معركة أولي البأس

#جماعة_82

أقمار روضة الشهداء
11/11/2021

أقمار روضة الشهداء

ليلى عماشا

لم نعرف منهم إلّا الذين عادوا. وبقي المنتظرون طيّ الأسرار. وأيّ سرّ يضاهي جمال اللمحات التي شاهدناها في أسرار التحرير الثاني؟ أيّ كلمات تصوغ حكايات سوريا؟ أيّ لغة ترتّبها بغير دمع؟

في الشارع قرب روضة الحوراء زينب (ع)، مشاة وسيارات وحياة تضجّ بما فيها. وكلّما اقتربتَ أكثر من ذاك المعسكر الذي يضمّ إلى تراب الضاحية جيشًا من شهداء، شعور كثيف يملأ صدرك، ولا تدري إن كنت على وشك أن تذرف قلبك دمعة، أو أنّك فقدتَ فجأة قدرتك على الكلام، فصارت عيناك تنطقان سلامًا وامتنانا.

في الروضة، أنسٌ يلفُّك ما إن تصل. تود في اللحظة الأولى أن ترتمي أمام المشهد. لحظة تعيدك إلى فيض المشاعر التي ملأت روحك يوم تسمّرت أمام بهاء كلّ تفاصيلهم التي أمكن لك أن تراها من خلال الوثائقي الذي أسر القلوب: أسرار التحرير الثاني، الوثائقي الذي سمح لنا أن نرى بعضًا من أسرارهم، كي ندرك أكثر كم هم سرّنا.

يوم الشهيد، وهنا في الروضة، يجتمعُ جيشٌ من شهداء، قل هنا مخيّم الأرواح التي قاتلت وبلغت نصرها حرّة، وعادت إلى الثرى الذي يجاور أيامنا إشفاقًا علينا، نحن الذين يقتلنا الحياء ألف مرة، ولا تكفينا كلّ الدموع لنخبّر عن مدى الامتنان الذي يتسع مع كلّ شمس أكثر.

هنا الشهداء الذين يهبوننا في كل أمسية نعمة الدفء على وقع حضورهم.
هنا أصحابُ اللثام الذي لا يُزاح إلّا يوم الشهادة، وأهل الحبّ الذي كلّما ذاب في التراب اشتدّ فوحه أكثر.

في يوم الشهيد، تُستعاد كلّ لحظة مرّت على القلوب يوم قيل "لن تُسبى زينب مرتّين"، فصدق الوعد وأهله، ويوم تهافت الأقمار إلى الشام، فمنهم من عادَ مخضّبًا بالنور، ومنهم من ينتظر.

على وقع أنشودة "المجد للشهداء" يبدأ النهار، ولا شيء يقنع القلب بأن يكفّ عن تصفّح الصور أو أن لا يلاحق أصواتهم المسجلّة ويتمتم بما قالوا.
في هذا اليوم، لا يمكن لقلب أن يتخطى العاطفة التي انسكبت وما زالت تهطل في النبض حين قال قائد ميداني لأبنائه المقاتلين في الحقل المفخخ بالألغام وبأحقاد الإرهابيين: "تقبروني انتبهوا...".

يوم الشهيد

إقرأ المزيد في: #جماعة_82

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة