معركة أولي البأس

فصل الخطاب

كلمة السيد نصر الله بالذكرى السنوية السادسة لشهادة القائد السيد ذو الفقار
20/05/2022

كلمة السيد نصر الله بالذكرى السنوية السادسة لشهادة القائد السيد ذو الفقار

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في الاحتفال الذي اقامه حزب الله بمناسبة الذكرى السنوية السادسة لاستشهاد القائد الجهادي السيد مصطفى بدر الدين (السيد ذو الفقار) في قاعة الشهيد السيد محمد باقر الصدر – ثانوية المهدي (عج) – الحدث في 20-5-2022‏

أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد الله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا ‏خاتم النَّبيين أبي القاسم محمَّد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطَّاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع ‏الأنبياء والمرسلين.

السَّلام عليكم  جميعاً ورحمة الله وبركاته.

 أُرحب بالإخوة والأخوات الحضور الكريم وأشكرهم على هذا الحضور .

وفي بداية الكلمة نُجدد تبريكنا وعزائنا لِعائلة شهيدنا الكبير وقائدنا العزيز السيد مصطفى بدر الدين، لعائلته الشريفة فرداً فرداً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يَمنّ عليهم دائماً بالخير والصبر والسلوان والإعتزاز والإفتخار بهذا الشهيد العظيم، وأن يمنّ على شهيدنا بعلو الدرجات.

في العام الماضي لم نتمكن من اللقاء لإحياء هذه المناسبة العزيزة علينا بسبب كورونا، وأيضاً بسبب الوضع الصحي الخاص الذي عانيت منه في مثل هذه الأيام من العام الماضي.

الحمد الله هذا العام الآن أنا وأنتم وُفقنا للقاء مجدداً لإحياء ذكرى أخٍ عزيزٍ وحبيب وقائدٍ جهاديٍ كبير من إخواننا وقادتنا الأخ الشهيد السيد مصطفى بدر الدين ( رضوان الله تعالى عليه) السيد ذو الفقار.

قبل الدخول في المناسبة، إسمحوا لي أن أُؤدي واجباً أخلاقياً إستدراكياً، يعني نستدرك.

قبل أيام تَوفى الله سبحانه وتعالى أحد إخواننا ومشايخنا سماحة الشيخ علي شحيمي ( رحمه الله)، وهو من إخواننا القدامى ومن أصدقائنا القدامى أيضاً، وكان عالماً ومخلصاً وعاملاً وودوداً ودمث الأخلاق

يعرفه الكثيرون، وخدوماً وودوداً، والأهم أنه كان يحمل روحاً إستشهادية، يعني يمكن من جهتي لم أقل هذا الأمر سابقاً أن سماحة الشيخ علي شحيمي (رحمه الله) كان من الإخوة الذين سجلوا أسمائهم في لوائح الإستشهاديين، وكان دائماً حاضراً للإمتثال من أجل تنفيذ عملية إستشهادية في هذه المقاومة، طبعاً النوبة لم تصل إليه لأن هذه اللوائح عندنا طويلة إلى ما شاء الله.

أيضاً قبل أيام كان أربعون رحيل سماحة الشيخ علي شحرور ( رحمه الله)، وسماحة الشيخ علي كان عالماً جليلاً معروفاً، وهو من الجيل الأقدم من جيلنا، وله تاريخٌ طويل في التبليع الديني وتربية الأجيال والمنبر الحسيني وخدمة أبي عبد الله الحسين ( عليه السلام)، وترك في عائلته أيضاً أبناء وبنات علماء وخطباء منبر حسيني وفضله لا يُنسى.

وقبل ذلك كان رحيل سماحة الشيخ حاتم إسماعيل ( رحمة الله عليه)، الأخ العزيز والعالم الجليل، المحقق والمؤلف والكاتب والمُتخصص في دراسة الأديان السماوية والكتب السماوية والإهتمام الفكري الإسلامي، إلى جانب حضوره العلمائي والتبليغي في بلدته وفي الجنوب، وأيضاً ترك في بيته علماء كرام.

لعائلاتهم الشريفة أُجدد تقديم العزاء والتعبير عن مشاعر المواساة.

 سأقتصر على ذكر الإخوة العلماء المشايخ لأن اللائحة طويلة، عندما أُريد أن أتحدث عن إخواننا للأسف، الآن للأسف لأن الإنسان يتألم لفقد الأحبة والأعزة، ولكنه من جهة أخرى يُسلم لمشيئة الله سبحانه وتعالى، خلال هذين العامين، وخصوصاً في الآونة الأخيرة، قضى كثيرٌ من إخواننا وأخواتنا بالمرض بالكورونا، وبعضهم من الجيل المُؤسس، وبعضهم له تاريخ طويل.

كل العائلات الكريمة التي تربطنا بها علاقة حُب وإخلاص ومودة يتوقعون مني أن أَذكر أسماؤهم في الخطاب، طبعاً أنا عادةً من خلال إخواننا في الشورى ومن خلال إخواننا النواب ومن خلال مندوبي مكتب الأمانة العامة نَتصل ونُعزي ونُرسل وفودا، ولكن من موقع المحبة والإحترام يَتوقعون مني أن أذكر كل الأسماء، أنا في الآونة الأخيرة أنه والله في الجمعة أو الجمعتين أخطب مرة، لكن كان أحياناً يَمر شهر أو شهر ونصف حتى أخطب، فتتراكم وتطول اللائحة خلال شهر أو شهر ونصف، طبعاً أنا يُشرفني أن أذكر أسماء إخواني وأخواتي الذين يرحلون والذين يُستشهدون أيضاً، مرةً قبل مدة عندما أُستشهد الأخ الحاج عباس اليتامى ( رحمة الله عليه) كانت قد مضت مدة لم أخطب فيها، فطلبت من الإخوة في البقاع أنه الآن بإعتبار أن المناسبة في الهرمل وأنا أُريد أن أتكلم، فبعثوا لي لائحة، أنا أذكر الإخوان لكن يمكن أن أنسى البعض، إذا أُريد أن أرجع أذكر إخواني، خصوصاً من الجيل الأول، من جيل 1982 نُسميهم جيل 1982، فأرسلوا لي لائحة طويلة، ووجدت أنني إذا فقط أُريد أن أقرأ الأسماء، وكل إسم أتكلم عنه سطر أو سطرين، فستتحول المناسبة إلى عنوان آخر، في كل الأحوال أنا أعتذر من هذه العائلات وإخوانهم وأبائهم وأزواجهم وأبنائهم وأخواتهن وزوجاتهن، كلها هي موضع تقدير وإحترام.

اكتفيتُ بالمشايخ لأنه نستطيع أن نذهب إلى صنف محدد، بالنهاية يكون العدد قليلاً.

الأمر الآخر الإستدراكي  بآخر الكلمة شكرنا في موضوع الإنتخابات، لقد شكرناهم سابقاً ولكن عندما رجعنا إلى التفصيل عادةً يمكن أن ننسى، فنرجع نستدرك شكر المغتربين في الخارج، خصوصاً الذين انتقلوا في مسافات أحياناً مئات الكيلومترات من أماكن سكنهم إلى مراكز الإقتراع لِيقترعوا، وخصوصاً أُؤلئك الموجودون في بلاد يُمكن التصويت فيها للائحة الأمل والوفاء أو لخط المقاومة، يُمكن أن يكون له تبعات عليهم، ومع ذلك هم بدروا وانتخبوا وصوتوا، ولم يأبهوا لكل هذه المخاطر، نشكرهم إستدراكاً.

نَعود إلى مناسبتنا، أصبح معروفاً من خلال كل التقارير والخطب السابقة، والإضاءة على شخصية الشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين الكثير من ملامح هذه الشخصية، لأنه كما هي العادة قادتنا الجهاديون هم بالأعم الأغلب ليسوا معروفين بين الناس، يعني يقتضي عملهم الجهادي الغير مُعلن أن تكون  غالباً أسماؤهم الحقيقية مُخفية وصورهم مخفية وشخصياتهم غير معروفة، إلا في دائرة العمل المباشر، لكن بعد شهادتهم تُعلن أسماءهم الحقيقية وتُقدم صورهم وأفلام وثائقية عن سيرتهم وعن تاريخهم، ويُبين حالهم للناس، وأما الذين ما زالوا على قيد الحياة، هم حالهم حال هذا الوضع السابق.

