#صيف_الانتصارات
معين شريف لـ"العهد": لولا "زرع" شبابنا لما حُرّرت الجرود
لطيفة الحسيني
تصوير: موسى الحسيني
عند كلّ استحقاق وطنيّ، يحضر اسم معين شريف. لدى الحديث معه، تتلمّس توْقه الى تكريم الخطّ المقاوم. هي وصيّة حفظها مذ كان في اليمونة فتى صغيرًا. كثيرًا، ما يتباهى شريف بأترابه المُجاهدين وأولئك الشهداء. لديه فائضٌ من الإخلاص لهذا النهج، ويملك مخزونًا من الذكريات والأسرار التي تجمعه برفاقِ نزال. برأيه، الأغنية الوطنية تستطيع التأثير في أجيالٍ مُختلفة، وقد تشحن بعضها وتحثّها على مُقارعة العدو والالتحاق بصفوفِ المُقاومين. اليوم، يستذكر شريف كيف تابع معارك "التحرير الثاني" عام 2017، ويُشارك موقع "العهد الإخباري" بعضًا منها، فكان هذا اللقاء..
النصّ الكامل للمقابلة:
*كمواطنٍ بقاعيّ، ماذا يعني لكَ تحرير كامل السلسلة الشرقية من الإرهابيين؟
بما أننا كنّا على تماسٍ خلافًا لباقي المناطق اللبنانية، لمسنا عظمة هذا الانتصار أكثر من غيرنا. لقد عشنا تفاصيل هذه المعاناة مع كلّ قذيفة كان يُطلقها الإرهابيون على الآمنين في بيوتهم. الحمد لله الذي أكرمنا وكنّا من أصحاب التحرير الثاني، خاصة أن معظم الشهداء الذين سقطوا في المعارك كانوا رفاقنا وأقاربنا. نحن نفتخر أن الله اختار من بيننا شهداء، وأصبح لدينا في تلك الحياة زُلم (رجال) يشفعوا لنا.
*ما هي الضمانة التي تحول دون احتلال الجرود مجدّدًا من قبل الإرهابيين؟
الضمانة هي الحفاظ على مقاومتنا وجيشنا وأن نصون البيئة الحاضنة لهما من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية بوجه الإرهابيين، فلولاهما لما كنّا لننعم بهذه الحماية والأمان في البقاع وتحديدًا في المناطق الجردية. وبالمناسبة، يجب أن نقول أن هناك واجبًا يقع على عاتق المعنيين والدولة وهو تكريم الشهداء الأبطال من خلال حفظ عائلاتهم ورعايتها، وسأطرح هذا الموضوع في أيّ فرصة. المُقاوم الذي حرّر جنوب لبنان وحمى بقاعنا وكامل الحدود هو لبناني بالنهاية.
*ما هي الصورة التي تحتفظ بها عن معركة الجرود ولا تزال راسخة في ذاكرتِك؟ وكيف تابعتَ يوميات المعارك التي خاضها المُقاومون؟
هذا الإنجاز ما كان ليحصل لولا "زرع" شبابنا الأبطال. هناك حادثة لا تُفارقني ومُرتبطة بهذه المعارك، المُجاهد وصديق عمري وابن عمّي حسن شريف، هو من الذين مهّدوا لهذا الانتصار. ما حصل مع حسن، جعلني أشعر بما كان يشعر بها سماحة السيد حسن نصر الله وأهالي الشهداء عندما فقدوا جثث أبنائهم. فجثمان الشهيد حسن احتُجز سنتين وشهريْن، في تلك المرحلة كنّا نبحث عن طريقة لاسترجاع الجثمان حتى "نزرعه" في أرض اليمونة. تمامًا كذوي الشهداء، لمسنا ألم فراق الجسد والروح، لكن الحمد الله استطعنا في النهاية في إحدى عمليات التبادل جراء معارك الجرود إعادة جسده الطاهر، وقد خصّصتُ له بعض الكلمات "عاليمونة راجع بطل يغفى بأرض المرجلة". هي من المحطات التي لا تُنتسى بالنسبة إليّ.
