"رسيل".. محط رحال العاشقين لشهداء القوّة البحرية 

اخلع نعليك إنك في بحر مقدّس، عمّدته دماء الشهداء الفدائيين، في بحر مُلئ بأسرار المقاومين التي تتكشف يومًا تلو الآخر لتوفيهم بعض حقهم. 

هم شهداء عبروا سرًا، فكان أجرهم في الكتمان وفي يوم تكريمهم، حيث بات معلم "رسيل" أول المعالم البحرية الشاهدة على تضحياتهم، والمخلّدة لذكراهم.

وفي مشهدية تحكي بطولات القوّة البحرية في المقاومة الإسلامية، دشّن حزب الله، السبت 14/9/2024 في ميناء الإمام الهادي (ع) في الأوزاعي، المعلم البحري "رسيل"، حيث وُضِع قارب يحمل اسم "رسيل" في الماء، في إشارة إلى الاسم الذي انتخبه القائد الجهادي الكبير الشهيد السيد فؤاد شكر (السيد محسن)، وحُفر على القارب تاريخ العملية والاستشهاد وتاريخ الإغراق في المكان المخصص لهواة الغطس، وذلك لمشاهدته في عمق الماء ليكون تخليدًا لروح الشهداء الذين قضوا دفاعًا عن لبنان. 

كتابٌ مليء بالتضحيات 

رواية شهداء البحر قدّمها من نادي الرواة الراوي علاء قبيسي، ويقول "كتاب البحر هو كتاب من تاريخ المقاومة لم يكتمل حتّى اليوم، ولكن من خلال جمع بعض أوراقه تكتشف أنه خلال أكثر من 40 سنة هناك الكثير من الأحداث، والتضحيات، والمشاركات لكل بيت". 

ويضيف "البحر مليء بالأسرار، وكلّ  نزلة لها حكاية واكتشاف، وكذلك حياة الشهداء". 

عن القوّة البحرية يقول قبيسي "كل من تسأله عن ابن القوّة البحرية يكون جوابه سريعًا بأنه الشجاع المقدام، لأن البحر يعرفه أهله بقساوته وضراوته". 

ويتابع "يشهد التاريخ الماضي والحالي على من غيّر المعادلات رغم غدر البحر ورغم تجهيز العدوّ وشراسته، وأن هذا العدوّ الذي سرح في هذا البحر كان هناك من له بالمرصاد حتّى ينسحب".

يتابع قبيسي روايته "خرج شبان نفذوا عدة عمليات منعت العدوّ من الاقتراب، وتمكّنت المقاومة من وضع حد للعدو في البحر حتّى وصل حال الاطمئنان اليوم أن تسأل صيادًا "هل بعد في "إسرائيلي" بيطلعلك من تحت الزورق وبيهدّدك من بيروت إلى صور"، ليجيب بأن العدوّ لا يتجرأ حتّى على التفكير بذلك. 

العملية البحرية الثانية

يكشف المعلَم عن العملية البحرية الثانية التي نفذتها المقاومة في 25 - 07 - 1994 في بحر الناقورة رأس البياضة، وأنها أول عملية هجومية للمقاومة خلف خطوط العدو. 

وفي التفاصيل، أن المقاومين رصدوا حينها أحد أهداف المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" لاستهدافه لاحقًا، بالإضافة إلى استحداثهم معبرًا بحريًّا لضرب العدوّ من حيث لا يحتسب. 

وبحسب ما عُرض، فإن من نتائج العملية كان اضطرار العدوّ إلى استقدام تعزيزات عسكرية وفنية واستخباراتية لتغطية البحر وتأمينه، وأن العملية كانت منطلقًا لتطوير القوّة البحرية لدى المقاومة ولامتلاك قدرات لاستهداف السفن في البحر المتوسط. 

وتخلل حفل تدشين المعلَم كلمة للنائب علي عمار، حيث شدد على تنامي قوة المقاومة اليوم في الصراع مع العدو، خصوصًا في الجنوب إسنادًا لفلسطين وغزّة. 

وأضاف "وحدة الألم بين فلسطين ولبنان واحدة، فهناك يسقط الأطفال والنساء والشيوخ وهنا أيضًا، لكن هذه الآلام سترتقي بنا إن شاء الله وبمقاومتنا إلى مصاف التحرير الكامل". 

وتابع "أنتم ترون ما تقدمه مقاومتكم في مثل هذه الأيام رغم الظروف الداخلية في ظل الخلل الذي أصاب مؤسسات الدولة الدستورية".

عن علاقة السيد محسن بمشروع "رسيل"

تروي خديجة شكر كريمة القائد الجهادي الشهيد السيد محسن لموقع العهد الإخباري عن علاقة الحاج بالبحر، فتقول "كان يرى في البحر خبايا خلقها الله لتكون عبرة للناس، وكان منذ الصغر يستمتع به ويجد فيه راحته، كما كان متنفسًا له كما كلّ سكان منطقة الأوزاعي".

وتضيف "طوّر السيد محسن هواية السباحة وصولًا إلى الغطس، وباتت قدراته لا تندرج تحت مسمى "الهواية"، ليوظف لاحقًا هذا التفكير في خدمة المقاومة، فقام بتأسيس وتطوير القوّة البحرية، حيث تجلّى هذا الأمر في استهداف البارجة ساعر في تموز 2006". 

وعن "رسيل"، تكشف أنه تم إرسال مقترح المعلَم إلى السيد محسن قبل استشهاده، وأنه كان متحمسًا للفكرة، وكانت لديه بعض التفاصيل التي ستنشر في وقت لاحق. 

وتضيف "أي فكرة تتعلق بالبحر كان السيد محسن يتحمس لها ويطرح أفكاره لتطويرها ويضيف لمسته ويزيدها رونقًا وأهمية". 

في ختام حديثها تتوعد العدوّ بأنه "لن يرى منّا إلاّ القوّة في البحر والجو والبر".

وأبحر "رسيل" من ميناء الهادي إلى حيث سيتم إغراقه غدًا الأحد في منطقة بحرية على عمق 400 متر قبالة راس بيروت.

 

 

 

المقاومة الإسلامية

إقرأ المزيد في: خاص العهد