السيد مصطفى بعد شهادته طبعاً قُدم للناس وأصبح معروفاً، وأنا في أكثر من مناسبة في السنوات الماضية تحدثت عن هذه الشخصية، لكن إذا أردت أن أقتصر كمدخل للكلمة، كان يملك شخصية قيادية فذة، إيمان ووعي وبصيرة وفهم إستراتيجي، كل الإخوة الذين يَسمعونني يعرفون السيد مصطفى ويعرفون أنني لا أُجامل ولا أُبالغ، شجاعة عالية وشهامة وهمة كبيرة وإرادة وعزم وجدية وغيرة وحماسة، حماس وذكاء وإبداع ، وبيان قوي، عندما يُريد أن يشرح المطلب يجب أن يُبين قدرة خطابية عالية، وقد سمعتم بعض المقاطع، وكان شاعراً أيضاً، يَنظم القصائد للقدس وفلسطين والشعب الفلسطيني والمقاومة ولأحبائه، والرسل والأنبياء والأئمة ( عليهم السلام).

وفي الحقيقة هو حصل على كل الأوسمة التي يُمكن أن يحصل عليها إنسان، فهو مُجاهدٌ وجريحٌ ومُهاجرٌ وأسيرٌ  وقائدٌ جهادي، وفي نهاية المطاف شهيد، هذه الأوسمة كلها هو حملها على جسده الذي خُتم له بالشهادة، وقضى عمره  وشبابه، بدأ شاباً ( شبيب) وإنتهى بشيبته المدماة، قضى عمره في مواجهة الإستكبار، المستكبرين الأميركان الطغاة المشروع الصهيوني الإحتلال، وفي نهاية المطاف الجماعات الإرهابية التي تم إستخدامها في سوريا والعراق في الحرب الكونية وفي مشروع تغيير وجه المنطقة.

وهو في الحقيقة من هنا أنا أُريد أن أدخل إلى العناوين، هو في الحقيقة أحد رموز جيل بكامله، جيل مؤمن ومجاهد وثائر في لبنان وفي المنطقة، كما هو الحال بالنسبة لإخوة آخرين، كصديقه ورفيق دربه وشقيق روحه الشهيد القائد الحاج عماد مغنية ( رضوان الله تعالى عليه) وآخرين أيضاً.

وهنا أود أن أتحدث في النقاط الآتية عن السيد مصطفى كرمزٍ لجيل ومن خلاله أتحدث عن جيل السيد مصطفى بدر الدين، وهو من رموزه وعناوينه الأساسية، ومن خلاله أربط بخيطٍ واحد المناسبات والأحداث المتعلقة في شهر آيار، لدينا النكبة في فلسطين في 15 آيار 1948، في آيار أيضاً في 17 آيار لدينا إتفاقية الذل والعار، التي وقعتها الحكومة اللبنانية، الدولة اللبنانية في 17 آيار 1983، لدينا في آيار أيضاً، نتكلم هنا وفق ترتيب السنوات وليس وفق أيام الشهر، تحرير لبنان في 25 آيار 2000، حادثة عظيمة جداً وتاريخية، وأيضاً لدينا معركة القصير والدخول إلى سوريا في 13 آيار 2013، هذه كلها لها علاقة بهم السيد مصطفى وجيل السيد مصطفى، وهو الذي كان حاضراً بإسمه ذو الفقار في هذه الساحات بقوة، في ساحة فلسطين وفي ساحة لبنان وفي ساحة سوريا، وعندما أتحدث عن هذه العناوين أيضاً إنما أُريد أن أخذ العبرة من الماضي، العبر من الماضي للحاضر والمستقبل وتثبيت الخيارات.

نكبة فلسطين في 15 آيار 1048 لم تكن نكبة فقط للشعب الفلسطيني، بل كانت نكبة العرب جميعاً، كانت نكبة شعوب المنطقة من مسلمين ومسيحيين، وما زالت هذه المنطقة وشعوبها، وفي مقدمهم الشعب الفلسطيني يُعانون من نتائج هذه النكبة منذ 74 سنة، هذه حادثة لم تنته لا آلامها ولا تداعياتها ولا مصائبها ولا أحدائها، يعني عادةً تحصل حادثة يَشتهد فيها اناس ويُجرح اناس ويُعتقل اناس، ويتغير الوضع فينتهي، ينقطع هذا الحدث وفيما بعد تُصبح الأمور طبيعية، كلا منذ 74 سنة هذا الكيان الغاصب الذي أوجد هذه النكبة بدعم غربي وإستكباري، ما زالت تداعيات تلك النكبة قائمة، وكل مصائبنا في هذه المنطقة بدأت منذ 1948 مصائب ما جاء بعدها، وهي مستمرة إلى الآن حروب واعتداءات وتهديدات ومخاطر ومجازر ومنطقة قلقة ومستنزفة في مواردها المالية والإقتصادية، منطقة حروب منذ 74 سنة.

طبعاً العبرة التي أُريد أن أخذها الآن ومنها أعبر إلى العنوان التالي، لأنني أُريد أن أتكلم في العناوين بإختصار شديد، أنه كان في العالم العربي وفي العالم الاسلامي على أثرها حالة نهضة كبيرة وثورة وثورات عربية في البلدان العربية، ‏وقامت أنظمة قومية تحت عنوان تحرير فلسطين، وكان هناك حالة حماسة وانفعال منقطعة النظير وتأييد رسمي ‏ظاهري وشعبي عربي على امتداد الأمة، وأيضًا على مستوى العالم الإسلامي وكان انتظار للدول العربية، وأيضًا ‏للدول الإسلامية لتأتي وتحرّر فلسطين فيما كانت الشعوب العربية وفي مقدمها الشعب الفلسطيني ينتظرون الدول ‏والأنظمة والجيوش لتحرير فلسطين ما احتل في عام 1948 فإذا بالعالم العربي يصدم بالنكسة في عام 1967.

وينتهي الأمر إلى ضياع القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، وبعدها بأشهر مزارع شبعا وتلال ‏كفرشوبا. وسادت حالة كبيرة جدًا من الاحباط طبعًا هذه سأعود لها بنكبة لبنان، لكن الأهم الآن أمام وإزاء هذه ‏النكبة هو موقف الشعب الفلسطيني، وما جرى خلال عقود وما يجري الآن في السنوات القليلة الماضية، وما جرى ‏العام الماضي في سيف القدس وما جرى في الأسابيع القليلة الماضية الرسالة القوية والمهمة هنا أيضًا أنّ الشعب الفلسطيني "خلص" لم يعد ينتظر لا دول عربية ولا أنظمة عربية ولا جامعة الدول العربية ولا منظمة تعاون إسلامي ولا مجتمع دولي ولا مجلس أمن دولي ولا قرارات دولية. حسم خياره منذ وقت طويل وهو اليوم حاضر في ‏الميادين وحاضر في الساحات، وأنا أعتقد في الحدّ الأدنى خلال العشرين ثلاثين سنة الماضية أنّ إيمان الاغلبية ‏الساحقة من الشعب الفلسطيني بخيار المقاومة الآن أقوى من أيّ زمن مضى.

هذه النكبة التي حصلت في فلسطين قبل 74 عاما أريد لمثلها أن يحصل في لبنان في اجتياح 1982 لبنان دخل في ‏نكبة حقيقية، وكلّنا نذكر اجتياح الـ 82 ووصول قوات الاحتلال إلى العاصمة بيروت إلى ثاني عاصمة عربية، ‏البعض يشتبه ويقول احتلال أول عاصمة عربية، لا أول عاصمة عربية القدس التي  احتلت سنة 67. ولكن دخل ‏إلى ثاني عاصمة عربية كامل الجنوب والبقاع الغربي وراشيا وجزء كبير من جبل لبنان، وكان بقية لبنان مهدّد ‏أيضًا. ولبنان كان أيضًا أمام نكبة لو قدّر لهذا الاحتلال أن يستمر.

