نصر من الله

مقالات مختارة

لا بدّ من مقاومة لخروقات العدو
28/12/2024

لا بدّ من مقاومة لخروقات العدو

ابراهيم الأمين- صحيفة "الأخبار" 

ما الذي يحول دون انتشار سريع للجيش جنوباً؟ وكيف يمكن للناس أن يثقوا بأن الضمانات الدولية سوف توقف العدوان الإسرائيلي المستمر؟ وهل صحيح أن الولايات المتحدة تشكّل عنصراً رادعاً للعدو وضامناً لالتزامه باتفاق تنفيذ القرار 1701؟

حتى اللحظة، يبدو أن من هو الأكثر إحراجاً، لا يتصرف انطلاقاً من مسؤوليته. فكل التبريرات التي ترد حول عدم قدرة لبنان على تحصيل خطوات فعلية توقف العدو، لا تنفع في معالجة الثغرة الرئيسية التي برزت في الاتفاق منذ اليوم الأول، وهي أن العدو يتصرف على أنه في موقع المسيطر والمنتصر، وأنه يحق له القيام بما يراه متناسباً مع مصالحه، وأن القوى المشاركة في اللجنة الخماسية، ليس بيدها أي سلطة تقدر على منع العدو من مواصلة عملياته في كل المناطق القريبة من الحدود، بما في ذلك التي تطاول حدود الخط الثاني من قرى الحافة.

قيل الكثير عن أن قيادة الجيش، أبلغت الجانب الأميركي بأن ما تفعله إسرائيل يضعها في موقع محرج. لكنّ أميركا لا تهتم لذلك. ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال للأميركيين والغربيين، إن ما تقوم به إسرائيل يقوّض الاتفاق ويهدّد بإطاحته، لكن من يستمعون له لا يقدّمون إجابة مقنعة. أما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فيحثّ الجانب الأميركي على وجه الخصوص، على التحرك، لأن ما تقوم به إسرائيل سيقوّض الشرعية الدولية والمحلية للاتفاق، وإلى جانب هؤلاء، ثمة أصوات منسوبة إلى جهات أوروبية وإلى ضباط في القوات الدولية العاملة في الجنوب، تقول إن إسرائيل تفتح الباب أمام منح حزب الله شرعية لأي أعمال عسكرية يقوم بها ضد قوات الاحتلال. ومع ذلك، تسير الأمور وفق ما تريده إسرائيل.

طبعاً، لا يمكن أن ننتظر من أي جهة لبنانية، وخصوصاً «السياديين»، إصدار مواقف تندّد بما تفعله إسرائيل. لا بل على العكس، فإن إعلاميّي هذه المجموعة، يبرّرون للعدو ما يقوم به، ويتحدثون عن أن حزب الله لم ينفّذ المطلوب منه، وهو لا يزال يخفي مقاتليه جنوب نهر الليطاني. ويقول هؤلاء الصبية، إن الحزب يبرّر وجود المقاتلين بأنهم أبناء القرى. والغريب أن هذه الأصوات، لا تكتفي بتبنّي سردية العدو في الحرب فقط، بل هي توفّر التغطية لجنون العدو، والقيام بطرد أبناء القرى الجنوبية بحجة أنهم مقاتلون في حزب الله. هذا بالإضافة إلى ما تتولاه هذه الأصوات التي تحظى بدعم وتمويل من جهات عربية مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، من حديث عن قدرات حزب الله الموجودة جنوب نهر الليطاني، وتقول إن الحزب يخفيها ولا يسلّم الجيش إلا بعضها.

عملياً، يدفعنا كل ذلك إلى السؤال مجدداً، عن الجهة التي يمكن أن توقف العدوان. وفي أي نقاش جانبي يحصل حول ما يمكن للمقاومة أن تفعله، يخرج من يقول، إن أي رد من جانب المقاومة يعني العودة إلى الحرب من جديد. وبالتالي، فإن الراغبين بعدم تجدد الحرب، لا يرفعون الصوت لوقف خروقات العدو، بل يرفعون الصوت ضد أي محاولة لحث المقاومة على فعل لردع العدو، فيما هم يصمتون حيال عدم قدرة الولايات المتحدة وفرنسا والقوات الدولية وحتى الجيش اللبناني على منع العدو من مواصلة عدوانه.

