خاص العهد
فيصل المقداد لـ"العهد": نحذّر من إرسال جنود جدد إلى مناطق سيطرة المحتل الأمريكي في سوريا
محمد عيد
عديدةٌ هي العناوين السياسية التي تناولها الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري في لقائه مع موقع "العهد" الإخباري بمكتبه بدمشق، أبرزها نجاح زيارة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيرسون من خلال اتفاقه مع الحكومة السورية على أبرز القضايا الإشكالية المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية وما سيعقبها من انفراج على مستوى الحل السياسي المرتقب، واقتراب موعد مؤتمر آستانا بتسميته الجديدة والذي سيناقش وفق المقداد انهيار وقف إطلاق النار في إدلب بعد أن يجري تقييمًا عامًا وشاملًا للأحداث.
نائب وزير الخارجية السوري وعبر موقع "العهد" الإخباري حذّر الدول التي تنوي إرسال جنود جدد إلى مناطق سيطرة المحتل الأمريكي في سوريا من عواقب هذه الخطوة، مؤكدًا فشل هذه المحاولات بمس وحدة وسيادة سوريا.
المقداد ركّز على العلاقة الإستراتيجية مع روسيا، مشددًا على دورها في لجم أطماع أردوغان في سوريا وكبح دعمه للإرهابيين. في الشأن اللبناني أكد المقداد عمق العلاقة مع القوى الوطنية اللبنانية والرئيس ميشال عون "المرحب به في دمشق في الوقت الذي يختاره".
وفيما يلي نص المقابلة:
س - تبدو زيارة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون ناجحة وفق ما عكست تصريحاته، هل تؤكدون هذا النجاح وأين وصلت الأمور على مستوى تشكيل اللجنة الدستورية؟
منذ البداية، كانت تقف خلف الأزمة السورية الدوائر الصهيونية و"إسرائيل" بشكل أساسي، والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي كانت تحاول فرض واقع جديد على دول هذه المنطقة. هم يعتقدون أنه عند إخضاع سوريا لإرادتهم فإن كل المنطقة ستخضع لهم، ففشلت هذه المحاولات. حاولوا أن يحاربوا سوريا وأن يدعموا كل المجرمين والقتلة والإرهابيين والمسلحين لمدة سنة وكانوا يراهنون أن السنة الثانية ستحقق لهم ما يريدون، ومضت السنة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة ولم يحققوا أي شيئ. طبعًا مما لا يمكن تجاهله هو أن ما حققوه هو قتل ودمار للسوريين وإلهاء لهذه المنطقة عن عدوها الأساسي وهو الصهيونية وتحرير الأراضي العربية المحتلة، فحاولنا طيلة الفترة الزمنية الماضية في اتصالاتنا مع المبعوثين الخاصين السابقين والآن مع غير بيدرسون أن نعمل من أجل التوصل إلى حلول يعتقد البعض أنها تقود إلى إعادة الأمن والإستقرار إلى سوريا. طبعًا نحن لا نثق إطلاقًا لا بنوايا الولايات المتحدة الأمريكية ولا بحلفائها ولا بأدواتها ونحذر بأنه من يعتقد بأنه يستطيع أن ينتصر على سوريا من خلال استعمال سلاح الإرهاب فهو واهم وهو مخطئ وسيدفع الكثير من الأموال هباء.
