خاص العهد
بايدن يرزح تحت الضغوط الداخلية والخارجية.. استياءٌ علني من نتنياهو
في تصريح يعكس التجاذبات حول العدوان المفروض على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بين الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن استيائه من عدم بذل رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الجهد الكافي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، متهمًا إياه بأنه لا يفعل ما يكفي حيال ذلك.
الخبير بالشؤون الأميركية ميشال شحادة أكَّد أنَّ التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن تبرز بوضوح الضغط الذي تواجهه الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا نتيجة سياسات نتنياهو، ما اضطر بايدن إلى التصريح علنًا من أجل التوصل إلى صفقة عاجلة، خاصة في ظل الظروف المتأزمة التي تشهدها المنطقة.
وفي حديث لموقع العهد الإخباري، قال شحادة إن "التصريح الذي يشير إلى أن هناك "نصًا أخيرًا قادمًا" للتفاوض يعكس إلحاحًا واضحًا من قبل الإدارة الأميركية التي تبدو عازمة على دفع عملية التفاوض إلى الأمام قبل فوات الأوان".
الضغط الأميركي ليس فقط نتاج الوضع الحالي بحسب شحادة، بل هو أيضًا نتيجة للضغوط الداخلية التي تواجهها الإدارة الأميركية بشأن سياسة إدارة بايدن تجاه العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فضلًا عن الغضب الناجم عن مقتل ستة أسرى "إسرائيليين"، من بينهم أميركي، الأمر الذي وضع الإدارة الأميركية في موقف حرج جعلها تحاول أن توازن بين ضغوط الداخل ومطالب حلفائها.
وأضاف شحادة: "تأتي التصريحات الأميركية في وقت حسّاس، حيث يواجه الكيان الصهيوني خيارات صعبة في جبهة الشمال وفي غزة ويضع "إسرائيل" بين خيارين ، الأول هو التصعيد العسكري ضد حزب الله، وهو خيار يبدو معقدًا ومخاطره كبيرة، حيث سيكون من الصعب دفع الحزب إلى عمق لبنان بشكل يتيح إعادة المستوطنين إلى الشمال".
أما الخيار الثاني وفق الخبير بالشؤون الأميركية فيتمثل بالتوصل إلى صفقة في غزة، وهو ما يبدو أكثر واقعية ولكنه يتطلب تقديم تنازلات كبيرة من قبل حكومة نتنياهو.
وفي سياق حديثه، رأى شحادة أنَّه في حال لم يتم التوصل إلى صفقة، فإن الحرب القادمة ستكون بمثابة تحدٍ كبير للكيان الصهيوني، حيث ستواجه صعوبة في التعامل مع التداعيات المحتملة.
وشدد على أنَّ الوضع الداخلي في "إسرائيل" يضيف مزيدًا من التعقيد للمشهد، فقد دخلت "الهستدروت" (نقابة العمال "الإسرائيلية" في المعركة، داعيةً إلى إضراب شامل قد يشل الاقتصاد "الإسرائيلي" بشكل كبير، هذا التحرك يعكس الضغوط المتزايدة التي يواجهها نتنياهو، والتي تأتي في ظل غياب توافق داخلي حول السياسة الأمنية والحلول الممكنة.
و أشار إلى أنَّ نتنياهو يعتمد على إنجازات في الضفة الغربية كوسيلة للتفاوض بشأن غزة، إلا أن هذا التحرُّك ليس بدون مخاطره، خاصة مع تزايد التوترات والتحديات الإقليمية، قد يؤدي الفشل في تحقيق تقدم ملموس إلى دفع نتنياهو إلى اتخاذ قرارات أكثر تطرفًا، مما يزيد من تعقيد الموقف.
وبيّن أن الانتخابات الأميركية المقبلة تلعب دورًا رئيسيًا في هذا السياق، حيث تحاول إدارة بايدن توجيه الضغط نحو التوصل إلى صفقة قبل الانتخابات، حيث يمكن أن تؤثر سياسات الولايات المتحدة بشكل كبير في النتائج. وفي الوقت نفسه، يظهر أنَّ هناك ضغوطًا انتخابية تؤثر في قرارات بايدن، حيث يحاول تحقيق تقدم في السياسة الخارجية لتعزيز موقعه الانتخابي.
ولفت شحادة إلى أنَّ الانتخابات الأميركية ليست مجرد مسألة حسابية، بل تتعلق أيضًا بتوازن القوى في الولايات المتحدة، حيث تلعب الأصوات العربية والمسلمة دورًا حاسمًا في بعض الولايات المتأرجحة، هذه الديناميات تساهم في تشكيل السياسة الأميركية تجاه العدوان الصهيوني على قطاع غزة ومؤخرًا أحداث الضفة، مما يزيد من تعقيد الوضع.
