مقالات مختارة
العدو يدرس خياراته: استئناف الحرب ليس محتوماً
يحي دبوق- صحيفة "الأخبار"
يبدو مشهد الكباش الحالي بين حركة «حماس» من جهة، وإسرائيل وأميركا من جهة ثانية، عبارة عن غموض ولايقين وترقُّب تصعيد. فهل الاتجاه نحو استئناف الحرب، أم أن الأمور ستذهب إلى تسوية نتيجة ضغط التهديدات المتبادلة؟ الأكيد، أنه لا إجابة يقينية، ولا ترجيح لأيٍّ من الاتجاهَين، وخاصة أن المجال لا يزال مفتوحاً أمام احتمال أن تكون التصريحات والتهديدات الواردة من تل أبيب وواشنطن مجرّد مناورة للضغط على «حماس»، التي كانت قد أعلنت وقف التزامها بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين السبت المقبل، نتيجة مماطلة إسرائيل وتسويفها في تنفيذ التزاماتها.
وعلى رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تحدث بشكل واضح ومباشر، وأوحى بأنه قرّر استئناف الحرب إذا لم تلتزم «حماس» بإطلاق سراح الأسرى، لكنه «لم يحطّم الأدوات»، وتَرك المجال مفتوحاً للتنصّل من قراره في حال تقرَّرت العودة إلى مسار التسوية مع الحركة. وفي الوقت نفسه، جاءت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتزيد من تعقيد المشهد، حيث وضع موعداً نهائيّاً لإطلاق سراح «جميع الأسرى الإسرائيليين» يوم السبت، محذّراً من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، إذا لم يتم ذلك. غير أن الأمر لم يستغرق طويلاً حتى عاد ترامب ليتراجع عن تصريحاته، قائلاً إنه لا يتوقّع أن تلتزم «حماس»، أو أن تخضع لهذا التهديد.
على أنه كان في إمكان نتنياهو، لو أراد فعلاً استئناف الحرب، أن يستغلّ تهديد ترامب الابتدائي، القاضي بنسف اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تطلق «حماس» سراح جميع الأسرى الإسرائيليين؛ علماً أن الحديث كان عن جميع الأسرى، وليس فقط الذين كان مقرّراً الإفراج عنهم السبت، أو في المرحلة الأولى من الاتفاق. كما كان في إمكان نتنياهو أن «يقبل الهدية»، وفق ما ورد على لسان مصادر إسرائيلية مسؤولة، لو أراد فعلاً العودة إلى القتال. لكنه لم يفعل ذلك. فهل يشير ما تقدّم، إلى أنه يقرأ ترامب جيّداً، ويعتبر ما قاله الأخير مجرّد مناورة وعملية ضغط؟ أم أن نتنياهو عبّر عن «جبن»، بحسب تعبير مصادر في اليمين الإسرائيلي المتطرّف، لأنه لم يتلقَّ «الهدية الترامبية»؟
على أي حال، باتت الأمور متروكة إلى موعد الاستحقاق، وربّما قبله في حال نجاح مساعٍ مرتقبة للوصول إلى تسويات: فهل تستجيب «حماس» للضغوط وتتراجع في اللحظة الأخيرة؟ أم تُقدِم على تنفيذ تهديدها، ما يضع الكرة في ملعب الطرفين الإسرائيلي والأميركي، واللذين قد يجدان نفسيهما ملزمَين بردود فعل قد لا تكون في مصلحتهما الفورية؟ طوال يومَي الإثنين والثلاثاء، صدرت إشارات متضاربة قيل إن مصدرها مكتب نتنياهو، لتكشف عن الشيء وعكسه، وذلك ربما في إطار مساعي رئيس الحكومة للتخفيف من وطأة التصريحات الصادرة عن اليمين، والتي تدعو إلى خطوات متطرّفة في غزة رداً على موقف «حماس». وأعقب تلك التصريحات ما صدر عن ترامب من تهديدات منحت متطرّفي إسرائيل آمالاً لجهة احتمال العودة إلى الحرب، الأمر الذي يُفسّر حملة الضغط الكبيرة على نتنياهو، والتي قادها وزير ماليته، بتسلئيل سموتريش، حين هدّد رئيس حكومته، بالقول: «اذا لم يتجدّد القتال (في غزة)، فسأفكّك الحكومة… وأنا لا أمزح في ذلك».
فهل تنتظر تل أبيب قرار واشنطن لتبني خطواتها المقبلة، بين الاتفاق والحرب؟ المؤكد حتى الآن، أن إسرائيل - نتنياهو، ترى في خطة ترامب لنقل سكان قطاع غزة إلى خارجه، فرصة كبيرة قد لا تتكرّر، إذ تحقّق أقصى مصلحة إسرائيلية أمنية وسياسية و»تهويدية» في الأراضي المحتلة، لم تكن واردة أصلاً في خيال المشروع الصهيوني والاستيطاني نفسه. فهل تقدم إسرائيل على الدفع بهذه الرؤية قُدماً، عبر استئناف الحرب والتهجير القسري للفلسطينيين من غزة؟
الفرضية القائلة إن إسرائيل ترى الفرصة مؤاتية للدفع ميدانيّاً وعسكريّاً، بمعيّة الدفع السياسي والضغط والتهويل على الأطراف الثالثة، بـ»رؤية ترامب»، تبقى واردة. لكن السؤال الأبرز لدى تل أبيب والذي بناءً على إجابته، تأتي الأفعال اللاحقة: ما مدى جدّية ترامب في طرحه؟ إن كان جادّاً، فهل لخطّته إمكانات للتحقُّق عمليّاً؟ وماذا عن دور إسرائيل فيها، سياسيّاً وأمنيّاً وعسكريّاً؟ إذا كانت الإجابة تحمل إمكانات، فمن المرجّح عودة إسرائيل إلى الحرب، فيما تصبح التطوّرات الأخيرة، بما يشمل التهديدات والتصعيد الكلامي، محاولة لإيجاد أعذار وحجج لإلقاء مسؤولية التصعيد على «حماس». لكن إذا وجدت إسرائيل أن الرؤية «الترامبية» غير عمليّة، ولا يمكن أن تتحقَّق على أرض الواقع، فلن تجدّد حربها؛ علماً أنها ستكون معنيّة بأن تستغلّ خطة التهجير إلى أقصى حدّ، في موازاة التهديد باستئناف الحرب، في سياق مفاوضات وقف إطلاق النار، وذلك من أجل كسب ما لم تستحصل عليه لحظة التوقيع على المرحلة الأولى من الصفقة، فضلاً عن إمكان استغلال الخطة نفسها في الترتيب الذي يلي، سياسيّاً وأمنيّاً، في قطاع غزة ما بعد إنهاء الحرب.
وهكذا، تبقى إسرائيل أمام خيارَين: إمّا الانخراط في مشروع ترامب الطموح، بشروطه المعقّدة وإمكاناته غير المؤكدة؛ أو استغلال هذه اللحظة لتحسين شروطها في أيّ اتفاق مستقبلي، من دون الانجرار نحو تصعيد عسكري قد لا يكون في مصلحتها على المدى القريب. وكلتا الفرضيّتَين تستدعيان من إسرائيل رفع النبرة التهديدية عالياً، مشفوعة بإجراءات على الأرض، كما حصل في اليوميَن الماضيَين، عبر الحديث عن استدعاء الاحتياط، وقرار المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي الاستعداد لكل السيناريوات الممكنة.
غزةبنيامين نتنياهودونالد ترامب
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
12/02/2025
أورتاغوس عائدة لضمان بقاء الاحتلال
11/02/2025
جعجع يتعرّف إلى وزرائه!
11/02/2025
البيان الوزاري: معركة وهمية لأعداء المقاومة
08/02/2025
«ثنائي الوصاية» يريد تفجير لبنان
التغطية الإخبارية
حماس: لوضع خطّة عمل عربية وإسلامية لمنع تنفيذ مخططات ترامب للتهجير
اليمن| السيد الحوثي: ثابتون على موقفنا لا نميل عنه أبدا ولا نتراجع عنه إطلاقا مهما كانت التحديات ومهما كانت الصعوبات
اليمن| السيد الحوثي مخاطبًا الشعب الفلسطيني: نحن معكم في مواجهة كل المؤامرات وكل الخطط الشيطانية الصهيونية اليهودية التي تستهدفكم
اليمن| السيد الحوثي: قلنا لإخوتنا المجاهدين في فلسطين والشعب الفلسطيني بكله لستم وحدكم نحن معكم وسنبقى معكم حتى تحرير فلسطين كل فلسطين
اليمن| السيد الحوثي: أدعو القوات المسلحة أن تكون على أهبة الاستعداد للتدخل العسكري في حال أقدم المجرم ترامب على تنفيذ تهديده
مقالات مرتبطة
!["هآرتس": صندوق القمامة هو المكان المناسب لخطة ترامب بشأن غزة ](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213013243861.jpg)
"هآرتس": صندوق القمامة هو المكان المناسب لخطة ترامب بشأن غزة
![لواء في الاحتياط "الإسرائيلي" يعترف: "إسرائيل" فشلت فشلًا ذريعًا في حرب غزة](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213121500717.jpg)
لواء في الاحتياط "الإسرائيلي" يعترف: "إسرائيل" فشلت فشلًا ذريعًا في حرب غزة
![في اليوم العالمي للإذاعة: 22 إذاعة في غزة خارج البث جرّاء العدوان "الإسرائيلي"](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213120508322.jpg)
في اليوم العالمي للإذاعة: 22 إذاعة في غزة خارج البث جرّاء العدوان "الإسرائيلي"
![رئيس البرلمان العربي: نرفض محاولات تهجير الشعب الفلسطيني](uploaded/essaysimages/small/lvl22025021310592577.jpg)
رئيس البرلمان العربي: نرفض محاولات تهجير الشعب الفلسطيني
![مسؤول سابق في "الموساد": خطة ترامب بشأن غزة زلّة لسان من تاجر عقارات فاشل](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213103102248.jpg)
مسؤول سابق في "الموساد": خطة ترامب بشأن غزة زلّة لسان من تاجر عقارات فاشل
![كاتب صهيوني: ترامب ونتنياهو يفكران خارج الصندوق لكنها أفكارٌ سيئة‎](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213025237429.jpg)
كاتب صهيوني: ترامب ونتنياهو يفكران خارج الصندوق لكنها أفكارٌ سيئة
!["معاريف": "إسرائيل" تدخل عصر الدكتاتورية](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213114827807.jpg)
"معاريف": "إسرائيل" تدخل عصر الدكتاتورية
![هل تتعرقل عملية التبادل في غزة؟ وما الخيارات المطروحة؟](uploaded/essaysimages/small/lvl220250212020958313.jpg)
هل تتعرقل عملية التبادل في غزة؟ وما الخيارات المطروحة؟
![تخبّط في المؤسسة السياسية للعدو بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة](uploaded/essaysimages/small/lvl220250212125131810.png)
تخبّط في المؤسسة السياسية للعدو بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة
!["هآرتس" عن صفقة الأسرى: مصلحة ترامب قد تتفوّق على نتنياهو](uploaded/essaysimages/small/lvl22025021211503827.jpg)
"هآرتس" عن صفقة الأسرى: مصلحة ترامب قد تتفوّق على نتنياهو
!["ترامب" بين التهديد بالحرب والإملاء المهين؟](uploaded/essaysimages/small/lvl220250213024849145.jpg)
"ترامب" بين التهديد بالحرب والإملاء المهين؟
![ترامب يخاطر بتحالفات أميركا العربية](uploaded/essaysimages/small/lvl220250212062315360.jpg)