إنا على العهد

مقالات مختارة

في بلادنا سلطة معجبة بتجربة محمود عباس
24/03/2025

في بلادنا سلطة معجبة بتجربة محمود عباس

إبراهيم الأمين - صحيفة الأخبار
الكل يتذكّر النكتة - الاختبار، حين سأل ولد أباه أن يشرح له الفرق بين النظري والعملي. طبعًا هذه نسخة معدّلة من السردية، لأن أصل النكتة فيه كثير من الذكورية.

قال الوالد لابنه: لنفترض أننا نحتاج إلى 100 ألف دولار، لسنا قادرين على تحصيلها من أشغالنا. لكن، يمكن لإخوتك أن يحصلوا على المبلغ بفتح خزنة جارنا، والاحتيال على عائلته، فما رأيك أنت وإخوتك بالفكرة؟

سأل الولد إخوته، إن كانوا يقبلون بالفكرة، فأتى الرد بالإيجاب. وبعدما أبلغ والده بذلك، قال الأب: نظريًا أصبح معنا مئة ألف دولار لمعالجة مشاكلنا. أما عمليًا فقد اكتشفنا أننا عائلة لصوص!

منذ تشكّل السلطة الجديدة في لبنان مطلع هذه السنة، تضجّ البلاد بمفردات صدئة، أين منها النعت بالخشبية، إذ لا يتوقف أركان الحكم وقواه السياسية عن ترداد أن زمن المقاومة انتهى وجاء زمن الدبلوماسية، وأن لبنان بعلاقاته الدبلوماسية سيجبر العدوّ على الانسحاب ووقف العدوان... قبل أن تضاف عبارات من نوع أن الجيش اللبناني سيتولّى من تلقاء نفسه، منع العدوان والردّ عليه.

لكنّ واقع الحال، القائم منذ اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، يشير إلى أن العدوّ لا يزال يحتل مساحة كبيرة من الأراضي اللبنانية، تضاف إلى مساحة أخرى كان قد احتلّها خلال السنوات العشرين الأخيرة، وإلى مساحة ثالثة احتلّها في ثمانينيات القرن الماضي، وإلى مساحة رابعة احتلّها قبل ستين عامًا.

وفوق ذلك، يواصل عمليات القصف والتدمير والقتل في كلّ لبنان، ويبرّر ذلك بأنه يقوم بما يتوجّب على الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني القيام به، أي قتل الناس وتدمير المنشآت.

وطوال الفترة الماضية، بلع أركان الحكم الجديد ألسنتهم حيال ما يجري. وإذا ما تحدّثوا، فتحت الاضطرار، وليس بمبادرة منهم، ويكون الكلام على شكل يعيدنا إلى الرتابة والنغمة إياهما: الدبلوماسية تعيد الحقوق، والجيش يضمن الأمن والاستقرار. وفي كلّ مرة يتوسّع العدوان، وترتفع المطالب الأميركية والإسرائيلية وصولًا إلى طلب المفاوضات السياسية المباشرة، يعود أركان السلطة الجديدة، بكلّ أشخاصها ورجالاتها وإعلامها، إلى لعبة ابتلاع الألسنة والتزام الصمت.

 لكن، بين رجالات السلطة الجديدة، من يقول حقيقة ما يفكّر به الجميع، كوزير الخارجية يوسف رجي الذي فاجأ زملاء له في الخارجية، عرفوه دبلوماسيًا منفتحًا ومتفهّمًا ويقيس الأمور بطريقة منطقية، قبل أن يكتشفوا أنه مجرّد بوق يكرّر لازمة لا تتعلق بالفريق السياسي الذي اختاره لمنصبه فحسب، بل تمثّل السردية المعادية، الأميركية و"الإسرائيلية".

والمشكلة أن رجي ليس سياسيًا أو إعلاميًا، أو حتّى مسؤولًا في "القوات"، بل هو وزير خارجية لبنان، ويُفترض أنه الناطق السياسي باسم حكومته وباسم رئيس الجمهورية في القضايا الخارجية. وطبعًا، لم يسمع رجي ملاحظة من الرئيس جوزيف عون أو الرئيس نواف سلام أو حتّى من وزراء الحكومة، بما يدفعه إلى التفكير في ما يصرّح به.

