معركة أولي البأس

#صيف_الانتصارات

اللواء حسن حسن لـ
23/08/2019

اللواء حسن حسن لـ"العهد": جبهات المواجهة واحدة بين سوريا وحزب الله

محمد عيد

كانت ذكرى انتصاري تموز2006 وتحرير الجرود 2017 من الإرهاب التكفيري مناسبة للقاء مدير الإدارة السياسية في الجيش العربي السوري اللواء حسن حسن الذي جمع في شخصه بين فيض الشاعر وحنكة العسكري الخبير. اللواء الحسن تحدث في حديثه لموقع "العهد" الإخباري بلغة الإستراتيجيا عن معاني هذين الإنتصارين الذين سيبقيان علامة فارقة في تاريخ الحروب.

* في ذكرى انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان في حرب تموز ومن خلفيتك العسكرية كمدير للإدارة السياسية في الجيش العربي السوري، ماذا يمكن أن تقول عن هذا الانتصار؟ وهل كنت تتوقع حصوله بهذا الشكل الساطع؟

- بداية أهلًا ومرحبًا بكم أقلام حق، ورجال صدق، وأصوات شمم وكبرياء تحمل ألق المقاومة وعنفوانها، وكل عام وأنتم بخير، كل عام والمقاومون الأبطال رجال الله على الأرض بخير، كل عام ونهج المقاومة أكثر رسوخًا وتجذرًا في النفوس والضمائر والأرواح، وكل عام وقادة المقاومة بألف خير. طالما أننا نتحدث في رحاب المقاومة وذكرى انتصارين بالتزامن مع عيد الجيش العربي السوري من الطبيعي أن نستمطر شآبيب الرحمة على أرواح القديسين الشهداء صناع النصر وعنوان الفجر والفخر، وصادق التمنيات بالشفاء العاجل للجرحى، فالشهداء والجرحى هم الأبطال الحقيقيون وأصحاب الفضل الأول في كل انتصار.

منذ أن قال سماحة السيد: "ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات" ثقتنا بالنصر مطلقة واليقين ببلوغه لا يقبل الانتقاص

بالعودة إلى مضمون السؤال يمكن القول باختصار: هيهات لأي كلام أن يفي المقاومة حقها، أو أن يحيط بدلالات ومعاني انتصار حزب الله المقاوم على العربدة الصهيونية، وقد يكون من الموضوعي القول عن حرب تموز 2006 إنها بلورت مشهدًا جديدًا عنوانه: بروز اليقين بالنصر كله على الجبروت العسكري كله، فانتصر اليقين على الطغاة المتجبرين، وشاءت السماء أن تصوغ نصرًا استراتيجيًا ساهم في خلق البيئة الجيوبوليتيكية المطلوبة لتآكل هيبة صناع الحروب وتجار الدم ومصاصي الدماء، وهذا يعني مزيدًا من افتضاح حقيقة المنبطحين لكسب رضا سيدهم الصهيو ـ أمريكي، كما يتضمن بشكل أو بآخر زيادة الحقد على المقاومة وأنصارها ثقافة ونهجًا وأنموذج حياة ترفض الإذعان وتعلن الاستعداد التام لدفع ضريبة السيادة والكرامة والعزة مهما علت، وهي في نهاية المطاف أقل تكلفة بكثير من ضريبة القبول بالعبودية الجديدة في القرن الحادي والعشرين، والتي تتفتق عن أشكل جديدة من النخاسة التي انتقلت من السر إلى العلن.

عندما أقول: شاءت السماء أن تصوغ نصرًا استراتيجيًا فهذا يعني أن ما تحقق نصر إلهي كما وصفه سماحة سيد المقاومة حفظه الله ورعاه، وهذا النصر الإلهي لا يمكن أن تمنحه السماء إلا لمن هم جديرون بحمله وتعزيزه، وترسيخه وتطويره وإكسابه كل مقومات النصر الاستراتيجي من: الإرادة والتخطيط والإعداد والعدة واليقين بعدالة القضية وبالقدرة على اجتراح النصر، وهذا ما حدث، وهذا ما يتكرر بصورة جديدة أكثر بهاء ونصاعة وسطوعًا في هذه الحرب القذرة التي فرضت على الدولة السورية بخاصة وعلى محور المقاومة بعامة منذ عام 2011م وحتى الآن، فما تحقق أقرب إلى الإعجاز منه إلى الإنجاز، ومن حقنا أن نفخر في محور المقاومة بأننا وحلفاءنا نواجه الإرهاب التكفيري ونقوض روافعه نيابة عن العالم أجمع.

