نصر من الله

#زمن_النصر

آخر ساعات عدوان تموز 2006:
13/08/2020

آخر ساعات عدوان تموز 2006: "اسرائيل" سقطت في البياضة

سامر الحاج علي

 

رغم التخبط الذي كانت تعيشه قيادة العدو أثناء العمليات التي نفذتها في ما أسمته بحرب لبنان الثانية، إلا أنها كانت وعن تصميم ودراية ودراسة دقيقة للجغرافيا اللبنانية تحرّك قواتها سعياً لإعادة فرض حزام أمني شبيه بالحزام الذي سقط في أيار من العام ألفين، دون أن تضع في الحسبان أن مخططاتها هذه المرة ستصطدم بمن يتقنون لغة الحرب والنزال في اقسى ظروف الاشتباك!

فعند مختلف محاور الجنوب أُحبطت عمليات العدو لا سيما تلك التي حاول تنفيذها خلال الساعات الستين الاخيرة من عمر العدوان، مع ما كان قد سبقها من ضربات مؤلمة لوحدات النخبة الإسرائيلية التي حاولت اختراق خطوط المقاومة بين الحافة الحدودية وعمق الجنوب فشُتّتت ثم بُعثرت ثم عادت محمولة أو منقولة بالجو وعلى ظهر الآليات المحطّمة، بالاخص تلك القوة التي حاولت السيطرة على بلدة البياضة نظراً لموقعها الجغرافي الذي يشكل مفصلاً حيوياً من جهة الناقورة ومن جهة بلدة مروحين التي انطلق منها في محور تقدمه هذا.

أدركت قيادة المقاومة أن العدو لن يفوّت الفرصة لإعادة السيطرة واحتلال البياضة والقرى المحيطة بها، نظراً لما تضم من مرتفعات مشرفة على الساحل الجنوبي وعدد من المناطق الأخرى، ولكونه يحتاج إليها في عملياته ليعتمد على نقاط اتكاء مستقبلية له ويكشف المنطقة خلال تموضعاته في محور التقدم الذي قد يصل إلى مدينة صور ما يعني أن للمنطقة أهمية كبرى على أصعدة التكتيك والجغرافيا بالنسبة له. وعلى هذا الأساس تحركت مجموعات المقاومين بانتظار أي تقدم محتمل في موازاة رصد الوحدات المتخصصة لعمليات تحشيد وتجهيز داخل الأراضي المحتلة مقابل بلدة مروحين وفق ما يشير لموقع العهد الإخباري احد الضباط الميدانيين في المقاومة الإسلامية.

يلفت "قاسم" - الاسم الجهادي للضابط المقاوِم الذي شارك بفعالية خلال عمليات التصدي للتوغل الإسرائيلي عند هذا المحور - إلى أن قوات العدو تسللت من نقطة تعرف باسم بوابة زرعيت مقابل بلدة مروحين ودخلتها لتتسلل منها إلى وادي الوسيطة باتجاه بلدة الجبين ثم منطقة الرجمان جنوب بلدة شمع لتصل إلى البياضة، إلا أنها كانت وعلى امتداد هذا الخط تتعرض لقصف مدفعي من مرابض المقاومة الإسلامية ما ألحق فيها خسائر فادحة دفعتها للهروب إلى الأمام، إضافة إلى وقوعها في عدة كمائن للمقاومين أهمها بين بلدتي شيحين والجبين عندما دُمّرت دبابتا ميركافا من الجبل الرابع، وفي الجبين حيث سقط له قتلى وجرحى نتيجة لاشتباك مباشر مع مجموعة من المجاهدين، وفي منطقة الرجمان حيث أحرقت ناقلة جند معادية بصاروخ مضاد للدروع، وفي شمع التي اشتعلت فيها الأرض تحت مُشاته الذين كانوا يؤمّنون مسار التقدم لدباباتهم.

ويكشف قاسم أن العدو في هذا المحور غيّر من تكتيكات تقدمه، فعمد إلى دفع مجموعات من المشاة لتؤمن المسالك التي ستعبرها الدبابات والآليات وتشكل إنذارا مبكراً لها من الصواريخ المضادة للدروع والعبوات الناسفة التي قد يكون المقاومون قد زرعوها، إلا أنهم تحولوا إلى ما يشبه الإوزّ في حقل الرماية وأصبحوا أهدافاً سهلة لمجاهدي المقاومة الذين كانوا ينتظرونهم عند الكمائن والمسالك للانقضاض عليهم.

أدرك العدو متأخراً وبعد ان سلك مسار تقدمه أن المقاومة ترصد تحركاته وتضربه كلما أرادت على طول هذا المحور، فلجأ للابتعاد عن المناطق المكشوفة هرباً من الصواريخ والرمايات المباشرة واختار أن يشق طريقه نحو "وادي الجناني" فيختفي عن الرؤية من جهة بلدة مجدلزون ومحيطها ويؤمن قواته التي وصلت إلى مرتفع القصر الأحمر وأصبحت تشرف على بلدة البياضة التي أمطرتها بقصف مركز وعنيف تمهيداً لدخولها الذي بدأ بتسلل مجموعات المشاة ثم المدرعات.

ومع التقدم الصهيوني كان مجاهدو المقاومة ينهون زرع العبوات الناسفة ويتوزعون وفق خطة لاحتواء الهجوم وصدّه فنصبوا كميناً عند نقطة الصنوبرات شرق المنطقة العمرانية في البياضة وهي أولى النقاط التي وصل العدو إليها. وهنا يشير الحاج قاسم إلى أن النار فتحت من كل الجهات على الغزاة الذين تقدم باتجاههم الشهيد بشير علوية ملتحماً فأوقع فيهم 7 اصابات بينها نائب قائد الكتيبة الذي قُتل على الفور، فيما اشتبك مقاوم آخر مع مجموعة كانت تتحصن في أحد المنازل القريبة فقتل منها ثلاثة جنود، ناهيك عن العديد من الاشتباكات التي وقعت في بقعة جغرافية محدودة لم يكن العدو يتوقع أن يتلقى فيها أي مقاومة.

وتواترت خسائر العدو في البياضة التي كان يستخدم لاسقاطها كافة أنواع الذخائر وأشكال الحصار من البر والجر والبحر الذي دمّر أحد المجاهدين فوق أمواجه زورق "سوبر ديفورا" وقتل من كان على متنه موجهاً صفعة قوية لجيش الاحتلال الذي فشل في تحقيق هدفه بالسيطرة على البلدة، بعد أن سلبت المقاومة من ضباطه وجنوده الرغبة في القتال ودفعتهم للتقهقر والانسحاب على الرغم من الإمكانيات المتواضعة التي كانت تمتلكها في ذلك الوقت.

وحول إشكالية الإمكانيات والقدرات تعود إلى الأذهان عبارة كان يرددها الحاج عماد مغنية أمام المجاهدين على الدوام ويرددها عنه الحاج قاسم اليوم، فـ "الذي يقاتل فينا هي الروح" ونحن بروحيتنا العالية نمتاز عن العدو ونصده وننتصر عليه..

يبتسم تلميذ الحاج رضوان قليلاً ثم يؤكد لموقع "العهد" الاخباري: "تطورنا كثيرًا من ناحية التدريب والتجهيز، وعملنا في كافة الميادين وفي حروب مختلفة من حيث التكتيك والجغرافيا، وراكمنا الكثير من الخبرات إلى جانب التخطيط وجمع المعلومات عن العدو.. وللعدو أن يقرر اليوم إذا ما كان جاهزاً ليختبر بأسنا وقوتنا وقدرتنا على إلحاق الهزيمة بجيشه الواقف منذ أسابيع على إجر ونص !!".

حرب تموز 2006عدوان تموز 2006#زمن_النصر

إقرأ المزيد في: #زمن_النصر

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة