مقالات مختارة
ملف إعادة الإعمار موصول بصاعق
عماد مرمل - صحيفة الجمهورية
يتخذ تحدّي إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي على لبنان منحى معقّداً قد يتطوّر في اتجاه أكثر سلبية ليصبح «قنبلة موقوتة»، ليس معلوماً متى وكيف يمكن أن تنفجر، ما لم يُفكَّك صاعقها.
يكفي أن يكون معلوماً أن هناك نحو 200 ألف وحدة سكنية مدمّرة بكاملها، لمعرفة الحجم الكبير لهذا الملف وما يمكن أن يُرتّبه من تداعيات في حال لم تبدأ معالجته قبل أن تتفاقم أو تتراكم آثاره الاجتماعية والإنسانية.
إذ إنّ الأمر هنا لا يتصل بمسألة سياسية أو عسكرية تندرج في إطار المواجهة مع «حزب الله»، وإنّما يتعلق بواقع شريحة واسعة من المواطنين اللبنانيِّين الذين هُدمت منازلهم أو مؤسساتهم، ولا يستطيعون أن يتحمّلوا البقاء طويلاً عالقين في «منطقة عازلة» دولياً وإقليمياً، لا تزال تحول دون انطلاق ورشة إعادة الإعمار لأسباب عدة ومتداخلة.
وبهذا المعنى، فإنّ حساسية ملف إعادة الإعمار وخطورته تكمنان في بُعده المجتمعي - الأهلي الذي يُحوّله «عبوة ناسفة» تنذر باحتمال حصول انفجار شعبي في لحظة مباغتة، لا يستطيع أحد أن يتحكّم بتوقيتها.
والمفارقة في هذه القضية، أنّ استخدام المال الإيراني لإعادة البناء هو ممنوع ربطاً بالضغوط الأميركية والإسرائيلية وبمنظومة العقوبات المفروضة على طهران، فيما الأموال العربية والدولية مشروطة في الظاهر بإقرار إصلاحات اقتصادية ومالية تضمن صرف المساعدات في مكانها الصحيح بعيداً من مزاريب الهدر وزواريب الفساد، لكنّ الأصعب أنّها مشروطة في الجوهر بمطالب سياسية تتصل بتطبيق القرار 1701 على امتداد الأراضي اللبنانية، وضمناً القرار 1559، مع ما يستوجبه ذلك من تسليم لسلاح «حزب الله» وتحجيم دوره في المعادلة السياسية إلى أقصى الحدود الممكنة، وفق ما يطمح إليه «المانحون» المفترَضون.
وإذا كانت الدولة معنية أصلاً ببدء تنفيذ الإصلاحات المؤجّلة عملاً بمقتضى المصلحة اللبنانية لتقويم الإعوجاج في المؤسسات ومكافحة الفساد والهدر والهريان والمحسوبيات بمعزل عن حصول ضغوط خارجية من عدمه، إلّا أنّ الاختبار الأدق بالنسبة إليها يبقى في طريقة مقاربتها لمستقبل سلاح المقاومة، في ظل حدَّين ستحاول عدم تجاوزهما، الأول تفادي أي مواجهة مع الحزب قد تؤدّي إلى فتنة داخلية، والثاني تفادي إغضاب الجهات العربية والدولية التي تملك مفاتيح ورشة البناء، وتستطيع تأمين الغطاء المادي والسياسي لها.
وقد كان رئيس مجلس النواب نبيه بري واضحاً في إعلانه عن رفضه مقايضة إعادة الإعمار بالسلاح، فيما بدا أنّها محاولة لتحقيق التوازن في الموقف الرسمي ولتحصينه في مواجهة أي جدول أعمال خارجي لا يتناسب مع الأولويات أو الخصوصيات اللبنانية.
وسبق أن نُقل عن بري تأكيده أنّ قضية السلاح شمال الليطاني يجب أن تندرج في سياق نقاش الاستراتيجية الدفاعية، على أنّ هذه المقاربة لرئيس المجلس تكتسب أهمّيتها من كونه كان المفاوض اللبناني على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يسمح له بأن يكون الأقرب إلى التفسير الأصح له في مقابل الاجتهادات الأخرى التي تذهب إلى تعميم مفاعيله خارج حدود جنوب الليطاني.
وهناك في الوسط الشيعي مَن يُنبِّه إلى أنّه إذا كان الهدف من ربط إعادة الإعمار بشروط مسبقة هو إمساك الحزب من اليَد التي تؤلمه، عبر الضغط على بيئته الحاضنة لانتزاع تنازلات منه، فإنّ هذه لعبة خطرة غير مضمونة النتائج، لأنّ أحداً لا يستطيع التحكّم بمسارها.
ويلفت أصحاب التنبيه إلى أنّ التأخير في إطلاق ورشة بناء ما هدّمته الحرب الإسرائيلية سيتحوّل عبئاً على الدولة اللبنانية، قبل «حزب الله»، في اعتبار أنّ التأخير في إيجاد حل لمئات آلاف المواطنين الذين فقدوا ممتلكاتهم قد يولّد تباعاً ردود أفعال سلبية وحادة، من شأنها أن تُهدّد باهتزاز الأمن الاجتماعي والاستقرار الداخلي، ووضع السلطة الجديدة على تماس مباشر مع تلك الشريحة الكبيرة من المواطنين، وبالتالي تعريض مشروع الإنقاذ والإصلاح الذي تحمله الحكومة إلى انتكاسة.
ومن هنا، فإنّ مصلحة العهد والحكومة تتمثل في السعي إلى فصل استحقاق إعادة الإعمار عن أي مطالب خارجية تعجيزية، مع التشديد في الوقت عينه على وجوب إخضاع هذا الاستحقاق إلى أقصى قواعد الشفافية والنزاهة لطمأنة الجهات الخارجية التي ستتولّى تغطية أكلافه.
لبنانإعادة الإعمارالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
08/03/2025
اليمن واحد من اللاعبين الكبار
07/03/2025
ملف إعادة الإعمار موصول بصاعق
07/03/2025
لماذا تصمت السلطة على بقاء الاحتلال؟
06/03/2025
التعيينات القضائية: السفارات تتقصّى الأسماء
التغطية الإخبارية
لبنان| وقفة احتجاجية ضدّ الإبادة التي تتعرض لها الطائفة العلوية في سورية
مستوطنون صهاينة ينظّمون اعتصامًا أمام مقرّ وزارة الحرب في "تل أبيب" لاستكمال صفقة تبادل الأسرى
وزارة الصحة الفلسطينية في غزّة: ارتفاع حصيلة العدوان "الإسرائيلي" إلى 48,458 شهيد و111,897 إصابة منذ 7 أكتوبر 2023
المفتي قبلان: هل لبنان دولة وطنية أم مستنقع احقاد ومشاريع توظيفات خارجية؟
لبنان| السيد فضل الله هنّأ المعلم بعيده
مقالات مرتبطة

حزب الله يشيّع الشهيد محمد بداح في المنصوري

حزب الله يشيّع الشهيد علي سليمان في معركة

الحاج حسن: الدولة مدعوة لتحرير الأرض وإجبار العدوّ على الانسحاب

مشروع التعافي من آثار الحرب يدفع مستحقات متضرري مخيم البص

جمعية "وتعاونوا" ومشروع "الوجه الحسن" لتعزيز صمود الجنوبيين

إعادة بناء النبطية: تعويضات وتعافٍ تدريجي بعد العدوان "الإسرائيلي"

خطة شاملة في الضاحية الجنوبية لرفع الأنقاض وهدم الأبنية المهدّدة بالتوازي مع إعادة الإعمار

دفع التعويضات وبدل الإيواء في البقاع الغربي شارف على الانتهاء

جهاد البناء في خطوات حاسمة لإعادة الإعمار وتوزيع التعويضات

الوزير حمية تابع ملف مسح الأضرار ورفع الأنقاض ومشروع إعادة الإعمار

جنوبيات الحدود: على العهد وخيارنا التمسك بالأرض.. وسنقاوم

عيترون وعيتا الشعب تحتضنان أبناءهما الشهداء: تشييعٌ حاشد على قدر التضحيات

حزب الله وجماهير المقاومة يشيّعون الشّهيد حسين عماش في فرون

حمادة: لبنان لن يكون "إسرائيليًا" أو أميركيًا