تصوّروا لو لم تكن هناك مقاومة، ماذا كان ‏يمكن أن يكون وضع لبنان ومصير لبنان وماضي لبنان خلال عشرات السنين الماضية وحاضر لبنان الآن؟ أي ‏نكبة كان يعيشها لبنان والشعب اللبناني؟ أيضًا هنا من نفس النقطة كلّنا يذكر في تلك الأيام عندما حصل خلاف ‏حول الخيارات في لبنان حتى من يقف في موقف المعادي للصهاينة لأنّه كان هناك اناس، لا هناك فريق كبير كان ‏متعاونًا معهم سياسيًا وعسكريًا، ومتعاونًا أمنيًا يقاتلون كتف إلى كتف ويجلسون على نفس الطاولة، ويخططون للعمليات الهجومية هذا معروف في البلد. لا أتحدث عن تلك الجبهة، لا أتحدّث عن الجبهة التي كانت ترفض ‏الاحتلال كثيرون كانوا يقولون لا يمكن مواجهة الاحتلال إلا في اطار استراتيجية عربية موحّدة، ويجب أن نكون ‏جزءا من استراتيجية عربية موحّدة كما أنتظر الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الدول العربية من الـ 48 إلى ‏الـ 67 إلى اليوم كان مطلوب من الشعب اللبناني أن ينتظر استراتيجية عربية موحّدة من أجل انطلاق مقاومة ‏لبنانية، وتحرير لبنان من الاحتلال.

نتحدث عن ماذا؟ في الأول في الماضي كانت الشعوب العربية ثائرة ونهضة كبرى وأنظمة قومية وجيوش على ‏درجة عالية من العنفوان وإجماع عربي ولاءات الخرطوم وما طلع نتيجة. كيف نتحدّث عن الـ 82 وهناك دول ‏عربية خرجت من الصراع، وصالحت إسرائيل وطبّعت مع اسرائيل، ومن طبّع وفتح علاقات تحت الطاولة أكثر ‏ممن يقيم علاقات فوق الطاولة، أي نظام عربي رسمي كان يمكن أن ينتظره اللبنانيون.

النظام العربي الرسمي لعله الوحيد أقول لعله الوحيد لأنّه يمكن كان هناك مواقف لدول أخرى سياسية أو إعلامية، ‏ولكن النظام الرسمي العربي الوحيد الذي وقف بجدّ، وأيضًا دعم وقاتل وقدّم الشهداء كانت سوريا.

هنا يأتي جيل السيد مصطفى بدر الدين هنا ميزة هذا الجيل الذي لم ينتظر لا دولا عربية ولا دولا إسلامية ولا ‏منظمة تعاون إسلامي كان اسمها منظمة المؤتمر الاسلامي ولا مجتمع دولي ولا قرارات دولية ولا مجلس أمن ‏دولي. منذ الساعات الأولى للاجتياح لأنّه أحيانًا يحصل في التاريخ أنّ جيش احتل بلدًا، وبعد الاحتلال يمكن بأيام ‏أو أسابيع أو شهور تبدأ مقاومة. المقاومة في لبنان لم تبدأ بعد الاجتياح المقاومة في لبنان، بدأت من الساعات ‏الأولى للاجتياح في الجنوب في بيروت في الجبل في البقاع الغربي وراشيا، كان هناك قتال مباشر على مدار ‏الساعة، طبعًا لاحقًا تحوّلت إلى العمليات الاستنزافية التي هي من أهم المحطّات الأساسية في مواجهة الاجتياح ‏والمحطات المؤسّسة للمقاومة ولمسار المقاومة بعد 1982 من الـ 82، ولاحقًا كانت معركة خلدة.

عندما يتحدّث ‏بالتاريخ يجب أن يحكى بإنصاف بمعزل من يزعل ومن يرضى، لكن يجب أن يحكى بإنصاف في معركة خلدة ‏كان هناك قوى متنوعة، ولا يستطيع أحد أن يخرج ويقول أنا كنت لوحدي أقاتل في خلدة، لا، كان هناك  حضور ‏قوي لحركة أمل لمقاتليها، وللجيش السوري، وللمقاومة الفلسطينية، ولقوى وطنية تحت عنوان قوات مشتركة، ‏وكان هناك مجموعة كبيرة من الشباب المؤمنين المتدينين الذين لاحقًا صار اسمهم حزب الله. وكان واحدًا منهم ‏السيد مصطفى بدر الدين وإخوة آخرون له السيد مصطفى السيد ذو الفقار قاتل في معركة خلدة، وكاد أن يستشهد ‏في معركة خلدة، وأصيب إصابة بالغة هو وإخوة أخرون ومن هؤلاء الشباب الذين قاتلوا في معركة خلدة في ‏المحطة التأسيسية والأساسية عدد من هؤلاء هم الذين  تولوا المواقع القيادية الأولى في العمل الأمني والعسكري ‏في حزب الله وفي المقاومة الإسلامية على امتداد 40 عامًا، وما زال أيضًا بعضهم يتولون هذه المواقع الأساسية، ‏وبعضهم استشهد. من قلب المواجهة الأولى المباشرة مع العدو من الميدان خرجت المقاومة، وتخرّج قادة المقاومة ‏ليكملوا الطريق.‏ هذا الجيل، جيل السيّد مصطفى بدر الدين كما قلت لم ينتظر أحدًا على الإطلاق، وإنّما ذهب إلى هذا الخيار. عندما نتحدّث عن الوعي والبصيرة والفهم الاستراتيجي والعزم والإرادة وكلّ المواصفات، وهذه ليست مواصفات شخصية هي في داخل الإنسان يحتفظ بها لنفسه، وإنّما تعبّر عن وجودها وتتجلّى وتظهر في مثل هذه الميادين.

اليوم أيضًا بالنسبة لهذه النقطة هناك نقاش في بلدنا حول الخيارات السياسية، طبعًا الهوية العربيّة والانتماء إلى العالم العربي والعلاقات مع العالم العربي، هذه من الثوابت التي لا يناقش بها أحد. ونحن نقول الحمد لله أنّ هناك أناس استيقظوا مؤخّرًا فيما يخصّ الهوية العربية والعروبة والانتماء العربي والعالم العربي، هذا جيّد وتطوّر إيجابي في البلد وذلك عندما نعود ونقرأ التاريخ بالحدّ الأدنى في الأربعين سنة الماضية.

لكن لا يتوهمنّ أحد أنّ العالم العربي قادر على حماية لبنان، هو لم يستطع حماية فلسطين عندما كان قويًا ومقتدرًا، موحّدًا ومتماسكًا، ولم يستطع حتى الآن أن يحرّر فلسطين، وهو كذلك لم يستطع أن يحمي لبنان عام 1982، وكذلك لم يستطع أن يحرّر لبنان، لم يساعد في تحرير لبنان باستثناء الموقف السوري وموقف الجمهورية الإسلامية. والذي يحرّر والذي يحمي هو شعبنا وإرادتنا ومقاومتنا وبصيرتنا ووعينا وثقتنا بالله واتكالنا على الله سبحانه وتعالى، وسواعدنا، وهذا الجمهور الشريف والمبارك والصابر والمضحّي الذي تستند إليه المعادلة الذهبية، وغير ذلك العلاقة مع العالم العربي يمكن أن تريح نفسيًا وتفتح أبوابًا على صعيد السياحة، وتفتح أبوابًا في الموضوع الاقتصادي والمالي والمعيشي إلى آخره، لكن في موضوع مواجهة الاحتلال والمشروع الصهيوني، وحماية لبنان من التهديدات والأخطار الإسرائيلية لا أعتقد أن أحدًا في لبنان خلال الـ 74 سنة من الصراع العربي الإسرائيلي يمكنه أن يفتح حسابًا للنظام الرسمي العربي.

الأمر الآخر الذي أريد أن أدخل إليه من مناسبة 17 أيار، دائمًا يُطرَح أنّ البديل هو الدولة عندما نتحدّث في مواجهة إسرائيل، سواءً في تحرير الأرض، أو حماية البلد. طيّب أيضًا ممّا جرى في الماضي القريب، كان هناك دولة بعد عام 1982، دولة ما قبل الطائف، كان هناك رئيس جمهوريّة بكامل صلاحيات رئاسة الجمهوريّة يعني كما كان عليه الحال قبل الطائف، وكان هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة يأمر وينهى والقوات المسلّحة تحت إمرته، ليس كما الآن بإمرة مثلًا الحكومة مجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية الآن كرمز هو القائد العام للقوات المسلّحة. لا، كان قائد عام القوات المسلّحة بشكل حقيقي وفعلي. طيب وكان هناك حكومة، ومجلس نيابي وإن كان ممدّدًا له ذاك المجلس أي قبل انتخابات 1992.

ماذا فعلت هذه الدولة لتحرير لبنان؟ ماذا فعلت هذه الدولة وتلك السلطة لحماية لبنان بمعزل اين كانوا، لكنهم ذهبوا الى اسوأ خيار، ذهبوا الى التفاوض مع العدو من موقع الوهن والضعف ايضاً، هذا ‏غير الاشكال في المبدأ، من موقع الضعف والوهن والاستسلام وفاوضوا لينفّذوا اتفاقية، ووقعوا اتفاقية مذلّة للبنان، ‏تنتقص من سيادة لبنان لا تخدم مصالحه السياسية والامنية وتنتقص من كرامته ومن حريته على ارضه ووافق ‏عليها رئيس الجمهورية والحكومة واُرسلَت الى المجلس النيابي، نعم هناك 3 نواب امتنعوا وعدد من النواب ‏تغيبوا عن الجلسة وهناك فقط نائبين رفضوا في مجلس النواب، مجلس نواب الدولة هذا جزء من الدولة وللأمانة ‏والتاريخ يجب ان نذكر اسماءهم، الاستاذ نجاح واكيم والاستاذ زاهر الخطيب فقط من اصل مجلس نيابي – طويل ‏عريض- اما الاغلبية الساحقة من النواب من كل الطوائف كان التصويت عابراً للطوائف والمناطق ومن كل ‏المناطق وافقوا على اتفاقية 17 أيار.

انا اتمنى – الشعب اللبناني جميعه قد يكون الكثير من الناس غير مهتمين ‏لكن خصوصا جيل الشباب والمثقفين – أن يقرؤوا اتفاقية 17 أيار الان لا يوجد وقت كي استحضرها واقرأ لكم منها، كي يروا الكارثة التي كانت ستترتب على لبنان سيادياً وأمنياً وسياسياً وايضاً في محيطه العربي لأن أهم ‏شيء كان هو ان نخرج نحن باتفاقية 17 ايار من كل محيطنا ونستعدي كل محيطنا العربي، وهذا القرار كان ‏مدعوماً من فريق سياسي لبناني طويل عريض ينادي اليوم بالسيادة والعلاقات مع العالم العربي، هذه عندما ذهب ‏نحو خيار الدولة، طبعاً الكثير من ابناء الشعب اللبناني من كل الطوائف رفضوا هذه الاتفاقية لان ايضاً الرفض ‏كان عابراً للطوائف قوى سياسية اسلامية ووطنية وقفت، حركة امل، احزاب وطنية متنوعة، العلماء من العلماء ‏المسلمين، ويومها تجمع العلماء المسلمين دعا الى اعتصام في مسجد الامام الرضا عليه السلام وأقيمت صلاة ‏ومواقف كبيرة وجليلة بإمامة آية الله السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله تعالى عليه، علماؤنا سماحة آية الله ‏الشيخ محمد مهدي شمس الدين، المجلس الشيعي، طبعاً سوريا كان لها موقف حاسم بموضوع 17 أيار، الجمهورية الاسلامية وحصلت أحداث ادت في ما بعد الى اسقاط اتفاقية 17 أيار، في الحقيقة المقاومة بكل فصائلها وقواها هي التي ‏اسقطت اتفاقية 17 أيار، واتفاقية 17 أيار لم توقف المقاومة.

المقاومون جيل السيد مصطفى بدر الدين لم يستسلموا ‏ولم يهنوا ولم يحزنوا بل ازدادوا حضورا وانفعالا وحماسة وفعلا ميدانيا واستمر هذا الخيار، ايضا في هذه النقطة ‏انا احب ان اقف قليلا، اليوم على سبيل المثال عندما يقال ان الدولة والكثيرين في معرض التنظير يقولون تسليم السلاح للدولة، الدولة هي التي تحمي وبمعزل عن قدرة الدولة لانه هنا يوجد نقاش في قدرة الدولة مثلما تكلمنا ‏وكنا دائما نقول هل الجيش اللبناني قادر - اي عدّةً وعدداً وإمكانات ووو- على حماية لبنان مقابل هذا العدو ‏المدعوم امريكياً الذي يملك جيش من اقوى الجيوش – هلق لم يعد الاقوى – ولكن من اقوى الجيوش في منطقة ‏الشرق الاوسط، لكن هناك مشكلة اخرى اسمها الدولة، الدولة صحيح هي يجب ان تكون الخيار الاول، لكن الدولة ‏هي عبارة عن مؤسسات، هناك مؤسسة المجلس النيابي، مؤسسة الحكومة (السلطة التنفيذية) خصوصا بعد ‏الطائف، رئاسة الجمهورية، السلطة القضائية، الجيش، القوى الامنية هذه الدولة، داخل الدولة هناك ما يسمى ‏بالسلطة اي الاشخاص الذي يديرون ويحكمون هذه الدولة، الدولة في الحقيقة هي الاطار التي تتواجد فيه السلطة لتدير البلد والتي تضع السياسات الامنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية والتربوية والصحية ووو وتنفذها، المسألة الاساسية هي من هي السلطة التي تدير هذه الدولة، السلطة التي كانت تدير هذه الدولة في ‏الثمانينات وقّعت اتفاقية 17 أيار.

اذاً المسألة ليس فقط ان نتكلم نظريات ونقول دولة، عندما تقول لي دولة قل لي ‏من هي السلطة التي تحكم وتدير هذه الدولة،  لأقول لك هل هذه الدولة التي تحكمها هذه السلطة قادرة على حماية ‏البلد اذا توفّر لها عناصر الحماية، هل تمتلك الرؤية، الشجاعة، الارادة، حرية اتخاذ القرار، الفهم الاستراتيجي، ‏هل تجروء ان تتجاوز وان تتحدّى الولايات المتحدة الامريكية والغرب وكل مستكبري هذا العالم لتقدم المصالح ‏الوطنية الكبرى على اي مصالح حزبية او طائفية او مذهبية وحتى شخصيةَ؟ عندها نأتي ونقول الدولة والسلطةَ!

نعم يجب ان نسعى الى دولة عندما نتكلم عن الدولة العادلة والقادرة يجب ان نضيف الدولة – وهذا جزء من معنى ‏كونها عادلة من معنى كونها قادرة – الدولة القادرة ليست فقط التي تمتلك سلاحاً، كثير من الدول تمتلك السلاح ‏وليست دول قادرة لانها جبانة لانها لا تمتلك شجاعة استخدام هذا السلاح في حماية ثرواتها وشعبها وسيادتها ‏وامنها، جزء من كون الدولة عادلة وقادرة التي ننادي بها ان تكون سلطتها وطنية، مخلصة، صادقة، شجاعة، وتقدم المصالح الوطنية على كل المصالح الاخرى، ايضاً هذه نقطة بالمسار الذي نسير به احببت ان اقف عندها، ‏واليوم لا يتمكن الشعب اللبناني عندما اكمل بمسار المقاومة هذا جيل السيد مصطفى بدر الدين جيل الحاج عماد ‏مغنية جيل امثالهم من القادة الشهداء في بقية الاحزاب والقوى الاسلامية والوطنية في لبنان.

نعم استطعنا ان نصل ‏للـ 2000، ونحن وفي طريقنا الى الـ 2000 ايضا كان لهذا الشهيد القائد حضوره الكبير، هو تولّى المسؤولية العسكرية في التسعينات، هو كان مسؤولنا العسكري المركزي في معركة نيسان حرب نيسان مواجهة نيسان ‏‏1996 التي سماها العدو عناقيد الغضب، ادار الكثير من العمليات النوعية والاستشهادية في مواجهة الاحتلال ‏ويأتي في مقدمها العملية النوعية في أنصارية التي كانت عمل مشترك في الحقيقة يقوده بشكل مشترك عدد من ‏الاخوة لكن عادة نحن نتكلم فقط عن الشهداء، الشهيدان السيد مصطفى بدر الدين والشهيد الحاج عماد مغنية، ‏عملية نوعية ما زالت حتى هذه اللحظة تُحفَر في وعي القيادة الاسرائيلية والجيش الاسرائيلي وكيان العدو، وايضاً ‏كان له حضوره الكبير في كل مفاوضات تبادل الاسرى، يعني السيد ذوالفقار هو حاضر في تحرير الارض وهو ‏حاضر في تحرير الاسرى الذين عاشوا معاناة كبيرة في السجون، هذا الجيل هو الذي اوصلنا الى التحرير في 25 ‏أيار 2000، وهذا الجيل الذي التحق به أجيال لاننا اصبحنا نتحدث عن اربعين سنة، هو الذي حمى لبنان الى ‏اليوم من الـ 2000 والان نحن في الـ 2022، هو الذي حمى لبنان الى اليوم في مواجهة الاخطار الاسرائيلية والتهديدات الاسرائيلية وكلنا يعرف ان ما ينعم به لبنان اليوم في مقابل اسرائيل من امن وأمان وطمأنينة وعزّة ‏وكرامة وحرية وشرف وسيادة انما هو ببركة وبفضل هذه المقاومة بكل فصائلها وهؤلاء الشهداء وهؤلاء ‏المضحّين.

ايضاً السيد ذوالفقار امنيا، السيد مصطفى بدر الدين والمقاومة ساهمت في الداخل اللبناني بحماية لبنان ‏ساهمت - هنا يجب ان نعترف ان دورنا كان مساهماً - الى جانب الجيش اللبناني الى جانب القوى الامنية ‏الرسمية، في مواجهة خصوصا الشبكات الاسرائيلية عندما كان يتولى مسؤوليات امنية السيد مصطفى تم تفكيك ‏عدد كبير من الشبكات الاسرائيلية، نحن فككنا شبكات قدمنا معلومات للاجهزة الامنية تعاونا مع الاجهزة الامنية ‏وتم تفكيك الكثير من الشبكات خلال السنوات الماضية، هنا اسمحوا لي فقط بوقفة عند هذه النقطة، في الاونة ‏الاخيرة شهدنا من خلال ما كشفه فرع المعلومات بشكل خاص.

الان في المرحلة الماضية كل الاجهزة الامنية ‏كانت شريكة بمستويات، مخابرات الجيش، فرع المعلومات، الأمن العام، أمن الدولة، كلهم مشكورون، في الآونة ‏الاخيرة بجهد اغلبه كان من فرع المعلومات تم كشف عدد من عشرات الاشخاص الذين كان هناك تواصل من ‏الاسرائيلين معهم، وهؤلاء نوعين: بعضهم كان التواصل قد وصل الى مرحلة تجنيد اي اصبحوا على دراية بأن ‏الذي يتواصل معهم هو الاسرائيلي وقبلوا وتجندوا واصبحوا عملاء وبعضهم الان موجودون في السجون، ‏وبعضهم لا كانت المسألة لم تصل الى مرحلة التجنيد، كانت لا تزال في البدايات حيث كما تعلمون هم يستخدمون ‏عنوان شركات وهندسة واتصالات وجامعات في الخارج ونريد التعاون معكم وان تعملوا معنا وتلتحقوا بمؤسستنا ‏ولاحقاً يقومون بتجنيدهم، يبدو عند بعضهم ان الامور لم تكن قد وصلت الى مرحلة التجنيد، حسناً هذا الموضوع ‏الان توقف حيث حضرت الانتخابات ولم يعاود الكلام عنه.

معلوماتي انا انه ليس كذلك، الاجهزة الامنية مصممة ‏ان تعاود استكمال ومتابعة هذا الموضوع وهذا شيء جيد، اي ليس عليّ ان اطالبهم وهم لا يريدون، لا، انا ‏معلوماتي انهم يريدون ذلك ونحن نؤيّد هذا العمل وايضاً نسانده ونطالب به ونشدّ على ايديهم ونطالب كل القيادات ‏السياسية في لبنان ان تدعم هذا الاتجاه لانه يظهر بأن الاسرائيلي خصوصاً بعدما ضربت شبكاته السابقة ‏خصوصا بعد محدودية حركة المسيّرات في الاجواء اللبنانية اصبح محتاجا الى عدد كبير من العملاء وبدأ حتى ‏بتجنيد بطريقة غير متقنة وغير احترافية وهذا يدلّ على أنه مستعجل كثيراً على موضوع التجنيد، هذا الامر يجب ‏ان يُدعم ويجب ان يساند الأجهزة الامنية رسمياً وايضاً القضاء العسكري مطلوب  ان يأخذ الامور بجدية ويتخذ ‏قرارات وأحكام قاسية وحاسمة لأنه غالباً تكون القرارات ليست بمستوى الخطر الذي شكله هؤلاء العملاء ‏وصادمة للشعب اللبناني، في هذا الموضوع يجب ان يكون هناك حسم حقيقي.

النقطة الاخيرة في هذه السياق، اي ‏من مناسباته واختم بكلمتين في اخراً بالموضوع الداخلي اللبناني.‏

المرحلة الاخيرة كانت في حياة هذا الشهيد القائد هي مرحلة سوريا، الحرب الكونية على سوريا والمؤامرة الكبرى ‏التي كانت تستهدف سوريا والتي اختلفنا عليها ايضا في لبنان وفي العالم العربي واختلفنا عليها حتى مع اصدقاء ‏وحلفاء لنا وما زلنا حتى الان مع بعضهم مختلفين، لكن الايام الماضية والايام الاتية وما تظهره لاحقاً الوثائق ‏والاعترافات والحوارات السياسية لمسؤولين عرب وقادة عرب سابقين وحاليين سوف تنكشف حقيقة الخلفيات في ‏مسألة الحرب الكونية على سوريا، وانا اذكر غير موضوع المقاومة والصلح مع اسرائيل اي الاتيان بنظام يؤجّر ‏الجولان لاسرائيل او يتخلى عن الجولان ويصالح اسرائيل ويطبع مع اسرائيل ويحاصر المقاومة هذا طبعاً لو ‏حصل كان كارثة للبنان، ونظام موالي لامريكا وللغرب واداة وعميل والى اخره، ‏وسيتبين لاحقا لانه حُكي في وقتها لكن لاحقا سيتبين بشكل اوضح الاطماع بالنفط والغاز والثروات الطبيعية في ‏سوريا وفي بحر سوريا وفي موقع سوريا واليوم سيتبين هذه الحاجة اكثر من اي وقت مضى، وهذا كانوا كل ‏الوقت يخططون له، لكن الناس غافلون، الناس يؤخذون بالشعارات الطائفية والمذهبية والسياسية ويتم توظيف بعض الأخطاء أو ما شاكل ولكن يذهبون إلى خدمة مشروع يكون في البداية خفياً على كثيرين منهم.

في هذه المعركة أيضاً كان قائدنا الشهيد السيد مصطفى بدرالدين حاضراً بقوة ومنذ الأيام الأولى. كنا بالمرحلة الأولى لا نقبل أن يذهب هو إلى داخل سوريا، كان يدير من لبنان– طبعاً خوفاً عليه – لكن وصلت الأمور في بعض المراحل أن الإدارة من لبنان باتت صعبة وأصبح المطلوب الحضور في الميدان مباشرة في سوريا.

على كل حال، الحرب في سوريا تحدثنا عنها كثيراً، لكن أنا هنا فقط بمناسبة القصير في 13 أيار 2013 أيضاً سأتوقف وقفة بنفس السياق. نحن في ذاك الوقت أخذنا قراراً وأعلنا قبله بمسألة أننا ذاهبون إلى القصير وإلى سوريا وكان علناً ولم نُخفِ ذلك ولا خجولين، رغم – كما قلت – أن هناك خلافاً شديداً في العالم العربي حول هذا الخيار وفي لبنان حول هذا الخيار، وذهب الآلاف من إخواننا إلى تلك المعركة وبإجماع الخبراء الاستراتيجيين والمحللين والدارسين واعتراف من كان يدير المواجهة في سوريا، وهو الأميركي نفسه، أنهم فوجئوا بمعركة القصير وفوجئوا بدخول حزب الله إلى المعركة وكان لهذا المعركة نتائج وأدت إلى تحولات استراتيجية في مسار الحرب، لأنه كان مطلوباً لو أن هذه المنطقة سقطت كلها بالكامل وكان مطلوباً إسقاط جزء من البقاع، وكان جزءاً كبيراً من حمص ساقطاً، كان مطلوباً أن تُوصل دولة داعش من العراق إلى شرق الفرات إلى البادية إلى تدمر إلى منطقة حمص إلى جرود لبنان إلى البقاع إلى الشمال إلى البحر المتوسط، هذا جزء من الدولة السوداء التي تتذكرون عندما رسموا خريطتها.

على كلٍ، إخواننا وشهداؤنا وجرحانا في تلك المعركة ساهموا بدرجة كبيرة إلى جانب القوات السورية التي قاتلت أيضاً معنا في حرب القصير، في معركة القصير، في تغيير مسار المعركة وتعديل الخط البياني الذي كان ينزل نزولاً من لحظتها بدأ الخط البياني يعلوا والمعركة بدأت تتحول في سوريا. معركة القصير هي التي أسست لتحرير المناطق الحدودية في سوريا مع لبنان، الزبداني والقلمون، ولولا تحرير هذه المناطق لم يكن من السهولة أن تقوم المقاومة وأهل بعلبك الهرمل ولاحقاً الجيش اللبناني في آخر المعركة في تحرير الجرود، وهذا هو الذي أدى في نهاية المطاف إلى أن يأمن البقاع وبيروت والضاحية ولبنان من السيارات المفخخة الانتحارية التي كانت تأتينا من الجرود ومن المنطقة الحدودية. في كل المعركة كان الشهيد السيد مصطفى بدرالدين قائداً مركزياً وأساسياً، ولكن في معركة السيارات المفخخة والذهاب إلى عقر دار الجماعات التي تفخخ وترسل الانتحاريين كان هو القائد ورأس الحربة.

