معركة أولي البأس

مقالات مختارة

الحجم التمثيلي.. حزب الله أول قوى التغيير ثانياً
19/05/2022

الحجم التمثيلي.. حزب الله أول قوى التغيير ثانياً

"الأخبار" ـ لينا فخر الدين

للمرة الثانية خلال 4 سنوات، يجري اعتماد القانون النسبي في الانتخابات النيابية. رغم تشوّهاته، يتيح القانون تحديد حجم تمثيل الأحزاب التي شاركت في الاستحقاق بدقة. نتيجة انتخابات 2022 أتت كسابقتها: حزب الله الأوّل شعبياً بحصول مرشحيه على أعلى نسبة من الأصوات التفضيليّة، تليه "قوى التغيير".

ارتفع عدد الناخبين الذين شاركوا في انتخابات 2022 إلى 1951683 من 1862103 عام 2018. النسبة الأعلى من التصويت كانت في دائرة الجنوب الثالثة حيث شارك 238 ألفاً و610 ناخبين، فيما سجّلت بيروت الأولى النسبة الأدنى من الاقتراع (48 ألفاً و311 ناخباً). وكان لافتاً العدد الكبير من الأوراق الملغاة أثناء الفرز (57 ألفاً و873)، وكانت النسبة الأعلى منها في دائرة الشمال الثانية (6880 ورقة). فيما ارتفع عدد الأوراق البيضاء (19 ألفاً و308)، كانت نسبتها الأعلى في دائرة الجنوب الثالثة (3042) وأدناها في بيروت الأولى (395).

دائرة الجنوب الثانية (قرى صيدا - صور) كانت الوحيدة التي لم تشهد أي خرق، إذ فاز المرشحون السبعة للائحة «الأمل والوفاء» من دون أن تتمكن أي لائحة أُخرى من بلوغ الحاصل، على عكس دائرتي بيروت الثانية والشمال الثانية حيث وصلت 6 لوائح إلى الحاصل المطلوب. وللدورة الثانية على التوالي، تؤكّد الأرقام أن حزب الله هو الأكثر شعبيةً على الإطلاق بحصول نوابه على 347 ألفاً و171 صوتاً تفضيلياً (مع احتساب أصوات اللواء جميل السيّد)، بزيادة 3951 صوتاً عن عدد الأصوات التي حصل عليها في 2018. ونال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد الرقم الأعلى من الأصوات التفضيليّة في كل لبنان (48 ألفاً و543 صوتاً)، يليه النائب حسن فضل الله (43 ألفاً و234 صوتاً)، فرئيس مجلس النواب نبيه بري (42 ألفاً و91 صوتاً).

قوى «التغيير» كانت الكتلة الأكثر شعبية بعد حزب الله، إذ اقترع 330 ألفاً و527 ناخباً للوائح الـ 24 التي شكّلتها هذه القوى في مختلف الدوائر اللبنانية (من بينها لائحة النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري). وتمكّنت 8 لوائح من الوصول إلى حاصل أو 3 على الأكثر، كما مع لائحة «توحّدنا للتغيير» في دائرة الشوف - عاليه التي حازت أعلى رقم من الأصوات التفضيليّة من بين اللوائح، وهو 42 ألفاً و77 صوتاً. فيما سجل المرشح في دائرة بيروت الثانية إبراهيم منيمنة أعلى نسبة أصوات تفضيلية بين قوى الاعتراض (13 ألفاً و281 صوتاً).

وعلى صعيد لوائح قوى الاعتراض، اقترع 141 ألفاً و675 لـ15 لائحة لم تتمّكن من الوصول إلى الحاصل المطلوب، من بينها إحدى اللوائح التي حصلت على 41 ألفاً و20 صوتاً.
وحلّت حركة أمل في المرتبة الثالثة بعدما حصل مرشحوها في كل الدوائر على 176 ألفاً و338 صوتاً تفضيلياً.
وسجّل حلفاء الثنائي الذين ترشّحوا على لوائحه 23 ألفاً و919 صوتاً تفضيلياً. وفي المرتبة الأولى بينهم، حلّ المرشح في دائرة بعلبك - الهرمل ينال صلح بحصوله على 8764 صوتاً. فيما حصلت شخصيات سنيّة مُقرّبة من حزب الله، ولم تترشح على لوائحه، على 59 ألفاً و589 صوتاً تفضيلياً. النسبة الأعلى سجّلها نائب عكار محمد يحيى الذي انضم إلى تكتل التيار الوطني الحر بعد حصوله على 15 ألفاً و142 صوتاً تفضيلياً، يليه حسن مراد بـ9 آلاف و157 صوتاً.

وتمكّن حلفاء الثنائي الدروز ممن ترشحوا على لوائحه أو لوائح مدعومة منه على 2896 صوتاً لطارق الداود، و12 ألفاً و679 صوتاً لكتلة الحزب الديموقراطي اللبناني و10 آلاف و228 صوتاً تفضيلياً لرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب.
أما حلفاء الثنائي من المستقلين المسيحيين الذين ترشحوا على لوائح وتلقّوا دعمه، فنالوا: 26 ألفاً و861 صوتاً (ناجي البستاني، إيلي الفرزلي، ميشال موسى، إبراهيم عازار...). وحصل على الرقم الأعلى بينهم المرشح على المقعد الماروني في بعلبك - الهرمل عقيد حدشيتي الذي نال 4 آلاف و767 صوتاً.
ومن بين الأحزاب الحليفة للثنائي، نال الحزب السوري القومي الاجتماعي بفرعَيه 8 آلاف و237 صوتاً.

مسيحياً، سُجل تراجع كبير في شعبية التيار الوطني الحر الذي حصل في 2018 على 276 ألفاً و610 أصوات، فيما نال في هذه الدورة 116 ألفاً و665 صوتاً، وكانت أعلى نسبة أصوات تفضيليّة للمرشح في دائرة بعلبك – الهرمل سامر التوم (11 ألفاً و343 صوتاً)، تليه المرشحة على المقعد الماروني عن دائرة كسروان ندى البستاني (11 ألفاً و338 صوتاً تفضيلياً).
وبتراجع التيار الوطني الحر، حل حزب القوات اللبنانيّة في المرتبة الرابعة لبنانياً والأولى مسيحياً بحصول مرشحيه على 171 ألفاً و683 صوتاً تفضيلياً في مقابل 162 ألفاً و78 صوتاً عام 2018. الرقم الأعلى سجّله المرشح القواتي في دائرة بعلبك – الهرمل أنطوان حبشي، إضافة إلى تحالف القوات مع شخصيات مسيحيّة مستقلّة حصلت على أكثر من 30 ألف صوت تفضيلي، من بينها المرشحة في جزين غادة أيوب (7 آلاف و953 صوتاً) قبل أن تعلن انضمامها إلى كتلة القوات النيابية. فيما لم يتمكن حزب سمير جعجع من التحالف مع شخصيات شيعية لها ثقلها، ولم ينل حلفاؤه الشيعة أكثر من 1623 صوتاً.
وحصل حزب الكتائب على 24 ألفاً و516 صوتاً، سجّل نسبتها الأعلى رئيس الحزب سامي الجميل (10 آلاف و466 صوتاً تفضيلياً)، ونسج الكتائب تحالفات مع مسيحيين مستقلين نالوا أكثر من 22 ألف صوت تفضيلي، من بينهم نعمة افرام (10 آلاف و743 صوتاً).

مسيحياً أيضاً، حلّ حزب المردة خلف الكتائب بحصول مرشحيه على 17 ألفاً و977 صوتاً نال الرقم الأعلى منها طوني فرنجية (8945)، إضافة إلى تحالفات مع شخصيات مسيحية مستقلة سجّلت أكثر من 7 آلاف صوت.
ورغم أن الطاشناق يُعدّ الأول شعبياً على الساحة الأرمنية إلا أنه مسيحياً جاء في المرتبة ما قبل الأخيرة التي يحتلّها حزب الوطنيين الأحرار الذي نال في 3 دوائر انتخابية 3 آلاف و637 صوتاً.
ونالت شخصيات مسيحية ترشّحت ضد الأحزاب المسيحيّة الأكثر تمثيلاً (كفريد هيكل الخازن، رينيه معوّض، مجد حرب، ميشال ضاهر) ما يقارب 31 ألفاً و40 صوتاً، كانت النسبة الأعلى فيها لميشال الياس المر (15 ألفاً و997 صوتاً).

درزياً، لم يترك وليد جنبلاط له منازعاً. فحلّ الحزب التقدمي الاشتراكي في المرتبة الخامسة وطنياً، إذ حصل مرشحوه الدروز والسني بلال عبدالله على 66 ألفاً و131 صوتاً تفضيلياً، أعلاها لتيمور جنبلاط (12 ألفاً و917)، إضافة إلى حصول مرشحيه المسيحيين حبوبة عون وراجي السعد على 9 آلاف و184 صوتاً.

الساحة السنية
أما على الصعيد السني، فكانت جمعية المشاريع الخيرية الكتلة السنية الأكثر شعبية وحلّت في المرتبة السابعة في لبنان بحصول مرشحيها على 23 ألفاً و112 صوتاً، أعلاها لمصلحة نائبها عدنان طرابلسي، تليها الجماعة الإسلامية التي حصدت 19 ألفاً و978 صوتاً تفضيلياً.

في المقابل، سُجل حضور شخصيات سنيّة مستقلة كفؤاد مخزومي (10021)، عبد الرحمن البزري (8526)، أسامة سعد (7341)، نبيل بدر (5631)، ليبلغ مجموع هذه الكتلة 31 ألفاً و519 صوتاً.
ونال مرشحون سنة خرجوا من رحم تيار المستقبل ولكنهم لم يترشحوا على لوائح القوات أو الرئيس فؤاد السنيورة، (كمحمد القرعاوي، عمر حلبلب، وليد البعريني، محمد سليمان...) أكثر من 55 ألف صوت، وكانت النسبة الأعلى من هؤلاء لسليمان (11340) والبعريني (11090). في حين حصلت الكتلة السنية التي ارتضت التحالف مع القوات أو السنيورة أو كليهما على 50 ألف و466 صوتاً تفضيلياً (أشرف ريفي، زيدان الحجيري، صالح الشل، طلال المرعبي، خالد ضاهر...). وأتت النسبة الأعلى من الأصوات التفضيليّة لمصلحة ريفي بحصوله على 11 ألفاً و593 صوتاً تفضيلياً و26 ألفاً 285 صوتاً لصالح لائحته في طرابلس.
وفي الإطار عينه، تمكن السنيورة من دعم عشرات المرشحين والمرشحات السنة (لائحة بيروت تواجه مثلاً) من دون أن يكون هؤلاء على تحالف مع القوات. ونال هؤلاء 18 ألفاً و960 صوتاً تفضيلياً، وكانت النسبة الأعلى بين هؤلاء في الضنية لصالح سامي فتفت.

علوياً، صوّت 4969 ناخباً لصالح مرشحين في لوائح تدور في فلك 8 آذار، و1490 لمرشحين علويين من 14 آذار.
أما نسبة الأصوات الأقل التي تمكن فيها نائبٌ من التربع على المقعد النيابي فكانت للمرشح عن مقعد الروم الأرثوذكس في طرابلس جميل عبود (79). في حين نال المرشح على لائحة جمعية المشاريع الخيرية في دائرة بيروت الثانية إياد البنا على ثلاثة أصوات فقط، وهو أقل عدد من الأصوات من بين المرشحين على لوائح تمكنت من الوصول إلى الحاصل!.

ترشيحات رئاسة الحكومة تسابق استحقاق رئاسة المجلس: نوّاف سلام مجدداً؟ لبنان بين فرصة للتهدئة أو التصعيد

تظهر المداولات الأولية، التي تجرى ببطء على هامش نتائج الانتخابات، أن لبنان أمام أيام حاسمة: إما أن يدخل في مواجهة سياسية واسعة تؤدي الى تعطيل عمل المؤسسات، بما فيها المجلس النيابي قبل بدء عمله، أو تفتح الباب أمام تسوية ستكون حكماً مختلفة عما كان سائداً، ربطاً بالواصلين الجدد الى المجلس النيابي. فيما يُنسب إلى شخصيات يجري تقديمها باسم «قوى التغيير» أن مساعيها لتشكيل جبهة سياسية واسعة تتطلّب حسم الموقف من عناوين كثيرة، أهمها من ستنتخب لرئاسة المجلس النيابي، ومدى الاستعداد للمشاركة في حكومة وحدة وطنية موسعة.

في غضون ذلك، برزت ملامح لمواقف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالوضع في لبنان. في السعودية، مثلاً، يسود مناخ بأن حلفاء الرياض «حققوا إنجازاً يُبنى عليه». ترجمة ذلك أن الفريق القريب من السعودية مستعدّ لمقايضة التصويت أو تسهيل إعادة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي، في مقابل تسهيل فريق حزب الله وحلفائه ترشيح رئيس للحكومة يمثل حلفاء الرياض، بما يعيد إلى هذا الفريق التوازن قبل معركة رئاسة الجمهورية. ويبدو ممّا نقل عن الرياض أن هناك فيتو سعودياً أوّلياً على إعادة تسمية نجيب ميقاتي رئيساً لحكومة انتقالية تستمر حتى الانتخابات الرئاسية، مع تسجيل حركة سياسية غربية في الساعات الماضية أعادت طروحات قديمة إلى التداول، من بينها تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، علماً بأن ترشيح الأخير طُرح منذ استقالة الرئيس سعد الحريري بعد ١٧ تشرين. ويبدو أن القوى الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة التي ترى أن الانتخابات أوصلت إلى البرلمان مجموعة من النواب «التغييريين» و«المستقلين» المعروفين بولائهم لواشنطن، عادت إلى طرح اسم سلام باعتبار أن هناك إمكانية لتأمين غالبية تسمّيه للمنصب تتألف من القوات اللبنانية وحلفائها ومن عدد من النواب الجدد، إضافة إلى قوى سياسية تقليدية. وكان سلام قد رفضَ قبل الانتخابات كل محاولات الرئيس فؤاد السنيورة لإقناعه بالترشح للانتخابات في دائرة «بيروت الثانية»، وعلّل رفضه هذا بأنه «لا يُريد أن يحرق نفسه في هذا الاستحقاق، ما دام اسمه في بورصة المرشحين لرئاسة الحكومة».

ووفق مصادر مطّلعة، فإن طرح سلام إشارة إلى «استمرار المشروع الذي يريد دفع البلاد إلى المواجهة». إذ إن سلام ليس شخصية تسووية، و«من يشجع على هذا الطرح لم يقرأ جيداً نتائج الانتخابات في الأرقام وفي السياسة»، مشيرة إلى أن اسم الرئيس ميقاتي سيبقى مطروحاً محلياً، ومن قبل الفرنسيين أيضاً.
هذه الأجواء تشير إلى آفاق مغلقة في المرحلة المقبلة وإلى خشية من عدم إمكان تشكيل الحكومة التي ستكون حلبة الصراع الأساسية، وخصوصاً أنها تأتي قبيل أشهر من الانتخابات الرئاسية، وأنها من يفترض أن يمسك بمقاليد الأمور في حال الفراغ الرئاسي المرجح في ظل عدم نضوج التسويات الإقليمية.
في غضون ذلك، بدأت المداولات في الصالونات السياسية حول انتخابات رئاسة المجلس الجديد والترشيحات لمناصب رئيسية، من بينها نائب الرئيس وأعضاء مكتب المجلس، فيما فُتحت لعبة المقايضة، وخصوصاً أن خصوم حزب الله يريدون إحراجه بعدم التصويت للرئيس بري، اعتقاداً منهم بأن الحزب غير قادر على ضمان وصول رئيس للمجلس من حلفائه، وأن الأمر يحتاج الى تبريد الرؤوس الحامية، بعدما أظهرت الاتصالات الأولية وجود تحالف متنوع يبدأ بحزب الله وينتهي بالحزب التقدمي الاشتراكي، ويضمّ عدداً غير قليل من الكتل الصغيرة أو المستقلين ممن يمكنهم توفير غالبية بسيطة لإعادة انتخاب بري في حال قرر حزب القوات اللبنانية وبعض المجموعات المعارضة من الواصلين الجدد المقاطعة. وأن بين المقربين من بري من يطرح جدياً ترشيح النائب المنتخب ملحم خلف نائباً لرئيس المجلس، مع محاولة إطلاق حفلة مقايضات على إدارة اللجان النيابية الرئيسية.
 

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة