منوعات ومجتمع
رحيل نبيل الراعي.. خسارة وطنية وعروبية لصيدا
أحمد الغربي
اسمه يختزن معدنه ورسالته، فهو النبل في أسمى معانيه، صاحب وفاء ومودّة. إنه الدكتور نبيل الراعي الذي ودّعَنا إلى الرفيق الأعلى بعطاء إنساني وبمسيرة نضالية وعروبية طويلة وبزادٍ وطني وفير.
الدكتور نبيل الذي أحبّه الصيداويون والجنوبيون يمثل شمائل انسانية، مُحبّ، ودود، همشري، معطاء، فاعل خير، عمل على تأسيس جمعيات خيرية ومستوصفات من تبنين الى العاقبية الى صيدا والمخيمات، ومع رفيق دربه مصطفى معروف سعد أسّس مؤسسة معروف سعد الثقافية الخيرية الاجتماعية.
اهتمامه بالشباب والجسم السليم دفعه الى ترؤس النادي الاهلي في صيدا، حيث حقّق النادي تحت رئاسته انجازات كروية هامة لكن الأهم انه سهر وقتها وكان زمن الاحتلال الإسرائيلي للمدينة على بثّ الوعي في روح الشباب وعدم سقوطهم في الشطط. رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم ولسنوات عدة شهدت خلالها الكرة اللبنانية مواسم عز واعادت لبنان الى خارطة الدورات العربية والاسيوية والعالمية.
المواقع كانت تكبر به ولا يكبر بها، في جمعية المقاصد كانت بصمات التطوّر والتقدم الدكتور نبيل واضحة وجلية في فترة وجوده داخل مجلسها.
لم تغرِه المواقع. ظلّ ابن الأرض مفاخرًا بأعز الألقاب على قلبه "نبيل ابن البستنجي ابو علي". وكم كان الشهيد الكبير معروف سعد ثاقبًا عندما تنبّأ بمستقبل ذاك الشاب الطموح "بكرا بيتخرج نبيل وبحكّم الفقرا".
الطبيب الذي وضع مصلَ العلاج للمرضى، جرى مصلُ السياسة والوطنية والناصرية في عروقه، منذ أن ألهمه فكر عبد الناصر، فوعى باكرًا خطر المشروع الصهيوني.
والدكتور نبيل ليس فقط طبيب الفقراء وابن الطبقة الشعبية الكادحة، بل هو طبيب مقاوم حمل مبضع الجراحة معالجًا مقاومين أصيبوا خلال تنفيذهم لعمليات ضد الصهاينة أثناء احتلالهم لصيدا ومنطقتها.
حكايات الصمود والمقاومة تمتدّ. هذا مجاهد إسلامي من الجماعة من آل البغدادي رعاه الراعي وعالجه من جراحه، بعد أن أمّن مخبأً له عند آل الحر، وهذا ابن الصالح بالتنظيم "قطبناه"، و"في حدا من الشعبية ملتهب جرحه"، أما المقاوم في حركة أمل الجريح نبيل حجازي (استشهد لاحقا) فخبّأه في غرفة ببستان مجاور لمشفاه الذي افتتحه عام 1984، حتى برأ من جراحه، وها هو يسارع الى جبشيت ليكون من أوائل المُباركين والمُعزّين باستشهاد شيخ المجاهدين راغب حرب.
ولدوره المقاوم، اعتقله الاحتلال علّه يشي بمقاومين طبّب جراحهم.
ولعلّ الدور الوطني الأبرز الذي لعبه راحلنا الكبير كان ممارسته لمهام نضالية في لحظة حرجة وحاسمة وبالغة التعقيد مرت بها صيدا وتنظيمها الشعبي، غداة محاولة "اسرائيل" وأدواتها اللبنانيين اغتيال الرمز المناضل مصطفى سعد.
حينها تولّى الراعي مسؤولية الأمين العام المساعد في التنظيم الشعبي الناصري ليحمي التنظيم من المخططات المشبوهة التي كانت تستهدفه وأيضًا مستقبل المدينة لمرحلة ما بعد الاندحار الصهيوني وقد حمى وإخوانه في التنظيم القرار الوطني للمدينة، وكان حكيمًا في معالجته لإطفاء الحريق الكبير باذلًا الجهود لوأد الفتنة وكاد يدفع حياته ثمنا.
في التنظيم والسياسة والفكر وشؤون المستوصفات كان الدكتور نبيل طاقة محركة ومبدعة. الناصري المُثقل بهموم أمّته العربية كان كبيرًا ببعده الفكري، رئيس اتحاد الطلبة العرب في مصر، ظلّ حتى رمقه الاخير وفيًّا لجمال عبد الناصر، فبقي "مثاله الأوحد والوحيد".
إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع
16/09/2024
مسيّرة كرويّة لدراسة الظواهر الجوية
16/09/2024
كيفية الوقاية من الجلطة الدماغية
16/09/2024
مع بداية الخريف.. أمراض الجهاز الهضمي تتفاقم
16/09/2024
أضرار المشروبات الغازية على صحة الأطفال
05/09/2024