 

حسناً، هذا مسار، سرنا به، بهذا الاختصار وقلت كان عنوانه، من عناوينه، من رموزه السيد ذوالفقار، السيد مصطفى، وفي هذه المعارك طبعاً وتحت إمرته قبل شهادته وبعد شهادته سقط شهداء من قادتنا ومن إخواننا ومن أحبائنا، عدد كبير، لكن اسمحوا لي أن أذكر أيضاً على سبيل الوفاء ولو لبعضهم، الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس، الشهيد القائد علي حسين ديب المعروف بأبو حسن سلامة، الشهيد القائد الحاج ابراهيم الحاج المعروف بالحاج سلمان، الشهيد القائد علي أحمد فياض المعروف بعلاء البوسنة، الشهيد القائد الحاج حاتم حمادة المعروف بالحاج علاء، وكان آخر من استشهد بعده الشهيد القائد الحاج عباس اليتامى، هذا جزء من الصف الأول الذي استشهد وكان يعمل تحت قيادة وإدارة السيد مصطفى بدرالدين خلال سنوات تحمله للمسؤوليات المختلفة والمتنوعة.

هنا أريد أن أختم هذا الشق وأنهي بالموضوع الداخلي سأتحدث كلمتين، لأقول بالنهاية تلك الأربعين سنة التي عايشناها سوياً كان عندنا أيضاً معركة خيارات بين اللبنانيين، خيارات، للأسف الشديد أنه بعد أربعين سنة ما زال الانقسام حول هذه الخيارات قائماً، لكن بعد أربعين سنة أستطيع أن أقول لكم بكل اعتزاز أن خياراتنا وخيارات فريقنا السياسي كانت دائماً هي الصائبة وهي التي انتصرت، بـ 82 كان هنالك أكثر من خيار، كان هنالك خيار ذهب للتعامل مع إسرائيل والرهان على إسرائيل وشاهد كيف تركته إسرائيل وخذلته عندما بدأت بالانسحاب وأدت إلى نكبات في الداخل اللبناني وتتذكروها ومعارك الجبل ومعارك شرق صيدا وما حصل لاحقاً بلبنان، الذين راهنوا على إسرائيل سواءً في الداخل اللبناني أو الذين راهنوا على إسرائيل في الشريط الحدودي وتحولوا إلى متاريس وأكياس رمل لحمايتها في المواقع الأمامية – جيش أنطوان لحد – هؤلاء ماذا حصلوا من إسرائيل غير الذل والهوان والهزيمة والخيبة والفشل والقتل والجرح والفرار والهروب والخسارة. هنالك فريق آخر، كلا، جلس وانتظر الاستراتيجية العربية، لم يحصل على شيء. هنالك فريق حسم خياره من 82، من الساعات الأولى اتخذ خيار المقاومة، المقاومة اللبنانية، المقاومة المنطلقة من إرادة الشعب اللبناني، المقاومة الوطنية، المقاومة الإسلامية سموها ما تريدون ليس هنالك مشكلة، المهم أن تكون هذه المقاومة منطلقة من إرادة الشعب اللبناني وهو يوظف إنتماءه العقائدي وعلاقاته الخارجية لمصلحة مقاومته اللبنانية والوطنية المحلية، هذا الخيار هو الذي نجح، هو الذي نجح في عام 1985 بتحرير جزء كبير من الأراضي اللبنانية، وهو الذي نجح بعام 2000 وهو الذي ينجح اليوم. بحماية لبنان أيضاً من عام 2000 نحن مختلفون، بخيارين، خيار يُنظر عليك بالدولة والاستراتيجية العربية والنظام العربي، وخيار يقول لك المعادلة الذهبية، الذي حمى لبنان هي المعادلة الذهبية من عام 2000 لليوم. في موضوع سوريا، أيضاً كان هنالك انقسام حاد، أيضاً عدة اتجاهات سياسية، هنالك فريق راهن على الحرب الكونية على سوريا وعلناً أيد داعش وأيد جبهة النصرة، الآن في لبنان ينسون بسرعة، لأنه كل يوم عنا قصة وعنا حكاية وعنا وسائل إعلام ما شاء الله عليهم يعني بـ 24 ساعة يضخون ويضخون ويضخون فتنسى الذي حصل بالأمس، لكن حتى لا ننسى وهذه قصة عمرها 10 سنين، الذين أيدوا الجماعات المسلحة في سوريا ودعموها وأيدوها سياسياً وإعلامياً ودعموها بالمال والسلاح والذخيرة والتسهيلات وفتحوا الحدود، أهي قصة علب حليب أطفال!؟ دعموا بكل شيء وأرسلوا مقاتلين، لكن لم يكن عندهم الجرأة مثلنا أنه نحن جهاراً نهاراً نقول أننا ذاهبون للقتال بسوريا، هم لم يكونوا يملكون تلك الجرأة، هم أرسلوا مقاتلين ليقاتلوا في سوريا.

حسناً، وهناك أناس جلسوا ووقفوا على التل، أي الخيارات هي التي كانت صائبة والتي انتصرت والتي نجحت، تصوروا مثل ما قلنا قبل قليل لو أن هذه الحرب الكونية انتصرت في سوريا، ماذا كان مصير لبنان واللبنانيين، ماذا كان مصير فلسطين والقضية الفلسطينية؟ إذاً هذه مسألة خيارات وهذا النزاع ما زال قائماً وللأسف الشديد أربعين سنة أي شعب في العالم بالتاريخ يستفيد من تجاربه ويعدل من قناعاته ومن خياراته إلا عندنا في لبنان، طبعاً الذي يفيد أن هنالك أناس تصبح أكثر مع هذا الخيار ويصبح أقل مع الخيار الثاني، لكن التعصب للخيارات من الواضح أنه ينطلق ليس من حسابات وطنية وليس من حسابات المصالح الوطنية الكبرى وإنما ينطلق دائماً من عصبيات وحسابات داخلية وطائفية ومذهبية وحزبية وفئوية وشخصية، وإلا عندها تشعر أن العالم لا تفهم على بعضها، رغم أننا نحن لا نتحدث فلسفة ولا هم يتحدثون فلسفة، نحن مختلفون على أمور لها علاقة بالميدان وبالواقع وبالحياة المعاشة بكل ساعة وبكل يوم وبكل لحظة.

 وهذا هو أيضاً يُدخلنا على الوضع اللبناني الداخلي حيث الانقسام السياسي قائم وحاد ولا الانتخابات في عام 2005 عالجته ولا الانتخابات بعام 2009 عالجته ولا الانتخابات في عام 2018 عالجته، مرة تكون الأكثرية هنا ومرة تكون الأكثرية هناك أو مثل الآن لا يوجد أكثرية، الآن  البعض يقول لك هنالك أكثرية على الملفات، نعم موافق، هنالك أكثرية على الملفات، كل الذين يقولون نريد محاربة الفساد هؤلاء أكثرية، كل الذين يقولون نريد إصلاحاً هؤلاء أكثرية، لكن هؤلاء يلتقون على موضوع وعلى ملف وليس فريقاً سياسياً واحداً مثل ما كان الحال بالانتخابات والمجالس النيابية السابقة.

 حسناً، اليوم أيضاً هذا الانقسام الحاد قائم وموجود وبالتالي نحن ذاهبون على وضع فيه تحديات كبيرة جداً.

