خاص العهد
تونس في مرمى الارهاب مجددًا..رسائل للداخل والخارج
تونس - روعة قاسم
ضرب الارهاب اليوم الخميس تونس مجددا في عمليات متزامنة استهدفت مواقع حساسة في البلاد مما أسفر عن استشهاد رجل أمن متأثرا باصابته فيما سقط جرحى بينهم مدنيون، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية التونسية. ووقعت العملية الاولى حين أقدم انتحاري على تفجير نفسه قرب دورية أمنية في شارل ديغول بوسط العاصمة في حين استهدفت العملية الثانية ادارة الشرطة العدلية بالقرجاني ما اسفر عن اربع اصابات متفاوتة في صفوف رجال الامن بحسب مصادر امنية. وتأتي هذه العمليات في ظرف دقيق تمر به البلاد وهي تتهيأ لمواعيد انتخابية هامة في مسارها الانتقالي نحو الديمقراطية. فقد اراد الارهابيون ان يحدثوا زلزالا قويا لتدمير البلاد لذلك استهدفوا شارع الحبيب بورقيبة في وقت يعج فيه بالمارين والسياح وذلك في محاولة لضرب السياحة التونسية التي تعتبر من اهم مقومات الاقتصاد التونسي. اللافت ان عملية بورقيبة الانتحارية تشبه الى حد بعيد العملية الانتحارية التي نفذتها امرأة ايضا قبل عام وكانت تستهدف كذلك ضرب الموسم السياحي وزعزعة الوضع الامني.
وقد زادت حالة الرئيس التونسي الحرجة من اجواء الحزن التي عاشها التونسيون في هذا اليوم الذي اسماه البعض بـ "الخميس الاسود" وسط ترقب لما ستؤول اليه الاوضاع خلال الساعات القادمة. واليوم تبدو التحديات كبيرة امام الحكومة التونسية من اجل تجاوز الوضع الراهن بأقل تكلفة ممكنة والحفاظ على استقرار الوضع من خلال استراتيجية امنية استثنائية. فبحسب المحلل السياسي التونسي هشام الحاجي في حديثه لـ " العهد " فإنه لا يمكن قراءة العمليتين الارهابيتين خارج السياق الذي تجتازه تونس والذي يتميز بامرين احدهما سياسي والاخر اقتصادي. ففي المستوى السياسي تعيش تونس في مناخ استعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية تعالت بعض الاصوات مطالبة بتأجيلها وهو ما يعني ان ما عاشه اليوم شارع الحبيب بورقيبة سيلعب دورا في تحديد مواقف عدة اطراف من التأجيل او انجاز الانتخابات في موعدها المعلن. ويضيف الحاجي: "و لا شك ان قراءات اخرى ممكنة حول تزامن هذه العمليات مع تدهور صحة رئيس الجمهورية وهو ما يعني ان العمليات الارهابية تمثل عامل ارباك اضافياً لمشهد لا يخلو من ارتباك وغموض في ظل ما تعيشه دول الجوار التونسي من احداث تلقي بظلالها و مخاوفها على تونس. واما من الناحية الاقتصادية فقد سجلت الاسابيع الاخيرة بداية انتعاشة ولو محدودة للاقتصاد تجلت في توقف انزلاق الدينار وتوقع انتعاشة في السياحة ولا شك ان الارهاب يستهدف هذه الانتعاشة".
جاءت هذه العملية الارهابية في وقت تعيش فيه تونس ازمة اجتماعية واقتصادية معقدة في ظل مناخ سياسي صعب تطغى عليه التجاذبات والانقسامات ولعبة المحاور بين الاحزاب السياسية المتصارعة على الحكم. وبالرغم من الظرف الصعب الا ان هناك اصواتاً تونسية تطالب بتحدي الارهاب عبر مواصلة المسار الديمقراطي وعدم تأجيل الانتخابات، وان الرد يجب ان يكون بدعوة الناخبين الى الاقتراع في الآجال المحددة.