خاص العهد
ترسيم الحدود..هذه هي النقطة العالقة
فاطمة سلامة
في ملف ترسيم الحدود، لم تُفلح الإدارة الأميركية هذه المرة في فرض شروط الكيان الصهيوني على قاعدة " take it or leave it". المحاولات الأميركية المتكررة لفرض أمر واقع يقبل به الجانب اللبناني لم يُكتب لها الحياة. وفي كل مرّة كانت تُقدّم فيها واشنطن الحل كوجبة جاهزة، كانت "حنكة" المفاوض رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمرصاد. من يطّلع عن قرب على الردود التي كانت تُطلقها عين التينة في حضرة الزائرين الأميركيين، -وعلى مدى أكثر من عقد- يع جيداً أنّ الحلول لن تكون على حساب لبنان. يُتقن الرئيس بري فن تفكيك كل كلمة يتفوّه بها المفاوض الأميركي. كما لا يمكن أن يمر أي عرض دون أن يُكثر "دولته" من الأسئلة. تماماً كما جرى في المفاوضات الأخيرة، التي قادها مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق ديفيد ساترفيلد. زار الموفد الأميركي عين التينة غير مرة، وفي كل زيارة كان يسمع من الرئيس بري ما لا يُرضيه لجهة الإصرار على الترسيم بالشروط اللبنانية.
وفي كل مرة يتسلم فيها المفاوض الأميركي الشروط اللبنانية التي يكرّرها بري دون أن ينقص حرفاً واحداً منها، كان يحملها على وجه السرعة ويُطلع الجانب الصهيوني عليها، لتبدأ التحليلات والمواقف. تارةً يُحكى عن "موت" العملية التفاوضية وتارة أخرى يُحكى عن إيجابية تُغلّفها بعض النقاط العالقة. مؤخراً قيل إنّ المفاوضات "جُمّدت" ورحلت الى أجل غير مسمى، قبل أن يكشف الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي الأخير عن رسالة تلقاها من السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيت ريتشارد. الرسالة دفعته الى القول إنّه متفائل بالتوصل الى اتفاق نهائي على الحدود، إذ أُنجزت سبع نقاط وبقيت نقطة واحدة. ما هي؟
مصادر رفيعة على صلة بالمفاوضات الجارية تكشف لموقع "العهد الإخباري" أنّه وبعد الاتفاق على تلازم مساري الترسيم براً وبحراً، لا يزال هناك أخذ ورد وتجاذب حول نقطة وحيدة تتعلّق "باستكمال عملية الترسيم تلك حتى إنهائها"، بمعنى آخر، حتى ولو بدأ الترسيم في البحر بالتزامن مع البدء بالترسيم في البر، فإنّ لبنان يرفض رفضاً مُطلقاً "فرملة" أي ترسيم لمجرّد الانتهاء من الترسيم الآخر، وهو انطلاقاً من هذه القناعة رفض أكثر من مرة وضع سقف زمني وأصرّ على ترك المدة مفتوحة، كي لا نقع ضحيّة الوقت الذي قد يستغله كيان العدو لمصلحته.
وتلفت المصادر الى أنّ المفاوضات في موضوع ترسيم الحدود لم تتوقّف أبداً عكس ما أشيع في بعض وسائل الإعلام. وهي كأي مفاوضات تتقدّم أحياناً وتتعثّر أحياناً أخرى. وفق قناعات المصادر، هناك تحرك أميركي جدي هذه المرّة انطلاقاً من "الحاجة" الصهيونية لذلك، لكننا لا نستطيع الذهاب بعيداً في التفاؤل، فانطلاق المفاوضات لا يتم إذا ما جرى الاتفاق على سلّة التفاوض المتكاملة بلا أي نقصان. صحيح أنجزنا تقريباً الكثير الكثير من الخطوات، كإرساء وساطة الأمم المتحدّة، تلازم مساري الترسيم براً وبحراً، ولكننا لا نستطيع القول "فول" حتى تُصبح النقطة العالقة في "المكيول"، تختم المصادر التي تُشدّد على إصرار الرئيس بري على حفظ حقوق لبنان في كل نقطة مياه وحبة تراب.