خاص العهد
هذا ما أبلغه عدرا لكرامي فسقطت المبادرة
فاطمة سلامة
لا نفشي سراً إذا قلنا أنّ نهاية الأسبوع المنصرم كانت الموعد المنتظر للولادة الميمونة للحكومة. كل شيء من المفترض أنه كان على ما يُرام لولا أن دخلت شياطين التفاصيل في مهمة التأليف بربع الساعة الأخير، فأفسدتها. التفاؤل الذي ساد الأسبوع الماضي، وتحديداً الثلاثاء فور اجتماع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بـ"اللقاء التشاوري"، والحديث عن مبادرة رئاسية خماسية الأضلاع، تكلّلت بالنجاح، هذا التفاؤل بدّدته عُقد أخرى سقطت من حسابات المراقبين. عُقدٌ تمثّلت برفض حقيبة هنا، والمطالبة بحقيبة هناك. الأمر الذي دحض نظرية أنّ الحكومة "واقفة" على تمثيل اللقاء التشاوري فقط لا غير. هذا التمثيل الذي بات أحقية باعتراف الجميع، ومنهم الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي تخلى عن عناده غير المبرّر، وقبل بتمثيل هؤلاء عبر مرشّح يسمونه بعد أشهر من المكابرة والتعطيل.
سيناريو التفاوض على الحقائب، يُضاف اليه تفاصيل المبادرة الرئاسية، عرقلا مسار التشكيل، وبددا موجة التفاؤل. تلك التفاصيل كانت أساسية جداً بالنسبة للقاء التشاوري الذي لم يطالب بأكثر من حقه بمرشّح ينطق باسمه. بينما الواقع بيّن أن رئيس مركز الدولية للمعلومات المرشّح جواد عدرا الذي تبناه اللقاء رغم إسقاطه بطريقة ما لن يكون عضواً في اللقاء، وهو ما دفع الأخير الى سحب اسم المرشّح المذكور من قائمة الأسماء التي أودعت رئيس الجمهورية ميشال عون، ما أعاد الأمور الحكومية الى نقطة الصفر، وفق ما تؤكد مصادر متابعة للشأن الحكومي. وتشدّد المصادر على أنّ نهار السبت كان خاتمة المشاورات والاتصالات، وعليه فإننا نستطيع القول أنّ مشاورات التأليف دخلت في إجازة مفتوحة، قد "تُقطع" في أي لحظة، وقد تستمر الى أجل غير مسمى.
رئيس حزب "الاتحاد" النائب عبدالرحيم مراد يُعلّق في حديث لموقع "العهد" الإخباري على المسار الذي خطته عملية تأليف الحكومة، فيسترجع الأحداث منذ البداية، لافتاً الى أننا أصرينا لأشهر على تمثيل اللقاء بأحد الاعضاء الستة في الحكومة، وهذا حق طبيعي لنا استناداً الى نتائج الانتخابات النيابية. عقب ذلك، وبعد وساطة رئاسية تولاها المدير العام للأمن العام طُلب منا بموجبها تسمية أكثر من مرشح لنا من خارج النواب الستة يختاره الرئيس، وافقنا كي نسهّل الأمور، فاقترحنا: حسن مراد، طه ناجي، عثمان مجذوب، وأحمد الدباغ. عندها لم يكن اسم جواد عدرا مطروحاً، فاقترحه النائب قاسم هاشم، قلنا له أننا لا نعرفه، ورغم ذلك قبلنا به كون هاشم والنائب فيصل كرامي يعرفانه، وجرى تبنيه كمرشح لنا، شرط أن يمثل اللقاء حصراً ويصبح عضواً سابعاً فيه. لكن وللأسف يُضيف مراد، عندما جدّ الجد واقتربت ساعة تشكيل الحكومة، أرسلنا المستشَارَين هشام طبارة وعثمان مجذوب الى دارته لدعوته لحضور اجتماع للقاء التشاوري، كونه مرشحه، فطلب الاستمهال، وإجراء بعض المشاورات، عندها تفاجأ أعضاء اللقاء بردة فعله، سائلين: مع من يريد إجراء المشاورات؟، المفروض أن يجريها معنا!.
وفي اليوم التالي، أي نهار السبت، يشير مراد الى أنّ الزيارة الخاطفة والبعيدة عن الإعلام التي قام بها عدرا الى منزل النائب فيصل كرامي في الرملة البيضاء كشفت الأمور على حقيقتها، وهنا تلفت مصادر واكبت أجواء اللقاء للعهد الى أن عدرا أبلغ كرامي بأنه لا يستطيع أن يتبنى وجهة نظر اللقاء كون الأخير مقرّبا من حزب الله ويتقاطع مع وجهة نظره في العديد من الملفات، وأنا لدي مصالح خارجية لا تخولني بأن أتحدّث باسمكم، فسياستكم ليست متقاربة مع سياستي، وأفضّل أن أكون مع كتلة الرئيس عون، كوني من حصته في الأساس.
كل هذه التطورات، أدّت وفق ما يشدد مراد الى أن يسحب اللقاء اسم عدرا من التداول، وهو ما أعلنه اللقاء السبت. يستعرض رئيس حزب الاتحاد كل هذه التفاصيل ليؤكّد أننا لسنا من أسقطنا فرصة التشكيل، بالعكس نحن سهّلنا الكثير لكننا لا نقبل ولن نقبل بمرشح نتبناه ولا يُعبر عن وجهة نظرنا وسياستنا، وعكس ذلك، يعني أننا نستغبي أنفسنا. المطلوب برأيه، مرشحاً يلتزم حصراً بسياسة "اللقاء التشاوري".