اليوم الذي أريد أن أقوله بعد كل هذا العرض أريد أن أقول أننا نحن من جملة القوى اللبنانية التي قدمت تضحيات جسام، عندنا عدد كبير من الشهداء، من قادتنا الشهداء، شهداء رجال ونساء وأطفال وكبار وصغار، عندنا آلاف الجرحى، الآلاف من إخواننا وأخواتنا دخلوا إلى السجون، نحن أربعين سنة نحمل البندقية على أكتافنا جيل وجيلان وثلاثة أجيال، أربعين سنة أكثر من جيل من شبابنا لم يعيشوا زهرة شبابهم ولا حياتهم الطبيعية، من معركة إلى معركة ومن حرب إلى حرب ومن قتال لقتال من أجل هذا البلد، من أجل أمنه وآمانه وسيادته وحريته وكرامته وعزته وشرفه وهناءة شعبه ولذلك نحن أكثر اناس نشعر أننا معنيون بالحفاظ على هذه الانجازات، بالحفاظ على هذه النتائج وبالحفاظ على هذا البلد، نحن أكثر أناس نشعر أننا معنيون بهذا البلد وبهويته وبأرضه وبمياهه وبسيادته وبوجوده وببقائه - لمن يناقش بالانتماءات الوطنية – نحن أكثر الناس ليس عندنا جنسية أخرى، نحن أكثر الناس ليس عندنا جواز سفر ثانٍ، نحن أكثر الناس ليس عندنا بيوت في الخارج ولا أموال في الخارج ولا عندنا خيارات في الخارج ولا عندنا مكان نذهب إليه في الخارج، نحن أكثر الناس نموت هنا، نعيش هنا، نقاتل هنا وندافع هنا مثل ما دائماً كنت أقول نستشهد هنا أو نموت هنا ونُدفن هنا، نحن هنا ولدنا وهنا ندفن، وبالتالي لا أحد يتوقع لا في حرب عسكرية مثل ما حصل في عام 2006 ولا في مؤامرات دولية ولا في تآمر إقليمي أن يأتي يوم من الأيام نحن يمكن أن نضعف أو نهن أو نستسلم أو نتراجع أو نتخلى عن شعبنا وعن بلدنا الذي دفعنا من أجل حريته وعزته وأمنه وأمانه وكرامته وسيادته كل هذا الدم الغالي، وواحد منهم السيد ذوالفقار.

ولذلك من هذا الموقع نحن نقول لبقية القوى السياسية اللبنانية، اليوم الانتخابات انتهت، اليوم خصوصاً عندما تنتهي ولاية المجلس الحالي، تبدأ المسؤولية عليكم جميعاً أنتم المنتخبين، تحت أي عنوان انتخبتم، تبدأ المصداقية، انتهى الكلام وانتهت الخطابات وانتهت الشعارات تفضلوا إلى العمل، العمل بمجلس النواب، بدراسة مشاريع القوانين، بدراسة اقتراحات القوانين، بتقديم اقتراحات قوانين البرامج التي كنتم تتكلمون عنها، نحن ‏وإياكم تفضلوا، يوجد الكثير من الأمور يمكن أن نتفق عليها، حسنا، يوجد إستكمال ‏لبنية السلطة، عندما تكون الدولة موجودة، إستحقاق رئاسة المجلس ونائب الرئيس ‏وهيئة المكتب، إستحقاق رئاسة الحكومة وتشكيل الحكومة، تفضلوا، اليوم نحن في ‏لبنان إخواني وأخواتي لدينا تحديات كبيرة وخطيرة جدا، الوضع المعيشي ‏والاقتصادي مثلما رأيتم في هذين اليومين عاد ليتوتر ويصعد بشكل متسارع ‏وخطير وعلى أكثر من خط، الدولار قطع ال 31000، بدأت أزمة خبز، الناس تقف ‏في الصفوف، الافران بدأت بالصراخ بأن المطاحن لا تسلّمها طحين، النفط في العالم ‏يتصاعد سعره، فبالتالي سترتفع أسعار البنزين والمازوت والغاز ويمكن أن تصل تنكت ‏المازوت الى المليون ليرة إذا إستمر صعود النفط، والبنزين يصل الى المليون ليرة، ‏يعني هذا أن اللبنانيين الذين يتقاضون مليون ومليونين و 3 ملايين ليرة ماذا يستطيعون أن يفعلوا؟ هناك تحد كبير وخطير وداهم، أتركونا مختلفين على سلاح ‏المقاومة ولكن هذا ليس تحد داهم، هذا لبنان متعايش مع سلاح المقاومة 40 سنة، ‏أنتم الذين كنتم في السلطة ولا زلتم بالسلطة، لأن هناك أناس خرجوا وآخرون ‏دخلوا، أنتم متعايشين مع هذا السلاح منذ الـ2005، فلنتعايش معه بعد سنة وسنتين ‏ونعود لنتجادل فيه، ولكن لديكم تحد داهم إسمه الخبز والكهرباء، مؤسسة ‏الكهرباء تقول أنه من الممكن أن نذهب الى عتمة شاملة، حسنا دفعة واحدة ‏الكهرباء، العتمة الشاملة، الطحين لا يوجد، الأفران تصرخ، الدولار إلى تصاعد، ‏أدوية السرطان، أن تشاهدوا الناس التي تبكي الان على أبواب المستشفيات، حسنا، ‏الكهرباء، تكلمنا عنها، اليوم كان وزير "يولول" ويقول في حال لم ترفع التعرفة فسينهار قطاع الاتصالات، ‏يعني كل الامور التي تقوم على قطاع الاتصالات أيضا يحذرون منها، لأنه من ‏الممكن أن يكون ذاهب إلى الإنهيار.

حسنا هذا وضع البلد، وأنتم كلكم تقولون بأنكم ‏مخلصين للناس وقلبكم يحترق على الناس، فلتتفضلوا إذا، هذا يترجم بالتعاون ‏والانفتاح والشراكة، أنا شخصيا لا أريد أن أعلّق أمالا كبيرة وأدعو للناس للتأمل كثيرا، يجب أن يكون لدينا أمل وأن يكون لدينا قلق لأنه أعرف واحد فيهم لهؤلاء الناس الذين يدعون للشراكة والتعاون هم أصدقاؤهم الاميركيين، وآخر كم سنة ‏أكثر واحد تواصل معهم وعاش معهم هو السيد شينكر، هل هذا صحيحا أم لا؟ ‏لأنه هو كان مسؤول المنطقة في وزارة الخارجية الاميركية، عندما يذهبون إلى ‏أميركا هم يجلسون معه، وعندما يأتي إلى لبنان، كان عندما يأتي إلى لبنان يمكث ‏أسبوعا وعشرة أيام ويجلس مع الجميع ويزورهم جميعا ويدعو الجميع الى السفارة ‏الاميركية، وهو يقول أنه هو يجلس مع رجال أعمال وخصص الشيعة في ذلك، ‏رجال أعمال شيعة وصحافيين شيعة وصحف كذلك، هو تكلم عن صحيفة جنوبية، ‏حسنا، فإذا هو أعرف الناس فيهم، ماذا يقول عنهم بعد هذه التجربة الطويلة، ‏نرجسيين، ويقول عنهم شخصانيين، يعني يوجد عدد كبير من هؤلاء الذين قال ‏عنهم أنه من يعرفهم، أنا لا أسطيع أن أقول عنهم هذا، لا أعرفهم جيدا، يعني ‏بالمباشر الشخصي، ولكن من يعرفهم جيدا قال عنهم نرجسيين، وقال عنهم ‏شخصانيين، يعني هؤلاء بحياتهم الشخصية يعيشون في عالم أخر، هؤلاء لا ‏يعرفون ماذا يعني الجوع، ماذا يعني الفقر، ماذا يعني أن يعيش الناس بلا كهرباء ‏أو دواء للسرطان، وهؤلاء شخصانيين، يعني لا يهمهم مصلحة البلد ومصلحة ‏الناس، وحتى مصلحة فريقهم السياسي، كل واحد همه نفسه، هو ماذا سيصبح، هل ‏سيصبح رئيسا أو وزيرا أو حاكما أو سلطانا او مديرا، هذا شيء مقلق، إذا كان ‏هذا توصيفهم من العارف بهم، لأن ملفات الأحوال الشخصية يملكها كلها، نحن نسميها شؤون الافراد أو العديد، أنا إن كنت أريد أن أسأل عن أي شخص لا أعرفه ‏في الحزب مثلا لدينا جهات معنية بالملفات الشخصية، أتصل بهم وأسألهم، يأتونني ‏بالجواب بأن فلان ولد بتاريخ كذا ووضعه كذا وأنجز كذا إلخ، اليوم هذا أخبر واحد ‏بهم، طبعا يوصفهم هكذا، إن شاء الله يكون ظالما لهم، إن شاء الله ان لا يكونوا ‏نرجسيين، إن شاء الله أن لا يكونوا شخصانيين، إن شاء الله أن يكونوا جديا ‏يتألمون لآلام الشعب اللبناني ولألام المقيمين في لبنان وليس فقط للشعب اللبناني، ‏ويتحملون مسؤولياتهم، أن يضعو الحسابات والمصالح الخارجية وخدمة المشاريع ‏الخارجية جانبا، المصالح الطائفية والحزبية والمذهبية والشخصانية ان يضعوها ‏جانبا، ونبحث جديا كيفية الخروج من هذه المصيبة المقبلون عليها في البلد.

