نصر من الله

فلسطين

وقف إطلاق النار في غزة على حافة الانهيار؟
09/02/2025

وقف إطلاق النار في غزة على حافة الانهيار؟

هل بات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مهددًا؟ الإشارات الواردة من "تل أبيب" تشير إلى ذلك. يبدو أن هناك فجوة عميقة بين الأهداف التي سعت "إسرائيل" لتحقيقها من حربها على غزة، وبين النتائج التي حققتها حتى الآن، وهي فجوة لا يمكن لحكومة نتنياهو وائتلافه السياسي التعايش معها.

كان مفهومًا من البدء أن نتنياهو اضطر للسير قدمًا في اتفاق وقف إطلاق النار، نتيجة الضغط الأميركي وحنكة حركة حماس في فهم الإرادة الأميركية التي كانت معنية، وبقوة، في وقف القتال وتبادل الأسرى. إلا أن اضطرار "تل أبيب" لوقف الحرب، لا يعني أن النتيجة كانت نهائية، وهو ستحاول استغلال أي تطور لاحق، للعودة إلى حالة الحرب، التي بات مطلبًا لذاته، كون انهائها أسوأ على المصالح "الإسرائيلية" من إيقافها، حتى وإن كانت أهدافها لا تتحقق، وهو الآن مكبلًا لتسهيل وتمكين خطة الرئيس الأميركي في تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

في تصريحات مباشرة وتسريبات، حاول نتنياهو تقديم رؤيته للمرحلة المقبلة، مؤكّدًا أن أولويته تتمثل في ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا وتدمير حركة حماس في غزة، قبل الحديث عن أي تقدم في ملف التطبيع الإقليمي، في إشارة منه إلى التطبيع مع السعودية. وهذه الأولويات تتعارض مع ما كان يُشاع حول "صفقة" مع الإدارة الأميركية، جرى التوصل إليها أو فرضت عليه خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، تقضي بإنهاء الحرب مقابل التطبيع.

لم يتوقف الأمر عند التصريحات فقط، فقد أرسل نتنياهو وفدًا "إسرائيليًا" إلى محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، لكنه فعل ذلك دون منح الوفد تفويضًا حقيقيًا. ووفقًا لمصادر "إسرائيلية"، فإن هذا الوفد ليس سوى "أداة للعلاقات العامة"، ولا يملك صلاحيات حقيقية للتوصل إلى أي اتفاق مع الوسطاء. بل ذهب البعض إلى القول إن نتنياهو يعمل بنشاط على إفشال المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تتضمن انسحابًا "إسرائيليًا" شبه كامل من غزة. وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، قال نتنياهو إن حماس تضع شروطًا لا يمكن لأي حكومة "إسرائيلية" قبولها، مثل مطالبهم بإطلاق سراح 12 أسيرًا فقط مقابل فتح المعابر. 

كل هذه المؤشرات تثير تساؤلات حول ما إذا كنا أمام استنساخ لمناورات سابقة قادها هو، نتنياهو، وأدت إلى انهيار أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار في غزة؟

هناك اتجاه تفسيري آخر للإشارات "الإسرائيلية"، وهو أن نتنياهو يسعى من خلال تكتيك يعتمد على التسريبات والإشارات التي توحي بعدم وجود نية حقيقية للتقدم في المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، لتحقيق أهداف أخرى، وهي كسب مزيد الوقت للتعامل مع ضغوط داخلية سيبدأها فور عودته من واشنطن، وهو لا يريد أن يتسبب بمواقف متطرفة يطلقها مكونات ائتلافه ويكونون أسرى لها مما يمنعهم من التراجع عنها في حال التوافق معهم، أو تعويضهم، عبر مفاوضات تسووية يقودها نتنياهو معهم. كذلك في الشأن التفاوضي مع حماس لا يمنع نتنياهو نفسه من الاستفادة من هكذا مناورة، من شأنها أن تضع الحركة في موقع دفاعي يبحث عن جدية "إسرائيل" أولُا، وليس عن كيفية سحب المزيد من التنازلات منها، في حين أنه معني أمام نفسه وأمام جمهوره بالرد على حماس بعد الانتقادات التي وجهت إليه داخليًا، في أعقاب مشاهد الاحتفالات التي نظمتها خلال الإفراج عن الأسرى الثلاثة، والتي أدت استهزاء بشعاراته.

أيضًا إرسال الوفد "الإسرائيلي" إلى قطر ليس سوى خطوة شكلية، حيث سيقتصر دوره على مناقشة "تفاصيل فنية" وفقًا لما أكد عليه الإعلام العبري، ما يعني أنه من الطبيعي والمنطقي أن لا يمنح أي تفويض حقيقي حتى الآن، والمؤجل إلى ما بعد عودة نتنياهو من الولايات المتحدة ومناقشة المسألة في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت). 

ويأتي إرسال الوفد بعد لقاء جمع نتنياهو مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في واشنطن. وكان من المفترض أن تنطلق المفاوضات يوم الاثنين الماضي، إلا أن نتنياهو تردد في اتخاذ القرار النهائي بشأن بدء المفاوضات، مفضلًا الانتظار لمعرفة كيف ستسير الأمور بعد لقائه مع المسؤولين الأميركيين وترامب تحديدًا.

فلسطين المحتلة

إقرأ المزيد في: فلسطين

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة