خاص العهد
دريد لحام لـ"العهد": رجال حزب الله ملكوا الإرادة فصنعوا تاريخًا جديدًا للمنطقة /2
محمد عيد
يعود الفنان الكبير دريد لحام بذاكرته إلى الإجتياح الصهيوني لبيروت في العام 1982، كان منظر الدبابات الصهيونية وهي تجول في أول عاصمة عربية تحتلها "إسرائيل" بعد القدس "مهينًا بالنسبة لي كإنسان عربي"، ليضيف "كنت أشعر بنفسي مخزنا للهزائم العربية إلى أن انبثق فجر المقاومة في العام 1982".
لولا فسحة الأمل
الفنان الذي يحسن تقديم وجبات الفرح للجمهور العربي العريض، وجد نفسه أكثر الفاقدين لهذا الفرح الذي امتهن تقديمه للناس بإبداع فني قل نظيره. بدا الأمر بالنسبة إليه أشبه بانفصام في الشخصية: "في ذلك الوقت - الإجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982- كنت أشعر بنفسي مخزنا للهزائم العربية وكرهت عمري وكرهت الحياة وتمنيت لو أن الله سبحانه وتعالى بياخد أمانتو لأنو ما عاد أقدر أتعايش مع هذه الهزائم"، يقول لحام في حديثه لموقع "العهد"، ويتابع "لكن نورًا ظهر في نهاية النفق، كان قد بلغ اليأس عندي مداه حتى انبثق فجر المقاومة في العام 1982، حينها اشتعلت في داخلي شمعة أمل ورجعت حب الحياة من جديد".
يبسّط دريد لحام لموقع "العهد" الإخباري المعادلة السحرية التي "قدمتها لنا المقاومة على طبق من ذهب"، فالأمر وفق ما انتهت إليه مشاهداته يتعلق بالثقة بالنفس والإرادة "من لا يثق بنفسه يمكن أن يستسلم للعدو عند أهون اشتباك ومن لا يؤمن بذاته لا يمكن له أن يحقق شيئا ومن لا يؤمن بالقوة في داخله يضطر لإستيرادها من الآخرين، فلذلك إن الحكام العرب يلجؤون إلى الإستسلام مباشرة لأنهم لا يملكون الإيمان بقوتهم الذاتية".
أنظمة عربية لا تعرف الحياء
يعود دريد لحام مجددًا ليصوب على النظام العربي الرسمي الذي وجد فيه السبب الرئيس للخنوع الذي يعيشه العرب رغم إصراره على تبرئة الشعوب ولو بشكل نسبي من جريرة ما يرتكبه حكامها "الذين يعتقدون أنهم قادرون على حماية عروشهم حين يتنازلون عن كل شيئ".
"بالتأكيد هو شيئ مخجل ما يقدم عليه مو العرب بل بعض الأنظمة العربية، أن ترتمي في أحضان اليأس وتذهب للتطبيع المخجل مع كيان غاصب وأن ترتمي في أحضانه انقاذًا للأنظمة"، يقول لحام.
الفنان المثقف يستشهد بما تجود به ذاكرته من أقوال مأثورة تنكر على الإنسان إعراضه عن القوة الجبارة التي تنطوي عليها نفسه حين يقرر أن يغير المعادلة، يستحضر دريد لحام سيرة حياة أنطون سعادة وجملته الشهيرة "إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ" قبل أن يجزم "والمقاومة الإسلامية في لبنان غيرت وجه التاريخ ورسمت وجهًا ناصعًا لهذه الأمة ومختلفًا بشكل جذري عن ذلك الذي كانته طوال عقود مريرة من الهزائم" فحزب الله بالنسبة لدريد لحام تجاوز معادلة الردع ليصل إلى معادلة المبادرة والإقدام: "حين يشاء الإنسان فإن الله يشاء ورجال حزب الله ملكوا الإرادة فصنعوا تاريخًا جديدًا للمنطقة".
لا يفوت الفنان الكبير دريد لحام أن يتهكم على الرئيس الأمريكي ترامب فـ"هذا "الطرانب" يعرف كيف يبتز شطري الصراع الخليجي دون أن يكلفه ذلك أكثر من تصريح يرضي به هذا، فيبتزه ويدفع بموجبه شقيقه الخليجي لدفع ثمن كلمات أخرى وتصريح آخر مضاد يحلب به مليارات الدولارات التي يدفعها الطرفان بسذاجة ومهانة منقطعة النظير، سيظلون يحلبونهم حتى يجف الضرع" .
بدا دريد لحام متابعًا جيدًا لمسلسل ابتزاز ترامب لطرفي النزاع الخليجي، يستحضر أمامنا تصريحاته التي "يهين بها ترامب الطرفين دون أن يفكرا للحظة في الإنتقام لبقية من كرامة تبين أنها لم تكن موجودة يوماً، يتابع بسخرية ومرارة "يأخذ أموالهم فلماذا يهينهم؟". سألناه إن كان يتحفظ كغيره من الفنانين على انتقاد الأنظمة العربية الرسمية سيما وأن عددا كبيرا منها سعى لتكريمه لديها فقال " لولا أنني أعلم أن الرقابة لا تسمح بالشتائم لأسمعتهم ما يليق بهم".
ترامب الملهم
المشهد التمثيلي الذي ظهر فيه اللحام مقلدًا ترامب وواهبًا فيه ولاية كاليفورنيا الأمريكية للمكسيك ردًا على إعطاء ترامب الجولان للصهاينة يبدو أنه لن يكون الأخير، فالفنان السوري كشف لموقع "العهد" الإخباري أنه يتربص بتصريحات الرئيس الأمريكي وتصريحه الأخير عن موقع القمر بالنسبة للأرض، وما يمكن أن يلهمه ذلك من حبكة درامية ساخرة تطال سيد البيت الأبيض.
سألنا اللحام وقد بلغ من العمر الحافل بالنجاح والإبداع عما يمكن أن يقدمه للآخرين من عصارة تجربته الإستثنائية فاختار ألا يغادر السياسة في ذلك: "أنا أتمنى على الذين لا يزالون يثقون بحكوماتهم أو أنظمتهم أن يعيدوا النظر وأن يفكروا بالماضي والحاضر والمستقبل ليكتشفوا أن كل ما تعد به أمريكا هو كذب لأن أمريكا ليس لها صديق دائم وليس لها عدو دائم صديقها الدائم هو مصلحتها الخاصة".