اليوم، دخلنا الشهر الثاني من مهلة الشهرين التي قال الاتفاق إنها المسافة الزمنية المُفترض أن يُنفّذ الاتفاق فيها. وخلال ثلاثين يوماً مضت، دمّر العدو في قرى الحافة الأمامية ما يوازي ضعف ما كان قد دمّره خلال 14 شهراً من المواجهات مع المقاومة. إضافة إلى أنه لا يزال يمنع عشرات الألوف من أبناء هذه القرى من العودة إلى قراهم، كما يمنع على فرق الإسعاف والدفاع المدني انتشال جثامين الشهداء المقاومين أو المدنيين الذين لا يزالون تحت الأنقاض. وطبعاً، لا يرد في بال العدو أن يتحدّث عما يفعله أو أن يبرّر ما يقوم به. لكنّ العبارات الوحيدة التي تستخدمها قياداته العسكرية والأمنية تركّز على أنهم يقومون بتنفيذ الاتفاق من خلال إزالة موجودات تخص حزب الله في هذه القرى. بينما يقولون لسكان المستوطنات الشمالية، إن إسرائيل لن تسمح لمواطني جنوب لبنان بالعودة قبل عودتهم هم إلى المستعمرات الشمالية.

لكن، ما هو المتوقّع في المتبقّي من مهلة الستين يوماً؟

واضح أن العدو، كان قد قرّر سياسته هذه، منطلقاً من حسابات مختلفة، لكنه وجد نفسه أكثر راحة ربطاً بما حصل في سوريا من تطورات. وهو الذي نشر عشرات الآليات وألوف الجنود في قرى سورية تمّ احتلالها بعد يوم على سقوط النظام في سوريا. فيما يواصل طيرانه تنفيذ الغارات لتدمير كل ما تصل إليه طائراته من مقدّرات تخص الجيش السوري، أو قصف نقاط حدودية مع لبنان بحجة أنها لا تزال معابر يستخدمها حزب الله لنقل سلاح من سوريا. وطبعاً، لا يوجد في دمشق من يرفع الصوت، وبالطبع، لا يوجد في سوريا من يردّ على العدو، حيث إن السلطات الجديدة تلتزم بما كان النظام السابق يقوم به، لجهة الصمت عن هذه الاعتداءات.

لكن، هل العدو بصدد تعديل الاتفاق بما يسمح له تحقيق غاية كانت قائمة عنده عشية الحرب على لبنان، وتقضي بإبقاء الشريط الملاصق للحدود مع فلسطين منطقة خالية من السكان؟ وهل العدو، يجد نفسه في موقع القادر على فرض هذه المعادلة دون أي رادع لبناني أو دولي أو أممي؟
صحيح أن ما يقوم به العدو يصيب أولاً وأخيراً أبناء هذه القرى وأرزاقهم، لكنه يصيب مباشرة، منطق الفريق اللبناني – العربي – الدولي حيال ما يحققه المجتمع الدولي والشرعية الدولية إن تم الأخذ بها. لكنّ النتيجة الوحيدة لما يقوم به جيش الاحتلال، هي إعادة الاعتبار إلى شرعية أي عمل تقوم به المقاومة، سواء كانت على قياس حزب الله، أو على قياس مجموعات جديدة، تجد نفسها في موقع المسؤول عن مواجهة ما يقوم به العدو. وبرغم أن الناس تعبوا من الحرب، وهم لا يريدون أن يتعرضوا للتهجير مجدداً، إلا أن كلفة المواجهة مع قوات الاحتلال، ستظل أقل من كلفة الركون إلى ما تقوم به حالياً. وهذه المقاومة، تمثّل العنوان الوحيد القابل للصرف في مواجهة هذا الغرور وهذا الاستعلاء عند العدو.

المقاومة الإسلاميةالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة