#عصحة_السلامة
مرآة كورونا تكسر صورة "العالم المتقدم": جشع وخوف
خاص "العهد"
إنه زمن الكورونا. وبغض النظر عن منشأ هذا الفيروس القاتل، فإن كل الأسلحة واجبة في محاربته. إجراءات وقائية تشمل الحجر الصحي والتعقيم والأقنعة والقفازات، وأكثر، لكن الأكيد أن المسؤولية الأساس تقع على عاتق الحكومات لاتخاذ إجراءات سريعة للسيطرة وضبط الانتشار.
لأول مرة منذ عقود، يواجه العالم كله التحدي عينه. يخاف العالم من تهديد مشترك، ويواجه فيروسًا مجهولًا يقضي على حياة الآلاف في غضون أيام. ورغم أن العلماء والباحثين أكدوا أن من 70 إلى 80 بالمائة من المصابين بالفيروس يمكن أن يتعافوا من تلقاء أنفسهم، إلا أن حالة من الذعر والهلع تبقى هي السائدة.
حالة الذعر التي نتحدث عنها وانعدام الثقة في الحكومات، ليست في دول مثل لبنان أو البحرين أو العراق أو دول أفريقية حيث النظام الصحي الموجود "متواضع"، انما هي في قلب أوروبا وأستراليا والأميركيتين. موقع "العهد" الاخباري أجرى في هذا الصدد مقابلات مع أشخاص من دول مختلفة للإطلاع على مسار الأمور على أرض الواقع.
من المملكة المتحدة، تتحدث المواطنة نادين عن بطء لدى الحكومة في اتخاذ القرارات: "لا يزال الطلاب يذهبون بانتظام إلى مدارسهم وتكتظ المناطق العامة بالناس. خلال الأسبوعين المقبلين أو حتى الشهرين، سنشهد ذروة في انتشار فيروس كورونا (COVID-19). كانت هناك خطوة واحدة فقط أتت متأخرة بعض الشيء حيث فرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الحجر الصحي على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا".
تقول نادين إنها "قصدت السوبر ماركت عدة مرات لشراء بعض المواد الغذائية والمناديل الورقية والسلع الأساسية. في كل مرة كانت تذهب فيه كانت تجد رفوفا فارغة وأشخاصًا يتشاجرون".
تصف الوضع داخل محلات الـ"سوبر ماركت" بالـ"جنوني": "هناك الكثير من الاكتناز للسلع. ويتشاجر الناس حول المناديل الورقية وغيرها من المواد. تضاعفت الأسعار والرفوف فارغة على الرغم من أن الحكومة ادعت أنه لن يكون هناك نقص. في كل مرة أذهب فيها إلى السوبر ماركت لا أجد شيئًا لأشتريه".
إضافة إلى ذلك، فإن نظام الرعاية الصحية لا يمكن الاعتماد عليه، تقول نادين: "إذا مرضت واتصلت بـ 999 أو 111، يطلبون منك البقاء في المنزل، فلا أماكن شاغرة في المستشفيات"، تضيف "لا توجد تدابير حقيقية لاحتواء الوضع. يتحدث الناس كثيرًا عن خطة جونسون لتطبيق حصانة القطيع وعن جشع الحكومة التي تمنع النظام الصحي من دفع مبالغ هائلة. لذا فإن كبار السن والمرضى الذين يعانون من ضعف المناعة سيموتون والباقي سيبقون على قيد الحياة".
من بريطانيا توجهنا إلى الولايات المتحدة. مهندسة البرمجيات من "أبيكس" في ولاية نورث كارولينا نانسي تتحدث لموقع "العهد" عن القلق المرادف للفيروس: "أشعر بالخوف، فالدول الرأسمالية مثل بلدنا تتعامل مع حياة الناس باستهتار. الحكومات هنا تقيمنا لناحية إمكانية كسب المال ورفع الاقتصاد".
بحسب نانسي فإن "المستشفيات لا تجري فحوصات للفيروس إلا إذا كانت الحالة شديدة للغاية. أما أداء الحكومة فهو فظيع والقطاع الصحي غير مستعد لمواجهة مثل هذا الوباء. أبدت نانسي قلقها من اندفاع الناس إلى المتاجر لتخزين البضائع في منازلهم بالاضافة الى قيامهم بشراء الأسلحة النارية".
أما الطالب الجامعي في مدينة مونتريال الكندية جايدن فيخبرنا أنه "لأول مرة في حياتي أشعر بأن العالم كله يواجه خطرًا وشيكاً. هناك الكثير من التوتر، وللأسف نرى الجشع والأنانية".