الآن وهذه هي الزيارة الرابعة لغير بيدرسون إلى دمشق، وكنا قد تناقشنا سابقا في الطرق التي ستؤدي إلى تشكيل جيد للجنة الدستورية استطعنا في هذا اللقاء عمليا أن نتوصل إلى الكثير من الحلول إن لم يكن إلى معظم الحلول للمسائل الإجرائية التي كانت تقف عائقا أمام تحقيق الهدف النهائي وبدء عمل اللجنة الدستورية، لا أستطيع الآن أن أحدد بشكل دقيق ما هي الجوانب التي توصلنا إلى حلها لأن المبعوث الخاص يحتاج إلى مراجعة بعض الأطراف على الساحتين الدولية والإقليمية لإتخاذ القرار النهائي، لكنني أوكد أنه لم يعد هنالك أي عائق على الإطلاق من جانب الجمهورية العربية السورية إزاء بدء عمل اللجنة الدستورية. هنالك بعض القضايا الفنية والتقنية المتعلقة ببعض الجوانب سنتابع التشاور حولها خلال الساعات والأيام القليل القادمة، لكنني أستطيع أن أقول بأن سوريا لم ولن تقف عائقًا أمام أي عمل يمكن أن يقود في نهاية المطاف إلى وقف سفك الدماء الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة التركية وبعض الأطراف العربية التي وصل الأمر ببعضها إلى إرسال مندوبيها إلى الأرض السورية وإلى أراض تحتلها بعض القوات الأجنبية وبعض المجموعات المرتبطة بالإحتلال والإستعمار الأمريكي كما هي بعض التنظيمات السياسية الكردية. لكن يجب أن يعرفوا أن سوريا ستبقى واحدة وأنها ستقاوم كل هذه المحاولات.
أنا أوكد لمن يفكر الآن بإرسال قوات جديدة إلى سوريا والتي نتابعها الآن في وسائل الإعلام، أنهم مخطئون من جهة وبأنهم يضحون بقواتهم ويرسلونها دون أي مبرر لكي تحول دون وقف سفك الدماء على الأراضي السورية. فماذا يفيد هذه الدول من إرسال هذه القوات إلا خضوعها للإدارة الأمريكية وخضوعها لرغبات "إسرائيل"، نحن نربأ بهذه الدول بأن لا تستمر في تدميرها لسوريا وأن تحافظ على أرواح جنودها وعسكرها.
س - مؤتمر آستانا أقر في بداية الشهر القادم، في أي سياق جاء إقراره وهل تعتقدون بأنه سيكون مختلفًا عما كان يجري في السابق؟
في كل الإجتماعات الثلاثة عشرة السابقة التي عقدت كان كل اجتماع يشكل خطوة متقدمة على الإجتماع الذي سبقه، سيناقش في الإجتماع القادم في (نور سلطان) التي سميت بذلك بعد آستانا، سيناقش بشكل عملي تقييم لما حدث، مثلًا: وقف إطلاق النار في إدلب لم يتحقق نتيجة الجرائم التي ترتكبها حكومة أردوغان بحق شعبنا في إدلب ودعمها للمجموعات الإرهابية وبما في ذلك جبهة "النصرة" المسجلة كيان إرهابي على لوائح مجلس الأمن، يجب أن تناقش مثل هذه المواضيع لأنه لا يجوز أن يستمر هدر الدم السوري من قبل هذه الأطراف بلا معنى إلا انتقامًا من فشلهم في إخضاع سوريا لما يريدون وهذا مستحيل، يجب أن يعرفوا بأن ذلك لن يتحقق إطلاقًا ولو كان ثمن ذلك آخر طفل سوري، هذا الأمر يجب أن يعرفوه ويجب أن يتراجعوا ويجب أن يحافظوا على إمكانياتهم المادية بدل أن يفرطوا بها في أماكن لا مصلحة لهم بها، عهود الإستعمار انتهت، عهود الهيمنة انتهت، ويجب أن يعرفوا بأن الشعب السوري وشعوب المنطقة الحرة ومحور المقاومة لن يقبل بذلك.
