خاص العهد
مصالح سياسية تطيح بلدية طرابلس.. ما هي كواليس الجلسة الأخيرة؟
محمد ملص
لم تكن جلسة طرح الثقة برئيس بلدية طرابلس، التي عقدت في "قاعة الاستقلال" في سرايا طرابلس، سوى صورة حقيقة لما يحدث داخل أروقة البلدية، وما يدور فيها من خلافات بين الأعضاء من جهة ورئيس البلدية من جهة ثانية.
المجلس البلدي لبلدية طرابلس، لم يولد منذ انتخابه 2016، متجانسًا فيما بينه، رغم أن أكثرية الأعضاء كانوا على اللائحة المدعومة من الوزير السابق أشرف ريفي وبعض شخصيات المجتمع المدني، والتي فازت بـ16 عضوًا من أصل 24، الا أن ذلك لم يشفع لأعضاء اللائحة الفائزة أن يقدموا أي تطور في العمل البلدي، ما دفع بالوزير ريفي الى نفض يده من شركائه ومن البلدية، بعد أشهر قليلة.
من المتوقع أن يتوجه أعضاء بلدية طرابلس اليوم الى سرايا طرابلس، لانتخاب رئيس ونائب رئيس خلفًا لأحمد قمر الدين الذي أطيح به الثلاثاء الماضي في جلسة كانت أشبة بحلبة صراع بين الفريقين المتخاصمين. خصوصَا أنه وبعد توجه أعضاء بلدية طرابلس الى سرايا المدينة لطرح الثقة برئيسهم أحمد قمر الدين، وبحسب مطلعين على مسار الجلسة، كان النصاب مؤمنَا لصالح قمر الدين ليبقى رئيساً لثلاث سنوات قادمة، الا أن المفاجأة والتي فجرت الخلاف، كانت أن نال قمرالدين ثقة 5 أعضاء فقط (من بينهم صوته)، فيما حجب 13 عضواً الثقة عنه، واقترع 5 أعضاء بورقة بيضاء (الأعضاء المحسوبين على الرئيس ميقاتي). الا أن ما زاد من حدة التوتر والإشكال، ما وصفها أعضاء البلدية بـ"عملية الغدر" التي تلقاها نائب الرئيس خالد الولي، والذي كان يفترض أن يبقى في منصبه حسب ما يقضي الإتفاق وتحجب الثقة عن قمر الدين.
الإشكال الذي وقع بحضور محافظ الشمال رمزي نهرا، وأتى بعيد إعلان النتائج فاجأ الجميع، وبالأخص لجهة نائب الرئيس والذي كان يفترض أن يكون حاصلًا على الأصوات التي تخوله البقاء في منصبه، الا أن حسابات الجلسة لم تتطابق مع حسابات الوعود، ما كشف حجم الهوة القائمة بين الأعضاء أنفسهم، وإنعدام الثقة في ما بينهم، فضلًا عن عدم تنفيذ بعضهم للعهود التي التزموا بها خلال الاجتماعات التي عُقدت خلال الأيام الماضية. ووفقًا لمعلومات موقع "العهد" فإن الولي قد إستهدف من بعض زملائه أي من المعارضين الـ11 الذين حجبوا عنه الثقة، رغم أنهم كانوا قد أكدوا إلتزامهم بالتصويت له، ما أدى الى الاطاحة به."
مصادر مطلعة على مجريات الجلسة، أكدت لموقع "العهد" أن ما جرى أمس من مهزلة انتخابية كان أمرًا دبر في ليل، وخصوصًا أن اتصالات مطمئنة وردت الى رئيس بلدية طرابلس أحمد قمر الدين، وهو على أساسها غادر سريره في مستشفى المنلا بعد وعكة صحية ألمت به. وتتابع المصادر إن "أمين عام تيار "المستقبل" هو من نصب الفخ لقمر الدين، وانه أجرى معه اتصالًا مساء الإثنين من الصين، أكد له أن تيار "المستقبل" داعم لاستمراره في رئاسة البلدية وأنه جرى التواصل مع عدد من الأعضاء الـ11 المعارضين، وتم إقناع بعضهم بالتصويت لصالح قمر الدين، الا أنه وخلال الجلسة فقد تبين أن قمر الدين وقع في الفخ، وطار من منصبه. وما يؤكد تلك المعطيات هي السيناريو المدروس الذي استتبع بعد جلسة طرح الثقة خلال محاولة البعض الانسحاب منها لتعطيل النصاب القانوني والحؤول دون إنتخاب رئيس ونائب رئيس بشكل مباشر، وما ترافق معها من هرج ومرج وإتهامات متبادلة وتدافع وشتائم بين الأعضاء، ما أدى الى زعزعة المجلس البلدي وتصدعه بشكل بات من الصعب إعادة ترميمه، بعد إتساع الهوة بين الأعضاء وفقدان الثقة في ما بينهم .
لا شك أن أبناء المدينة ينتظرون ويأملون في أن تعود البلدية الى عملها، وان يتمكن الأعضاء من إختيار رئيس يكون متجانساً معهم، وبحسب المعطيات التي توافرت "لموقع العهد":" فقد أفضت الإتصالات السياسية طوال اليومين الماضيين الى الإتفاق على إختيار عزام عويضة رئيسًا لبلدية طرابلس في الجلسة التي ستعقد اليوم. لكن تلك المعلومات لن تكون مضمونة التطبيق، خصوصًا أن الثقة لم تعد موجودة بين أعضاء البلدية بعد ما جرى في جلسة الثلاثاء الماضي.
فهل ستبقى بلدية طرابلس ترقد في حالة من الموت السريري؟ أم أن الإتفاق السياسي الحاصل بين الرئيسين ميقاتي والحريري سيساهم في رفع مستوى العمل البلدي، والمساهمة في رأب الصدع وجمع وترميم ما انقطع، وإلا فإن بلدية طرابلس تتجه الى أن يكون حالها كحال جارتها بلدية المنية وعدد من بلديات الضنية وعكار، وتُحل.