نصر من الله

الأربعون ربيعاً

خاص "العهد": منوشهر متّكي.. شهادات من "كواليس" عدوان تموز 2006
16/08/2022

خاص "العهد": منوشهر متّكي.. شهادات من "كواليس" عدوان تموز 2006

طهران ـ مختار حداد

 

في أجواء مناسبة "الأربعون ربيعًا" وذكرى الانتصار الالهي في تموز 2006، أجرى موقع "العهد" الإخباري مقابلة مع وزير الخارجية الإيراني الأسبق منوشهر متكي، الذي حدّثنا عن عدوان 2006  وظروف حضوره الى لبنان حينها والمحادثة الهاتفية بينه وبين الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله وقائد قوّة القدس الجنرال الشهيد الحاج قاسم سليماني. كذلك شدد متّكي على دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثابت والراسخ لحركات المقاومة انطلاقًا من ثوابت الاسلام التي أعاد تأكيدها وإرساءها الإمام روح الله الخميني(قده) مع بداية انتصار الثورة الإسلامية في ايران.

 

* تموز 2006: السعودية ذراع سياسي للعدوان

يروي متّكي الذي كان خلال عدوان تموز 2006 وزيرًا للخارجية الإيرانية بعضًا من شهادته حول تلك الحقبة: "مع بداية العدوان الهمجي اتصلت بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل آنذاك، وفاتحته بشأن العدوان وتعرّض هذا الجزء من لبنان للهجوم والاعتداء وارتكاب المجازر الشنيعة من قبل العدو، وقلت له إنه لا بد من القيام بأمر ما، ويجب على العرب والمسلمين أن يتحركوا ويعقدوا مؤتمرًا إسلاميًا وآخرًا في جامعة الدول العربية لبحث الردّ على العدوان الصهيوني، فكان الجواب الذي أعطاني إياه إن "حزب الله يقامر في المنطقة، أي أنه يغامر"، وبردّه هذا أثبت لي أن السعودية كانت على اطّلاع كامل بهذا الهجوم وكانت تستعد له، وبينما يتعرّض حزب الله لعدوان عسكري صهيوني، توفّر السعودية الأرضية لهذا العدوان سياسيًا".

* متّكي في لبنان واتصال مع قيادة المقاومة

وحول مخاطرته خلال العدوان بزيارة لبنان، قال متّكي: "وافق المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني حينها ـ الذي كان يستعرض تطورات الاجتياح الصهيوني للبنان بشكل يومي ـ في اجتماعه على أن يقوم وزير الخارجية بزيارة لبنان وأبلغني أمين عام المجلس حينها الدكتور علي لاريجاني بهذا القرار، وفورًا حضّرنا للزيارة واتجهنا إلى سوريا، ومن هناك انتقلنا إلى بيروت برًا".

عند وصوله إلى بيروت كان أوّل ما سعى إليه متّكي هو الإطّلاع على التقرير الميداني للحرب، فتأمّن وفقًا لذلك الاتصال بينه وبين قيادة المقاومة: "تمكنت أنا من اجراء محادثة هاتفية مع سماحة السيد حسن نصرالله والفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني الذي كان برفقة السيد نصرالله حينها، وأخبراني أن الأمور تحت السيطرة، ولنا السلطة الكاملة والإشراف المطلق على ميدان المعركة، وأكدا لي أيضًا أن المقاومة ستكون المنتصرة في هذه الحرب، لأن الكيان الصهيوني لا يستطيع هزيمتنا في حرب العصابات هذه".

خاص "العهد": منوشهر متّكي.. شهادات من "كواليس" عدوان تموز 2006

في تلك الزيارة، حمل متّكي معه إلى لبنان "قرار المجلس الأعلى للأمن القومي بإعلان دعم الجمهورية الإسلامية للمقاومة وللحكومة اللبنانية في مواجهة العدوان الصهيوني، وموقفنا كان واضحا وقد أعلمته للسيد رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك فؤاد السنيورة خلال زيارتي، وكان مفاد الرسالة للمقاومة أننا نقف بجانبكم في كافة المجالات".