*في التحرير الأول (اندحار العدو الاسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 2000)، كان "زرع التحرير"، ماذا عن التحرير الثاني؟
في كلّ محطّة وطنية منذ التسعينات الى اليوم، كنتُ أُخصّص نشيدًا أو أغنية وطنية تليق بالمناسبة أو الذكرى. عام 1996 غنيتُ لشهداء قانا، وعام 2000 وقبيل التحرير بشهرين غنيتُ "لازم تعرف يا محتلّ"، وبعد التحرير مباشرة خصّصتُ أغنية للمُقاومين وإنجازهم "حرّرنا ورجعنا الأرض"، و"بلّش مشوار التحرير من أرضك يا جنوب الغار.. علّي صار وبدو يصير.. سجّل يا تاريخ أخبار شرقِت شمس العروبة من جُرح ولاد جنوبي وصيّة دَمُن مكتوبة عالقُدس نكفّي المشوار".
لستُ ملزمًا بحدث أو انتصار أو معركة لأحضّر عملًا فنيًا. منذ سنتين، أطلقتُ نشيدًا بعنوان "أسْمني" يحكي قصة المُجاهد الى حين استشهاده. عندما أشعر أن الكرة الأرضية باتت بحاجة الى لفتة نظر مُعيّنة، أُبادر سريعًا الى التحضير. هذا هو خطي ونهجي.
*برأيك ما هو دور الأغنية السياسية في هذه المرحلة؟
الفنّ غناءً وموسيقى وشعرًا وتمثيلًا يجب أن يكون هادفًا وفعّالًا. هو يوجّه ويوثّق المراحل الهامّة من المواجهة مع العدو ولا سيّما الانتصارات وينشر ثقافات. الأغنية قد تُغنيك أحيانًا عن الاطلاع على أيّ مادة سياسية أخرى. الفنّ وخصوصًا السياسي سلاحٌ لا يمتلكه العدو الصهيوني، فهو نابع من إيمان وعقيدة مُحقّة. وعليه، يجب الاهتمام بالفنّ الهادف على مستوى الدولة والجهات الأخرى.
*أنت معروف بغزارة الإنتاج الفني الوطني.. لماذا تلجأ الى هذا الخيار في وقت هناك من يفكّر بالأموال والأرباح على حساب المواقف الوطنية؟
لأنني مُقتنع بأن الموهوب مسؤول أمام الله، وعليه أرى أن هذا الفنّ يجب أن يدعو الى الوحدة الوطنية، ولا سيّما أن تنوّع لبنان يفرض علينا الدعوة الى الوحدة والألفة والعيش المشترك، والتمسّك بخيار المقاومة والجيش، الضمانة الوحيدة لبلدنا.
*ماذا عن المُتخاذلين الذي لا يجرؤون على اتخاذ مواقف وطنية أو تخصيص المقاومة بأية أعمال فنية تليق بها؟
هناك فنانون يعتبرون أنهم يعيشون على كوكب آخر. هؤلاء غير طبيعيين ومرضى، يظنّون أن الأمر لا يعنيهم، وبهذه الطريقة هم يفصلون نفسهم عن المجتمع والناس والوطن والأمّة، ليعيشوا على كوكب غير موجود إلّا في خيالهم. هؤلاء تجوز عليهم الشفقة ، ولا أطمح لأن أكون منهم.
*هل تفكّر في تخصيص عمل وطنيّ لإحدى الشخصيات أو القادة البارزين؟
لا تمييز بين الأبطال. الكلّ يستحق التقدير. في كلّ مرحلة من لبنان كان هناك شخصية متميّزة. وأقول لجميع المناضلين الوطنيين سنبقى على خطّهم، ولن نترك أي سلاح أو ساحة وسنكون حيث يجب أن نكون، وسنكمل مسيرتهم حتى آخر لحظة في حياتنا. وليس هناك أيّ إغراء في العالم سيُغيّر قناعاتنا.
إقرأ المزيد في: #صيف_الانتصارات
27/08/2021