#صيف_الانتصارات
تاريخ الولادة: تموز النصر
ليلى عماشا
لأهل المقاومة ذاكرة من تموز ٢٠٠٦ غير تلك التي وثّقها الإعلام وعاشها الجميع كلّ من مكانه.. فالعائلات التي وُلد لها في تموز الصبر والنصر طفل، تحتفظ كلّ منها بحكاية ولادة مختلفة كثيرًا عن حكايا الولادات العادية.
من مخاض تحت القصف إلى صرخة الوليد التي تعلن الفرح، نبت لنا في تموز ٢٠٠٦ ذاكرة تذهب من أقصى الألم إلى أقصى الطرافة، حتى إذا سألت يافعًا اليوم عن تاريخ ميلاده وأجابك بأنّه من مواليد تموز، ستسبقك بسمة تحاكي بسمته.
لا يحتفظ جيل تموز ٢٠٠٦ طبعًا بأي ذكرى من الحرب سوى ما قصّه عليه ذووه، لكنّه حتمًا يمتلك قصّة خاصة استخلص منها عبرة من صبر وصمود، وألف حكمة عن النصر الإلهي العظيم.
وُلد علي في بيت عائلته في حيّ السلّم. فقد تعذّر على والدته الذهاب إلى أي مستشفى أو عيادة. وُلد مصابًا بمشكلة الصفَيرة ويخبر بحماسة بالغة أنّ نساء الحيّ جرّبن فيه كلّ الوصفات المنزلية والتقليدية في محاولة علاجه، وبما أنّه شُفي، يقرّ بأنّ والدته لا تعلم حتى السّاعة أي علاج بيتيّ قد ساهم في علاجه، بعد أن جرّبت كلّ الوصفات التي قيلت لها.
يعتبر علي، وهو على حقّ، أنّ أمّه ونساء حيّهم قاومن على طريقتهنّ، بل وكنّ شريكات في النّصر إذ لم يسمحن للخوف وللطرقات المهددة بالقصف وللحصار في البيوت أن يسيطر عليهنّ فاخترعن كلّ ما أمكنهنّ من أجل إنقاذ حياته..
أما "وعد" التي ولدت في عيادة في صور، حيث كان القصف لا يهدأ، فتقول أنّها تتباهى بتاريخ ميلادها، وبمرح شديد تخبرنا أنّ عيد ميلاها يتزامن مع مفاجأة قصف البارجة ساعر، وتشعر أنّها ولدت في يوم مميّز من شهر مجيد. وعد التي سُميت تيمّنًا بعملية "الوعد الصادق" تقول أنّ والديها ما زالا يدمعان فرحًا كلّما أعادوا على مسمعها حكاية يوم مولدها المبكر. فوالدها الذي حضر مصادفة للإطمئنان على عائلته في ذلك اليوم، لم يكن على علم أنّ النهار لن ينتهي إلّا وصغيرته في حضنه، بوزن صغير جدًا بسبب ولادتها الباكرة، وبفرص "نجاة" ضئيلة بسبب عدم توفّر حاضنة طبية في العيادة.. تقول وعد ممازحة أنّها وإن لا تذكر شيئًا لكنّها لا شكّ تمسكّت بالحياة كي تعيش زمن الإنتصارات..
علي ووعد وعشرات وربما أكثر من أبناء أهل المقاومة ولدوا في تموز واقترن تاريخ ميلادهم بذاكرة الحرب وحكاية النّصر. اليوم يبلغون السادسة عشر ربيعًا، ويبدون وعيًا جميلًا حيال تلك الحرب بعد أن قُصَّت عليهم وكأنّها حكايتهم الخاصة..
بعضهم، يؤكد أنّ تاريخ ميلاده يعطيه حافزًا إضافيًا للإنخراط في خطّ المقاومة.. وبعضهم يباهي أقرانه بتفوقه عليهم إذ ينتمي عمره إلى زمن خاضت فيه المقاومة ٣٣ يومًا من القتال الباسل وانتصرت رغم التفوق بالعتاد وبالتجهيز الذي يتمتع به الصهيوني.. يقولون بأن شيئًا من روح تمّوز النصر يعشعش في أرواحهم، فترى لهفتهم في حديثهم الفتيّ عن المقاومة وانتصاراتها ساطعة تمامًا كتعاملهم مع الفكرة برمتّها وكأن عليهم أمانة الحفاظ على الخطّ الذي وسم زمن ولادتهم بنصرٍ تاريخي عظيم.
إقرأ المزيد في: #صيف_الانتصارات
27/08/2021