إنا على العهد

خاص العهد

جمعية "وتعاونوا" ومشروع "الوجه الحسن" لتعزيز صمود الجنوبيين
06/03/2025

جمعية "وتعاونوا" ومشروع "الوجه الحسن" لتعزيز صمود الجنوبيين

وضعت الحرب أوزارها، مخلّفة صورةً جليةً توثق للحاضر والمستقبل، همجية الكيان الصهيوني الذي كلما أُوذي وتلقى ضربات موجعة، يهاجم الحجر والبشر والمدنيين العزل، فيدمر كل معالم القرى والبلدات والمدن، في إطار سعيه لإحباط المعنويات، وزعزعة ثقة الناس بالمقاومة وتأليبهم عليها، إلا أنّ الجنوبيين، كما سائر اللبنانيين المؤيدين لنهج المقاومة، فاجؤوا العدو بصمودهم وإصرارهم منذ اللحظات الأولى على العودة إلى قراهم وبلداتهم وبيوتهم وأراضيهم، وقدموا في مسير العودة هذا عشرات الشهداء والجرحى، وكان لهم ما أرادوا، دخلوا مناطقهم مرفوعي الرأس، مكبّرين ومهللين، ورافعين لشارة النصر. 

ومواكبة لحاجات الأهالي العائدين كان التحرك السريع لجمعية "وتعاونوا" التي قال مديرها أبو الفضل شومان لموقع العهد الإخباري "إنّ الجمعية ومنذ انطلاقتها عملت على تقديم مساعدات غذائية، وحصص تموينية للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية، وأزمة كورونا، على العائلات المتعففة، وتوسعت لاحقًا لتشمل تغطية تكاليف العلاج والأدوية، وتبني الحالات المستعصية مثل الجراحات المكلفة والتي تستلزم العلاج خارج لبنان، وفي إطار الاستجابة الطارئة لحاجات القرى الحدودية بعد العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، أطلقت الجمعية مشروع "الوجه الحسن" الذي بدأ بمبادرات ذات طابع اجتماعي، وثقافي، واقتصادي تحفيزي لتنشيط الحركة الثقافية، والتربويّة، والاجتماعية، وتحريك النشاط الاقتصادي لفئات محددة من السكان العائدين، مثل مزارعي راميا والمراكز الاجتماعية والخدمية العامة في مجدل سلم.

إلى أي مدى اليوم تستطيع الجمعية أنّ تحدث فرقًا في مناطق تعيد بناء نفسها من جديد بعد العدوان الكبير؟
يضيف شومان: "تستطيع الجمعية بدعم من الأهل والمتبرعين المساهمين والجهات الداعمة إطلاق موجات تحفيز اقتصادي واجتماعي، ودعم الأهالي في نطاق نشاط يراعي خصوصية كل بلدة ويحفز الجهات الأخرى على المبادرة والتكامل مع جهودها"، مشيرًا إلى أنّه "منذ سريان وقف إطلاق النار، وبدء عودة الأهالي النازحين إلى قراهم، بادرت جمعية "وتعاونوا" إلى وضع خطة استجابة طارئة لدعم عودة الأهالي ومساعدتهم على الاستقرار في قراهم، سواء في قرى المواجهة الأمامية، أو في قرى النسق الثاني المحاذي، فسيّرت منذ الأيام الأولى قوافل المساعدات الغذائية والحصص التموينية، وقدمت بالإضافة إلى عشرات آلاف الحصص والمساعدات التموينية والغذائية، العديد من المساعدات العينية مثل الفرش، والحرامات، وأدوات المطبخ، وأدوات التنظيف، لمواكبة العودة وتسهيلها، وتوفير المستلزمات الضرورية للاستقرار".

وأردف: "مع بداية الموجة الثانية من مسيرات العودة، لا سيما إلى قرى المواجهة الأمامية الحدودية، افتتحت الجمعية مطبخ "أم البنين" الذي وفر يوميًا أكثر من 3000 وجبة ساخنة يومية، للتخفيف من أعباء الاستقرار على المواطنين العائدين المنشغلين بترتيب أوضاعهم وتفقد منازلهم المدمرة، كما ساهم في توفير الوجبات للعديد من الجمعيات الأهلية، والبلديات، وفرق الدفاع المدني، والإسعاف، وفرق الأشغال والعناصر الأمنية والعسكرية"، لافتًا إلى أنّه "مع استقرار العائلات العائدة في قراها، وفي ظل الصعوبات والتحديات الكبيرة أمامها، وغياب الدولة بأغلب مؤسساتها، وضعت الجمعية "خطة الطوارئ"، ومشروع الاستجابة الطارئة الأولي موضع التنفيذ، وفي أولوياته دراسة خصوصية كل قرية اجتماعيًا، واقتصاديًا، وتربويًا، وثقافيًا، وإطلاق مشاريع "صغيرة" تسهم في تحريك وتحفيز النشاط الثقافي، والتربوي، والاجتماعي، والاقتصادي في إطار محدد، ويستهدف إطلاق موجة "تنشيط" لقطاع من القطاعات بما يساهم في خلق موجات أخرى، أو يتفاعل مع مساهمات ومبادرات لجهات أخرى، وينتج حراكًا نشطًا على كل المستويات في القرى المستهدفة".

وأشار شومان إلى أنّ البداية كانت "في بلدة مجدل سلم، حيث التزمت الجمعية من خلال "مشروع الوجه الحسن" ومبادرة "أبناء الأمين" بتأهيل وترميم الغرف والقاعات في كل من المدرسة الابتدائية، والثانوية الرسمية، وقاعة النشاطات العامة في البلدية، وديوانية أبي طالب، ومسجد الزهراء (ع)، وذلك لما تتمتع به بلدة مجدل سلم من خصوصية ثقافية مرتبطة بالإحياء العاشورائي، لا سيما تجسيد واقعة الطف في شهر محرم من كل عام، ودعمًا للحراك الثقافي، والاجتماعي، والإيماني المتميز الذي كانت تشهده البلدة خلال الفترة الماضية"، موضحًا أنّه "قد تم تنفيذ المشروع والمبادرة بالتوازي، من خلال أيام عمل متتالية، تخللتها نشاطات اجتماعية وثقافية وترفيهية مخصصة لكل الفئات العمرية، ومختلف الاهتمامات والتوجهات، وللذكور والإناث".

وأردف شومان: "واستكمالًا لمراحل مشروع "الوجه الحسن" وجهت الجمعية عنايتها لبلدة راميا التي تدمرت منازلها بشكل شبه كامل، مراعيةً خصوصية البلدة الزراعية ونشاط أهلها الزراعي في مجال زراعة التبغ، فخصصت لها مبادرة "الجهاد الزراعي" في إطار مشروع "الوجه الحسن"، بهدف إعادة تنشيط القطاع الزراعي، وتحريك عجلة الإنتاج الزراعي عبر:

1.تأمين 50 بيتًا جاهزًا (Container House) لكل عائلة، على أن تكون المرحلة الأولى تأمين 25 بيتاً، تم تركيب 15 منها في الأسبوع الأول.

2.المساعدة في ترميم المدرسة الرسمية بواقع 20 غرفة بالحد الأدنى مع مرافقها الخدمية الكاملة.

3. تقديم مساعدة مالية لنحو 200 مزارع لتمكينهم من استعادة نشاطهم الزراعي.

ولفت إلى أنّ الجمعية التزمت أيضًا "بتأهيل وترميم بعض النوادي الحسينية في عدد من القرى والبلدات الحدودية، لا سيما تلك التي تحتاج لعمليات ترميم وتأهيل سريعة، وبأكلاف معقولة، كذلك قامت الجمعية بتأمين إنارة بواسطة الطاقة الشمسية لكل من راميا وبيت ليف، وتسعى لتأمين عدد آخر للبلدات الأخرى"، مشيرًا إلى أنّ الجمعية تسعى كذلك "وبمساهمة ودعم من المتبرعين الكرام، لتوسيع دائرة الاستفادة من المشروع، بحيث يشمل ما يقارب 30 بلدة حدودية، وبشكل يوفر إطلاق وتنشيط الدورة الاقتصادية في البلدات الحدودية لدعم استقرار أهلها وصمودهم".

غياب شبه التام لأي مبادرة رسمية في الجنوب!

وحول دور الدولة ومدى تحملها لمسؤولياتها تجاه أهالي هذه المناطق وسط الغياب شبه التام لأي مبادرة رسمية فيها، أشار شومان إلى أنّ الجمعية "ليست بديلًا عن الدولة أو أي من الجهات الأخرى، وعملنا يحاول أن يعوض غياب الدولة والجهات الأخرى في قطاعات محددة، ونأمل أن يشجع ذلك الدولة والجهات الأخرى على تسريع مبادراتهم وتفعيل حضورهم للقيام بواجبهم تجاه أهلهم"، مؤكّدًا أنّ الجمعية لن تألو "جهدًا في سد الثغرات والحضور إلى جانب أهلنا في كل المجالات في حال استمرّ الغياب والتقصير تجاه أهلنا العائدين إلى قرانا الحدودية، لدعم رسالة الصمود والتحدي بوجه العدوّ، وتأكيد حق أهلنا في العودة والاستقرار، والحصول على الدعم والخدمات".

لبنان

إقرأ المزيد في: خاص العهد