإستراتيجي الذي تحتله على خريطة العالم، مما يجعل أي تحوّل فيها مُهدِّدًا لمصالح الغرب الحيوي، وبالتالي توحُّد الأمة سيشكل خطرًا كبيرًا على المصالح الغربية، وكل ما قام به الغربيون كان لمنع ذلك، حيث كان من الطبيعي أن يبحث العدو عن نقاط الضعف ليتسرب منها.

ويتابع: "قيادة بلادنا إلى المذهبية والطائفية ليست أمرًا عفويًا، فما يجري اليوم مخطط له، فالخوف الناشئ اليوم من الطائفية مفتعل، ويُراد به تخويف المذاهب من بعضها بعضًا، وصولًا إلى تجزئة المنطقة، فالمشروع ما زال موجودًا، لترسيخ وتبرير الوجود الصهيوني في فلسطين، فعند انقسام الأمة سيكون العدو الأقوى بين الضعفاء"، مردفًا: "الغرب أراد من خلال تجزئة المنطقة إلى دويلات متنافرة متقاتلة، تعميق الجراح بين أبناء الأمة الواحدة، ليكون الصهيوني بالتالي هو الحكم"، مؤكدًا أن "المعركة الأساسية هي مع الغرب، وليست مع حفنة من اليهود جاؤوا بهم من شتات العالم إلى فلسطين ليصنعوا منها قاعدة".

بالمقابل، يُشدّد سماحته على أن هذا المشروع لم ينجح، والذي يجري في غزة وفلسطين أكبر دليل على ذلك، مما يؤكد وحدة الأمة.

الشيخ الخطيب لـ"العهد": الأمة الموحّدة ستصنع التاريخ والمستقبل 

المقاومة 

وفي هذا السياق، يُشيد الشيخ الخطيب بدور المقاومة التي وقفت في وجه المشروع الغربي الصهيوني بتقسيم المنطقة، لافتًا إلى أن "المقاومة اليوم تتحدى العالم، فهي لا تتحدى عددًا من اليهود الذين يسكنون فلسطين، بل تتحدى النظام العالمي الذي يقف على رأسه الغرب، وهو يعرف أن المقاومة ستقضي على مصالحه، لذلك سيكون لهذه الأمة دور في التحولات الدولية".

ويقول سماحته إن "الوضع أخذ منحى جديدًا، فاقتدار المقاومة أصبح أقوى، وما يجري في فلسطين يُعبّر عن هذا الواقع الجديد الذي تصنعه المقاومة، فالأمة اليوم في حالة من التقدم بعدما عاشت أعوامًا من التراجع، والمقاومة تفرض أمرًا جديدًا، ولديها الإرادة للتضحية، ولتحمل النتائج كافة". 

الغرب كله يمد العدو بكل أسباب الحياة والقوة، ويقدم له بشكل فاضح وعلني أسلحة الدمار، ولكنه هُزم أمام إرداة المقاومة، والأمة الإسلامية التي تقف اليوم وراء هذه المقاومة، فمعركتنا مع العدوّ ليست من اليوم، بل هي استمرارية لتاريخ طويل من الصراع، وفقًا لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فالغرب اليوم كله يحمي "إسرائيل" العاجزة عن القضاء على فصيل مقاوم في غزة، يملك أسلحة فردية ومعدات متواضعة، والخاسرة أمام شعب أعزل صمد أمامها 10 أشهر، على الرغم من المجازر الوحشية، في مشهد أسطوري مذهل.

بناء عليه، يؤكد سماحته ختامًا أن المقاومة مستمرة لأن أهدافها بعيدة ومتعلقة بأهداف الناس الحقيقية، لمواجهة الظلم، وهي حركة متجدّدة طالما الحياة موجودة.

الوحدة الإسلاميةالشيخ علي الخطيبطوفان الأقصى

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة