معركة أولي البأس

مقالات مختارة

"الصحوة" الأميركية: "تسونامي" الغضب العالمي يحاصر الإدارة
14/12/2023

"الصحوة" الأميركية: "تسونامي" الغضب العالمي يحاصر الإدارة

خضر خروبي - صحيفة الأخبار

خيّمت انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن على الأوساط الحاكمة في تل أبيب. وتفاعلت الجهات المعنية بالحرب على غزة مع الخطاب، بين من وجد فيه ثغرة قد تقود إلى وقف العدوان، ومن اعتبره محاولة لتجميل صورة الموقف الأميركي بسبب ضغوط الرأي العام العالمي والأميركي نتيجة الوحشية الإسرائيلية التي راح ضحيتها عدد هائل من المدنيين.وينتظر قادة العدو وصول مستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان اليوم ببرنامج عمل يتعلق بسير العمليات العسكرية والوقت الذي تحتاج إليه قوات الاحتلال لـ"إنجاز المهمة"، وهو ما لا يرفضه الأميركيون، غير أنهم بدأوا يشعرون بصعوبة تحقيق إسرائيل للأهداف، فيما يسود التوتر العالم، وترتفع الأصوات المطالبة بوقف الحرب.

من جهته، قال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية، أمس، إنه نتيجة "الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ومقاومتنا الباسلة، نرى أن هذه المعركة البطولية تقترب من نهايتها المشرقة". وأكّد "أننا منفتحون على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي إلى وقف العدوان"، لكن "أي رهان على ترتيبات في غزّة من دون الحركة وفصائل المقاومة هو وهم وسراب".

ويبدو فصل العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، المثقلة برواسب سياسية وشخصية من التوتّر بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي جو بايدن، على عتبة الانتقال إلى "الخلافات العلنية"، سواء على استكمال المفاوضات حول المساعدات الإغاثية، وإقرار هدن إضافية في قطاع غزة، أو لناحية الاتفاق على سيناريو محدَّد "لليوم التالي" ما بعد الحرب. وتتمحور "عقدة الخلاف"، أقلّه في جانبها المعلن، حول تأييد أميركي لدور أمني للسلطة الفلسطينية هناك، ورفْض مقابل لذلك الدور من جانب نتنياهو، فضلاً عن ملفّ المفاوضات في شأن الأسرى، ولا سيما أن انتقادات بايدن غير المسبوقة لنتنياهو استبقت اجتماعاً مقرّراً للرئيس الأميركي مع عدد من عائلات المحتجزين الأميركيين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية.

وتجلّى آخر فصول هذا التذبذب في "تردّدات" موجة الدعم الأميركي لإسرائيل، على لسان بايدن نفسه، في معرض ردّه على خطاب سابق لنتنياهو أعرب فيه عن رفضه التصوّرات الأميركية لما بعد الحرب، مقرّاً بوجود تباينات بين الجانبَين. وإذ أشار الرئيس الأميركي إلى أن إسرائيل بدأت «تفقد الدعم الدولي" بسبب الحصيلة المرتفعة من الضحايا المدنيين جرّاء "حملة القصف العشوائي" التي تشنّها على غزة، فهو دعا رئيس حكومة الاحتلال إلى إجراء تغيير على حكومته التي وصفها بأنها «أكثر الحكومات محافظةً في تاريخ إسرائيل"، والتي "لا تريد القيام بأيّ شيء".

تصريحات بايدن: لغة مزدوجة أم تغيّر حقيقي؟

على الفور، انقسمت آراء المعلّقين الغربيين، بين مَن وصف خطاب بايدن بـ»الأكثر حدّة، ومباشرة» في انتقاده لنتنياهو، واعتبره مؤشّراً إلى قرب انتهاء "لغة التمنّي الودية" بين الرجلَين، و"نفاد صبر متزايد في أوساط الإدارة الأميركية في شأن حصيلة الخسائر البشرية الكبيرة" في صفوف المدنيين في غزة، خصوصاً أنه جاء بعد تحذيرات أطلقها وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، من أن إسرائيل ستواجه "هزيمة إستراتيجية" إذا لم يتمّ توفير حماية أفضل للمدنيين الفلسطينيين؛ وبين من أدرجه في إطار «الخطاب المزدوج» الذي اتّبعته واشنطن إزاء الحرب، ولا سيما أن الأخيرة صوّتت خلال الأيام الماضية ضدّ مشروعَين أمميَّين لوقف إطلاق النار داخل القطاع، أحدهما في مجلس الأمن الدولي، والآخر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن قيامها بتجاوز الدور الرقابي للكونغرس، وموافقتها على تمرير مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، تم تبريرها كـ»إجراء طوارئ»، شملت إرسال أكثر من 13 ألفاً من قذائف الدبابات، بقيمة 106 ملايين دولار.

كذلك، حذّر محلّلون من التداعيات السلبية للنهج الدبلوماسي «المزدوج» لواشنطن على الصعيد الدولي، إذ شدّدت المديرة التنفيذية لمكتب "منظمة أطباء بلا حدود"، في الولايات المتحدة، على أن إدارة بايدن «تعرب، ومن خلال استخدامها حق النقض ضدّ مشروع القرار الأممي، عن وقوفها وحيدة في وجه الإنسانية جمعاء"، موضحة أنّ "الفيتو الأميركي يجعل الولايات المتحدة متواطئة في المذبحة الجارية في غزة». ومن جهتها، تساءلت مديرة المناصرة في مركز "Civilians in Conflict"، آني شانيل، عن كيفية تحقيق موقف بايدن لهدفه المعلن المتمثّل في حماية المدنيين الفلسطينيين، بالقول: "من جهة، يدعو المسؤولون الأميركيون، إسرائيل إلى القيام بالمزيد لحماية المدنيين؛ ومن جهة أخرى، يقدّمون شيكاً على بياض لإسرائيل، بصورة تسمح لها باستخدام المساعدات (العسكرية) الأميركية من دون شروط".

ضغوط الرأي العام والكونغرس

بدورها، علّقت صحيفة "نيويورك تايمز" على مبادرة الإدارة الأميركية لتخطّي دور الكونغرس في ما يخصّ المساعدات العسكرية الأخيرة لـ"إسرائيل"، معتبرة أن الأمر "يُظهر أن مسؤولي الإدارة يدركون الغضب المتزايد في أوساط المشرّعين الأميركيين ومواطنيهم على حدّ سواء، في شأن كيفية استخدام "إسرائيل" للأسلحة الأميركية" في القطاع الفلسطيني المحاصَر. وبدا لافتاً في هذا السياق، انطلاق آلاف المحتجين في تظاهرات أمام مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، بعد جلسة التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار، حيث طالب بعضهم بإغلاق "وول ستريت"، فيما ندّد آخرون بـ"الفيتو" الأميركي، وسط ترديد هتافات مؤيّدة للشعب الفلسطيني، وذلك في موازاة تظاهرة أخرى بارزة جابت ساحات "الكابيتول"، وشارك فيها العشرات من الناشطين ضدّ الحرب، من جمعيات أبرزها "الصوت اليهودي للسلام"، و"الحملة الأميركية للحقوق الفلسطينية"، مندّدين بتزويد بلادهم تل أبيب بالأسلحة، ومطالبين بوقف إطلاق النار في غزة.

وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين، قولهم أنّه "من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة قادرة على تهدئة المخاوف المتزايدة في الكونغرس حول ملف الدعم العسكري غير المشروط لتل أبيب".

من جهتها، نقلت "نيوزويك" الأميركية عن ضابط في القوات الجوية الأميركية شارك في مداولات في إدارة بايدن ومع إسرائيليين، أن "المشكلة هي غطرسة إسرائيل"، مشيراً الى أن "إسرائيل خسرت حرب معلومات، وإن برّرت كل هجوم على حدة". وأكّد الضابط الأميركي أن "إسرائيل كانت دقيقة بقصفها، وتسبّبت بأضرار جسيمة بين المدنيين". وفي حين أشارت الصحيفة الى أن "إسرائيل هاجمت 25 ألف هدف في غزة من الجو والبحر والبرّ"، قال ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية الأميركية للصحيفة، إن "هجوم إسرائيل على غزة هو في الواقع هجوم على المدنيين". وأشارت "نيوزويك" إلى أن "إدارة بايدن بدأت مناقشات داخلية بشأن الرد الإسرائيلي مع تزايد الاحتجاجات الدولية".

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

خبر عاجل