طوفان الأقصى

فصل الخطاب

كلمة الأمين العام لحزب الله في اليوم الثالث من ‏شهر محرم
25/07/2024

كلمة الأمين العام لحزب الله في اليوم الثالث من ‏شهر محرم

اليوم إخواني وأخواتي سواء في كل معارك الحق والباطل، في حياتنا الشخصية، في حياتنا العائلية، ‏الاجتماعية، التجارية، الاقتصادية، البينية، في الحي، في القرية، في البلدة، في الحياة السياسية، في ‏الصراعات الكبرى، يجب أن نكون دائمًا طلاب حق وأهل حق وأنصار حق، وبالتالي ما يمنعنا من ذلك ‏يجب أن نتغلّب عليه، يجب أن نحذفه، هذا جزء من جهاد النفس، أنا لا أتّبع أهوائي ولا أتّبع أنانيتي ولا ‏أتّبع مصالحي الشخصية، أنا أبحث عن الحق سواء كان لي أو كان عليّ، هذا الحق يأتيني بالرخاء أم يأتيني ‏بالبلاء، هذا الحق يأتيني بمزيد من العمر أو يُعرّضني لخطر الموت والقتل والشهادة، يجب أن أكون مُتّبعًا ‏للحق وناصرًا للحق. ‏

اليوم ما هذه المشكلة الموجودة في العالم؟ تعرفون، في طوفان الأقصى أصبح لنا عشرة أشهر أنا هذا ‏الموضوع بكل الخطب السابقة تجنّبته، لم أقترب لا من الحكام ولا من الشعوب ولا من العالم العربي ولا من ‏العالم الإسلامي ولا من ملياري مسلم أو مليار ونصف مليار مسلم، واقعًا اليوم الإنسان يألم، يحزن، على ما ‏هو قائم وما هو موجود، يعني مثل ما عندنا صورة إيجابية جدًا هي جبهات الإسناد لغزة في لبنان، في ‏اليمن، في العراق، أو الإسناد السياسي والمعنوي والمادي واللوجيستي، إيران وسوريا، عندنا مشهد آخر ‏مُحزن ومؤلم ومُؤسف هو هذا الحال موجود في العالم العربي والعالم الإسلامي، مئات الملايين، غزة منذ ‏أكثر من تسعة أشهر إبادة، مجازر، أطفال تُقتل، نساء تُقتل، منذ أسابيع لم تدخل المساعدات إلى قطاع غزة، ‏هناك مخاطر مجاعة حقيقية، هناك أطفال حتى الآن ماتوا من الجوع، هناك مخاطر الأوبئة والأمراض، ‏هناك استباحة في الحرب لكل شيء، الحرب الإسرائيلية هؤلاء المنافقون، القتلة، المجرمون، العنصريون، ‏الذين يقولون أنّ جيشهم هو أكثر جيش أخلاقي في العالم، هو أكبر جيش فاسد في العالم، هو أكثر جيش من ‏دون أخلاق ومن دون إنسانية ومن دون قيم في العالم، والآن بدأت تظهر الحقائق، كيف يقتلون الناس؟ كيف ‏يجزرون بالناس؟ أمس نشروا شهادات لجنود إسرائيليين، فقط على باله أن يطلق النار، شهوة إطلاق النار، ‏فمعه إجازة أنه إذا ظهر أمامه أي فلسطيني، رجل، امرأة، طفل، كبير، صغير يمكنك أن تتسلى وتقتله، ‏القتل للتسلية، هذا الجيش الأخلاقي! المجازر المهولة، أين هو هذا العالم؟ أين هو ضميره؟ أين قلبه؟ أين ‏حياته؟ أين صلاته؟ أين صومه؟ أين حجّه قبل أيام؟ أين براءته؟ واقعًا هذا يحتاج كل شخص وأريد أن أؤكد ‏على ما قلته في اليوم الأول، أيها المسلمون بالحد الأدنى، ولكن هذا ليس فقط سيُسأل عنه المسلمون، سيُسأل ‏عنه كل إنسان بالغ عاقل، مسلما كان ام مسيحيا أو يهوديا، مهما كان، أتباع أي دين، كل مسلم عاقل في هذا ‏الزمن بعد الموت ويوم القيامة سيُسأل، ماذا قلت؟ ماذا فعلت؟ ولن تُسأل عن أقصى من قدرتك، حقيقةً العالم ‏الإسلامي وشعوب العالم الإسلامي وحكومات العالم الإسلامي وأنظمة العالم العربي والإسلامي وجيوش ‏العالم العربي والإسلامي ليست قادرة على فعل شيء؟ أبدًا ليس صحيحًا، يمكننا أن نكذب على بعضنا في ‏الدنيا ولكن بالآخرة لا يمكننا أن نكذب على بعضنا، لا يمكننا أن نكذب على الله سبحانه وتعالى، ستشهد ‏على حقيقة الأمر أيدينا وأرجلنا وألسنتنا وجلودنا والأرض التي مشينا عليها، كل شيء سيشهد، كل هذا ‏الكون سيشهد علينا، ويجب أن نخشى من ذلك اليوم. ‏

أنا لماذا أريد أن أؤكد على موضوع الآخرة؟ لأنّ كثر حتى عندما يأتون إلى جبهات الإسناد اللبنانية أو ‏اليمنية أو العراقية أو غيرها، نتحدث عن جبهات القتال، مع ذلك يطرحون الكثير من الأسئلة التي تُحاول ‏أن تُدين أو تثبط العزائم، يمكننا أن نُجري نقاشًا أنّ هذا الدخول لجبهات الإسناد غير المصلحة الكبرى التي ‏لها علاقة بالصراع مع إسرائيل، ما هي المصالح الوطنية فيها؟ اللبنانية، المصلحة الوطنية اليمنية، ‏المصلحة الوطنية العراقية، المصلحة الوطنية السورية، وهكذا، أنا أشرت له في خطب سابقة، لكن أنا أريد ‏أن أدخل بهذا الموضوع، أريد أن أقول في هذه الليالي بالتحديد ما هو أعظم، ما هو أخطر، وما هو أهم، ما ‏هو أعلى، بالنسبة إلينا كمؤمنين، كمؤمنين بالله واليوم الآخر، وفي يوم القيامة لن ينفعنا هذا الذي يسألنا أو ‏يُناقشنا أو يشمت بنا أو ينتقدنا أو يُعارضنا أو يطعننا في الظهر، إذا تخلّينا عن الموقف من أجل إرضائه، ‏يخلص نفسه يوم القيامة، أصلًا هو يوم القيامة سيقول أنا لم أفعل وليس لي دخل، لا، يجب أن يكون لدينا ‏جواب حاضر، وهذا السؤال هو لكل الأحرار في العالم، لكل البالغين العاقلين وبالأخص عندما نتحدث عن ‏ملياري مسلم، هل يجوز أن يستمر هذا الواقع القائم في غزة؟ أين الساكتون؟ أين الذين دفنوا رؤوسهم في ‏التراب؟ أين الدول التي لا تُحرّك ساكنًا؟ بل أين الشعوب التي لا تُحرّك ساكنًا؟ هذه مسؤولية كبيرة. ‏

نحن فيما نقدر وفيما نستطيع وفيما نفعل في هذه المسألة، نعتقد أنّنا بالدرجة الأولى نُؤدّي هذا الواجب، ‏ولذلك في كل يوم نُقدّم شهداء ونزف الشهداء ونفخر بالشهداء وخيرة إخواننا يرتقون شهداء وخيرة قادتنا ‏يرتقون شهداء، ولكن عندما يرتقي منّا الشهداء أو تُدمّر لنا بيوت ومنازل أو نُهدّد بالحرب هل يمكن أن ‏نتراجع؟ هل يمكن أن نخاف؟ هل يمكن أن نتخلى عن المسؤولية؟ يكفي هذا الذي أقوله للإجابة على الكثير ‏من الأسئلة السياسية التي أتركها لمناسبات أخرى، لأنه غدًا سأتحدث في أسبوع القائد الشهيد الحاج أبو نعمة ‏رضوان الله عليه نتحدث أكثر بالسياسة، لكن ليكن الصديق على يقين وليكن العدو على يقين أنّ ما بدأته ‏المقاومة في لبنان في 8 تشرين الأول في معركة طوفان الأقصى وما قدّمت في سبيله وفي إطاره حتى اليوم ‏من مئات الشهداء وأعداد كبيرة من الجرحى وأعداد كبيرة من البيوت المُهدّمة والمعارك والقتال ‏والمواجهات والأذى والإنجازات التي تحقّقت وكل ما تُواجهه من تهديد ومن تهويل نحن سنمضي في هذا ‏الطريق حتى نصل إلى الهدف الذي نتطلّع إليه في لبنان، في فلسطين، في المنطقة، في جميع جبهات ‏الإسناد ولا يمكن أيًا يكن الأخطار والتحديات والتهديدات القادمة أن نتراجع عن موقفنا أو عن قتالنا وعن ‏ثباتنا في هذه المعركة. ‏

كما في الماضي قد تكون أيضًا في المرحلة المقبلة الكثير من الضغوط السياسية على لبنان، على الدولة في ‏لبنان، على المقاومة في لبنان، التهويل بالحرب طبعًا تراجع بدرجة كبيرة جدًا لكنه ما زال قائمًا بين الحين ‏والآخر. ‏

هذا هو موقفنا، موقفنا الحاسم في دنيا شبيهة بذلك الزمان لكن في ظروف أفضل، في دنيا واقعًا إذا أردنا ‏اليوم أن نختصر الموقف ونُوجه خطابًا لمليار ونصف المليار مسلم، لملياري مسلم، لو أردنا أن نُوجّه إليهم ‏خطابًا لم نجد أعظم وأقوى وأهم وأوضح من هذه الكلمات التي قالها أبو عبد الله الحسين سيد الشهداء عليه ‏السلام، ألا ترون يا مسلمي العالم، يا أحرار العالم، ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به؟ أين تنفق مليارات ‏المسلمين؟ هذه أموال بيت المال، آلاف المليارات، أين تُنفق اليوم؟ أين أُنفقت بالأمس ومليوني مسلم في ‏غزة يموتون جوعًا، أين تُنفق مليارات المسلمين؟ لماذا تُكدّس كل هذه الطائرات والدبابات والأسلحة ‏والمدافع؟ من أجل من؟ هذا العدد الهائل، هذه المساحة العظيمة، هذه الإمكانات الضخمة، لمن؟ ألا ترون إلى ‏الحق لا يُعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن بلقاء ربه مُحقًا، عندما يذهب إلى الله يذهب ‏وهو على حق، ينصر الحق، يُقاتل من أجل الحق، ليرغب المؤمن بلقاء الله مُحقًا، بلقاء ربّه مُحقًا، فإني لا ‏أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، ونحن أولاد وأتباع وتلامذة كربلاء وأبي عبد الله ‏الحسين عليه السلام، نقول له نحن أيضًا يا سيدنا لا نرى الموت إلا سعادة والحياة مع الطغاة والمحتلين ‏والناهبين والظالمين والمعتدين والقتلة، لا نرى الحياة مع كل هؤلاء إلا برما. ‏

ونمضي في حياتنا من هذا الموقع وعلى هذا الفكر وعلى هذا الأساس، نُقاتل، نُجاهد، نُضحي، نرفض ‏الضيم والظلم والذل وننصر المظلومين والمستضعفين وننتصر وننتصر ونرفع راياتنا التي سترتفع إن شاء ‏الله في فلسطين، في القدس، في بيت المقدس إن شاء الله، وهذا إيماننا. ‏

السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم مني جميعًا سلام الله ‏أبدًا ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن ‏الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين، والسلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.‏

السيد حسن نصر االلهعاشوراءعاشوراء_٢٠٢٤

إقرأ المزيد في: فصل الخطاب