ويتبدّد الاستغراب حيال تصريحات رجي لدى الاستماع إلى أركان السلطة يتحدّثون مع الخارج حول مستقبل الوضع في لبنان. ففي لحظة واحدة، بعد خبر انطلاق صواريخ من جنوب لبنان تجاه مستعمرات العدو، وبعد التزام الصمت وابتلاع الألسن تجاه ممارسات العدو، حُلّت عقدة هذه الألسن، و"فار" عش الدبابير وكأنه تعرّض لـ"الحكش"، وبدأت المواقف الصارخة حول سيادة لبنان، ومخاطر جرّه إلى حرب جديدة، وحول أعداء يقفون خلف ما يحصل...

وقبل أن يخرج ناطق عسكري يشرح للناس حقيقة ما حصل ومن يقف خلفه، انطلق كلّ هؤلاء في اتهام حزب الله والمقاومة بالوقوف خلف ما يحصل. وإذا كان صعبًا على كلّ هؤلاء، كما على العدو، إثبات أن عناصر من حزب الله هم من قاموا بالأمر، فإن الأسهل عليهم تحميل الحزب المسؤولية عمّا جرى. ففجأة، نسي أركان السلطة الجديدة أنهم باتوا يتحمّلون المسؤولية عن الأمن في الجنوب، وأن حزب الله أخلى المنطقة لهم، وسلّمهم أسلحة عمدوا إلى تدميرها وتفجيرها، وأن القوات الدولية تمسح القرى ليلَ نهارَ، وأن الجنرال الأميركي يحيل إليهم يوميًا طلبات العدوّ حيال أماكن وأشخاص.

نظريًا، أنهكنا أهل السلطة الجديدة بالكلام عن الأمن والاستقرار، وعن أن العالم يقف إلى جانب لبنان، وأن التحرير وحفظ الحقوق والسيادة عبر الدبلوماسية حاصلةٌ حتمًا.

أما عمليًا، فالنتيجة واضحة جدًا: نحن أمام سلطة تقترب من أن تكون شبيهة تمامًا بالسلطة الفلسطينية في رام الله. سلطة تخضع بصورة كاملة لإرادة العدوّ ورعاته الغربيين وحلفائه العرب، ومستعدّة لقمع الأصوات، وتظهر رغبة قوية في قمع المقاومين حيث أمكن.

سلطة ترفع صوتها عاليًا، وتصرخ بكلّ لغات ولهجات العالم، أنها ضدّ المقاومة، فكرًا ومنطقًا وسلوكًا وخيارًا. وهي في اللقاءات المغلقة، تقسم بأغلظ الأَيْمَان أنها تريد نزع سلاح المقاومة في أقرب وقت.

ويخرج من بين هؤلاء من يجاهر بـ"الحقيقة المطلقة"، كما فعل غسان الحاصباني، عندما قال إن لبنان سيتّكل على "إسرائيل" للإجهاز على حزب الله من جهة الجنوب، وعلى ميليشيات الجولاني من جهة الشرق. لكنّ الحاصباني لم يشرح لنا ما إذا كان فيلمه يتضمّن فصولًا من نوع أن الجيش اللبناني أو "قواته اللبنانية" ستتكفّل بالحزب في الداخل اللبناني!

لبنانالكيان الصهيونيالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024جوزاف عوننواف سلام

