عيد المقاومة والتحرير
راني بزّي.. روح تفوّقت في القتال وتحرّرت
ليلى عماشا
٢٣ أيار ٢٠٠٠، الحدث الذي حصل في مثل هذا اليوم عنوانه في تقويم الانتصارات استكمال التحرير وصولًا إلى معتقل الخيام، وفي ظلال الحقائق التي لا يحدّها الزمان عنوانه: راني بزّي.
راني، الصرخة التي ما كفّت عن ترجمة "هذا وعد الله" من باحة المعتقل إلى الضاحية مرورًا بساحة بنت جبيل في ذاك اليوم العظيم، ومنها إلى كلّ صخرة عاملية شهدت النصر تلو النصر، وتحنّت بدم صاحب الصرخة في تموز ٢٠٠٦.
تحتلّ مشاهد تحرير الأسرى في معتقل الخيام العين. تختلط أصوات المحرّرين وهم ما زالوا خلف أبواب الحديد بأصوات الناس التي عبرت بوابة المعتقل لتحرّر فلذات روحها التي هناك. صرخات حبيسة حفظتها أرض الخيام وكلّ الشريط المحرّر، وأطلقتها في لحظة خروج أول أسير من داخل الزنزانة، على وقع التكبير. حمل راني أغراضه، حملها كالمسافر المتعجّل، حمل كلّ ما كان حوله في الزنزانة وخرج في ذهول من يلمس يقينًا يسكنه: هذا وعد الله. هذا وعد الله. لم يكفّ. كان يخبر كلّ من يمر بقربه، كلّ نسمة عبرت أنّ التحرير وعد الله، الوعد الذي يعرفه جيّدًا والذي ترجمه منام زار أهل المعتقل قبل ليلة أو اثنتين. هذا وعد الله، من حسينية الخيام حيث أجرى راني أول اتصال بتلفزيون المنار على الهواء. هذا وعد الله من ساحة الخيام حيث وقف راني في الجمع خطيبًا يُصغى إلى بيانه بالدموع الحارة وبالزغاريد: فأرسل عليهم (حزب الله) طيرًا أبابيل، فجعلهم كعصف مأكول. كان روحًا تتطاير شرارتها حول الجسد الذي للتوّ تحرّر من قيد السجان في الزنزانة. كان روحًا تريد التحرّر من زنزانة الجسد، بالشغف نفسه الذي غادر فيه الجسد المفخّخ بروح تقاتل باب الزنزانة. كان روحًا لا يتسع لها مكان فانتشرت من الخيام إلى ساحة الشورى، إلى محضر الأمين يستقبل الأسرى. ما كفّ راني عن الصراخ برهة: ما كفّ عن إعلان وعد الله.
ومن هناك، تلمّست الروح ما بقي لها من طريق راكمت فيه كلّ زاد ممكن للوصول. فتحت دروبًا جديدة في وعر القتال. أتقنت رسم عصف العبوّات التي تفخّخ الكيان وتجهّز لزواله. ووصلت في تموز ٢٠٠6 إلى ذروة الحبّ، إلى حياتها المشتهاة وتحرّرت كما في العام ٢٠٠٠ من الأسر الأليم.
٢٣ أيار، هو يوم راني، صاحب الصرخة، ابن الإباء، رفيق التراب وصانع المستحيل.
إقرأ المزيد في: عيد المقاومة والتحرير
30/05/2024
25 أيار/ مايو.. لحظة التقدّم نحو الطوفان
27/05/2024