فلسطين
نفق "جلبوع".. حرية رسمها أبطال بذراع وملعقة!
مصطفى عواضة
في فجر السادس من أيلول، قبل عام، استفاق العالم على خبر حُفر عميقاً في سجلات التاريخ، ستة أسرى انتزعوا حريتهم رغماً عن سجَّانهم في عملية كسرت هيبة أمن الكيان الصهيوني، وحوّلت أجهزة استخباراته إلى مادة للسخرية والاستهزاء، نتيجة فشله المركب، بدايةً من جهله بنوايا الأسرى ومخططهم الرامي للهروب من السجن.
عدا عن جهله بعمل الأسرى الذي استغرق فترةً طويلةً في حفر النفق، ثم ما تبعه من فشل في ملاحقة الأسرى لأيام في مناطق ساقطة أمنيًا، تنتشر فيها دوريات العدو بجيشه وشرطته وطائرات استطلاعه مقابل أشخاص عزل دون جدوى.
وأكثر من ذلك، استطاع اثنان منهم اجتياز العراقيل والحواجز الأمنية كافة، حتى وصلوا أخيرًا إلى جنين. ولكن بعد مرور عام مر على حرية رسمها الأبطال بذراع وملعقة كيف يُتصوّر أن يكون حالهم اليوم؟ّ!
بمناسبة السنوية الأولى، عرّج موقع "العهد" الإخباري على العملية البطولية في مقابلة شاملة مع أهالي الأسرى الأبطال، أكَّد خلالها أحمد العارضة شقيق الأسير محمود، العقل المدير للعملية، أنَّ "التخطيط للهروب من "سجن جلبوع" لم يكن الأول، لكنه كان الصفعة المدوية لأمن العدو".
وأضاف: " تمكن شقيقي "محمود" من انتزاع حريته بعد ثلاث محاولات كانت آخرها في "سجن جلبوع" العام الماضي، وهي المرة الأولى التي يتمكن فيها من النجاح في هذا الأمر، إلا أن العدو حاول سلب الفرحة التي انتابتنا بحرية محمود من خلال الإجراءات الانتقامية التي فرضها علينا بعد إعادة اعتقاله وقبلها".
أما فؤاد كممجي، فقد شدَّد في مقابلته مع "العهد" على أن ولده أيهم، الأسير البطل، يعاني من ضعف في إحدى عينيه وكسور في أصابعه وأسنانه نتيجة التعذيب الذي تعرض له، عقب إلقاء العدو القبض عليه العام الماضي".
وتابع القول: "إن العدو الصهيوني يمارس أشد أنواع الانتقام بحق الأبطال الذين انتزعوا حريتهم، إذ إنهم قتلوا الشهيد "شأس" شقيق الأسير "أيهم"، ويلاحقون شقيق آخر له، ويحرمون العائلة من التصريحات في محاولة لرد اعتبار كيانهم المتقهقر".
وتوجه والد الأسير "أيهم" الذي راهن على صبر نجله أمام طغيان العدو في ختام حديثه لـ "العهد" بالتحية إلى المقاومة وشعبها في لبنان، داعيًا إلى توحيد الكلمة والبندقية في سبيل تحرير فلسطين وشعبها وعاصمتها القدس".
"إن الأسرى الستة أعادوا قضية الأسرى إلى مكانتها الصحيحة، ونحن نفتخر بأبنائنا الذي أذاقوا "إسرائيل" مرارة خيبتها". بهذه الكلمات بدأ نضال نفعات شقيق الأسير "مناضل" حديثه لموقعنا، مشيرًا إلى أنَّ أبطال عملية "سجن جلبوع" يعانون ما يعانون أسوة بباقي الأسرى الفلسطينين، ولا أمل لنا بتحريرهم إلا بالمقاومة".
محمد شقيق الأسير يعقوب القادري، اكتفى بالحديث عن مرض شقيقه الذي يعاني من "مشاكل في الغدة الدراقية، وإحجام العدو عن معالجته وتعمُّد إهماله". فيما ألمح إلى إمكانية إصابة شقيقه بالسرطان، دون أن يتسنى له تأكيد ذلك، نظرًا لامتناع "الأطباء الصهاينة عن إجراء خزعة"، إلا أنه أشار في نهاية حديثه إلى "أنهم (الأطباء) تعهدوا بإجرائها خلال الأيام المقبلة، بعد وساطة من الصليب الأحمر الدولي".
في مثل هذا اليوم، قبل عام، كانت العائلة تعيش في حالة فرح ممزوج بالكرامة والقلق، بهذه العبارات افتتح أحمد العارضة شقيق الأسير محمد حديثه لموقعنا، لافتا إلى أن:" ما قبل عملية "نفق الحرية" ليس كما بعدها، إذ إنها أيقظت قضية الأسرى في ضمائر الفلسطينين والعالم العربي والإسلامي، وأشعلت فتيل الثورة في الضفة الغربية، وعلى امتداد الأراضي المحتلة، فالشعب الفلسطيني أصبح يستمد قوته من هذه العملية التي هزت هيبة الأمن الصهيوني".
وبحسرة وغصة، ختم شقيق الأسير العارضة قائلًا: "إن عائلته لم تتمكن من رؤيته أثناء انتزاع حريته، إلا عبر وسائل الإعلام، ولم يكن هناك أي لقاء في ما بينهم، متمنيًّا له الفرج والتحرير القريب، في أي صفقة تبادل قد تحصل بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني".
وشدَّد على أنَّ شقيقه معزول منذ إلقاء القبض عليه، ولا يحصل على أدنى مقومات الحياة كما باقي الأسرى، عدا عن أنه يعاني من إهمال طبي متعمد من قبل العدو، ولم يُسمح بزيارته إلا مرتين منذ ذلك الوقت".
من جهته، قال يحيى الزبيدي شقيق الأسير زكريا: "إن الاحتلال أراد الانتقام من أبطال "نفق الحرية" عبر قتل ذويهم ومطاردة عائلاتهم، إذ إنهم قاموا بقتل أخي "داوود" واحتجاز جثمانه لفترة قبل أشهر، وقبله استهدفوا "شأس" شقيق الأسير أيهم كممجي انتقامًا من الأبطال الذين حطموا المنظومة الأمنية الصهيونية أمام العالم أجمع".