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
حصاد الأسبوع الرمضاني الثالث لنشاط لجان التكافل الاجتماعي في صيدا
حصاد الأسبوع الرمضاني الثالث لنشاط لجان التكافل الاجتماعي في صيدا
ضحيتان في احتراق صهريج في الهرمل
ضحيتان في احتراق صهريج في الهرمل
حصاد الأسبوع الرمضاني الثالث لنشاط لجان التكافل الاجتماعي لحزب الله في صيدا والجوار
حصاد الأسبوع الرمضاني الثالث لنشاط لجان التكافل الاجتماعي لحزب الله في صيدا والجوار
الموسوي: مدّعو الحرص القوي على لبنان هم أكثر معرِّضيه لأخطار العار والنار
الموسوي: مدّعو الحرص القوي على لبنان هم أكثر معرِّضيه لأخطار العار والنار
 التحقيقات الأمنية تنفي علاقة أي حزب لبناني بإطلاق الصواريخ على الكيان السبت الماضي
 التحقيقات الأمنية تنفي علاقة أي حزب لبناني بإطلاق الصواريخ على الكيان السبت الماضي
السعودية تستنكر العدوان الصهيوني على بلدة كويا السورية
السعودية تستنكر العدوان الصهيوني على بلدة كويا السورية
سورية تستنكر العدوان "الإسرائيلي" على درعا وتدعو شعبها لرفض محاولات تهجيره
سورية تستنكر العدوان "الإسرائيلي" على درعا وتدعو شعبها لرفض محاولات تهجيره
استشهاد 5 سوريين بقصف "إسرائيلي" على درعا
استشهاد 5 سوريين بقصف "إسرائيلي" على درعا
خلاف بين كاتس وقيادة المنطقة الشمالية يمنع دخول العمال من سورية
خلاف بين كاتس وقيادة المنطقة الشمالية يمنع دخول العمال من سورية
عضو كنيست يُحذّر: "إسرائيل" أمام سيناريو حرب أهلية 
عضو كنيست يُحذّر: "إسرائيل" أمام سيناريو حرب أهلية 
الاحتلال يُواصل خروقاته: مُسيَّراته تنتهك الأجواء ومدفعيته تقصف شبعا
الاحتلال يُواصل خروقاته: مُسيَّراته تنتهك الأجواء ومدفعيته تقصف شبعا
هل تعود الحرب على لبنان؟
هل تعود الحرب على لبنان؟
وبعدين؟!
وبعدين؟!
حزب الله يشيّع الشهيدَيْن علي قازان وحسين رميتي في الغبيري
حزب الله يشيّع الشهيدَيْن علي قازان وحسين رميتي في الغبيري
أضرار الكهرباء جراء العدوان "الاسرائيلي" على لبنان: 307 ملايين دولار
أضرار الكهرباء جراء العدوان "الاسرائيلي" على لبنان: 307 ملايين دولار
الرئيس عون عن أحداث الجنوب: اعتداء متماد وضرب لمشروع الإنقاذ
الرئيس عون عن أحداث الجنوب: اعتداء متماد وضرب لمشروع الإنقاذ
الرئيس عون: بوحدتنا نحرر كل أرضنا ونستعيد أسرانا
الرئيس عون: بوحدتنا نحرر كل أرضنا ونستعيد أسرانا
الرئيس عون: احتلال "إسرائيل" أراضي وتلالاً جنوبية يتناقض مع اتفاق وقف النار
الرئيس عون: احتلال "إسرائيل" أراضي وتلالاً جنوبية يتناقض مع اتفاق وقف النار
الرئيس عون: لن نقبل باستمرار ما يحصل عند الحدود الشرقية والشمالية الشرقية ووجَّهت الجيش بالردّ على مصادر النيران
الرئيس عون: لن نقبل باستمرار ما يحصل عند الحدود الشرقية والشمالية الشرقية ووجَّهت الجيش بالردّ على مصادر النيران
الرئيس عون: لبنان لا يمكن أنْ يستقر ويزدهر من دون انسحاب المحتل وعودة الأسرى
الرئيس عون: لبنان لا يمكن أنْ يستقر ويزدهر من دون انسحاب المحتل وعودة الأسرى
رئيس الحكومة اللبنانية يطالب الأمم المتحدة بمضاعفة الضغط على "اسرائيل" للإنسحاب من لبنان
رئيس الحكومة اللبنانية يطالب الأمم المتحدة بمضاعفة الضغط على "اسرائيل" للإنسحاب من لبنان
الحكومة تُقرُّ آلية التعيينات الإدارية
الحكومة تُقرُّ آلية التعيينات الإدارية
نواف يسهر على أنغام DJ رودج... وبولا «ثورية» تبشّرنا بالتطبيع
نواف يسهر على أنغام DJ رودج... وبولا «ثورية» تبشّرنا بالتطبيع
جلسة حكومية لبحث التعيينات الإدارية والتطورات الأمنية: لمضاعفة الجهود وإلزام "إسرائيل" باحترام نصوص "الاتفاق"
جلسة حكومية لبحث التعيينات الإدارية والتطورات الأمنية: لمضاعفة الجهود وإلزام "إسرائيل" باحترام نصوص "الاتفاق"
إصدار موازنة 2025 بمرسوم... ورشة إصلاحية شاملة وجدول زمني
إصدار موازنة 2025 بمرسوم... ورشة إصلاحية شاملة وجدول زمني