أما الشق الثاني من السؤال إن كنت أتوقع حصول الانتصار بهذا الشكل الساطع فدعني أكون واضحاً وشفافاً في الإجابة: منذ أن قال سماحة السيد حسن نصر الله حفظه رب العالمين: " ولى زمن الهزائم، وجاء زمن الانتصارات" فالثقة بالنصر مطلقة، واليقين ببلوغه لا يقبل التبعيض ولا الانتقاص، وكيف لا وسماحته الصادق الفاعل لكل ما يقوله ويتعهد به.

الأمر الآخر هناك بالعسكرة ما يسمى القرائن الدالة، وهي كانت متوفرة منذ اللحظات الأولى، فعندما تم أسر الجنديين الإسرائيليين كان من المسلم به أن قيادة المقاومة تأخذ بالحسبان أن أصحاب الرؤوس الحامية في تل أبيب سيرفعون سقف العربدة، وهذا يعني أن الاستعداد لتداعيات مرفوعة السقف كان موجودًا ومخططًا، وعندما قال سيد المقاومة: إنه لو اجتمع الكون لتحرير الجنديين الإسرائيليين الأسيرين فلن يتم ذلك إلا بشروط المقاومة، فهذا يعني أن إرادة المقاومة أصلب من كل تقانة الموت والقتل والتدمير، والقرينة الثالثة عندما تم استهداف البارجة "ساعر" قبالة الشاطئ اللبناني واقترن قول سماحة السيد حسن نصر الله بالفعل النوعي، فهذا يعني أن المقاومة قطعت أشواطًا كبيرة في شتى مجالات المواجهة الإعلامية والتقنية والعسكرية بآن معًا، ورسالة سماحة السيد للمجاهدين المقاومين قرينة، ورسالتهم الجوابية قرينة أخرى، والتخبط الغربي في مفاصل صنع القرار، وغير ذلك كثير، ومع هذا يجب الاعتراف بأن الانتصار الذي تحقق فاق جميع التصورات ولدى الجميع أيضًا.

* لا يخفى على أحد الدور المحوري للقيادة والجيش في سوريا في ما انتهت إليه نتائج حرب تموز2006 من انتصار للمقاومة.. هل لك أن تحدثنا عن مناحي هذا الدعم وآلياته التي كانت المتبعة آنذاك أي أثناء المعارك؟

- عندما يدور الحديث عن انتصار مقاومة بهذا المستوى وبمثل هذه القوة والفاعلية لا يمكن حصر الحديث عن الدعم في زمن الحرب فقط، بل هو عملية مستمرة منذ ظهور المقاومة لتشكل المعادل الموضوعي الممكن لمواجهة الصلف الإسرائيلي. وسيد المقاومة تحدث بشفافية ووضوح عن هذا الدعم الذي لم ينقطع ولن ينقطع منذ 1982، وقالها سماحة السيد إن الصواريخ التي وصلت للمقاومة عبر سوريا قسم كبير منها سوري بكليته، وما من مرة تحدث فيها سماحة الأمين العام لحزب الله إلا وذكر سوريا حافظ الأسد، سوريا بشار الأسد، سوريا الجيش العربي السوري وأهمية ما قدمته في إحراز النصرين الإلهيين الاستراتيجيين اللذين حققتهما المقاومة، سواء عبر التحرير الأول أو عبر التحرير الثاني "تطهير جرود القلمون" وبينهما حرب تموز وآب 2006م.