س- أردوغان شهد انتكاسة في الشارع التركي بعدما خسر بلدية اسطنبول وجاءت انتخابات الإعادة لتعزز سقوطه أكثر من ذلك، لكننا لاحظنا خلال الفترة الماضية بقيامه بدعم مباشر وموصوف للمجموعات الإرهابية في هجومها الأخير على ريفي اللاذقية وحماة، كيف تقرؤون رغبة أردوغان بالتصعيد في هذا التوقيت بالذات؟
أنا أقول بكل وضوح وبكل صراحة ليست لدينا أوهام حول نوايا أردوغان، فهو إيديولوجيًا ذو نزعة متطرفة ونعرف إلى أي من التوجهات الدينية المتطرفة ينتمي كما نعي بأن التعليمات الغربية له وخاصة ما زالت تصدر، وهو يريد إرضاء كل هذه النزعات سواء الأمريكية أو الصهيونية، أعلن ذلك أم لم يعلن، لكن هذا هو ولاؤه الحقيقي. يجب أن يعرف أردوغان أن الشعب التركي الذي أسقطه في انتخابات معركة اسطنبول قادر أيضا على اسقاطه من منصبه ونحن نراهن على وعي وحكمة الشعب التركي ولا نراهن إطلاقًا لا على أردوغان ولا على حزبه حزب العدالة والتنمية في ممارسة الحكمة في التعامل مع القضية السورية. عليه أن ينسحب وأن يحارب الإرهاب كما تنص على ذلك قرارات مجلس الأمن، وإلا فإن تركيا ستزداد معاناتها وستزداد عمليات سفك الدماء في المنطقة نتيجة هذه المواقف التي يتحمل أردوغان مسؤوليتها بشكل كامل.
س- هل لا زلتم مرتاحين للدور الروسي في العلاقة الناظمة بينكم وبين أردوغان؟
أنا أود أن أقول بأن العلاقات السورية - الروسية علاقات إستراتيجية وهي علاقات تخدم البلدين ونحن نثق بأن الأصدقاء الروس يعملون ويبذلون كل جهودهم من أجل إقناع أردوغان بالتخلي عن أطماعه التوسعيه وعن دعمه للمخططات المعادية لسوريا والتي لا تعني أي مصلحة للشعب التركي الذي حاولنا أن نقيم أطيب العلاقات معه قبل اندلاع هذه الأحداث في سوريا لكن تبين أن المنحرف لا يمكن أن يصبح معتدلًا في يوم من الأيام. علينا أن نتابع النضال وأن نتابع ضغط الأصدقاء على أردوغان من أجل أن يوقف سفك دماء الأتراك والسوريين وهذا الوضع غير المستقر في المنطقة.
س - هل ازداد انفتاحكم أكثر على المعارضة التركية بعد نتائج انتخابات اسطنبول؟ بمعنى أنه هل ازدادت جرعة التواصل بينكم وبين خصوم أردوغان في الداخل التركي؟
نحن حاولنا إقامة علاقات مع جميع فصائل وتوجهات الشعب التركي، لم نقف إلى جانب هذا الطرف ضد ذاك الطرف إيمانًا من أنه من واجب الدول في علاقاتها فيما بينها ألا تتدخل في الشؤون الداخلية، فلا يمكن لنا أن نرتكب نفس هذا الخطأ لكن نحن نرحب بكل القوى التركية التي تحاول تعرية أهداف أردوغان في المنطقة، نحن لا نحاول الإضرار بحياة الشعب التركي، ولا نحاول الإضرار بالإقتصاد التركي. نحن نعمل على إقامة أفضل العلاقات مع الشعب التركي ونحن نعتقد بان الشعب التركي بأغلبيته المطلقة يدعم وقف سفك الدماء في سوريا ولا يؤيد سياسات أردوغان في توتير الأوضاع ما بين بلدين يفترض أن يتمتعا بعلاقات طبيعية ثبت أنه في حال إقامتها فإنها تخدم مصالح البلدين.
س - كيف هي علاقتكم بالرئيس اللبناني ميشال عون وهل ساءكم أنه حتى الآن لم يقم بزيارة سوريا؟
علاقتنا مع الرئيس عون ممتازة وهو سيزور سوريا في الوقت الذي يراه مناسبا ونحن نرحب به.
س - هل يزعجكم قيام بعض القوى الوطنية في لبنان والتي تربطها بسوريا علاقات ممتازة بالقيام بتحالفات مع قوى لبنانية أخرى تجاهر بعدائها لسوريا؟
نحن لا نتدخل أبدًا في الشأن اللبناني، وهذا الأمر لا يزعجنا أبدًا، فاستقرار لبنان يعني بالضرورة استقرار سوريا ونحن حريصون للغاية على استقرار هذين البلدين الشقيقين.