معركة أولي البأس

معادلة الردع

معادلة الأول من أيلول وما بعدها
03/09/2019

معادلة الأول من أيلول وما بعدها

فاطمة سلامة

ما قبل الأول من أيلول/ سبتمبر عام 2019، لن يكون كما بعده. فهذا التاريخ سيسجّل بداية لمرحلة جديدة من الوضع عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة للدفاع عن لبنان وسيادته وكرامته وأمنه وشعبه. إعلان أطلقه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله تعليقاً على العملية البطولية التي نفّذتها المقاومة الأحد، والتي لن يكون بعدها أي خطوط حمراء لناحية قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني. فـ "إسرائيل" جنت على نفسها جراء الاعتداءين السافرين اللذين نفذتهما الأسبوع الماضي. القصف "الاسرائيلي" على بلدة عقربة في محيط دمشق والذي أدى الى استشهاد ياسر ضاهر وحسن زبيب، و اعتداء المسيرتين المفخّختين في الضاحية الجنوبية. فما أهمية المعادلة الجديدة التي أطلقها سماحته والتي ترفع من مستوى قوة الردع الموجود لدينا؟ 

رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن د. هشام جابر يُشدّد على أنّ ما أعلنه سماحة السيد في خطابه الإثنين (2 أيلول) يفتح صفحة جديدة في تاريخ الحرب مع العدو "الإسرائيلي". سماحته وجّه رسالة مهمة جداً سوف يُسجّلها التاريخ لناحية تغيير قواعد الاشتباك المألوفة مع العدو. وعد السيد بالرد من لبنان الى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ووفى كعادته ليُكرّس واقعاً أكثر ألماً على الكيان من السابق. فليس بالضرورة أن يكون العدوان على أرض لبنان لترد المقاومة، بمعنى أنه إذا حصل أي عدوان "إسرائيلي" في سوريا، واستشهد أحد أفراد حزب الله لن تسلم "إسرائيل". كما أنّ المسيرات الصهيونية التي كانت تسرح وتمرح في سماء لبنان باتت هدفاً للمقاومة ستعمل على إسقاطها ساعة ما تشاء. هذه النقاط مهمة جداً ـ برأي جابر ـ وتشكّل عاملاً أساسياً في معادلة "الردع" التي ثبّتتها المقاومة والتي باتت اليوم أكثر وضوحاً ودقّةً  ما سيجعل بالتأكيد العدو يرتدع عن القيام بأي عدوان جديد. 

ويُشدّد جابر على أهمية العملية التي نفذّتها المقاومة في الأول من أيلول مهما كانت نتائجها من قتلى وجرحى. العبرة في الرسالة التي وجّهتها هذه العملية والقواعد الجديدة التي أرستها والتي ستجعل العدو يحسب ألف حساب لأي عدوان جديد بعد كسر كافة الخطوط الحمراء، وبعد كسر "أكبر خط أحمر" "إسرائيلي" من خلال الرد ضمن حدود 1948. وبطبيعة الحال، سيكون السؤال المركزي ـ برأي جابرـ والذي سيتكرّر دائماً في "الكواليس" الصهيونية: هل سنكون قادرين على تحمّل ردة فعل المقاومة والاشتباكات الواسعة التي قد تحصل والتي قد تكون نتيجتها حرباً شاملة مع لبنان؟ إجابتهم بالتأكيد ستكون لا، مع أنّ "إسرائيل" ومنذ عام 2006 حتى اليوم تريد الحرب لكنها لا تستطيع تحمّل تداعياتها. تُجري مناورات دورية بغية التحضير لعدوان ضد لبنان، لكنها تكتشف بنتيجة الرؤية العسكرية لديها أنّ ميزان القوى لصالح المقاومة وليس لصالحها مطلقاً، فقوة المقاومة تزداد يوماً بعد يوم.

معادلة الأول من أيلول وما بعدها

 

يستند جابر في هذه الجزئية إلى ما يورده الإعلام الصهيوني من مواقف وقراءات والتي تبيّن بما لا يقبل الشك أنّ "إسرائيل" غير قادرة على تحمل تبعات أي حرب. مثال على ذلك، فإنّ كيان العدو في العام 2014 توقّع أن يمتلك في العام 2018 قدرات تخوله صد 60 بالمئة من الصواريخ القادمة من المقاومة. جاء عام 2018 وتبيّن أن العدو لا يستطيع صد سوى 35 بالمئة فقط. بمعنى أنه اذا سقط 1000 صاروخ "عادي" على كيان العدو فإنّ 700 منها ستصيب ـ بالتأكيد ـ الهدف. هذا ونحن نتكلّم عن صواريخ عادية  ـ بحسب جابرـ فكيف بالصواريخ الدقيقة؟!. كيف بصواريخ أرض ـ بحر "يوخونت" التي تعد من الصواريخ الأكثر تطوراً والتي تقول "إسرائيل" إنها منصوبة في مكان ما على الشاطئ اللبناني وتستطيع أن تدمّر ليس فقط البوارج "الإسرائيلية" بل منصات النفط والغاز التي أقامتها "إسرائيل" والتي تعيدها عشرات السنين الى الوراء. جابر ينقل حالة الرعب التي يعيشها كيان العدو من وجود هكذا صواريخ والتي يضرب لها ألف حساب بغض النظر عما أعلن أو ما لم يعلن رسمياً عن المقاومة لجهة قدراتها، والتي بقي الكثير منها طي الكتمان. فكيان العدو مثلاً يستعد لدفع الملايين مقابل معرفة ما إذا كان لدى المقاومة صواريخ أرض ـ جو. ومن أجل ذلك تجوب طائرات الكيان الحربية الأجواء اللبنانية لاستدراج حزب الله، ليتم استهدافها (الطائرات) وكشف اللثام عما إذا كان لدى المقاومة هذا النوع من الصواريخ. 

كما ينقل جابر مخاوف كيان العدو من تغير التكتيك وقواعد اللعبة لجهة انتقال المقاومين الى الجليل الأعلى خلال دقائق، ما يُحوّل المستوطنات الى رهائن، مع ما يحمله هذا الأمر من تبعات على الكيان الغاصب. وهنا يُشدّد جابر على أن الصراع مع كيان العدو لم ينته، فنحن في حالة صراع مستمرة ستكون كلمة الفصل فيها دائماً للمقاومة، خصوصاً بعد القواعد الجديدة التي أرستها مؤخراً والتي أعلنت فيها عن كسر كل الخطوط الحمراء المرسومة منذ عقود. 

ولا ينسى جابر أن يتحدّث قبل أن يختم عن الأخلاق التي يتحلى بها المقاومون والعقيدة الراسخة والقوية لديهم والتي تُشكّل عاملاً رئيسياً في الانتصارات الدائمة. هذا بالإضافة الى عامل مهم جداً يتمثّل في صورة السيد نصر الله الصادقة لدى الكيان الغاصب، والمصداقية التي يتمتّع بها والتي تُشكّل ورقة قوة بيد المقاومة. يستند في هذه الجزئية الى الكثير من الدراسات واستطلاعات الرأي التي أجريت في كيان العدو والتي أكّد فيها الصهاينة أنهم يُصدقون السيد نصر الله أكثر من مسؤوليهم، وأنهم لا يصدقون أي مسؤول عربي إلا الأمين العام لحزب الله. وبالخلاصة ـ يقول جابرـ فإنّ كل هذه العوامل إذا ما أضفنا اليها قاعدة الردع الواسعة التي أرساها سماحته فإننا سنرى حتماً كيان العدو مردوعاً يحسب حساباً لكل خطوة "عدوانية" سيقوم بها باتجاه لبنان.
 

إقرأ المزيد في: معادلة الردع