جبهات المواجهة واحدة، والعدو واحد ومشترك، والأهداف متكاملة

باختصار يمكن القول: إن الدعم كان على مدار الساعة، وبجميع أشكاله وأوجهه، والاستعداد كان تامًا للمضي أعمق لو طلبت المقاومة ذلك.
بكلام آخر، أنا لست مع من يتحدث عن دعم سوريا لحزب الله المقاوم، أو عن وقوف حزب الله مع سوريا في حربها على الإرهاب، وكأن الأمر يخص جهتين أو جبهتين، فجبهات المواجهة واحدة، والعدو واحد ومشترك، والأهداف متكاملة، وبالتالي من الطبيعي أن يكون الدعم بلا سقوف ومن الجهتين، وهذا بحد ذاته إضافة للفكر العسكري - الاستراتيجي عندما يبلغ التنسيق وتقاسم المهام والأدوار لضمان الانتصار مثل هذا المستوى غير المسبوق، فالمدخلات المدروسة بدقة وعلمية ستؤدي إلى النتائج المطلوبة والمحددة، وبخاصة أن التفاعلات المطلوبة في عملية الانتقال من المدخلات إلى المخرجات تتم بكفاءة عالية ويقين مطلق بالنصر وهذا ما تحقق، وسيتكرر تحققه في كل جولة من جولات الصراع المتأزم في المنطقة إلى أن يهزم المشروع الآخر بعربدة تخرج عن السيطرة، أو تهور غير محسوب النتائج، وقد لا يكون ذلك بعيدًا.

* معلوم أن القيادة السورية كانت قد أبدت استعدادها لدخول المعركة إلى جانب المقاومة لو استدعى الأمر ذلك ويرى البعض أن خطوة كهذه لو حصلت كان يمكن لها أن تغير خريطة الصراع، هل ترى أن أقطاب محور المقاومة قد فرّطوا بفرصة كبيرة لتوجيه ضربة للكيان الغاصب اكبر من تلك التي وجهتها له المقاومة حينها؟

- الحروب المزمنة ليست نزهة ولا مجرد ألعاب تخاض في عالم افتراضي فقط. للحرب المفتوحة حساباتها الخاصة، وأي طرف يستطيع أن يشعل الحرب لكن الأهم التكلفة والمردودية. هذه الثنائية تفرض حضورها وبقوة على طاولة كل من يعمل بمفاصل صنع القرار الاستراتيجي، ودورة صنع القرار قد تكون أكثر تعقيدًا مما قد يخطر على الذهن. في هذا المجال لا بد من التوقف عند عدد من النقاط المهمة، ومنها:

ـ الفرق كبير بين أن لا تتهيب الحرب، وبين أن تشعلها، والبون شاسع بين أن تدخل الحرب  بكل كفاءة عندما تفرض، وبين أن ترغم الآخر على الظهور بمظهر المتسبب بها.

محور المقاومة يفكر بما هو أبعد وأشمل من كسب حرب مؤقتة على مسرح عمليات محدود جغرافيًا

ـ الحروب الصفرية التي يكسب بها طرف كل شيء، ويخسر الطرف الآخر كل شيء أيضًا لم يعد لها وجود في قاموس الحروب والصراعات المسلحة لأن القدرة على الإفناء والإفناء المتبادل في ازدياد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ـ أصحاب العقيدة العسكرية الهجومية يدركون أنهم يخسرون الحرب عندما لا يستطيعون تحقيق الهدف الاستراتيجي المعلن، وأصحاب العقيدة العسكرية الدفاعية ينتصرون عندما يستطيعون منع المهاجمين من تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي أعلنوا عنه، وهذا يعني أن الكيان الصهيوني وكل من غرد في سربه قد هزموا، وأن المقاومة ومن معها قد انتصروا، وكلما تحقق الانتصار بـ"خسائر" أقل كلما كان أكثر توهجًا ودلالة وتأثيرًا فعلًا، وعلى شتى الصعد والمستويات.

اللواء حسن حسن لـ"العهد": جبهات المواجهة واحدة بين سوريا وحزب الله

ـ محور المقاومة يفكر بما هو أبعد وأشمل من كسب حرب مؤقتة على مسرح عمليات محدود جغرافيًا، فما يتم العمل عليه، وما ثبتت نجاعته هو النجاح المتدحرج في مصادرة إرادة شن العدوان عند من لا يستطيعون الاستمرار بفاعلية إلا عبر تكرار شن العدوان. وهذا ما أشار إليه سماحة سيد المقاومة في خطابه الأخير عندما تحدث عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به محور المقاومة في منع الحروب والحيلولة دون إشعالها، وهذا يعني الدور الأهم في إحلال السلام والأمن وفق منطق القانون الدولي والإنساني لا وفق منطق شريعة الغاب، وبكلام آخر امتلاك أسباب القوة مهم جدًا لمنع الحروب وليس لشنها، والشواهد كثيرة، فعندما أثبتت إيران أنها قوية تبدل منطق العنجهية والعربدات التي تعددت فيما عرف بحرب ناقلات النفط، ولو كانت أميركا وأتباعها يستطيعون مسح إيران عن الوجود لما ترددوا لحظة واحدة، لكنهم على يقين أن لدى إيران ما يؤلمهم كما أن لديهم ما يؤلم إيران.