دعنا: الديموقراطيون قلقون من فقدان دعم الأصوات العربية والمسلمة
بدوره، الخبير في الشؤون الأميركية سيف دعنا، قدم تحليلًا لسياسة إدارة بايدن تجاه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو أظهر فيه أن الانتقاد الذي وجهته الإدارة الأميركية لأداء نتنياهو التفاوضي ليس بالأمر الجديد، بل كان موجودًا منذ الأشهر الأولى لتولي بايدن منصبه، لكن، وفي ذات الوقت، تسهم الإدارة الأميركية بشكل كبير في تمكين نتنياهو من شن حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني من خلال دعمها العسكري والسياسي غير المحدود. وهذا التناقض بين النقد والتأييد يستدعي تفكيرًا أعمق في السياق الذي يحكم هذه السياسة.
ووفقًا لدعنا، فإن التعليق الذي أدلى به بايدن مؤخرًا، والذي انتقد فيه نتنياهو لعدم بذله ما يكفي للوصول إلى وقف إطلاق النار، يأتي في سياق انتخابي بحت، وأضاف: "يواجه الحزب الديمقراطي ومرشحته كامالا هاريس تراجعًا ملحوظًا في دعم الأصوات المسلمة في الولايات المتحدة، حيث تراجعت نسبة التأييد بأربعين نقطة مقارنة بالانتخابات السابقة".
وذكر أنَّ هذا التراجع يضع هاريس في موقف صعب، حيث أصبحت نسب تأييدها في هذه الأصوات تساوي تقريبًا نسب تأييد مرشحة حزب الخضر للرئاسة الأميركية، جيل ستاين، ويعكس هذا التساوي تراجعًا في دعم هاريس، مما يشير إلى أن إدارة بايدن قد تكون فقدت دعمًا حاسمًا بسبب سياساتها تجاه غزة.
واستطرد قائلا:"إن الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية إضافية بشأن الحفاظ على حياة الأسرى مزدوجي الجنسية، الذين يهدد استمرار الحرب حياتهم، والتي تسعى إدارة بايدن إلى الاستمرار في دعم الكيان الصهيوني لتحقيق أهدافه الإستراتيجية، لكنها تتجنب دفع الثمن السياسي والشعبي لهذه السياسة.
كما أشار إلى أنَّ الدعم العسكري والسياسي غير المحدود لـ"إسرائيل" قد أثر سلبًا في قوة أميركا الناعمة وصورتها، مما جعل الإدارة تحاول تقليل الأضرار المترتبة على هذا الدعم، فضلاً عن تعقيدات الانتخابات الأميركية التي عرقلت على إدارة بايدن ومرشحتها الديمقراطية تغيير نهجها المتبع.
وأوضح أنَّ هناك قلقًا من فقدان دعم الأصوات العربية والمسلمة التي قد تكون حاسمةً في بعض الولايات المتأرجحة على حد قول دعنا، تتجه إستراتيجيات الديمقراطيين عادة نحو اليمين في الانتخابات العامة لكسب تأييد الصوت الوسطي المؤيد للكيان الصهيوني. هذه الإستراتيجية تتناقض مع الحملات الانتخابية الحزبية التمهيدية، حيث يتنافس المرشحون على جذب الصوت "التقدمي"،كما أن دعم الكيان الصهيوني أصبح قضية تنافس بين المرشحين، مما يؤثر بشكل مباشر في التبرعات والمال الانتخابي.
وتابع دعنا: "ثمة قضيتان قد تدفعان الإدارة والمرشحة الديمقراطية لتغيير النهج أو ممارسة ضغط أكثر فعالية، أولاً، يمكن أن يؤدي تصاعد التوترات في الشارع العربي إلى تهديد المنظومة الإقليمية الأميركية، مما قد يؤثر على استقرار الأنظمة الحليفة في المنطقة، ثانياً، قد يساهم استمرار الاحتجاجات في الكيان الصهيوني ضد نتنياهو وحكومته في زيادة الضغط على الإدارة الأميركية".
وختم دعنا حديثه لموقعنا قائلًا:"في غياب هذين العاملين، من المرجح أن تستمر إدارة بايدن في سياسة النقد والتمكين دون تغيير جوهري في استراتيجيتها، تعكس هذه السياسة توازنًا معقدًا بين الرغبة في التظاهر بالدعم لقضايا حقوق الإنسان وضغوطات السياسة الداخلية والخارجية، وبالتالي، يبقى التفاعل بين النقد والتمكين أحد أبرز سمات السياسة الأميركية تجاه العدوان على قطاع غزة".
الولايات المتحدة الأميركيةالكيان الصهيونيبنيامين نتنياهوجو بايدنالبيت الابيض