معركة أولي البأس

مقالات مختارة

كتل عدة رفضت اقتراح فضل الله وعادت اليوم تطالب برفع الحصانات
27/07/2021

كتل عدة رفضت اقتراح فضل الله وعادت اليوم تطالب برفع الحصانات

عباس صباغ - صحيفة النهار 

في كانون الأول من العام 2019 لم يكن عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله على علم بأن المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت سيطلب بعد سنتين رفع #الحصانات عن عدد من النواب الذين تولّوا حقائب وزارية. فضل الله الذي قدم ثلاثة اقتراحات قوانين لرفع الحصانات، لم يسانده في التصويت خلال الجلسة العامة في نيسان عام 2020 من خارج كتلته سوى عدد قليل من النواب، مما أدى إلى إجهاض قوانين إصلاحية جوهرية كان يمكنها أن تساهم في الحد من الفساد والإهمال ومحاسبة رؤوس كبيرة بعيدا من أي حصانات دستورية أو قانونية.

وعندما اعلن رئيس حزب وازن في البلاد قبل أيام أنه سيمضي وكتلته النيابية الى النهاية ومن دون أي تردد في موقفها الرافض للتريث في رفع الحصانات في ملف تفجير مرفأ بيروت، لم يكن يذكر ان معظم أعضاء كتلته غادروا قاعة الهيئة العامة في الاونيسكو في 22 نيسان من العام الفائت عندما طرح الرئيس نبيه بري اقتراح القانون المقدم من فضل الله على التصويت لاعطائه صفة العجلة.

فماذا أولاً في اقتراحات النائب فضل الله قبل سنتين؟ وما هي المجريات التي أوصلت الى اصطدام المحقق العدلي طارق البيطار بالحصانة الدستورية للوزراء المشتبه في إخلالهم بواجباتهم الوظيفية؟

تقدم فضل الله بالاقتراحات الآتية:

- اقتراح قانون تعديل دستوري للمادتين 70 و71 بحيث تتم محاكمة الوزراء أمام القضاء العدلي في كل ما له علاقة بالفساد والهدر والجنح والجنايات. 

- اقتراح قانون تعديل القانون 13/90 الذي ينظم عمل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ليُتاح للقضاء العدلي محاكمة الوزراء. 

- اقتراح قانون رفع الحصانة عن جميع الوزراء منذ العام 1992 وتُجرى محاكمتهم أمام القضاء العدلي. 

عندما عُرضت هذه الاقتراحات الثلاثة في جلسة 22 نيسان 2020 قدم النائب فضل الله شرحا لمعاناته مع القضاء الذي يرفض محاسبة الوزراء لأن عليهم حصانة دستورية وقانونية، وأن ما يمنعه من الإدعاء عليهم وجود حاجز دستوري من مسؤولية النواب إزالته، خصوصا بعد الذي جرى في ملفات الفساد بما فيها وزارة الاتصالات والحسابات المالية للدولة حيث يمتنع الوزراء عن المثول أمام القضاء، وأن أمام المجلس خيارات عدة والمهم هو الهدف، أي رفع الحصانات. 

اقترح الرئيس بري مناقشة الخيار الأكثر قابلية للمعالجة وهو تعديل قانون المجلس الأعلى المقدم بصفة العجلة، ويلبي مطلب مقدم الاقتراحات الثلاثة. 

في تلك الجلسة انسحب العديد من النواب، ومن بقي في الجلسة كان بين موافق ومعترض، ويومها أعاد المجلس الاقتراح - الذي وقف فيه إلى جانب كتلة "الوفاء للمقاومة" نواب من كتلة "التنمية والتحرير"، وبعض النواب المستقلين أو بصفتهم الشخصية - الى لجنة فرعية برئاسة النائب ابرهيم كنعان لمزيد من النقاش ونام الاقتراح في الادراج.

اقتراح متقدم ... ومعظم القوى رفضته

عندما اعلن فضل الله خلال مؤتمر صحافي في ساحة النجمة الأسباب الموجبة لتقديمه الاقتراح، أشار الى ان القضاء العدلي "لم يحرك ساكناً في ملفات الهدر والفساد". ولفت الى ان الوزراء "عندما كانوا يمارسون صلاحياتهم، كانوا خاضعين لمواد دستورية تنص على ان يحاكموا امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".

أما في الأسباب الموجبة فإنه بدأ من المادة 70 من الدستور التي نصت على أن ل#مجلس النواب إتهام رئيس الوزراء والوزراء بغالبية الثلثين، وأن المحاكمة هي من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وشرح التعقيدات التي جعلت من هذا النص سور حماية للوزراء من المحاسبة على ارتكاباتهم.

الأمر نفسه شرحه فضل الله في الاقتراحين الآخرين، وكل ذلك يصب في الهدف نفسه وهو أن تتم محاسبة الوزراء أمام القضاء العدلي. 

لكن اللافت انه لدى طرح الاقتراح المتعلق بتعديل قانون محاكمة الرؤساء والوزراء على التصويت، كان نواب "القوات اللبنانية" غادروا القاعة باستثناء النائب جورج عدوان، بينما قرر نواب "التيار الوطني الحر" التصويت على إحالة الاقتراح على لجنة فرعية يرأسها النائب ابرهيم كنعان باستثناء النائبين آلان عون وسيمون أبي رميا اللذين ساندا زميلهما فضل الله، بينما صوّتت كتلة "المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي" ضد الاقتراح الذي قدمه فضل الله ووقّعه معه النائب هاني قبيسي، ولم يصوّت حتى الذين سبق وحرص النائب فضل الله على إشراكهم في التوقيع على اقتراح التعديل الدستوري ليضمن أوسع تأييد بمن فيهم مَن هم على خصومة سياسية مع كتلته النيابية. 

اذاً كل من عارض اقتراح القانون قبل اكثر من عام وخرج من القاعة متهرباً من الموافقة على اقراره أو مَن صوّت ضده، ومن بين هؤلاء النواب من كان متحمسا لذلك الاقتراح امام عدسات الكاميرات، ولكن عندما دقت ساعة الحقيقة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود عاد النواب المعارضون الى قواعدهم واستشاروا زعماءهم. وكل من فعل ذلك ثبّت الحصانات وأبقى على الآلية ذاتها أي مرجعية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء! لأن النتيجة كانت تطيير الاقتراح.

لو وافق النواب آنذاك على رفع الحصانات، لكان الوزراء النواب اليوم أمام القاضي العدلي في ملف انفجار المرفأ، ولما كان هناك من حاجة للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ، ولا لكل هذا الجدل حول الصلاحيات. 

في الحصيلة يبدو واضحاً ان كل من ينادي اليوم برفع الحصانات كان قبل عام واكثر من اكثر المعارضين لاقرار القانون الذي يعدل مواد دستورية بهدف ملاحقة المرتكبين.

كل ذلك يشي بأن التمترس خلف شعارات لا يسمن ولا يغني من جوع، وبالتالي كان على النواب إقرار ذلك القانون وانهاء اللغط بشأن ملاحقة الوزراء والنواب وعدم ترك أي ثغرة في الدستور ما يزيد التشنجات على غرار ما نشهده اليوم مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لنكبة بيروت. 

 

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

خبر عاجل