ـ معادلات توازن القوى والردع المتبادل تتجاوز الجغرافيا الإقليمية، ولا بد من أخذها بالحسبان عند مثل هذه المفاصل الإستراتيجية، نعم لو دخلت سوريا الحرب في عام 2006 لتغيرت النتائج، وسوريا لم تكن مترددة قط في الدخول لو دعت الحاجة إلى ذلك، أو لو طلبت قيادة المقاومة، وقد أعلنت ذلك بوضوح لا لبس فيه، وقيادة محور المقاومة أدرى بالتحديد الدقيق  لتبلور تلك اللحظة التاريخية التي يجب اغتنامها، وعدم التفريط بها.

* في ذكرى تحرير الجرود: كيف استطاع الجيش العربي السوري والمقاومة انتزاع النصر في بيئة جبلية وعرة اعتقد الجميع بأنها ستكون الحصن المنيع لمقاتلي "داعش"؟ ما هي قراءتك الإستراتيجية لهذا النصر الكبير؟ وأين صرفته القيادة السورية ومحور المقاومة؟

- الحديث عن الانتصار النوعي الذي تحقق بتطهير الجرود من الإرهابيين التكفيريين يستحق أن تفرد له أبحاث معمقة ولقاءات متعددة. كيف لا وقد وصفه سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله بأنه "التحرير الثاني"؟ وكيف لا وهو يتصدر اهتمام مراكز الأبحاث الإستراتيجية الإسرائيلية، والشغل الشاغل لأعداء نهج المقاومة هو التفكير في سر صمود الجيش السوري، وكيف تمت المواءمة والتكامل بين أداء جيش تقليدي، وبين رجال المقاومة الأبطال الذين يختزن كل منهم في أعماقه وروحه وجوارحه منظومة عليا للقيم الأخلاقية والعقائدية والقتالية التي تفوق ما هو متعارف عليه من طاقات بشرية؟

كان واضحًا الحرص على تقطيع سوريا بخندقين من النار

 نحن نتحدث عن أعقد المعارك وأشرسها مع أعتى عتاة الفكر التكفيري الوهابي المدعومين بشتى أنواع الأسلحة من دول إقليمية كبرى وعالمية عظمى، ونتحدث عن تحصين غير مسبوق في جبال وجروف صخرية بالغة التعقيد، ونتحدث عن تكامل واضح بين الأهداف الصهيو ـ أمريكية وبين ما كانت تنفذه التنظيمات الإرهابية المنتشرة على امتداد الحدود السورية - اللبنانية. أي أننا نتحدث عن الجيش الصهيوني البديل، وخطوط الإمداد كانت مفتوحة وعلى مدار الساعة، وأحسب أن الجميع يتذكر اسم باخرة "لطف الله" التي كانت مملوءة بمئات الأطنان من الأسلحة والذخائر القادمة لإمداد مسلحي "داعش" و"النصرة" بها لضمان بقاء اللبنانيين والسوريين تحت رحمة من لا يعرفون الرحمة، وليتصور أي منا كيف سيكون الحال لو بقيت تلك الجرود مسكونة بآلاف المسلحين الإرهابيين الذين كانوا يتلذذون بإرسال السيارات المفخخة لتنفجر في شوارع بيروت وبقية المناطق اللبنانية، وكذلك في دمشق وبقية المحافظات السورية.

لقد كان واضحًا الحرص على تقطيع سوريا بخندقين من النار: أحدهما يمتد من البحر المتوسط إلى طرابلس إلى القاع ووادي خالد إلى القلمون الشرقي وصولًا إلى البادية من جهة، وامتدادًا نحو الغرب إلى الزبداني ومضايا وما حولهما ووصل الحرمون بالقلمون تنفيذًا لرغبات الكيان الصهيوني، وقد أسدل الستار النهائي على هذا الأمر وردم هذا الخندق إلى غير رجعة. والمصير نفسه ينتظر الخندق الشرقي الممتد من الأردن إلى التنف فالبوكمال ودير الزور وصولًا إلى الأراضي التركية، والقادم من الأيام كفيل بإظهار مدى الخيبة والفشل الذريع الذي يعيشه رعاة الإرهاب وبناته وحماته وهم يرون الانهيار المتدحرج لجيوش الإرهاب التي جمعوها من شتى أصقاع الأرض فإذا بها تباد وتسحق تحت أقدام حماة الديار والمقاومين الميامين. ولقد كان تطهير الجرود وكنس الدواعش من جميع المناطق الحدودية بين سورية ولبنان المقدمة التي مهدت لتداعي بقية حلقات المشروع التدميري واحدة تلو الأخرى.