متألما من أنانية الناس حوله وتصرفاتهم غير الإنسانية، يقول جايدن "يبدو أن الكل هنا يهتم لمصلحته الشخصية فقط. ونرى ذلك في المشاجرات الدائرة في المتاجر الكبرى على البضائع وكيف أن جميع الرفوف تفرغ فجأة".
بدوره، يصف أحمد شجارًا بين عدة نساء يتقاتلن على المناديل الورقية والمعلبات في أحد متاجر مدينة سيدني في أستراليا بالمضحك والمؤلم والمخيف في آن: "أعتقد بأن الأمر كله يتعلق بإحساس الشخص بأنه مسيطر، ويعود ذلك الى انعدام الثقة بالحكومة والنظام. الجميع خائفون ولا يدركون مدى تأثير تصرفاتهم على المجتمع. كل ما أراه هو الأنانية واللاإنسانية في مثل هذه الحوادث".
وتقول المواطنة الألمانية أسماء إن المئات يقفون على أبواب السوبر ماركت والمحلات التجارية الكبرى ويهرعون إلى اكتناز السلع كما لو أن مجاعة ما ستضرب الكرة الأرضية، مبدية أسفها على غياب الرحمة بين الناس وعلى خوفها عند رؤية حالة الفوضى التي تسود في ألمانيا.
"لا أستطع تخيل بلدي ألمانيا على هذا النحو. هناك الكثير من الجشع. أفهم أن الناس يشعرون بالخوف. ولكن لما لا يساعدون بعضهم البعض لتخطي هذه الأزمة. ولكن مرة أخرى، لا يثق الناس بالنظام هنا، إنهم يخشون على حياتهم"، تقول أسماء المولودة من أم ألمانية وأب إيراني الأصل.
المواطنة السويسرية كارينا تقول من جهتها لموقع "العهد": "بعد فترة من الهدوء النسبي والشعور بالأمن، فجأة، يواجه الناس أعدادًا متزايدة من الحالات وإجراءات صارمة تصل إلى الإغلاق التام وإغلاق المطارات وإغلاق المتاجر وما إلى ذلك. من الواضح أن هذه الإجراءات تخلق حالة من الذعر خاصة أن عامة الناس لم يكونوا على دراية جيدة بحدة الموضوع".
تضيف "الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أتت متأخرة قليلاً. لقد أصبح الوضع خارجًا عن السيطرة ومعدل الانتشار هائل. نظرًا لأن سويسرا دولة اتحادية، فقد قرر كل كانتون اتخاذ الإجراءات وفقًا لمؤسساته".
توضح كارينا أنه من حيث المبدأ، يقوم نظام أمن عام قوي بضمان توافر السلع. بالرغم من ذلك، لايزال الناس يشعرون بالذعر ويقومون بتخزين السلع الأساسية والمواد الغذائية في المنزل: "أصبحت المحلات التجارية غير قادرة على استيعاب العدد الكبير من الزبائن. ولكن الوضع لا يزال تحت السيطرة. فإن الناس متعاونون للغاية ويحترمون الأوامر التي تصدرها السلطات".
المهندس المكسيكي إميليو يقول من جهته إن بلاده لم تتخذ إجراءات فعالة في الوقت المناسب: "ترى ذعر التسوق في الأسواق، ولكن لا فوضى حتى الآن."
وحين نسأله عن ثقته بالنظم الصحي والسياسي، يجيب الشاب "بصراحة لا. أعتقد أن استجابة حكومتنا بطيئة وغير مناسبة".
على الرغم من أن تخزين بعض المواد ضروري لحين انقضاء أزمة كورونا وربما الاستعداد لحجر صحي إلزامي لمدة أسبوعين أو بضعة أسابيع، ولكن اكتناز السلع غير الضرورية سيؤدي إلى استنفاذ الإمدادات وسيؤثر على الآخرين. نعم، الاستعداد لحجر صحي محتمل يعد أمرًا ذكيًا، ولكن تفكيرك بالآخرين في المجتمع هو أحد السمات الأساسية الذي يجعل منك انسانًا. أما العجيب هو رؤية حالة انعدام الثقة والفوضى بين سكان ما يسمى بـ "البلدان المتقدمة"، والتي تحكمها أنظمة ترى نفسها متفوقة في هذا العالم.
إقرأ المزيد في: #عصحة_السلامة
02/03/2022
هل يعيد بوتين أوكرانيا إلى حدودها التاريخية؟
09/01/2021
مستشفيات صيدا: لا قدرة استيعابية بعد الآن
09/01/2021
أسرّة كورونا بـ"السراج والفتيلة"
04/05/2020
كيف نتفادى الشعور بالعطش خلال الصيام؟
04/05/2020