عيد المقاومة والتحرير
تمر الاعوام وتتراكم الانجازات ويبقى 25 أيار/ مايو 2000 هو الأساس
شارل ابي نادر
كل عام في الخامس والعشرين من شهر ايار وبمناسبة عيد المقاومة والتحرير، تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي عام 2000، اجد لزاما علي ان اكتب بعضا من كلمات تعبر عن معاني الذكرى وكيف اراها، وحيث تضيق وتتناقص بسبب التكرار كل عام، الصور الميدانية والعسكرية التي استحضرها عن الذكرى، أجد بين يدي كل عام كوكبة من الصور الجديدة الحاضرة، تضاهي سابقاتها من الصور في حسن التعبير عن المناسبة .
طبعا لا يدخل هذا الالتزام بالكتابة في هذه المناسبة السنوية في إطار الواجب المفروض، حيث لا يطلب مني احد ذلك او يتمنى، وايضا لا يدخل في إطار عادة واكبت خدمتي العسكرية قبل التقاعد في التواصل حول المناسبة، حيث كانت قيادة الجيش تصدر كل عام بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، من ضمن نشراتها التوجيهية في الاعياد الوطنية، نشرة بعنوان "امر اليوم" تشرح فيها القيمة الوطنية والعسكرية لانجاز التحرير، وتربط الانجاز بالمعادلة الثلاثية "جيش شعب مقاومة" ، لتخلص الى ثبات والتزام المؤسسة العسكرية بدورها في الدفاع عن الارض والوطن، والحفاظ على ما تحقق من تحرير، وبمتابعة العمل لتحرير ما تبقى من اراض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
السبب هو فقط وبكل بساطة، انني أجِدُ نفسي كل عامٍ بحاجة لأنّ اكتب في مناسبة عيد المقاومة والتحرير، لكي أفهم وألتمس القيمة الحقيقة للانجازات التي تضاف الى ذاكرة ووجدان الوطن عاما بعد عام، انطلاقا من انجاز التحرير عام 2000، هذه الانجازات التي تتخطى بقيمتها، قيمة ما حققه الانجاز الميداني والعسكري، في دحر وحدات عدوة عن ارض الوطن، او في تحرير اراضٍ محتلة وإعادتها الى السيادة اللبنانية، بالرغم من أهميته، لتصل الى تكوين قاعدة صلبة، تُراكِم الكثيرَ من عناصر القوة والسيادة في مسيرة الوطن.
اليوم، عندما نرى أن سلطتنا، وبرغم الكثير من الملاحظات على ادارتها للعملية، تلملم اوراقها كسلطة قوية في الداخل، تقف عنيدة وظالمة احيانا بوجه اغلب قطاعاتها، لإعادة تصويب منظومتها المالية والاقتصادية غير المتوازنة، دون ان يكون لديها هاجس التحرير وضغوط التواجد العسكري الغريب، نعرف، وتعرف سلطتنا، قيمة ان تكون ارضنا محررة.
اليوم ، عندما نجد ان سلطتنا ، وايضا برغم الكثير من التحفظات على آدائها السياسي ، تقف موقفا صلباً وقوياً وموحَّداً بوجه محاولات الضغوط الخارجية في ملف الترسيم البري والبحري مع الاراضي والمياه الفلسطينية المحتلة ، وايضا بالرغم من رضوخ أغلب دول الجوار من العرب امام نفس الاستهدافات الاقليمية والدولية الفعالة التي نتعرض لها ، نعرف حينها جيدا معنى ومضمون ان تكون ارضنا قد تحررت من عدو ، إندَّحَر رغُماً عنه بعد أن خَبِرَ مباشرة في الميدان ما نملكه من قوة واصرار وصلابة ،عنما يتعلق الامر باسترجاع حقوقنا من الثروة والمياه والارض .
اليوم، عندما نلمس ان الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني، يطرحان بجدية امكانية التفاوض على اعادة تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة المتنازع عليها او على اي موضوع خلافي آخر، بعناصر تَفَاوُض اقرب الى الشروط اللبنانية التي ثبُتَّت عليها حكومتُنا، الامر الذي يؤسس لاستعادة ثرواتنا التي نحتاجها بقوة، ولتثبيت موقعنا كدولة ذات سيادة كاملة، نعرف قيمة ما حققه لبنان في 25 ايار/ مايو من العام 2000، من موقف قوي وموقع يُحسب حسابه فيه، بحيث يصعب على احد ان يتخطاه، مهما كان يملك من قدرات عسكرية واستراتيجية.
صحيح ان لبنان بعد التحرير عام 2000 مر بمحطات حساسة وتاريخية، كحرب تموز عام 2006 بمواجهة العدوان الاسرائيلي، حيث انتصر بالرغم من فارق القدرات والامكانيات، او لاحقاً في الحرب الواسعة ضد الارهاب، على اراضيه مباشرة في معركة شرسة وقاسية، او خارج الحدود في معركة استباقية، كانت ضرورة وحاجة استراتيجية، ولكن تبقى معركة مقاومة العدو قبل العام 2000، والتي امتدت حتى التحرير واكتملت معه في الخامس والعشرين منه، تبقى نقطة مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، فهي المعركة الام التي كسرت هيبة العدو وغطرسته، وهي المواجهة الرئيسة التي تم فيها تجاوز عقدة الفارق في الامكانيات والقدرات لصالح الاصرار والثبات والصمود والصبر، وهي الفرصة التي اسست للانتصارات وخلقت نقطة الارتكاز في تكوين معادلة الردع وتوازن الرعب، والتي فرضت نفسها اليوم بمواجهة الكيان الغاصب، معادلة ثابتة لا يمكن له تجاوزها.
إقرأ المزيد في: عيد المقاومة والتحرير
30/05/2024
25 أيار/ مايو.. لحظة التقدّم نحو الطوفان
27/05/2024