إنا على العهد

خاص العهد

 من الخاتم إلى الوردة الأغلى في العالم: يا هَنَا من حظي بها 
24/02/2025

 من الخاتم إلى الوردة الأغلى في العالم: يا هَنَا من حظي بها 

يعرف المقربون من السيد مدى حبّه لشعبه، ثمة علاقة قوية بينهما، وهو الذي كان يطمئن عليهم، يسأل عن أحوالهم وشجونهم في عزّ انشغالاته. لطالما كان يوصي نواب حزب الله ووزراءه: إلا الناس، اهتموا بهم، استقبلوهم، أعطوهم من وقتكم، ولا تبخلوا عليهم بشيء. وعليه، كانت اللفتة المميّزة: توزيع الورود المزيّنة لنعش سيد شهداء الأمة ورفيق دربه على أشرف الناس. آثر حراس السيد على أنفسهم أن يبادلوا الناس بشيء فيه ما فيه من رائحة السيد. آثروا أن يبادلوا الناس الحب، ففي العادة تُرش الورود على نعش الشهداء، لكن مع السيد الحكاية تزداد فصولًا، فتُرش الورود المحيطة بنعشه المبارك على الناس، فيما أيادي المحبين مرفوعة لتحظى بوردة. 

على طول الجولة التي طاف بها النعشان بين الأوفياء، وزّع حراس السيدين "أزرار" الورود الحمراء والبيضاء على العشاق. أيادي أشرف الناس التي لطالما تضرعت بالدعاء لسيدها كانت مرفوعة علّها تحظى بوردة حظيت بلحظات القرب من النعش المبارك. تلك اليد لطالما تمنى أصحابها أن تكسب خاتمًا من يد السيد تتبرّك به، وهو المعروف بكرمه فلطالما أهدى زواره الخواتم، فاختار حافظو سرّه أن يهدوهم وردة بعد استشهاده، كأنها وصيّة السيد. 

وفي حضرة الحدث، قد تكون أنانيًا ولو لمرة واحدة، المهم أن تحظى بوردة، بذكرى من السيد، بهدية لطالما تمنيتها. المشاهد تنوعت على طول الجولة، هناك من ينده مرافق الأمين أبا علي ليرمي له واحدة، وهناك من يقفز بين الجموع غير آبه إن سقط أرضًا، والمهم أن يحظى بوردة. ومع كل وردة يتكرّر المشهد، يقفز المحبون عاليًا، ترتفع الأيادي، فتحظى بها واحدة. تفشل محاولة أحدهم، فينده أبا علي ثانية، يرمي له أخرى فيفوز هذه المرة. 

أما من حظي بالوردة الأغلى في العالم، فشعوره مختلف. هناك من يحتضنها، يحملها بعناية خاصة خوفًا على أوراقها. هناك من يشمها بلهفة. سمعت إحداهنّ تقول بأنها لن تنتظر كثيرًا حتى تُسارع إلى تجفيفها لدى مختصين وتضعها في صندوق لتحافظ عليها مدى الحياة. تُبادلها سيدة أخرى الرأي فالفكرة ممتازة، وهي ستبادر بدورها لتجفيفها. ومن بين الحشود يلفتك مشهد لمسنة تنظر بحسرة فالنعش بات في مكان بعيد وهي لم تحظ بوردة، وهي لا تقوى على اللحاق به. تنظر أمامها فيلوح الأمل، ثمّة من يحمل ثلاث وردات، تسير نحوه ببطء: هل بإمكانك أن تتخلى عن واحدة يا بُني، الموقف صعب بالنسبة إليه، لكن كرامة للسيد المعطاء يقول لها :"تكرم عينك يا حجة". 

أحدهم لم يكن له نصيب من التقاط وردة، فطلب من فائز يقف بجانبه أن يستعيرها ليلتقط لها صورة يحتفظ بها. مشهد آخر يلوح في هذا السياق، مجموعة من الشبان تحيط بأحد المشاركين الفائزين بالغنيمة بعدما أحزنته الحسرة التي رآها في وجوه بعضهم، فقرّر أن يهب بعض الوريقات للسائلين ليحفظوها ذكرى في سجل أيامهم. وفي زحمة العاشقين، تجد سيدة لم تتمكن من التقاط وردة ففازت بساقها، لكنها رغم ذلك تُمسكها جيدًا خوفًا من أن تسقط منها، فتضيع في الزحمة. أما من قطع الأمل بالفوز، فتراه يُلقي بعض النظرات على الأرض يُفتّش إن سقطت وردة سهوًا دون أن يلتفت لها أحد، كأنه يُجري مسحًا للمكان. ولحظة انتهاء المراسم يلفتك حاملو الورود، يرفعونها عاليًا خوفًا من أن تنال الزحمة منها. 

إلى هذا الحدّ وأكثر، وبدون مبالغة كان المشهد مع ورود النعش المبارك، إلى هذا الحد غبط الناس بعضهم بعضاً على هذه الغنيمة، كأنهم يردّدون: يا هنا من حظي بوردة، كأني بروح السيد الحنون وحراسه لو استطاعوا لأهدوا وروده إلى كل الحاضرين، فيا هنا من حظي بوردة.

 من الخاتم إلى الوردة الأغلى في العالم: يا هَنَا من حظي بها 

تشييع سيد شهداء الأمةإنا على العهد

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة