خاص العهد
كلمة الرئيس السوري في قمة الرياض.. اختلاف في الشكل والمضمون وتأكيد على الثوابت
بدت كلمة الرئيس السوري بشار الأسد، في القمة العربية- الإسلامية، مُختلفة إلى حدّ بعيد عن سياق المواقف اللفظية التي دأب عليها جل القادة العرب والمسلمين الذين لم يتجاسروا على تحويل بيانات الإدانة للكيان الصهيوني إلى سلوك ضاغط عليه ولو بالحدود الدنيا. وقد بدّد الرئيس الأسد في كلمته، خلال القمة، كل الشائعات التي حاولت الإيحاء بتغيير في الموقف السوري ممّا يجري في فلسطين ولبنان، وأعطى في الوقت نفسه الوصفة المطلوبة للتعاطي مع الكيان من موقع وسمه بالإرهاب والقتل وعدم جدوى الوثوق بوعوده تحت أيّ عنوان كان.
الكلمة الأقرب إلى نبض الشارع العربي والمسلم
يرى المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة أن كلمة الرئيس الاسد كانت الأكثر قربًا من نبض الشارع العربي، بل وكانت الوحيدة التي تحدثت بلسان كل مواطن عربي يؤلمه ما تتعرض له فلسطين الجريحة ولبنان المقاوم، ويؤلمه أكثر العجز المزمن والتقليدي للمنظومة الرسمية العربية والاسلامية إزاء الجرائم "الاسرائيلية"، واتّساع نطاق المواقف اللفظية والخطابية والمنبرية مقابل انعدام المواقف الفاعلة، فيما كسرت هذه الكلمة النمطية المعتادة، وتحدثت ببيانٍ واضح وصريح عما يجب القيام به.
في حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري، أشار دنورة إلى أن كلمة الرئيس بشار الأسد عبّرت بكل جرأة وواقعية معًا عن مدى بشاعة الاجرام "الإسرائيلي"، وبعد الصهاينة الشاسع عن كل خطاب أو مبادرات سلمية، ومدى الاحترام والتبجيل اللذين يجب أن تحظى بهما المقاومة وقادتها ومقاتلوها وشهداؤها، في جرأتها وتضحيتها ورقيها، مقابل توحّش العصابات الصهيونية وإجرامها.
كما لفت دنورة إلى أن الرئيس الأسد كان الوحيد الذي وضع الكيان ومستوطنيه في موقعهم الحقيقي من حيث افتقار الكيان لصفة الدولة، وأن المستوطنين هم أقرب الى القطعان الهمجية، وهي لغة بلغت الأوجّ في إعلانها عن الحقيقة، وفي مفارقتها في ذلك لسائر الكلمات تقريبا، مشيرًا إلى أن الرئيس بشار الأسد طالب في إطار من الواقعية المقاوِمة، بإيجاد آليات الفعل والتنفيذ للمواقف والمقررات، مذّكرًا بحجم الجرائم والعدد الهائل من الشهداء الذين سقطوا منذ القمة السابقة قبل عام وحتى اليوم، وأن غياب الخطة التنفيذية سيجعل من القادة العرب والمسلمين "شركاء في الإبادة الحاصلة اليوم".
ختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن كلمة الرئيس بشار الأسد وضعت النقاط على الحروف من حيث توصيف الواقع والتحدث بلسان الحق من دون تنميق أو تحريف، ووضعت كذلك رؤية أخلاقية لضرورة الانتقال من الكلام إلى الفعل، في مواجهة عدو لا يفهم إلّا لغة القوة. وكانت بذلك الكلمة الوحيدة التي أنصفت المقاومة بتضحياتها وأيقونيتها وتفانيها ودورها المقدس في لجم العدو وإيقاف همجيته وإجرامه، ونطقت كذلك بلسان الحق والحقيقة، وكانت الأقرب الى نبض الشعوب في العالم، والأقرب الى الوجدان الشعبي العربي والإسلامي.
سورية على عهدها
من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد خالد قداح في حديثه لـ"العهد" أن كلمة الرئيس الأسد بدّدت كل ما اشتغلت عليه آلات إعلامية كبيرة ومراكز أبحاث ضخمة حاولت الإيحاء بوجود تغيير في الموقف السوري تجاه القضية في فلسطين ولبنان، وأن دمشق بوارد فصم عرى التلاحم مع المقاومة في البلدين ومع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتأتي كلمة الرئيس السوري مقرونة بالزخم المقاوم الذي عهده الجميع في شخصيته.
كما لفت قداح، في حديثه لموقعنا، إلى أن دمشق لا تتخلّى عن المقاومة، لأن الرئيس بشار الأسد أعرب غير مرة عن قناعته بأن ثمن الإستسلام أكبر بكثير من ثمن المقاومة وهو ليس بوارد دفع هذا الثمن مهما كانت التضحيات، فضلًا عن يقينه بأن المقاومة فكرة لا يمكن أن تموت وستنتصر في نهاية المطاف.