* بين الميدان والمفاوضات

في إطار متّصل، يشير متكي إلى فروقات بين الديبلوماسية الفرنسية والبريطانية، قائًلا: "أراد البريطانيون التواصل معنا خلال العدوان لكننا لم نجر أي اتصال مباشر معهم، لقد كانوا يفتقرون إلى دقة المعلومات فأخطؤوا بتقدير قدرات المقاومة، وبالتالي عندما لمسوا صمود للمقاومة باتوا في وضع المتوتر والخائف، أما الفرنسيون فكانوا أكثر نشاطًا وواقعية في هذا الصدد، فهم حضروا الى لبنان وتوقعوا مسار الأمور، وعندما التقيت بوزير الخارجية الفرنسي آنذاك السيد دوست بلازي في لبنان، كان محور نقاشي معه يدور حول إقناع فرنسا بأن "اسرائيل" لن تنتصر بهذه الحرب، فعندما يدركون هذه الحقيقة فإن ذلك يُحدِث فرقًا كبيرًا".

يرى وزير الخارجية الايراني السابق أن "هذه الحرب غيّرت مجرى الأمور، لا سيما بعد أن أفضت إلى هزيمة الكيان الصهيوني وانتصار حزب الله"، مشيرًا إلى أنه "في بداية الحرب، تمكّن الصهاينة من اقناع الأميركيين بأن الحرب ستكون لصالحهم وأنهم سيدمّرون حزب الله بشكل نهائي، لهذا كانوا يمتنعون حتى منتصفها عن المساهمة في اتخاذ أي قرار لإيقافها بانتظار حسم العدوان لصالح "تل أبيب"".

* الحاج قاسم والأمّة

يستذكر متّكي اللقاء الذي عُقد في مشهد المقدسة بحضور اللواء سليماني: "كان آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي في مشهد، وجاء الحاج قاسم حينها من بيروت، وحضر عدد من المسؤولين للقاء الإمام، وكانت بيد الحاج قاسم خريطة ميدانية، شرح آخر تطورات الوضع الميداني في الحرب مع العدو الصهيوني، ونقل رسالة من جانب الإمام الخامنئي موجّهة إلى السيد نصرالله والمقاومة، ومن ضمنها "أخبروا أصدقاءنا واخوتنا في لبنان بأن يقرأوا دعاء دعاء الجوشن"، وكان للدعاء تأثير كبير في الوضع الميداني.. لقد كان هذا الاجتماع مع الإمام فريدًا من نوعه، حيث كان جميع المسؤولين من مختلف المراتب حاضرين فيه بشكل مباشر".

يقول متّكي إن "الأمر سيستغرق سنوات وسنوات حتى يدرك شعبنا أولًا، من ثم شعوب المنطقة والعالم ثانيًا قيمة ودور الحاج قاسم سليماني"، مضيفًا: "كان الحاج قاسم مدافعًا عن الأمة في سبيل تحقيق مصالح إخوانه وأبناء وطنه وإخوانه من بني البشر في العالم، الحاج قاسم كان نبراس العدل والمحافظ عليه في العالم، كان الحاج قاسم عدو النظام الجائر الذي يتحكّم بالعلاقات السياسية والدولية في العالم، كان يؤمن أن الجهاد في سبيل الاسلام أسمى ما في الحياة، ولا يوجد ما هو فوق الإسلام، وكان يرى أن مدرسة الإسلام شاملة وكاملة وواجبة لإدارة المجتمعات البشرية، الحاج قاسم كان يعتقد أنه في حال ترافق شخصان في نفس الاتجاه، فيجب أن يكون أحدهما أميرًا للآخر، لذلك، كان يعتقد بقوة أن المجتمع بحاجة الى قائد عادل وصالح وفقيه، فكان يعتبر أن ولاية الفقيه محور تماسك المجتمعات البشرية، الحاج قاسم أيقن أن ايمان الولي الفقيه بالشعب ليس مجرّد ايمان مبني على النمط الديمقراطي المعاصر، إنما هو ايمان عقائدي نابع من صميم القلب، وكان الحاج قاسم يؤمن بهذه الثوابت بكامل كيانه وفي كل خلية من خلاياه".

ويختم متّكي حديثه لـ"العهد" بالإشارة الى آخر سنيّ عمر الفريق سليماني: "في آخر سنوات عمره، لم يكن يهتم الحاج قاسم بأي شيء من هذه الحياة، ولم يتمسّك بها، وكان طالباً للشهادة والرحيل إلى العالم الآخر لرؤية المعبود الواحد الأوحد، وكانت آخر سنوات عمره خير دليل على شوقه للشهادة، وقد حقق حلمه".

إقرأ المزيد في: الأربعون ربيعاً