* هل لك أن تشرح لنا وبمفهوم عسكري مبسط آلية الخطط الميدانية التي اتبعها الجيش السوري والمقاومة؟ وكيف انعكس نصر تحرير الجرود على مصير المعارك اللاحقة؟

* من الصعوبة بمكان الحديث عن الخطط الميدانية التي تم اعتمادها في أية معركة طالما رحى الحرب ما تزال مستمرة الدوران، لكن باختصار يمكن القول: إن هذه الحرب استثناء بكل جزئياتها بدءًا بالمقدمات ومرورًا بسير العمليات، وليس انتهاء عند التداعيات التي بدأت بالتشكل والظهور، ولأنها كذلك كان لا بد من اعتماد تكتيكات عسكرية استثنائية، وباختصار شديد أقول:

لكل معركة من معارك هذه الحرب المفتوحة تكتيكاتها الخاصة التي أملتها طبيعة الأرض والظرف

لكل معركة من معارك هذه الحرب المفتوحة تكتيكاتها الخاصة التي أملتها طبيعة الأرض والظرف المتشكل، وغالبًا ما كان يتم اعتماد تكتيكات غير متوقعة كالكمائن التي تم اعتمادها في منطقة "المراح" التي كانت ممرًا حتميًا للمسلحين من البادية إلى القلمون الشرقي، والتي تكررت وأنزلت بالتنظيمات الإرهابية المسلحة خسائر بشرية كبيرة. وبشكل مكثف وسريع أستطيع القول: لقد كانت البداية والمنطلق في "بابا عمرو" وظهور السيد الرئيس بين الجنود الأبطال في قلب بابا عمرو بعد تطهيرها إيذانًا ببدء مرحلة جديدة عنوانها الانتقال من الدفاع الإيجابي إلى الهجوم التكتيكي والعملياتي. وهذا ما ظهر بوضوح في تطهير القصير، وبعدها بدأت مرحلة الحسم الميداني تتقدم بوتائر أسرع وأكثر فاعلية وتأثيرًا، إلى أن تم تطهير الجرود على الجانبين السوري واللبناني، وكان التحرير الثاني في 28/8/2017م.

بعد تطهير الجرود كان واضحًا أن المسلحين الإرهابيين قد أرغموا على مغادرة المنطقة، وقد حقنوا جميعًا "بفيروس الهزيمة" الذي استوطن رؤوسهم وأعماقهم في آن معًا. وقد تبين لاحقًا أن هذا الفيروس أكثر سرعة في الانتقال والانتشار من أي فيروس آخر، وهكذا رأينا بيارق النصر الحاسم واندحار التنظيمات الإرهابية التكفيرية المسلحة عن مناطق جغرافية واسعة، والتزم الكيان الصهيوني مرارة الصمت وهو يرى بأم العين تطهير المنطقة الجنوبية بالكامل ( درعا ـ السويداء ـ القنيطرة ـ ريف دمشق) التي أصبحت مطهرة من رجس المرتزقة المأجورين الذين كان حكام "تل أبيب" يعولون عليهم لإبقاء ألسنة اللهب محدقة بدمشق وقابلة للانتقال إلى لبنان وغيره. لكن بتكامل جهود الجيش العربي السوري ورجال المقاومة في حزب الله وبقية القوى الحليفة والرديفة تم طي صفحات مؤلمة في هذه الحرب وستطوى بقية الصفحات قريبًا إن شاء الله، ووفق ما تريده سوريا ومعها محور المقاومة ومكافحة الإرهاب لا وفق مشيئة من أرادوا العودة بالمنطقة إلى ما قبل ظلامية الجاهلية الأولى.

إقرأ المزيد في: #صيف_الانتصارات

خبر عاجل