ترجمات
الإدارة السورية الجديدة أمام مشكلة نيل الثقة
كتبت رهف الدغلي Rahaf Aldoughli مقالة نُشِرت على موقع آسيا تايمز Asia Times جاء فيها الآتي:
إن روابط "هيئة تحرير الشام" التاريخية والإيديولوجية المتطرّفة وخلفياتها كحركة مسلحة إنما تساهم في غياب الثقة محليًا ودوليًا.
أعرب رئيس "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع عن تصوره بأن ينتقل الجيش السوري من نظام التجنيد الإجباري إلى قوة تطوع تحظى بتدريب متطور وتكنولوجيا حديثة. إلا أن هذه الإستراتيجية تبقى مبهمة وغير متناسقة، خاصة وأنه لم يجرِ التوصل بعد إلى اتفاق مع الشرع بشأن نزع سلاح المجموعات المسلحة بالكامل، والذي هو شرط مسبق وأساسي لتشكيل أيّ جيش وطني موحّد.
وما يزيد هذه التعقيدات هو الديناميكيات الإقليمية التي تشكّل تحديات أساسية للقيادة الجديدة تحت زعامة "هيئة تحرير الشام". كما يبقى إقناع المجموعات المسلحة مثل الفصائل المدعومة من تركيا بنزع سلاحها عقبة رئيسية. وما يفاقم ذلك هو الدور التركي في إبقاء "الفئوية" في شمال سورية.
بينما قد يخدم التصدي للتحركات الكردية الهادفة إلى الحكم الذاتي في شمال شرق سورية مصالح أنقرة الإستراتيجية، إلا أنّه يحمل معه خطر تقويض السيادة السورية والمساعي الهادفة إلى رسم مستقبل مستقل.
يتوجب على النظام الجديد مهما كان شكله معالجة المصالح الإقليمية، لكن عليه ألا يساوم على الهدف الأكبر ببناء دولة سورية موحدة وشاملة.
تشير التصريحات الأولية الصادرة عن قيادة سورية الجديدة حول إعادة الهيكلة العسكرية والتزامها بالعدالة الانتقالية، تشير إلى وجود نية لعدم تبني ممارسات "نظام الأسد" (السابق). غير أن هذه الإعلانات طغى عليها من الآن أحداث مقلقة، تطرح التساؤلات حول المحاسبة والتداعيات الأوسع نطاقًا لهذه العملية الانتقالية.
فقد ظهرت أشرطة فيديو باللغة العربية في أماكن مثل اللاذقية وحمص، يظهر فيها أعمال انتقام وحشية، شملت تعذيب علويين. كما هناك إثباتات عن إعدامات من دون محاكمة بحق بعضٍ من بقايا نظام الأسد. بالتالي لا يبدو أن هناك أي مؤشرات عن اتّخاذ الإجراءات القانونية المطلوبة أو عن محاسبة المرتكبين.
هناك تعقيد آخر ينبع من مساعي "هيئة تحرير الشام" المتواصلة لنيل المشروعية من المجتمع الدولي، حيث استقبل النظام الجديد عدداً من الوفود العربية والأجنبية، ما يفيد بأن "هيئة تحرير الشام" تسعى بشكل مدروس إلى تقديم نفسها على أنها تنظيم سياسي مشروع ومستعد لقيادة المرحلة الجديدة من مستقبل سورية. وفيما قد يساعد هذا الانخراط الشرعَ و"هيئة تحرير الشام" على تحسين صورتهما على المسرح العالمي، فإنه محفوف بالمخاطر والتناقضات.
فمن جهة يمكن النظر إلى مشاركة الوفود الدولية بالحوار مع "هيئة تحرير الشام" على أنها خطوة ضرورية وإنْ كانت جدلية، باتّجاه استقرار الوضع في سورية ومنع الفوضى الطويلة الأمد. غير أنه يبقى هناك خطر، أن الاستعجال في ذلك سيمنح الشرع و"هيئة تحرير الشام" سلطة مطلقة قبل معالجة مخاوف أساسية حول الحكم وإشراك مختلف الأطراف و"الإرث العقائدي" لدى الجماعة.
إن غياب الضمانات الملموسة للانتقال نحو مشاركة السلطة والتعددية المؤسساتية يثير شبح شكل جديد من السلطوية متخفٍ بخطاب الإصلاحات والاستقرار.
إقرأ المزيد في: ترجمات
10/01/2025