أنا في ‏اليومين الماضيين إستمعت لبعض الخبراء الدوليين، خبراء إقتصاد عالميين، يتكلمون عن نتائج الحرب في أوكرانيا وإذا تطورت الامور الان، يظهر أن الامور ‏ذاهبة الى الاسوأ، نتيجة إصرار فنلندا والسويد على الانضمام الى الحلف الاطلسي، ‏والادارة الاميركية مؤيدة، والله  أعلم إلى أين سيذهب العالم، وهذا إنعكاسه على ‏أزمة الغذاء والدواء والعملة والنفط والوقود وما شاكل، يقولون أنه يوجد عشرات ‏الدول، بعض هؤلاء الخبراء تكلم وكلامه في المنطق ولا يتكلم بالمغيبات، هذا ‏الشخص لا يبصّر ولا من العرّافين ولا شيء، ولا من جماعة توقعات رأس السنة، ‏هؤلاء يقومون بدراسات، هذه الدولة كم هي ديونها وإمكاناتها كم هي مواردها كم ‏هو تعداد شعبها، إلخ، ووضعها وعلاقاتها وموقعها في السوق، فيقوم بتقدير ما، ‏يقولون أن 64 دولة ذاهبة إلى الإنهيار، هذه السنة، حسنا، بدأت في سيريلنكا، يذكر ‏أسماء الدول، لا أريد أن أذكرها، بعض هذه الدول هي دول عربية مطبّعة مع ‏إسرائيل، لكي لا يضحك علينا أحد ويقول إذا طبّعنا مع إسرائيل ووجدنا حلا ‏لوضعنا مع إسرائيل نهرب من الإنهيار، كلا، يوجد دول في اللائحة ولا أريد أن ‏أسمي، لكي لا يعتبرها أحد إساءة، وضعها الإقتصادي على حافة الإنهيار، وضعها ‏صعب جدا، وهم وضعوها في العشر الأوائل، التي يتوقعون إنهيارها هذه السنة، ‏وإحدى هذه الدول التي أتكلم عنها بدأت ببيع أصول الدولة، بدأت ببيع ممتلكات ‏الدولة، وهل تعرفون في الدولة عندما تبدأ السلطة ببيع أصول الدولة وأموال الدولة ‏وأملاك الدولة ماذا يعني ذلك؟ إلى أين ذاهبة؟ من جملة الدول الموجودة في اللائحة ‏لبنان.

يعني أيها اللبنانيون، أيها النواب في المجلس النيابي المنتخب أيها القادة ‏السياسيون أيها النخب أيها الشعب، لا يوجد وقت، ولا يوجد ترف وقت، ونحن أمام ‏إستحقاقات داهمة وصادمة وخطيرة، ونحن لا نهبّط حيطان على أي أحد، كل ‏الناس تعيش هذه المعاناة يوميا، وغدا سنشعر بها أكثر، عندما تطول الصفوف أمام ‏الأفران، وأمام محطات البنزين وأمام وأمام، ونسترجع تلك المشاهد، هذا ماذا ‏يتطلب؟ هذا يتطلب حركة طوارىء في المجلس النيابي، وفي تشكيل الحكومة وفي ‏الحكومة الجديدة التي ستتشكل، ويتطلّب أن نحدّد الاولويات، وليس أن نناقش بها، ‏يجب أن تكون الاولوية محسومة وأن نذهب لكي نرى كيف يجب أن نعالج ‏الموضوع، وهنا نؤكد أيضا من موقع منطقي وعلمي وموضوعي، الإنفتاح شرقا ‏وغربا وعدم الخضوع لرضا وغضب الولايات المتحدة الاميركية، وإذا إنفتحنا ‏على الغرب والشرق، نحن نستطيع بسرعة ليس فقط أن نجد حلولا جذرية، ولكن ‏نستطيع أن نخرج من حال نمنع فيه الإنهيار، وأن نمنع التداعي والانفجار في ‏البلد، أهمية إعادة ترتيب العلاقات مع سوريا على وجه السرعة، من دون ‏نرجسية، كل الدول التي تستندون عليها أنتم أصلا تفتح علاقات مع سوريا تحت ‏الطاولة وفوق الطاولة، ذاهبة لكي ترتب العلاقة مع سوريا، أكثر من يستفيد من ‏ترتيب العلاقات هو لبنان، وهذا يفتح بابا لمعالجة أزمة كبيرة جدا موجودة في البلد ‏إسمها أزمة مليون ونصف او مليونين نازح سوري، بحسب الأرقام، أنا ليس لدي ‏رقم دقيق، وهذا طبعا من التحديات المهمة جدا، الموجودة في البلد علينا جميعا.

 ‏نؤكد على موضوع جدية العمل على إستخراج النفط والغاز، خصوصا من ‏البلوكات الجنوبية 8 و9 و10 ، هنا نحن لم نذهب إلى العمق، نحن هنا نتكلم على ‏حافة الخط 23، هذا البلوكات تلزمت إلى شركات، ويجب أن يطلب من هذه ‏الشركات أن تأتي ولا تعلل لا بحجة ولا بسبب، لأنه هي مضغوط عليها، لا تريد ‏مثلما قال دولة الرئيس بري نعود ونناقش في الحكومة اللبنانية ونلزم شركات ‏أخرى، ولكن هذا موضوع يجب أن يكون جديا، طبعا لم نتكلم نحن عن موضوع ‏الغاز والنفط وإستخراج الغاز، هذا ليس كلاما إنتخابيا، هذا كلام بالنسبة لنا جدي ‏جدا، لأن طبيعة إعتقادنا هو باب الأمل الاساسي غير التسول ونقصد بذلك باب ‏صندوق النقد الدولي، غير الديون إذا أعطونا قروض من الخارج، المكان الوحيد ‏الذي يظهر لدينا أوضحها وأكبرها وأهمها وأشرفها وأكرمها أن نمد يدنا إلى كنزنا ‏الوطني الموجود في مياهنا ونقوم بإستخراجه وبيعه، وخصوصا الان، الاوروبيون ‏يحتاجون الى النفط والغاز وسعر هذا الاخير الى تصاعد، ليس فقط 40 أو 50 أو ‏‏60 دولارا، السعر إرتفع عن الـ 100 $، لا أعرف اليوم كم أصبح، لان الفرصة ‏التاريخية المتاحة، هذا الموضوع إذا الحكومة الجديدة والمسؤولون سيقولون ‏‏"الاميركيون والغرب لا يقبلون هذا ويقبلون ذاك، وإسرائيل" أنا لا أقول لك أذهب ‏لكي نستخرج نفطا بالجزء من كاريش الذي هو داخل الخط 29، أنا أقول لك يا ‏أخي في هذه البلوكات، التي أنتم من أقرّها ورسمها ووافقتم عليها كدولة، وأنتم لزمتوموها للشركات، فليأتوا ليعملوا، هذا موضوع جدي ونحن سنتابعه إلى أخر ‏الخط.

إذا أطلت عليكم اكثر من اللازم، في الملف الداخلي يجب أن لا يتعاطى ‏أحدهم على أن الوضع طبيعي، يوجد وضع إستثنائي ووضع طارىء، ويوجد ‏إنقسام، وهذا الانقسام لم يعد عامودي، يعني لم يعد فريقين، كلا، يوجد عدة كتل، ‏وعدة فرق، تلتقي على موضوعات وتختلف على موضوعات، هذا يصعّب الامور ‏أكثر ولكن يمكن أن يفتح آمالا وآفاقا، عندما نخرج من هذا الانقسام الحاد الثنائي، ‏أرجو أن نتحمل جميعا المسؤولية، بالنسبة لنا دماء الشهيد السيد مصطفى بدر الدين، ‏دماء شهدائنا وجرحانا، وآلام أسرانا وتضحيات شعبنا، تحملنا المسؤولية الأكبر ‏والتي يجب أن نكون بمستواها، رحم الله شهيدنا القائد وكل الشهداء، الذين هم ‏مدعاة إفتخارنا وإعتزازنا وهم الخزان الوجداني الهائل والقوة المعنوية الهائلة ‏التي تدفعنا إلى الامام على أمل الإنتصار، مشكورون ووفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد في: فصل الخطاب