نصر من الله

الرد القاسم

رفيق الجهاد والسلاح يحكي لـ
14/01/2020

رفيق الجهاد والسلاح يحكي لـ"العهد" بعضًا من مآثر الشهيد سليماني

فاطمة ديب حمزة

كانت ساعات الليل في ختامها، عندما أُسدلت ستارة آخر رحلات الجهاد في بلاد الشام. مشهدية الختام في عراق الحسين(ع) جاءت كما أرادها الحاج قاسم في مناجاته: صاخبة، على أرض الجهاد، وفي إحدى صولاته، ومع من أحب من رفاق السلاح والسلام. ولتكتمل رواية المناجاة، كان المجرم، أشقى الأشقياء، وكان الجبن مصداق الادعاء، بأنه لن يصل اليه إلا غدراً.

* كان النموذج الأوضح للقيادة في الإسلام

عشرون عاماً وأكثر، من السعي إلى فلسطين. كان يعرف المهمة والهدف عندما عُيّن في منصب قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني عام 1998، وهو ـ وكل من يعلمه جيداً يقرّ بذلك ـ من النوع الذي لا يكل، ولا يهدأ في سعيه، وهو ايضاً، من الأشخاص اليقينيين، أي ممن يؤمنون بيقين تحقيق الأهداف المرسومة على طريق الوعد الإلهي.

شخصية مليئة بشخصيات عديدة. يستسلم الآخرون أمام كنه مزاياها الجاذبة والبسيطة في آن. كانت أحداث المنطقة وتطوراتها الأخيرة بوابة العبور إلى هذا "الجهادي بالفطرة".

من فلسطين، إلى لبنان، ثم سوريا والعراق وأبعد، مر "الشهيد الفريق" بمسحة جهاد أعانت المظلوم على الظالم، ونصرت المستضعف على المستكبر.

لكن، كيف كان يحضر، ويقاتل، ويقود المعارك، ويفاوض، ويرفع المعنويات، ويشد أواصر التحالفات والمحور؟ وماذا بعده؟

عن كل ذلك، يجرى موقع "العهد" الإخباري مقابلة حصرية وخاصة مع القائد الميداني في المقاومة الاسلامية، الذي رافق الشهيد قاسم سليماني في جولاته الجهادية: "الحاج صادق". يبدأ الحاج كلامه بـ "بسم الله، قاصم الجبارين .. إنه لأمر محال اختصار مسيرة هذا القائد، أو تلخيص جهاده".

بدقة وهدوء شديدين، يكشف لنا الحاج صادق بعضاً عن شخصية الحاج قاسم: "على المستوى العملي هو النموذج الأوضح والأحدث لمفهوم القيادة في الاسلام. وأعتقد، وبمعرفتي ومرافقتي له، أن كل ما يروى عن نظريات القيادة والادارة والتحكم العسكرية والميدانية، تحتاج الى إعادة نظر بالعودة الى دور وتأثير وسلوك هذا الشخص". يرى محدّثنا أن "الحاج قاسم من خلال مواقفه وكلماته، يعبّر خير تعبير عن مفهوم الإمامة في الاسلام، بحيث تنقاد اليه الاذهان والعقول دون إرادة أو جهد".

* التركة الجهادية

رفيق الجهاد والسلاح يحكي لـ"العهد" بعضًا من مآثر الشهيد سليماني

هذه المرة، سريعاً يجيب الحاج صادق، دونما اطالة في التفكير: "يكفي أنه عملياً، كان في طليعة من عمل على تأسيس ما بات يعرف اليوم بـ"محور المقاومة"، بعد أن كان مجرد فكرة في الكواليس. وقد استطاع الشهيد سليماني أن يطبق عملياً هذه الفكرة ويترجمها بدقة وحرفية خيالية"، ثم يضيف على هذا الكلام ما هو أعمق: "هو أصلاً بفكره الجهادي كان أبعد من فكرة المحور، ومن يعرف أدبيات الثورة الإسلامية يعرف من هو سليماني، وماذا قدم، وماذا ترك خلفه".

يكرر الحاج صادق، الذي خَبِرَ الشهيد سليماني، أن الكلام عنه ليس في سبيل "أسطرة" شخصيته بعد الشهادة، بل من أجل الكشف عن جوانب ممكنة من "هذا القائد الذي لم تكن تقديماته في سبيل القضايا الإسلامية محصورة في مكان أو زمان. لا بل شكل في تحركاته ونشاطه ورؤيته العسكرية الإدارية والدبلوماسية رابطاً مشدوداً لمنظمات ودول المحور".

لا يخفي محدّثنا الدور الكبير والمؤثر والمحوري للشهيد سليماني في مسار مواجهة المشاريع الصهيونية والأميركية في منطقتنا، ويقول في حديثه لموقع "العهد" الإخباري: "كان سليماني سنداً وداعماً وموجوداً إلى جانب المقاومة في لبنان خلال عدوان تموز 2006، وكذلك في العراق، منذ غزوة الدواعش إلى حين إعلان الانتهاء منهم كخطر على الدولة والشعب، وفي الساحة السورية وتعقيداتها بشكل حاسم ومبدل. إنه لم يكن قائداً عسكرياً فحسب، بل دبلوماسياً وادارياً بارعاً ايضاً".

* مدرسة جهادية وقيادية

يفيض علينا الحاج صادق بالمزيد مما اكتنزه عن ذلك القائد العسكري القريب من ساحات الجهاد والمجاهدين: "كان حريصاً على مسألة المشورة، وهي كانت من عاداته المعروفة، ولم تكن تصرفًا شكليًا، بل كانت عملًا واقعيًا يمارسه عن قناعة وفعل. كان الحاج قاسم دائماً في الميدان وفي مقدمة الصفوف، يسعى من أجل أن يشارك القادة الميدانيين في صناعة القرارات، وكان دائم التذكير بأن سلاحنا الأمضى بوجه عدونا الأقوى، هي روحنا المعنوية".

هنا، يدرس الحاج صادق عباراته بدقة: "الحضور المادي والشخصي للحاج قاسم لا يمكن أن يعوض، ولكن ما يعوض وبشكل أكبر هو ما زرعه وأسسه في مدرسة جهادية وقيادية واخلاقية نموذجية، وهو تحديداً ما سيُترجم في الثمن الذي سيدفعه القاتل بإخراجه من المنطقة كلها".

* مهتمٌّ بأدق تفاصيل المجاهدين: النوم.. المأكل.. الحالة النفسية والروحية

يحاول رفيق الشهيد القائد سليماني أن ينقل لنا صورة العلاقة التي كان الشهيد حريصاً أشد الحرص على حياكتها مع المجاهدين: "كان يهتم بأدق تفاصيلهم اليومية والقتالية، أماكن نومهم، مأكلهم، ظروفهم، حالتهم النفسية والروحية، تواصلهم مع أهلهم، وكل ما يمكن أن يشعرهم بالاطمئنان والانتماء لهذا الخط الجهادي المقدس، بل حتى أنه كان حريصاً على أوضاع المواطنين العاديين ممن هم مؤيدون للمنظمات التي كانت تقاتلنا، وعدم التعرض لهم".

يستطرد الحاج صادق بكلامه عن الشهيد سليماني في مقابلته مع موقعنا، بما يعرفه وعايشه، ويرسمه بريشة ذلك الجهادي القدسي الملهم: "قتله بهذه الطريقة، وفي ذلك المكان والزمان، ومع هذه الدماء الرفيقة، كان مفصلاً في الصراع مع عدونا. لقد نجح سليماني بكسر هيبة وسطوة العملاق الاميركي في المنطقة، ومهد لنا طريق الخلاص منه، ودلنا على أقصر الطرق لإخراجه ذليلاً، وشكل المسمار الأكبر في نعش الأميركي بمنطقتنا، بلا ريب. والأيام شاهد بيننا".

* أمنية ووعد

مسك ختام رفيق الجهاد عن رفيقه الشهيد أمنية ووعد: "أغبطه على هذه الشهادة العظيمة وهذه العاقبة، نحن الذين بقينا بعده سنكمل طريقه وسنعمل لنحقق أهدافه وسنحمل رايته في كل الساحات.. القصاص العادل من قتلة المجاهدين سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين".

لقراءة المقال باللغة الانجليزية: انقر هنا

 

إقرأ المزيد في: الرد القاسم